نيسان April 2005

ولكن الآن يقول الرب: ”ارجعوا إليّ بكل قلوبكم، بالصوم والبكاء والنوح“ (يوئيل 12:2)

 لما سقط الإنسان الأول آدم وخالف وصية الله المقدسة ارتكب تلك الخطية الشنعاء، وهي العناد والتمرّد على الله. ويقول الكتاب المقدس: ”فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله في وسط شجر الجنة“ (تكوين 8:3).

 

والناس في هذه الأيام، الذين لم يختبروا نعمة المسيح، ولم يذوقوا لذة الخلاص، لا يزالون يمثـِّلون نفس الدور الذي لعبه آدم قديماً.. يختبئون ويهربون من وجه الرب، ولا يريدون أن يقتربوا إليه بسبب خطاياهم وآثامهم لأنهم تعدّوا على شريعة الله وخالفوا وصيته المقدسة؛ يعيشون في جوٍّ بعيد عن الله، يسوده التوتّر الشديد، ومشحون بالشكوك والإلحاد والإباحية!!! انغمسوا في بحر من الشهوات والملذّات الجسدية الزائلة، وتخبّطوا في دياجير الظلام، في موجة حالكة من الجهل الروحي، وفي غباوة مدهشة لا يمكن أن توصَف. قطعوا شوطاً بعيداً وهم يتوغّلون في البراري المقفرة الجرداء، تائهين في الكورة البعيدة، ينحدرون نزولاً في الوادي السحيق!!! حقاً كما قال الكتاب المقدس على فم إشعياء النبي: ”كلنا كغنم ضللنا. ملنا كل واحد إلى طريقه“... ويقول في موضع آخر: ”الكل زاغوا وفسدوا معاً. ليس من يعمل صلاحاً ليس ولا واحد“، ”قد صرنا كنجس، وكثوب عدة كل أعمال برنا“. فإلى جميع هؤلاء الخطاة الذين تاهوا وشردوا عن القطيع، وضلوا الطريق المستقيم، يوجّه الله الآن نداء حاراً، بدعوة ملحّة مقرونة بالعطف والمحبة والحنان، قائلاً: ”ارجعوا إليّ فأرجع إليكم، ارجعوا الآن بكل قلوبكم بالصوم والبكاء والنوح“.

 

الآن هو الوقت المقبول

اليوم يوم خلاص، يوم النعمة التي تستطيع أن تخلّص كل إنسان مهما كانت خطاياه كثيرة وكبيرة، لأنها نعمة غزيرة.. نعمة فيّاضة.. واسعة، مغطّية، تستطيع أن تغطي خطايا الجبلة البشرية كلها وتمحوها. وباب هذه النعمة لا يزال مفتوحاً أمام الجميع على مصراعيه، والرب يسوع المسيح لا يزال فاتحاً ذراعيه ينادي ويقول: ”تعالوا إليّ... من يُقبل إليّ لا أخرجه خارجاً... التفتوا إليّ واخلصوا يا جميع قبائل الأرض لأني أنا الرب وليس غيري مخلّص“. وكلمة الكرازة بإنجيل المسيح تدوي في كل مكان في العالم اليوم بوسائط عديدة ومختلفة تدعو الناس للرجوع إلى الرب؛ إلى التوبة الحقيقية وترك الخطية والابتعاد عنها نهائياً؛ وتغيير الطريق والسلوك والحياة والأهداف. وهذه الكلمة تدعوهم لكي يوجّهوا أنظارهم نحو صليب المسيح الذي منه انفجرت ينابيع النعمة الإلهية كما تنفتح طاقات السماء لتروي كل خليقة الله. هكذا سال دم الفادي الزكي الثمين لكي يطهِّر كل إنسان من خطاياه من آدم الأول إلى آخر إنسان في العالم. هكذا اندفعت شلالات محبة الله وشملت الأرض كلها، كما هو مكتوب في إنجيل يوحنا: ”لأنه هكذا أحبّ الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية“.

