نيسان (إبريل) 2009

"وَبَعْدَمَا مَضَى السَّبْتُ، اشْتَرَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ وَسَالُومَةُ، حَنُوطًا لِيَأْتِينَ وَيَدْهَنَّهُ. وَبَاكِرًا جِدًّا فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ أَتَيْنَ إِلَى الْقَبْرِ إِذْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ. وَكُنَّ يَقُلْنَ فِيمَا بَيْنَهُنَّ: مَنْ يُدَحْرِجُ لَنَا الْحَجَرَ عَنْ بَابِ الْقَبْرِ؟ فَتَطَلَّعْنَ وَرَأَيْنَ أَنَّ الْحَجَرَ قَدْ دُحْرِجَ! لأَنَّهُ كَانَ عَظِيمًا جِدًّا. وَلَمَّا دَخَلْنَ الْقَبْرَ رَأَيْنَ شَابًّا جَالِسًا عَنِ الْيَمِينِ لاَبِسًا حُلَّةً بَيْضَاءَ، فَانْدَهَشْنَ. فَقَالَ لَهُنَّ: لاَ تَنْدَهِشْنَ! أَنْتُنَّ تَطْلُبْنَ يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ الْمَصْلُوبَ. قَدْ قَامَ! لَيْسَ هُوَ ههُنَا. هُوَذَا الْمَوْضِعُ الَّذِي وَضَعُوهُ فِيهِ. لكِنِ اذْهَبْنَ وَقُلْنَ لِتَلاَمِيذِهِ وَلِبُطْرُسَ: إِنَّهُ يَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ. هُنَاكَ تَرَوْنَهُ كَمَا قَالَ لَكُمْ. فَخَرَجْنَ سَرِيعًا وَهَرَبْنَ مِنَ الْقَبْرِ، لأَنَّ الرِّعْدَةَ وَالْحَيْرَةَ أَخَذَتَاهُنَّ. وَلَمْ يَقُلْنَ لأَحَدٍ شَيْئًا لأَنَّهُنَّ كُنَّ خَائِفَاتٍ" (مرقس 1:16-8).


