كانون الأول (ديسمبر) 2009

أربعمائة وخمسون سنة مضت على آخر نبوات العهد القديم "نبوة ملاخي"، صمت خلالها الوحي الإلهي صمتاً كاملاً، فتردّت الحالة الروحية للشعب القديم، وسادت الظلمة على قلوب وعقول الكثيرين. وقد زاد الأمر سوءاً حيث رسف الشعب تحت نير الاستبداد الروماني وسلطته الوثنية الغاشمة.


في تلك الظلمة المدلهمّة انبثق نور البشارة المشرقة، وقد خصّ الله أشدّ المناطق ظلمة ليحلّ فيها ابن الله المتجسّد: بوجوده المبارك، بحبه العظيم، بمعجزاته الباهرة، وبحنانه المنقطع النظير. "اَلشَّعْبُ السَّالِكُ فِي الظُّلْمَةِ أَبْصَرَ نُورًا عَظِيمًا. الْجَالِسُونَ فِي أَرْضِ ظِلاَلِ الْمَوْتِ أَشْرَقَ عَلَيْهِمْ نُورٌ" (إشعياء 2:9).
كان زكريا الكاهن وزوجته أليصابات العاقر متقدِّمَين في الأيام. وبينما كان يكْهن في نوبة فرقته في هيكل أورشليم أصابته القرعة ليبخّر، وفيما هو داخل إلى الهيكل ظهر له ملاك الرب واقفاً عن يمين مذبح البخور وبشّره بأن زوجته أليصابات ستلد له ولداً ويسميه يوحنا. كانت قوة المفاجأة أكبر مما يستطيع زكريا تصديقه بهذه السهولة!! لذلك فقد أخبره الملاك أنه سيكون صامتاً لا يقدر أن يتكلم حتى يوم ولادة ابنه يوحنا. وحين حقّق له الله ما وعده به ترنّم زكريا بأنشودته التي قال فيها بالروح القدس: "وَأَنْتَ أَيُّهَا الصَّبِيُّ نَبِيَّ الْعَلِيِّ تُدْعَى، لأَنَّكَ تَتَقَدَّمُ أَمَامَ وَجْهِ الرَّبِّ لِتُعِدَّ طُرُقَهُ. لِتُعْطِيَ شَعْبَهُ مَعْرِفَةَ الْخَلاَصِ بِمَغْفِرَةِ خَطَايَاهُمْ، بِأَحْشَاءِ رَحْمَةِ إِلهِنَا الَّتِي بِهَا افْتَقَدَنَا الْمُشْرَقُ مِنَ الْعَلاَءِ. لِيُضِيءَ عَلَى الْجَالِسِينَ فِي الظُّلْمَةِ وَظِلاَلِ الْمَوْتِ، لِكَيْ يَهْدِيَ أَقْدَامَنَا فِي طَرِيقِ السَّلاَمِ" (لوقا 76:1-79).
من ثم لم تتوانَ البشارة العظمى إذ حملها جبرائيل الملاك إلى العذراء المباركة مريم ليعلن لها ذلك السر الذي كان مكتوباً حتى تلك الساعة في المشورات الأزلية بأنها ستحمل في أحشائها كلمة الله المتجسّد فيولد منها ذلك "المُشْرَق من العَلاء" شخصاً إلهياً في شبه الناس. موجّهاً لها تلك العبارات الرائعة: "سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا! اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ" (لوقا 28:1).
لقد كانت تلك البشارة بشارة بالسلام للعالم المضطرب بالخوف والظلم والجهل:
سلام النعمة الإلهية بخلاص المسيح لكل من يؤمن به.
وسلام الرفقة الإلهية بحلول الإله المتجسّد بكامل حبه ورحمته بين الناس. "وتدعو اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا.
وسلام البركة الإلهية لمن هم تحت لعنة الموت الروحي، أي الانفصال عن الله بسبب خطية العصيان، فيحصلون على بركات الرضى الإلهي برب السلام.
فمن غريب النقائض أن اسم العذراء "مريم" هو كلمة عبرية تعني "عصيان". وإذ فقد العالم السلام مع الله بسبب العصيان لذا فقد تحننت رحمة الله على العصيان البشري حيث قدّم المسيح المتجسد من مريم أعظم فصول الطاعة للآب بتحمّله الموت على صليب الفداء كما هو مكتوب: "وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ" (فيلبي 8:2).
وما أن سمعت العذراء المباركة البشارة من فم الملاك حتى آمنت بقلبها، وأدركت عظمة تدابير النعمة التي أسبغها الله عليها، فحلّ السلام والفرح في أحشائها مع حلول "كلمة الله المتجسّد"، وذهبت لتهنئة نسيبتها أليصابات بما أخبرها به الملاك. وعند المقابلة الأولى بين تينك السيدتين حلّ فرح الروح القدس في قلبيهما بشكل غامر، فارتكض جنين أليصابات في بطنها ابتهاجاً، ومجدت الله لأجل حمل العذراء بيسوع، وعبّرت مريم عن ابتهاجها بالرب في ترنيمتها الرائعة التي سُمِّيت "أنشودة التعظيم"، وفيها تعظِّم الرب الذي صنع معها عظائم، وتعلن عن بهجتها بخلاصه ورضى نفسها بعدله ورحمته وصدق مواعيده.