أيها القارئ العزيز، هل تريد أن ترجع إلى الرب الآن وترتوي من ينابيع هذه النعمة المجانية؟ وهل تريد أن ترجع إلى الرب الآن وتطلب الخلاص بواسطة هذه النعمة المخلّصة؟؟ وهل تريد أن ترجع إلى الرب الآن وتتمتّع بغفران خطاياك بواسطة هذه النعمة الغافرة؟؟ لأنه ”الآن هو الوقت المقبول واليوم هو يوم خلاص.. اليوم إن سمعتم صوته فلا تقسّوا قلوبكم“. هل ترجع الآن؟

 

الحياة قصيرة

أيها القارئ العزيز!! أنت الآن لا تزال على قيد الحياة تتمتّع بقوة وحيويّة ونشاط، ربما تكون في ريعان الشباب. ولكن اعلم جيداً أن هذه الزهرة ستذبل يوماً من الأيام، والسراج المنير سينطفئ ويخلو من الزيت. والوجه اللامع المشرق سيغيب. والله الآن له قصد في تمديد حياتك وتطويل عمرك، يريد أن يمتّعك بالشركة المقدّسة معه والرجوع إليه. يريد أن يعطيك السلام القلبي والرجاء والحياة الأبدية... فهل ترجع إليه الآن؟

 

الفرصة محدودة

نحن نعيش اليوم في الأيام الأخيرة.. على عتبة النهاية.. في الهزيع الرابع من الليل، وصوت الروح القدس يقول الآن: قريباً جداً سيأتي الآتي ولا يبطئ. قريباً جداً سيدوي بوق الهتاف لكي يجمع جميع المختارين من أربع زوايا الأرض من أقصى السماوات إلى أقصاها. قريباً جداً سيأتي عريسنا المنتظر؛ سيشقّ الغلاف الأزرق ويأتي مسرعاً لكي يأخذنا إليه. وكما يقول بولس الرسول: ”لأن الرب نفسه بهتاف بصوت رئيس ملائكة وبوق الله سوف ينزل من السماء والأموات في المسيح سيقومون أولاً، أما نحن الأحياء الباقين سنُخطف جميعاً معهم في السحب لملاقاة الرب في الهواء. وهكذا نكون كل حين مع الرب. لذلك عزوا بعضكم بعضاً بهذا الكلام“ (1تسالونيكي 16:4-18).

لا تزال أمامنا الآن فرصة قصيرة ومحدودة قبل أن ندخل في عالم جديد؛ وتتحقّق ذروة الأحداث في إيماننا المسيحي؛ ونرتفع إلى أعلى قمة من الأفراح السماوية؛ ونتمتّع بذلك اللقاء المجيد واليوم السعيد حين نرى يسوع وجهاً لوجه بعد غياب طويل، وشوق مقدّس، وانتظار ملتهب على أحرّ من الجمر. أمامنا الآن فرصة ثمينة لا نستطيع أن نقدّرها، وهي غالية جداً، فلنعرف كيف نغتنمها ونستغلّها ونرجع إلى الرب من كل قلوبنا.

ارجعوا إلى الرب اليوم، لا تؤجلوا هذه الفرصة ولا تضيّعوها. لا تستخفوا بها ولا تهملوها. ارجعوا بالصوم والصلاة.. بالنوح والبكاء.. ابكوا ونوحوا على خطاياكم ومعاصيكم. ارجعوا وجدّدوا عهودكم مع المسيح. افتحوا معه صفحة جديدة. وعيشوا أمامه حياة جديدة. سلّموا نفوسكم لذاك الذي أسلم نفسه لأجلكم. سِيروا معه في الطريق جنباً إلى جنب. تمسّكوا به وقولوا كما قالت عروس النشيد: ”حبيبي لي وأنا له، أمسكته ولم أرخه“. هل ترجع الآن؟

المجموعة: نيسان April 2005