الرئيسية

القس منير سليمانفي الحلقة الأولى تحدثنا عن معنى التواضع متخذين السيد المسيح مثالاً لنا. ورأينا أن التواضع هو إخلاء النفس لأجل الآخرين، وإعطاء النفس لخدمة الآخرين، وإنكار النفس أمام الجميع ليروا فينا مجد المسيح. وفي الحلقة الثانية تحدثنا عن التواضع في الصلاة، ورأينا أن التواضع في الصلاة هو المجرى للاعتراف بخطايانا أمام الله، وهو دافع قوي لانسكاب النفس والقلب أمام الله، وأيضًا هو سلاح فعال للانتصار في حروبنا اليومية ضد العالم والخطية والجسد وإبليس. وفي هذه الحلقة نتحدث عن عبارة "شعبي الذي دُعي عليه اسمي». والشعب الذي دُعي اسم الله عليه هو شعب الله. وهنا نطرح هذا السؤال: من هو شعب الله؟ ما هي طبيعة وسمات هذا الشعب؟
والإجابة عن هذا السؤال نذكر عدة نقاط:

1- هو شعب عهد

بعد اختيار الله لإبراهيم قطع معه عهدًا، فنقرأ في تكوين 9:17-14 «وَقَالَ اللهُ لإِبْرَاهِيم: «وَأَمَّا أَنْتَ فَتَحْفَظُ عَهْدِي، أَنْتَ وَنَسْلُكَ مِنْ بَعْدِكَ فِي أَجْيَالِهِمْ. هذَا هُوَ عَهْدِي الَّذِي تَحْفَظُونَهُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، وَبَيْنَ نَسْلِكَ مِنْ بَعْدِكَ: يُخْتَنُ مِنْكُمْ كُلُّ ذَكَرٍ، فَتُخْتَنُونَ فِي لَحْمِ غُرْلَتِكُمْ، فَيَكُونُ عَلاَمَةَ عَهْدٍ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ. اِبْنَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ يُخْتَنُ مِنْكُمْ كُلُّ ذَكَرٍ فِي أَجْيَالِكُمْ...».
أما بالنسبة للعهد الجديد، فالكنيسة هي جماعة المؤمنين، هم شعب الله، على أساس العهد الجديد الذي صنعه المسيح لنا بدم صليبه. نقرأ في لوقا 19:22-20 "... وَكَذلِكَ الْكَأْسَ أَيْضًا بَعْدَ الْعَشَاءِ قَائِلاً: «هذِهِ الْكَأْسُ هِيَ الْعَهْدُ الْجَدِيدُ بِدَمِي الَّذِي يُسْفَكُ عَنْكُمْ]". فكل شخص يدخل في عهد الدم مع المسيح، أي يؤمن به ويقبله ربًا ومخلصًا يصبح من ضمن شعب الله. ومن لا يرتبط بهذا العهد الجديد يمكث عليه غضب الله. "فَكَمْ عِقَابًا أَشَرَّ تَظُنُّونَ أَنَّهُ يُحْسَبُ مُسْتَحِقًّا مَنْ دَاسَ ابْنَ اللهِ، وَحَسِبَ دَمَ الْعَهْدِ الَّذِي قُدِّسَ بِهِ دَنِسًا، وَازْدَرَى بِرُوحِ النِّعْمَةِ؟" (عبرانيين 29:10). شعب الله مرتبط بعهد معه.

2- هو شعب مقدس

يقول الكتاب عن الكنيسة في العهد الجديد: «وأما أنتم فجنس مختار، وكهنوت ملوكي، أمة مقدسة...» (1بطرس 9:2). فالشعب المرتبط مع المسيح في عهد الدم فهو شعب مقدس، مفرز من العالم، مخصص للمسيح، اكتسب القداسة من المسيح. "فَبِهذِهِ الْمَشِيئَةِ نَحْنُ مُقَدَّسُونَ بِتَقْدِيمِ جَسَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَرَّةً وَاحِدَةً» (عبرانيين 10:10). ومن ثم فهو يعيش حياة القداسة العملية «لأن الله لم يدعنا للنجاسة بل في القداسة» (1تسالونيكي 7:4). شعب الله، شعب عهد جديد وشعب مقدس، ثم