وترينا كلمة الله بكل وضوح أن مجيء المسيح إلى العالم، وكل نواحي حياته وصفاته الأدبية وقدرة لاهوته، ورفض بني إسرائيل له، ومحبته للخطاة، وصفحه عنهم، وتعاليمه السامية، ومعجزاته، وتعامله بفيض الرحمة والحق والرأفة، ثم آلامه الكفارية وموته على الصليب، ودفنه، وقيامته، وصعوده حياً إلى السماء، كانت موضوع نبوات كثيرة قيلت قبل مئات من السنين، وقد بلغت كما أحصاها البعض ثلاثمائة وثمانين نبوة، وقد تحققت جميعها في شخصه المبارك بشكل دقيق مدهش!
قد يقول بعض المشككين أن هذه النبوات كُتبت لكي تكون مطابقة لوقائع حياة المسيح على الأرض، ولكن الدارس المتعمِّق يتأكد بطلان هذا الزعم جملة وتفصيلاً للأسباب التالية:
1- إن كتاب العهد القديم الذي تضمّن كل تلك النبوات المعروفة جداً عن المسيا هو كتاب اليهود، وليس للمسيحيين اليوم أو في الماضي أية سلطة لتغيير حرف واحد فيه. ولا حتى اليهود لأنه في أيام المسيح كان منتشراً في كل أصقاع الأرض، ولا توجد قوة مهما بلغت تقدر أن تجمع جميع نسخه الأصليّة وتخفيها.
2- إن آخر أسفار العهد القديم الذي ترجماته موجودة على حالها حتى اليوم في أيدينا كتب سنة 450 ق م، وهو سفر ملاخي.
3- تمت ترجمة العهد القديم الحالي كاملاً من اللغة الأصلية إلى اللغات الأخرى سنة 250 ق.م في عهد بطليموس فيلادلفيوس الذي ملك في مملكة البطالسة في مصر من سنة 285 إلى 247 ق م. والبطالسة هم خلفاء إسكندر الكبير المكدوني الذين حكموا المملكة الجنوبية كما هو وارد في التاريخ - أي مملكة مصر – وسيطروا في بعض الأوقات على سورية الطبيعية أيضاً. وهذا يثبت أن العهد القديم بشكله الحالي كان موجوداً قبل مجيء السيد المسيح بزمن طويل.
لقد كان الهدف من تلك النبوات أن تعلن وتوضح للعالم:
1 ً-  أن الله هو الإله الحي الحقيقي الكلي المعرفة، والعلم، والحكمة، والقدرة، والأمانة، كما هو مكتوب "لَيْسَ اللهُ إِنْسَانًا فَيَكْذِبَ، وَلاَ ابْنَ إِنْسَانٍ فَيَنْدَمَ. هَلْ يَقُولُ وَلاَ يَفْعَلُ؟ أَوْ يَتَكَلَّمُ وَلاَ يَفِي؟" (عدد 19:23). فالنبوات التي أوحى بها الله بالروح القدس، وقد تكلم بها أشخاص كثيرون في أزمنة متعاقبة، ورغم أن بعضها لم تُدْرَك مراميها في وقتها إلا أنها حُفِظَت بقوة الروح القدس، وتمت في حينها دون أن تسقط منها كلمة.
2 ً- أن كل الأشياء خاضعة لمشيئة الله، وأن نهايات جميع الأمور هي ضمن نطاق سلطانه العظيم. "اُذْكُرُوا الأَوَّلِيَّاتِ مُنْذُ الْقَدِيمِ، لأَنِّي أَنَا اللهُ وَلَيْسَ آخَرُ. الإِلهُ وَلَيْسَ مِثْلِي. مُخْبِرٌ مُنْذُ الْبَدْءِ بِالأَخِيرِ، وَمُنْذُ الْقَدِيمِ بِمَا لَمْ يُفْعَلْ، قَائِلاً: رَأْيِي يَقُومُ وَأَفْعَلُ كُلَّ مَسَرَّتِي" (إشعياء 9:46و10).
كما أن التحقيق المدهش للنبوات قد جلب الكثيرين لمعرفة خلاص الله بالمسيح يسوع ولا سيما من اليهود الذين كانوا يعرفون هذه النبوات تماماً وقد شاهدوا إتمامها في شخصه الكريم.
3 ً- أن تُعرِّف العالم على الخلاص المهيّأ في المشورات الأزلية بمجيء المخلّص الموعود "المسيا" إلى العالم، والإعلان عن هذا المجيء مسبقاً حيث أن المسيح - له المجد - هو الشخص الوحيد الذي قيلت فيه كل تلك النبوات بتعدّدها وتنوّع موضوعاتها، حيث شملت كل دقائق حياته وخدمته، وقد تحقّق معظمها بشكل مدهش، وبقي منها تلك التي تشير إلى مجيئه الثاني العتيد، وستتحق تلك أيضاً بنفس تلك الطريقة.
لم تلاحظ البشرية على مدى التاريخ وجود شخصية أخرى غير المسيح سطع نورها الكامل فأنار جوانب كثيرة جداً من حياة البشرية. لقد استمرّ نور المسيح ساطعاً بقوة محبته التي عملت في قلوب الكثيرين؛ الذين أناروا مناطق كثيرة مظلمة في العالم بنور العلم، وحملوا مسؤوليات المعالجات الطبية الجسدية والنفسية في أماكن من العالم، وعملوا لتغيير طبائع أكلة لحوم البشر ليصبحوا أناساً طبيعيين يتعايشون مع شعوب العالم الأخرى.
ويحقّ للعالم، بل يجب عليه أن يعلّي اسم الرب يسوع المسيح - له المجد - بمناسبة ذكرى ميلاده المجيد، ويجب على المؤمنين بالمسيح أن يتوسّلوا إليه بهذه المناسبة لكي يفتح القلوب المغلقة، وينير الأعماق المظلمة في الكثيرين الذين ما زالوا يجهلون عمل نعمة الله المخلصة في شخص مولود بيت لحم العظيم، ولإلهنا كل المجد والعظمة والسلطان إلى الأبد.

