آب (أغسطس) 2005

ما هي حياتنا؟ أجل، إنها "بخار يظهر قليلاً ثم يضمحل"، وسنونا أسرع من عدّاء تمر بسرعة فائقة... ففي كل يوم يمرّ، بل كل في لحظة تمضي، فإن المخاطر تساكننا... والأخطار تحفّ بنا... وصفارات الموت تدوّي في آذاننا.

لقد اتخذ العالم لنفسه شعاراً يقول: "نحو السلامة"، وقام بكل الوقايات والاحتياطيات... فمع كل آلة صنعها اخترع لها منبها للخطر جهّزه بضوء أحمر بارز لكي يلفت الانتباه وينذر بالأخطار المفاجئة، وصنع الصفارات الصارخة لتحول دون أذية القريبين من هذه الأخطار... كل هذه لكي يهرب الإنسان لحياته ولكي يغتنم النجاة من موت محتم.

 

ولم يهمل العالم مجالات الطب، والجراحة والأدوية؛ فمنذ القدم حتى اليوم والإنسان في عداء مع الموت يجدّ ويكدّ للتخلص منه ومن الأخطار التي تنذر بقدومه... ولكن، هل حياتنا الروحية مجهزة بالأضواء الحمراء والصفارات المنبهة؟؟ فإذا كنا نهتم بجدية في المحافظة على حياتنا الجسدية الوقتية، فكم حريّ بنا أن نهتم بجدية أكثر بحياتنا الروحية الأدبية الخالدة.

هنالك أخطار مخيفة تحدّق بكنائس القرن الحادي والعشرين وتهدد بموت روحي مروّع، بينما أنوار الضمير المسيحي الحمراء - وللأسف - قد أصبحت خافتة جداً، وصوت صفارته أصبح "مبحوحاً"، لأن أصوات العالم الصاخبة قد أرهقت أعصاب الكثيرين وأفقدتهم الكثير من رهافة الحس الروحي.

آه! لقد آن الأوان لكي نستفيق... لكي نتنبّه... لكي نهرب لحياتنا... لكي نتجهّز من جديد بوسائل التحذير والتنبيه، ولكي ننظر إلى الضوء الأحمر بكل يقظة وانتباه لأن خطر الموت يهددنا لأسباب عديدة أهمها:

¨      ضعف الشهية لقراءة الكتاب المقدس ودرسه.

¨      انعدام أو قلة أوقات الصلاة والشركة مع الرب.

¨      عدم احتمالنا لكلمة الوعظ والتوبيخ والتوجيه.

¨      قلة شغفنا بالاجتماعات الروحية والشركة مع القديسين.

¨      انشغالنا بالخدمات الترتيبية دون ربح النفوس.

¨      استبدالنا الإيمان البسيط بالمنطق والنظريات والمماحكات.

¨      تطورنا السريع في مشاكلة أهل هذا الدهر.

¨      انسياقنا بأحاديث العالم وأعماله ونشاطاته.

¨      انعدام المسحة الروحية من حياتنا وخدماتنا.

¨      غياب قوة الروح القدس من حياة الأفراد والكنيسة.

بعض اليافطات التي رفعها المسيح فوق الكنيسة جاء فيها: "أنتم ملح الأرض"، "أنتم نور العالم"... ويتعاظم الخطر عندما يصبح الملح بلا ملوحة، ويمسي النور ظلاماً.

الخطر يحدّق بنا، وعدونا يجول حولنا ملتمساً ابتلاعنا. فما علينا إلا أن نقاومه راسخين في الإيمان، متقوين في الرب وفي شدة قوته حاملين سلاح الله الكامل لكي نقدر أن نثبت ضد مكايد إبليس. ولنا الغلبة الأكيدة، بدم الخروف وبكلمة شهادتنا.

المجموعة: آب August 2005