لقد ذهبت النسوة الى القبر والسؤال يجول في خاطرهن: "من يدحرج لنا الحجر عن القبر؟" والشيء الغريب هو أن اليهود فطنوا لما ذكره الرب يسوع عن قيامته، بينما التلاميذ لم يذكروه.
قال اليهود لبيلاطس الروماني: "يَا سَيِّدُ، قَدْ تَذَكَّرْنَا أَنَّ ذلِكَ الْمُضِلَّ قَالَ وَهُوَ حَيٌّ: إِنِّي بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَقُومُ"، فأرسل بيلاطس وختم الحجر بالشمع.
لقد تذكّر الأعداء قول المسيح والتلاميذ لم يتذكروه، حتى لم يفكروا أن المسيح سيقوم من الأموات بعد ثلاثة أيام، مع أنه قد قال لهم مراراً وتكراراً: "إِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى أَيْدِي النَّاسِ فَيَقْتُلُونَهُ. وَبَعْدَ أَنْ يُقْتَلَ يَقُومُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ".
"مِنْ ذلِكَ الْوَقْتِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يُظْهِرُ لِتَلاَمِيذِهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَذْهَبَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَيَتَأَلَّمَ كَثِيرًا مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، وَيُقْتَلَ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومَ" (متى 21:16).
"وَفِيمَا هُمْ يَتَرَدَّدُونَ فِي الْجَلِيلِ قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: ابْنُ الإِنْسَانِ سَوْفَ يُسَلَّمُ إِلَى أَيْدِي النَّاسِ فَيَقْتُلُونَهُ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ. فَحَزِنُوا جِدًّا" (متى 22:17-23).
"وَفِيمَا كَانَ يَسُوعُ صَاعِدًا إِلَى أُورُشَلِيمَ أَخَذَ الاثْنَيْ عَشَرَ تِلْمِيذًا عَلَى انْفِرَادٍ فِي الطَّرِيقِ وَقَالَ لَهُمْ: هَا نَحْنُ صَاعِدُونَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَابْنُ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، فَيَحْكُمُونَ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ، وَيُسَلِّمُونَهُ إِلَى الأُمَمِ لِكَيْ يَهْزَأُوا بِهِ وَيَجْلِدُوهُ وَيَصْلِبُوهُ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ" (متى 17:20-19).
حتى تلميذَي عمواس لم يصدّقا مع أن بعض التلاميذ أخبروهما بأن الرب قد قام: "وَفِيمَا هُمَا يَتَكَلَّمَانِ وَيَتَحَاوَرَانِ، اقْتَرَبَ إِلَيْهِمَا يَسُوعُ نَفْسُهُ وَكَانَ يَمْشِي مَعَهُمَا. وَلكِنْ أُمْسِكَتْ أَعْيُنُهُمَا عَنْ مَعْرِفَتِهِ. فَقَالَ لَهُمَا: مَا هذَا الْكَلاَمُ الَّذِي تَتَطَارَحَانِ بِهِ وَأَنْتُمَا مَاشِيَانِ عَابِسَيْنِ؟ فَأَجَابَ أَحَدُهُمَا، الَّذِي اسْمُهُ كَِلْيُوبَاسُ وَقَالَ لَهُ: هَلْ أَنْتَ مُتَغَرِّبٌ وَحْدَكَ فِي أُورُشَلِيمَ وَلَمْ تَعْلَمِ الأُمُورَ الَّتِي حَدَثَتْ فِيهَا فِي هذِهِ الأَيَّامِ؟ فَقَالَ لَهُمَا: وَمَا هِيَ؟ فَقَالاَ: الْمُخْتَصَّةُ بِيَسُوعَ النَّاصِرِيِّ، الَّذِي كَانَ إِنْسَانًا نَبِيًّا مُقْتَدِرًا فِي الْفِعْلِ وَالْقَوْلِ أَمَامَ اللهِ وَجَمِيعِ الشَّعْبِ. كَيْفَ أَسْلَمَهُ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَحُكَّامُنَا لِقَضَاءِ الْمَوْتِ وَصَلَبُوهُ. وَنَحْنُ كُنَّا نَرْجُو أَنَّهُ هُوَ الْمُزْمِعُ أَنْ يَفْدِيَ إِسْرَائِيلَ. وَلكِنْ، مَعَ هذَا كُلِّهِ، الْيَوْمَ لَهُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ مُنْذُ حَدَثَ ذلِكَ".
كان كل تفكير التلميذين هو أنهما كانا يرجوان "أَنَّهُ هُوَ الْمُزْمِعُ أَنْ يَفْدِيَ إِسْرَائِيلَ. وَلكِنْ، مَعَ هذَا كُلِّهِ، الْيَوْمَ لَهُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ مُنْذُ حَدَثَ ذلِكَ".
كان تفكير كل من هؤلاء يختلف عن الآخر!
من يدخرج لنا الحجر عن القبر؟!
والإنسان في هذه الأيام تقف أمامه أحجار كثيرة... فعندما تعترضه مشكلة ما يتساءل: ماذا سيحدث لي لو...؟! وكأن الرب غير موجود!
هناك خمسة أمور ساعدتني في الحياة:
 أولاً: الله هو المهيمن والمسيطر على كل شيء في حياتنا.
 ثانياً: لله قصد من حياة كل واحد منا.
 ثالثاً: لا يقدر إبليس أن يجربنا ما لم يطلب السماح من الرب.
 رابعا: لا يدعنا الله أن نجرّب فوق ما نستطيع بل يجعل مع التجربة المنفذ.
خامساً: "نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ". لاحظ أنه لم يقل: "نحن نفهم"، بل "نحن نعلم".
كثيراً ما تعترض الانسان حجارة كبيرة تقضّ مضجعه وتعكّر صفو حياته فيتساءل: "من يدحرج لنا الحجر؟"
عندما تجثم المشاكل على صدورنا، وتتحوّل الصدور الى قبور، نتساءل: "من يدحرج لنا الحجر؟"
1- من يدحرج لنا حجر خطايانا؟
تشلّ الخطية إرادة الإنسان وتحرمه لذة الحياة.
بعد أن قتل قايين أخاه هابيل صرخ قائلاً: "ذَنْبِي أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُحْتَمَلَ".
ثم قال داود الذي كان ينوء تحت ثقل خطيئته: "دَحْرِجْ عَنِّي الْعَارَ وَالإِهَانَةَ". وكان يبلّل سريره بدموعه ويقول: "تَحَوَّلَتْ رُطُوبَتِي إِلَى يُبُوسَةِ الْقَيْظِ".
من يدحرج عنا عار الخطية؟