 

أربعمائة وخمسون سنة مضت على آخر نبوات العهد القديم "نبوة ملاخي"، صمت خلالها الوحي الإلهي صمتاً كاملاً، فتردّت الحالة الروحية للشعب القديم، وسادت الظلمة على قلوب وعقول الكثيرين. وقد زاد الأمر سوءاً حيث رسف الشعب تحت نير الاستبداد الروماني وسلطته الوثنية الغاشمة.

في تلك الظلمة المدلهمّة انبثق نور البشارة المشرقة، وقد خصّ الله أشدّ المناطق ظلمة ليحلّ فيها ابن الله المتجسّد: بوجوده المبارك، بحبه العظيم، بمعجزاته الباهرة، وبحنانه المنقطع النظير. "اَلشَّعْبُ السَّالِكُ فِي الظُّلْمَةِ أَبْصَرَ نُورًا عَظِيمًا. الْجَالِسُونَ فِي أَرْضِ ظِلاَلِ الْمَوْتِ أَشْرَقَ عَلَيْهِمْ نُورٌ" (إشعياء 2:9).

كان زكريا الكاهن وزوجته أليصابات العاقر متقدِّمَين في الأيام. وبينما كان يكْهن في نوبة فرقته في هيكل أورشليم أصابته القرعة ليبخّر، وفيما هو داخل إلى الهيكل ظهر له ملاك الرب واقفاً عن يمين مذبح البخور وبشّره بأن زوجته أليصابات ستلد له ولداً ويسميه يوحنا. كانت قوة المفاجأة أكبر مما يستطيع زكريا تصديقه بهذه السهولة!! لذلك فقد أخبره الملاك أنه سيكون صامتاً لا يقدر أن يتكلم حتى يوم ولادة ابنه يوحنا. وحين حقّق له الله ما وعده به ترنّم زكريا بأنشودته التي قال فيها بالروح القدس: "وَأَنْتَ أَيُّهَا الصَّبِيُّ نَبِيَّ الْعَلِيِّ تُدْعَى، لأَنَّكَ تَتَقَدَّمُ أَمَامَ وَجْهِ الرَّبِّ لِتُعِدَّ طُرُقَهُ. لِتُعْطِيَ شَعْبَهُ مَعْرِفَةَ الْخَلاَصِ بِمَغْفِرَةِ خَطَايَاهُمْ، بِأَحْشَاءِ رَحْمَةِ إِلهِنَا الَّتِي بِهَا افْتَقَدَنَا الْمُشْرَقُ مِنَ الْعَلاَءِ. لِيُضِيءَ عَلَى الْجَالِسِينَ فِي الظُّلْمَةِ وَظِلاَلِ الْمَوْتِ، لِكَيْ يَهْدِيَ أَقْدَامَنَا فِي طَرِيقِ السَّلاَمِ" (لوقا 76:1-79).

