تشرين الأول (أكتوبر) 2005

الوجود الإنساني كله هو استقطاب حاد بين الآلام والآمال... بين الأتراح والأفراح... بين البكاء والضحك... ولربما يحاول البعض أن يتجاهل أحد هذين القطبين لكي يتمسك بالقطب الآخر، لكنه لن يلبث أن يتحقق من أن الضيف الثقيل الذي طرده من الباب قد عاد إليه من النافذة. وسنكشف في هذا الصدد مغالطة كبرى تهدد كل ”عملات“ حياتنا التي تحمل في إحدى وجهتيها: الألم، والشر، والفشل، والخطأ، واليأس والبكاء. بينما تضم في الوجهة الأخرى: الفرح، والخير، والنجاح، والصواب والأمل. وكيف لسيمفونية الحياة أن تتألف من نغمة واحدة مكررة؟ وهي إن حملت بعض الخبرات السارة فهي تحفل أيضاً بكثير من الاختبارات الأليمة.

 

ونحن لا ننكر أن الإرادة تواجه غالباً الألم بالرفض والتذمر والشكوى، وتلقى دائماً الأفراح بروح البـِشْر والترحاب - ومع ذلك - فإن للاختبارات الأليمة دوراً هاماً في حياتنا لأن الآلام النفسية أو الروحية التي نعانيها هي التي تخلع على وجودنا كل ما له من فردية وأصالة. وهكذا فإن الآلام التي نكابرها هي التي تبرز الجانب الشخصي من وجودنا لأنها هي التي ترفع الذات إلى الغوص في أعماق وجودها لتُخرج ما يمكن في أغوارها من قيم ومبادئ. والآلام التي عاناها كثيرون، تحولت داخلهم إلى ثروات روحية هائلة واجهوا بها مستقبلهم. فذلك الألم يتحول إلى أداة تصقل الشخصية، وتخصب الحياة الفردية، وتعطي لصاحبها إرهافاً وعمقاً يجعلان منه كائناً حساساً لآلام الآخرين، وموصلاً جيداً لحرارة المحبة تجاه الآخرين.

والشخصية التي صهرتها الآلام لا تعود تجزع لأتفه الأحداث، أو تقلق لأصغر المخاوف، بل تقف في وجه قدرها بقلب عامر بالشجاعة، مليء بالتسليم لمشيئة الله دون أن يقض مضجعها أي تلهف على الملذات، أو أية رغبة جامحة في أفراح العالم، بل يكون لها القدرة على الصبر والانتظار حتى تأتي إليها السعادة متسللة على أطراف أصابعها أو تجدها جالسة على مائدتها. ومَنْ غير ذلك الرجل الذي اكتوى بنيران التجارب، وانصهرت شخصيته في بوتقة الأحزان... مَنْ أكثر من ذلك الرجل يستطيع أن يستطعم السعادة أو يتذوق حلاوة الفرح بعد طول مرارة الألم؟؟

فهكذا تكون عظمة الإنسان الذي يبتاع أسمى القيم بأقصى المحن، ويشتري الخبرة بأفدح الأثمان، فإن طريق الآلام قد يكون شائكاً، لكن الله يجعله شائقاً، وما علينا إلاّ أن نهداً ونصبر وننتظر ونقول مع أيوب الصديق عن الله: ”لأنه يعرف طريقي، إذا جرَّبني أخرج كالذهب“ (أيوب 10:23).

عزيزي القارئ،

إذا أردت كتاباً ينمي حياتك الروحية ويساعدك على المسير في رحلة الحياة، ”مجاناً“، أرسل اسمك وعنوانك مع تعليقاتك وأسئلتك على عنوان المجلة.

 

************

 

المسيح هو الجواب

لماذا تدع الشك يحاول أن يفتك بك؟ ولماذا تترك للشهوات والنزوات عنانها.. لكي تقضي عليك؟ لماذا تتخبّط في الجهل وعدم المعرفة؟

ولماذا تعيش بلا رجاء بل بلا حياة؟ لماذا ترتعب من ذكر الموت، ومن ذكر الاضطهاد؟ بل لماذا تشعر بعدم الاستقرار والثبات؟ بل لماذا لم تشعر للآن بسر السعادة الحقيقية؟

العالم الذي تعيش فيه لا يستطيع أن يشبع قلبك، أو يفيدك شيئاً. ”ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه“. والعالم الذي تعيش فيه، لا يستطيع أن يعطيك أي بركة لأنه ملعون.. والعالم لا يستطيع أن يمنحك خيراً لأنه وُضع في الشرير..

لكن هناك من أحبك، وفي حبه مات عنك، ليهب لك الحياة..

هناك من افتقر لكي تستغني أنت، وجاع لكي تشبع أنت.. وعطش لكي تشرب أنت.. هناك من يناديك قائلاً: ”هئنذا واقف على الباب وأقرع..“ ويعاتبك على إهمالك قائلاً: ”رأسي امتلأ من الطل وقصصي من ندى الليل“. فالمسيح هو الجواب... هل اختبرته؟

المجموعة: تشرين الأول October 2005