لا تستطيع أعمالنا الحسنة أن تدحرج عنا عار خطايانا، لكن دم يسوع المسيح ابن الله يقدر أن يغسلنا من كل خطية.
"وَدَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ" (1يوحنا 7:1).
"الَّذِي أَحَبَّنَا، وَقَدْ غَسَّلَنَا مِنْ خَطَايَانَا بِدَمِهِ" (رؤيا 5:1).
ما تُرى يمحي الذنوب  دم ربي لا سـواه
 يقول داود في مزمور 32: "طُوبَى لِلَّذِي غُفِرَ إِثْمُهُ وَسُتِرَتْ خَطِيَّتُهُ. طُوبَى لِرَجُل لاَ يَحْسِبُ لَهُ الرَّبُّ خَطِيَّةً، وَلاَ فِي رُوحِهِ غِشٌّ" (مزمور 1:32).
"فَإِذْ قَدْ تَبَرَّرْنَا بِالإِيمَانِ لَنَا سَلاَمٌ مَعَ اللهِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ" (رومية 1:5).
"مُتَبَرِّرِينَ مَجَّانًا بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ" (رومية 24:3).
"الَّذِي فِيهِ لَنَا الْفِدَاءُ بِدَمِهِ، غُفْرَانُ الْخَطَايَا، حَسَبَ غِنَى نِعْمَتِهِ" (أفسس 7:1).
2- من يدحرج لنا حجر آلامنا وأحزاننا؟
بعد أن صُلب يسوع كان التلاميذ حزانى، وكانت مريم المجدلية تبكي عند القبر، وكان تلميذا عمواس يمشيان عابسين.
لقد طغت الأحزان والآلام على التلاميذ كلهم. وكلنا يعرف معنى الأحزان والدموع  التي ذرفناها... خصوصاً حين فقدنا شخصاً عزيزاً لدينا واريناه التراب... ثم رجعنا وقلوبنا منكسرة حزينة لا حول لها ولا قوة.
لكن قيامة المسيح تؤكد لنا أن هؤلاء الذين فقدناهم رقدوا على رجاء. وما أصعب الحياة بدون رجاء! لكنهم رقدوا لا ليستقرّوا في قبر موحش مظلم بل ليعبروا الى حياة أفضل.
ليس القبر مقرّاً بل ممرّاً نعبر فيه من هذه الحياة الفانية الى الحياة الباقية.
قال المسيح لمرثا: "أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ". وقال: "إِنِّي أَنَا حَيٌّ فَأَنْتُمْ سَتَحْيَوْنَ". لذلك نقدر أن نهتف قائلين: "أَيْنَ شَوْكَتُكَ يَا مَوْتُ؟ أَيْنَ غَلَبَتُكِ يَا هَاوِيَةُ؟" لأن المسيح المُقام يقدر أن يملأ القلب عزاء ورجاء.
3- من يدحرج لنا حجر خوفنا وعدم اطمئناننا؟
 كان التلاميذ في العلية، والأبواب مغلَّقة بسبب الخوف من اليهود، ثم ظهر لهم المسيح المقام، ووقف في الوسط، وقال لهم: "سَلاَمٌ لَكُمْ!". فلا مجال للخوف والاضطراب والقلق، لأن المسيح قد قام وبدّد غيوم خوفهم ومنحهم سلاماً.
في هذه الأيام كما في كل زمان ومكان، يعيش الانسان في مخاوف كثيرة نذكر منها:
مخاوف من الماضي بشروره ومفشّلاته..
مخاوف من الحاضر بهمومه ومشاكله..
ومخاوف من المستقبل لغموضه وعدم طمأنيناته، وهناك مخاوف من الأمراض وتقلبات الدهر...
لكن المسيح المُقام غفر خطايا الماضي، والآن هو حيّ يقوّينا بوجوده معنا: "وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ"، وهو يضمن لنا المستقبل... وهو وحده الذي يستطيع أن يقول لنا: "لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ. أَنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ فَآمِنُوا بِي".
4 - من يدحرج لنا حجر الحيرة وعدم الايمان؟
لقد عاش توما أسبوعاً كاملاً ينوء تحت حجر الشك والحيرة وعدم الايمان، وهو يتساءل: هل يُعقل أن المسيح قام؟ "إِنْ لَمْ أُبْصِرْ فِي يَدَيْهِ أَثَرَ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ إِصْبِعِي فِي أَثَرِ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ يَدِي فِي جَنْبِهِ، لاَ أُومِنْ".
أنا أشكر الله لأن بطرس أنكر المسيح، وتوما شك به... والتلاميذ تركوه وهربوا... لأنه عندما تزداد الضغوط أمام أحد الإخوة المؤمنين وينكر المسيح يوجد له رجاء بالتوبة والرجوع الى الرب.
الإنسان ضعيف، وإلهنا "يَعْرِفُ جِبْلَتَنَا. يَذْكُرُ أَنَّنَا تُرَابٌ نَحْنُ".
ونحن في سيرنا في هذه الحياة، قد نشك في عناية الله، ومحبته، وحكمته، وكلمته، ونتساءل: لماذا يا رب "تَنْظُرُ إِلَى النَّاهِبِينَ، وَتَصْمُتُ حِينَ يَبْلَعُ الشِّرِّيرُ مَنْ هُوَ أَبَرُّ مِنْهُ؟"
تساءل آساف في القديم في المزمور 73  "أَمَّا أَنَا فَكَادَتْ تَزِلُّ قَدَمَايَ. لَوْلاَ قَلِيلٌ لَزَلِقَتْ خَطَوَاتِي. لأَنِّي غِرْتُ مِنَ الْمُتَكَبِّرِينَ، إِذْ رَأَيْتُ سَلاَمَةَ الأَشْرَارِ".
ومع أنه توجد براهين عديدة عن صدق كلمة الله، لكننا قد نشك في نبوات الكتاب المقدس، والرموز الكثيرة عن ولادة المسيح العذراوية، وحياته القدسية، وأعماله المعجزية، وذبيحته الكفارية، وقيامته التبريرية.
لقد ظن الشيطان أن المسيح قد انهزم ومات، وأنه هو الذي  انتصر... ولكن، في أول الاسبوع، قام شمس البر من قبره ليشرق على العالم إشراقاً ليس له مغيب!!!
وجاء صوت الملاك قائلاً: "لِمَاذَا تَطْلُبْنَ الْحَيَّ بَيْنَ الأَمْوَاتِ؟ لَيْسَ هُوَ ههُنَا، لكِنَّهُ قَامَ!
وسؤالي لك قبل أن أختم رسالتي هذه هو:
هل قبلت المسيح المُقام ربّاً ومخلصا على حياتك؟هل تصالحت بالمسيح مع الله القدوس وحصلت على الغفران؟ إن الرب يسوع المسيح ما زال فاتحاً يدَيه على الصليب قائلاً لكل انسان: "تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ (بالذنوب والخطايا)، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ" (متى 28:11).