من ثم لم تتوانَ البشارة العظمى إذ حملها جبرائيل الملاك إلى العذراء المباركة مريم ليعلن لها ذلك السر الذي كان مكتوباً حتى تلك الساعة في المشورات الأزلية بأنها ستحمل في أحشائها كلمة الله المتجسّد فيولد منها ذلك "المُشْرَق من العَلاء" شخصاً إلهياً في شبه الناس. موجّهاً لها تلك العبارات الرائعة: "سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا! اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ" (لوقا 28:1).

لقد كانت تلك البشارة بشارة بالسلام للعالم المضطرب بالخوف والظلم والجهل:

سلام النعمة الإلهية بخلاص المسيح لكل من يؤمن به.

وسلام الرفقة الإلهية بحلول الإله المتجسّد بكامل حبه ورحمته بين الناس. "وتدعو اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا.

وسلام البركة الإلهية لمن هم تحت لعنة الموت الروحي، أي الانفصال عن الله بسبب خطية العصيان، فيحصلون على بركات الرضى الإلهي برب السلام.

فمن غريب النقائض أن اسم العذراء "مريم" هو كلمة عبرية تعني "عصيان". وإذ فقد العالم السلام مع الله بسبب العصيان لذا فقد تحننت رحمة الله على العصيان البشري حيث قدّم المسيح المتجسد من مريم أعظم فصول الطاعة للآب بتحمّله الموت على صليب الفداء كما هو مكتوب: "وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ" (فيلبي 8:2).

وما أن سمعت العذراء المباركة البشارة من فم الملاك حتى آمنت بقلبها، وأدركت عظمة تدابير النعمة التي أسبغها الله عليها، فحلّ السلام والفرح في أحشائها مع حلول "كلمة الله المتجسّد"، وذهبت لتهنئة نسيبتها أليصابات بما أخبرها به الملاك. وعند المقابلة الأولى بين تينك السيدتين حلّ فرح الروح القدس في قلبيهما بشكل غامر، فارتكض جنين أليصابات في بطنها ابتهاجاً، ومجدت الله لأجل حمل العذراء بيسوع، وعبّرت مريم عن ابتهاجها بالرب في ترنيمتها الرائعة التي سُمِّيت "أنشودة التعظيم"، وفيها تعظِّم الرب الذي صنع معها عظائم، وتعلن عن بهجتها بخلاصه ورضى نفسها بعدله ورحمته وصدق مواعيده.

وترينا كلمة الله بكل وضوح أن مجيء المسيح إلى العالم، وكل نواحي حياته وصفاته الأدبية وقدرة لاهوته، ورفض بني إسرائيل له، ومحبته للخطاة، وصفحه عنهم، وتعاليمه السامية، ومعجزاته، وتعامله بفيض الرحمة والحق والرأفة، ثم آلامه الكفارية وموته على الصليب، ودفنه، وقيامته، وصعوده حياً إلى السماء، كانت موضوع نبوات كثيرة قيلت قبل مئات من السنين، وقد بلغت كما أحصاها البعض ثلاثمائة وثمانين نبوة، وقد تحققت جميعها في شخصه المبارك بشكل دقيق مدهش!

قد يقول بعض المشككين أن هذه النبوات كُتبت لكي تكون مطابقة لوقائع حياة المسيح على الأرض، ولكن الدارس المتعمِّق يتأكد بطلان هذا الزعم جملة وتفصيلاً للأسباب التالية:

1- إن كتاب العهد القديم الذي تضمّن كل تلك النبوات المعروفة جداً عن المسيا هو كتاب اليهود، وليس للمسيحيين اليوم أو في الماضي أية سلطة لتغيير حرف واحد فيه. ولا حتى اليهود لأنه في أيام المسيح كان منتشراً في كل أصقاع الأرض، ولا توجد قوة مهما بلغت تقدر أن تجمع جميع نسخه الأصليّة وتخفيها.

2- إن آخر أسفار العهد القديم الذي ترجماته موجودة على حالها حتى اليوم في أيدينا كتب سنة 450 ق م، وهو سفر ملاخي.