3- شعب محفوظ تحت حماية الدم

عندما أمر الرب شعبه بذبح خروف الفصح ورش الدم على الأبواب، قال لهم: «وَيَكُونُ لَكُمُ الدَّمُ عَلاَمَةً عَلَى الْبُيُوتِ الَّتِي أَنْتُمْ فِيهَا، فَأَرَى الدَّمَ وَأَعْبُرُ عَنْكُمْ، فَلاَ يَكُونُ عَلَيْكُمْ ضَرْبَةٌ لِلْهَلاَكِ حِينَ أَضْرِبُ أَرْضَ مِصْرَ» (خروج 13:12، 23). فكان الشعب داخل الأبواب المرشوشة بدم الحمل محفوظين من ضربة المهلك. وفي العهد الجديد نقرأ: "أَنْتُمُ الَّذِينَ بِقُوَّةِ اللهِ مَحْرُوسُونَ، بِإِيمَانٍ، لِخَلاَصٍ مُسْتَعَدٍّ أَنْ يُعْلَنَ فِي الزَّمَانِ الأَخِيرِ» (1بطرس 5:1). فالكنيسة تحت حماية دم المسيح، فإن كان إبليس والعالم والأعداء يحاربونها لكن «أبواب الجحيم لن تقوى عليها» (متى 18:16).

4- وهو شعب له رسالة

كان اختيار الله لإبراهيم له هدف عظيم وواضح أعلنه الله في وعده له «تتبارك فيك جميع قبائل الأرض» (تكوين 3:12). وأكّده وشرحه في قوله: «وتتبارك في نسلك جميع أمم الأرض» (تكوين 4:26)؛ ربما لم يفهم إبراهيم هذه الأقوال إلا بشكل محدود، لكن لنا نحن مؤمني العهد الجديد نعرف جيدًا أن الله اختار شعب إسرائيل من خلال إبراهيم ليأتي المسيح من نسله. وقد تحقق هدف الله عندما جاء المسيح فعلاً مولودًا من امرأة تحت الناموس (غلاطية 4:4) من نسل إبراهيم. واليوم ملايين بل مليارات من البشر من كل أمم الأرض تباركوا في المسيح وبخلاصه، وستتبارك أيضًا فيه جميع أمم الأرض إلى أن يجيء ثانية. وقد أعلن السيد المسيح الهدف من كنيسته في العهد الجديد حينما أوصى تلاميذه وقال لهم: «اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها. من آمن واعتمد خلص، ومن لم يؤمن يُدن» (مرقس 15:16-16). ويقول أيضًا: «لِكَيْ تُخْبِرُوا بِفَضَائِلِ الَّذِي دَعَاكُمْ مِنَ الظُّلْمَةِ إِلَى نُورِهِ الْعَجِيبِ» (1بطرس 9:2).
شعب الله له رسالة ألا وهي الشهادة والكرازة بالإنجيل.

5- وهو شعب عليه اسم الله

«شعبي الذي دُعي اسمي عليهم» مختوم بختم السماء المدوّن عليه اسم الله. «بهذا أولاد الله ظاهرون وأولاد إبليس» (1يوحنا 10:3). وهذا الاسم الذي على شعبه يبين:
أن هذا الشعب خاصة الله، شركاء الطبيعة الإلهية (2بطرس 3:1-4). بهذا الاسم نطلب ونصلي، نشفي ونخرج شياطين، نكرز ونتكلم بكلمة الله، نعمل قوات وآيات، نهزم إبليس وننتصر على الخطية. هذا الاسم الذي دُعي علينا يعلن أننا سفراء عن المسيح (2كورنثوس 20:5)، وأننا نور العالم وملح الأرض، وهذا الاسم يضع علينا مسؤولية عظيمة، أن نمثّل المسيح ونحن هنا على الأرض، فنحن في العالم ولكن لسنا من العالم. شعب الله له طبيعة خاصة مميزة تختلف تمامًا عن أهل العالم. فهو شعب عهد، شعب مقدس، تحت حماية الدم، له هدف ورسالة، ومختوم بالختم الإلهي.
أيها القارئ الكريم، هل أنت متأكد أنك من ضمن شعب الله؟ كل من يؤمن بالمسيح يسوع، ويقبله ربًا ومخلصًا له، ويتوب عن خطاياه، ويسلك في وصاياه، يصبح من شعب الله، الذين يكوّنون ملكوت الله، ولهم حياة أبدية.