 

"وَبَعْدَمَا مَضَى السَّبْتُ، اشْتَرَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ وَسَالُومَةُ، حَنُوطًا لِيَأْتِينَ وَيَدْهَنَّهُ. وَبَاكِرًا جِدًّا فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ أَتَيْنَ إِلَى الْقَبْرِ إِذْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ. وَكُنَّ يَقُلْنَ فِيمَا بَيْنَهُنَّ: مَنْ يُدَحْرِجُ لَنَا الْحَجَرَ عَنْ بَابِ الْقَبْرِ؟ فَتَطَلَّعْنَ وَرَأَيْنَ أَنَّ الْحَجَرَ قَدْ دُحْرِجَ! لأَنَّهُ كَانَ عَظِيمًا جِدًّا. وَلَمَّا دَخَلْنَ الْقَبْرَ رَأَيْنَ شَابًّا جَالِسًا عَنِ الْيَمِينِ لاَبِسًا حُلَّةً بَيْضَاءَ، فَانْدَهَشْنَ. فَقَالَ لَهُنَّ: لاَ تَنْدَهِشْنَ! أَنْتُنَّ تَطْلُبْنَ يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ الْمَصْلُوبَ. قَدْ قَامَ! لَيْسَ هُوَ ههُنَا. هُوَذَا الْمَوْضِعُ الَّذِي وَضَعُوهُ فِيهِ. لكِنِ اذْهَبْنَ وَقُلْنَ لِتَلاَمِيذِهِ وَلِبُطْرُسَ: إِنَّهُ يَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ. هُنَاكَ تَرَوْنَهُ كَمَا قَالَ لَكُمْ. فَخَرَجْنَ سَرِيعًا وَهَرَبْنَ مِنَ الْقَبْرِ، لأَنَّ الرِّعْدَةَ وَالْحَيْرَةَ أَخَذَتَاهُنَّ. وَلَمْ يَقُلْنَ لأَحَدٍ شَيْئًا لأَنَّهُنَّ كُنَّ خَائِفَاتٍ" (مرقس 1:16-8).