3- تمت ترجمة العهد القديم الحالي كاملاً من اللغة الأصلية إلى اللغات الأخرى سنة 250 ق.م في عهد بطليموس فيلادلفيوس الذي ملك في مملكة البطالسة في مصر من سنة 285 إلى 247 ق م. والبطالسة هم خلفاء إسكندر الكبير المكدوني الذين حكموا المملكة الجنوبية كما هو وارد في التاريخ - أي مملكة مصر – وسيطروا في بعض الأوقات على سورية الطبيعية أيضاً. وهذا يثبت أن العهد القديم بشكله الحالي كان موجوداً قبل مجيء السيد المسيح بزمن طويل.

لقد كان الهدف من تلك النبوات أن تعلن وتوضح للعالم:

1 ً-  أن الله هو الإله الحي الحقيقي الكلي المعرفة، والعلم، والحكمة، والقدرة، والأمانة، كما هو مكتوب "لَيْسَ اللهُ إِنْسَانًا فَيَكْذِبَ، وَلاَ ابْنَ إِنْسَانٍ فَيَنْدَمَ. هَلْ يَقُولُ وَلاَ يَفْعَلُ؟ أَوْ يَتَكَلَّمُ وَلاَ يَفِي؟" (عدد 19:23). فالنبوات التي أوحى بها الله بالروح القدس، وقد تكلم بها أشخاص كثيرون في أزمنة متعاقبة، ورغم أن بعضها لم تُدْرَك مراميها في وقتها إلا أنها حُفِظَت بقوة الروح القدس، وتمت في حينها دون أن تسقط منها كلمة.

2 ً- أن كل الأشياء خاضعة لمشيئة الله، وأن نهايات جميع الأمور هي ضمن نطاق سلطانه العظيم. "اُذْكُرُوا الأَوَّلِيَّاتِ مُنْذُ الْقَدِيمِ، لأَنِّي أَنَا اللهُ وَلَيْسَ آخَرُ. الإِلهُ وَلَيْسَ مِثْلِي. مُخْبِرٌ مُنْذُ الْبَدْءِ بِالأَخِيرِ، وَمُنْذُ الْقَدِيمِ بِمَا لَمْ يُفْعَلْ، قَائِلاً: رَأْيِي يَقُومُ وَأَفْعَلُ كُلَّ مَسَرَّتِي" (إشعياء 9:46و10).

كما أن التحقيق المدهش للنبوات قد جلب الكثيرين لمعرفة خلاص الله بالمسيح يسوع ولا سيما من اليهود الذين كانوا يعرفون هذه النبوات تماماً وقد شاهدوا إتمامها في شخصه الكريم.

3 ً- أن تُعرِّف العالم على الخلاص المهيّأ في المشورات الأزلية بمجيء المخلّص الموعود "المسيا" إلى العالم، والإعلان عن هذا المجيء مسبقاً حيث أن المسيح - له المجد - هو الشخص الوحيد الذي قيلت فيه كل تلك النبوات بتعدّدها وتنوّع موضوعاتها، حيث شملت كل دقائق حياته وخدمته، وقد تحقّق معظمها بشكل مدهش، وبقي منها تلك التي تشير إلى مجيئه الثاني العتيد، وستتحق تلك أيضاً بنفس تلك الطريقة.

لم تلاحظ البشرية على مدى التاريخ وجود شخصية أخرى غير المسيح سطع نورها الكامل فأنار جوانب كثيرة جداً من حياة البشرية. لقد استمرّ نور المسيح ساطعاً بقوة محبته التي عملت في قلوب الكثيرين؛ الذين أناروا مناطق كثيرة مظلمة في العالم بنور العلم، وحملوا مسؤوليات المعالجات الطبية الجسدية والنفسية في أماكن من العالم، وعملوا لتغيير طبائع أكلة لحوم البشر ليصبحوا أناساً طبيعيين يتعايشون مع شعوب العالم الأخرى.

ويحقّ للعالم، بل يجب عليه أن يعلّي اسم الرب يسوع المسيح - له المجد - بمناسبة ذكرى ميلاده المجيد، ويجب على المؤمنين بالمسيح أن يتوسّلوا إليه بهذه المناسبة لكي يفتح القلوب المغلقة، وينير الأعماق المظلمة في الكثيرين الذين ما زالوا يجهلون عمل نعمة الله المخلصة في شخص مولود بيت لحم العظيم، ولإلهنا كل المجد والعظمة والسلطان إلى الأبد.

المجموعة: 200912