لقد ذهبت النسوة الى القبر والسؤال يجول في خاطرهن: "من يدحرج لنا الحجر عن القبر؟" والشيء الغريب هو أن اليهود فطنوا لما ذكره الرب يسوع عن قيامته، بينما التلاميذ لم يذكروه.

قال اليهود لبيلاطس الروماني: "يَا سَيِّدُ، قَدْ تَذَكَّرْنَا أَنَّ ذلِكَ الْمُضِلَّ قَالَ وَهُوَ حَيٌّ: إِنِّي بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَقُومُ"، فأرسل بيلاطس وختم الحجر بالشمع.

لقد تذكّر الأعداء قول المسيح والتلاميذ لم يتذكروه، حتى لم يفكروا أن المسيح سيقوم من الأموات بعد ثلاثة أيام، مع أنه قد قال لهم مراراً وتكراراً: "إِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى أَيْدِي النَّاسِ فَيَقْتُلُونَهُ. وَبَعْدَ أَنْ يُقْتَلَ يَقُومُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ".

"مِنْ ذلِكَ الْوَقْتِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يُظْهِرُ لِتَلاَمِيذِهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَذْهَبَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَيَتَأَلَّمَ كَثِيرًا مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، وَيُقْتَلَ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومَ" (متى 21:16).

"وَفِيمَا هُمْ يَتَرَدَّدُونَ فِي الْجَلِيلِ قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: ابْنُ الإِنْسَانِ سَوْفَ يُسَلَّمُ إِلَى أَيْدِي النَّاسِ فَيَقْتُلُونَهُ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ. فَحَزِنُوا جِدًّا" (متى 22:17-23).

"وَفِيمَا كَانَ يَسُوعُ صَاعِدًا إِلَى أُورُشَلِيمَ أَخَذَ الاثْنَيْ عَشَرَ تِلْمِيذًا عَلَى انْفِرَادٍ فِي الطَّرِيقِ وَقَالَ لَهُمْ: هَا نَحْنُ صَاعِدُونَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَابْنُ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، فَيَحْكُمُونَ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ، وَيُسَلِّمُونَهُ إِلَى الأُمَمِ لِكَيْ يَهْزَأُوا بِهِ وَيَجْلِدُوهُ وَيَصْلِبُوهُ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ" (متى 17:20-19).

حتى تلميذَي عمواس لم يصدّقا مع أن بعض التلاميذ أخبروهما بأن الرب قد قام: "وَفِيمَا هُمَا يَتَكَلَّمَانِ وَيَتَحَاوَرَانِ، اقْتَرَبَ إِلَيْهِمَا يَسُوعُ نَفْسُهُ وَكَانَ يَمْشِي مَعَهُمَا. وَلكِنْ أُمْسِكَتْ أَعْيُنُهُمَا عَنْ مَعْرِفَتِهِ. فَقَالَ لَهُمَا: مَا هذَا الْكَلاَمُ الَّذِي تَتَطَارَحَانِ بِهِ وَأَنْتُمَا مَاشِيَانِ عَابِسَيْنِ؟ فَأَجَابَ أَحَدُهُمَا، الَّذِي اسْمُهُ كَِلْيُوبَاسُ وَقَالَ لَهُ: هَلْ أَنْتَ مُتَغَرِّبٌ وَحْدَكَ فِي أُورُشَلِيمَ وَلَمْ تَعْلَمِ الأُمُورَ الَّتِي حَدَثَتْ فِيهَا فِي هذِهِ الأَيَّامِ؟ فَقَالَ لَهُمَا: وَمَا هِيَ؟ فَقَالاَ: الْمُخْتَصَّةُ بِيَسُوعَ النَّاصِرِيِّ، الَّذِي كَانَ إِنْسَانًا نَبِيًّا مُقْتَدِرًا فِي الْفِعْلِ وَالْقَوْلِ أَمَامَ اللهِ وَجَمِيعِ الشَّعْبِ. كَيْفَ أَسْلَمَهُ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَحُكَّامُنَا لِقَضَاءِ الْمَوْتِ وَصَلَبُوهُ. وَنَحْنُ كُنَّا نَرْجُو أَنَّهُ هُوَ الْمُزْمِعُ أَنْ يَفْدِيَ إِسْرَائِيلَ. وَلكِنْ، مَعَ هذَا كُلِّهِ، الْيَوْمَ لَهُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ مُنْذُ حَدَثَ ذلِكَ".

كان كل تفكير التلميذين هو أنهما كانا يرجوان "أَنَّهُ هُوَ الْمُزْمِعُ أَنْ يَفْدِيَ إِسْرَائِيلَ. وَلكِنْ، مَعَ هذَا كُلِّهِ، الْيَوْمَ لَهُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ مُنْذُ حَدَثَ ذلِكَ".

كان تفكير كل من هؤلاء يختلف عن الآخر!

من يدخرج لنا الحجر عن القبر؟!

والإنسان في هذه الأيام تقف أمامه أحجار كثيرة... فعندما تعترضه مشكلة ما يتساءل: ماذا سيحدث لي لو...؟! وكأن الرب غير موجود!

هناك خمسة أمور ساعدتني في الحياة:

 أولاً: الله هو المهيمن والمسيطر على كل شيء في حياتنا.

 ثانياً: لله قصد من حياة كل واحد منا.

 ثالثاً: لا يقدر إبليس أن يجربنا ما لم يطلب السماح من الرب.

 رابعا: لا يدعنا الله أن نجرّب فوق ما نستطيع بل يجعل مع التجربة المنفذ.

خامساً: "نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ". لاحظ أنه لم يقل: "نحن نفهم بل "نحن نعلم".

كثيراً ما تعترض الانسان حجارة كبيرة تقضّ مضجعه وتعكّر صفو حياته فيتساءل: "من يدحرج لنا الحجر؟"

عندما تجثم المشاكل على صدورنا، وتتحوّل الصدور الى قبور، نتساءل: "من يدحرج لنا الحجر؟"

1- من يدحرج لنا حجر خطايانا؟

تشلّ الخطية إرادة الإنسان وتحرمه لذة الحياة.

بعد أن قتل قايين أخاه هابيل صرخ قائلاً: "ذَنْبِي أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُحْتَمَلَ".

ثم قال داود الذي كان ينوء تحت ثقل خطيئته: "دَحْرِجْ عَنِّي الْعَارَ وَالإِهَانَةَ". وكان يبلّل سريره بدموعه ويقول: "تَحَوَّلَتْ رُطُوبَتِي إِلَى يُبُوسَةِ الْقَيْظِ".

من يدحرج عنا عار الخطية؟

لا تستطيع أعمالنا الحسنة أن تدحرج عنا عار خطايانا، لكن دم يسوع المسيح ابن الله يقدر أن يغسلنا من كل خطية.

"وَدَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ" (1يوحنا 7:1).

"الَّذِي أَحَبَّنَا، وَقَدْ غَسَّلَنَا مِنْ خَطَايَانَا بِدَمِهِ" (رؤيا 5:1).

ما تُرى يمحي الذنوب  دم ربي لا سـواه

 يقول داود في مزمور 32: "طُوبَى لِلَّذِي غُفِرَ إِثْمُهُ وَسُتِرَتْ خَطِيَّتُهُ. طُوبَى لِرَجُل لاَ يَحْسِبُ لَهُ الرَّبُّ خَطِيَّةً، وَلاَ فِي رُوحِهِ غِشٌّ" (مزمور 1:32).

"فَإِذْ قَدْ تَبَرَّرْنَا بِالإِيمَانِ لَنَا سَلاَمٌ مَعَ اللهِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ" (رومية 1:5).

"مُتَبَرِّرِينَ مَجَّانًا بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ" (رومية 24:3).

"الَّذِي فِيهِ لَنَا الْفِدَاءُ بِدَمِهِ، غُفْرَانُ الْخَطَايَا، حَسَبَ غِنَى نِعْمَتِهِ" (أفسس 7:1).

2- من يدحرج لنا حجر آلامنا وأحزاننا؟

بعد أن صُلب يسوع كان التلاميذ حزانى، وكانت مريم المجدلية تبكي عند القبر، وكان تلميذا عمواس يمشيان عابسين.

لقد طغت الأحزان والآلام على التلاميذ كلهم. وكلنا يعرف معنى الأحزان والدموع  التي ذرفناها... خصوصاً حين فقدنا شخصاً عزيزاً لدينا واريناه التراب... ثم رجعنا وقلوبنا منكسرة حزينة لا حول لها ولا قوة.

لكن قيامة المسيح تؤكد لنا أن هؤلاء الذين فقدناهم رقدوا على رجاء. وما أصعب الحياة بدون رجاء! لكنهم رقدوا لا ليستقرّوا في قبر موحش مظلم بل ليعبروا الى حياة أفضل.

ليس القبر مقرّاً بل ممرّاً نعبر فيه من هذه الحياة الفانية الى الحياة الباقية.

قال المسيح لمرثا: "أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ". وقال: "إِنِّي أَنَا حَيٌّ فَأَنْتُمْ سَتَحْيَوْنَ". لذلك نقدر أن نهتف قائلين: "أَيْنَ شَوْكَتُكَ يَا مَوْتُ؟ أَيْنَ غَلَبَتُكِ يَا هَاوِيَةُ؟" لأن المسيح المُقام يقدر أن يملأ القلب عزاء ورجاء.

3- من يدحرج لنا حجر خوفنا وعدم اطمئناننا؟

 كان التلاميذ في العلية، والأبواب مغلَّقة بسبب الخوف من اليهود، ثم ظهر لهم المسيح المقام، ووقف في الوسط، وقال لهم: "سَلاَمٌ لَكُمْ!". فلا مجال للخوف والاضطراب والقلق، لأن المسيح قد قام وبدّد غيوم خوفهم ومنحهم سلاماً.

في هذه الأيام كما في كل زمان ومكان، يعيش الانسان في مخاوف كثيرة نذكر منها:

مخاوف من الماضي بشروره ومفشّلاته..

مخاوف من الحاضر بهمومه ومشاكله..

ومخاوف من المستقبل لغموضه وعدم طمأنيناته، وهناك مخاوف من الأمراض وتقلبات الدهر...

لكن المسيح المُقام غفر خطايا الماضي، والآن هو حيّ يقوّينا بوجوده معنا: "وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ"، وهو يضمن لنا المستقبل... وهو وحده الذي يستطيع أن يقول لنا: "لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ. أَنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ فَآمِنُوا بِي".

4 - من يدحرج لنا حجر الحيرة وعدم الايمان؟

لقد عاش توما أسبوعاً كاملاً ينوء تحت حجر الشك والحيرة وعدم الايمان، وهو يتساءل: هل يُعقل أن المسيح قام؟ "إِنْ لَمْ أُبْصِرْ فِي يَدَيْهِ أَثَرَ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ إِصْبِعِي فِي أَثَرِ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ يَدِي فِي جَنْبِهِ، لاَ أُومِنْ".

أنا أشكر الله لأن بطرس أنكر المسيح، وتوما شك به... والتلاميذ تركوه وهربوا... لأنه عندما تزداد الضغوط أمام أحد الإخوة المؤمنين وينكر المسيح يوجد له رجاء بالتوبة والرجوع الى الرب.

الإنسان ضعيف، وإلهنا "يَعْرِفُ جِبْلَتَنَا. يَذْكُرُ أَنَّنَا تُرَابٌ نَحْنُ".

ونحن في سيرنا في هذه الحياة، قد نشك في عناية الله، ومحبته، وحكمته، وكلمته، ونتساءل: لماذا يا رب "تَنْظُرُ إِلَى النَّاهِبِينَ، وَتَصْمُتُ حِينَ يَبْلَعُ الشِّرِّيرُ مَنْ هُوَ أَبَرُّ مِنْهُ؟"

تساءل آساف في القديم في المزمور 73  "أَمَّا أَنَا فَكَادَتْ تَزِلُّ قَدَمَايَ. لَوْلاَ قَلِيلٌ لَزَلِقَتْ خَطَوَاتِي. لأَنِّي غِرْتُ مِنَ الْمُتَكَبِّرِينَ، إِذْ رَأَيْتُ سَلاَمَةَ الأَشْرَارِ".

ومع أنه توجد براهين عديدة عن صدق كلمة الله، لكننا قد نشك في نبوات الكتاب المقدس، والرموز الكثيرة عن ولادة المسيح العذراوية، وحياته القدسية، وأعماله المعجزية، وذبيحته الكفارية، وقيامته التبريرية.

لقد ظن الشيطان أن المسيح قد انهزم ومات، وأنه هو الذي  انتصر... ولكن، في أول الاسبوع، قام شمس البر من قبره ليشرق على العالم إشراقاً ليس له مغيب!!!

وجاء صوت الملاك قائلاً: "لِمَاذَا تَطْلُبْنَ الْحَيَّ بَيْنَ الأَمْوَاتِ؟ لَيْسَ هُوَ ههُنَا، لكِنَّهُ قَامَ!

وسؤالي لك قبل أن أختم رسالتي هذه هو:

هل قبلت المسيح المُقام ربّاً ومخلصا على حياتك؟هل تصالحت بالمسيح مع الله القدوس وحصلت على الغفران؟ إن الرب يسوع المسيح ما زال فاتحاً يدَيه على الصليب قائلاً لكل انسان: "تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ (بالذنوب والخطايا)، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ" (متى 28:11).

المجموعة: 200904