كانون الأول (ديسمبر) 2006

ومرة أخرى نتحسس واقعنا: الوقت يمضي سريع الخطى، لا يمهل أحداً ولا يستأذن المرور...

وفي نهاية كل عام وبداية عام جديد نرسل الطرف إلى الماضي وإلى الأيام التي حسبناها طويلة، فإذا الماضي يتقلّص ويتلخّص في أحداث بارزة هنا وهناك... فنتحقق يقيناً أن الحياة كالقصة في فصولها السريعة وكالبخار في تصاعده الحثيث وكالظل في حينية ظهوره وزواله.

 

في بداية كل سنة نصحو، نفلسف الحياة والموت، ندرك سنن الكون وقوانين الوجود... ثم نعود إلى كرّ الحياة وفرّها، مشاغلها ومتاعبها، نسير في ركاب العمل والكدح، وننسى الصحو والفلسفة والإدراك... حتى السنة التالية...

يجدر بنا أن نتملك حساسية مرور الوقت في كل يوم من حياتنا... أن نعلم أن الحياة قصيرة وكل ما يمضي من حياتنا لن يعود... لا لن يعود... وتكون طلبة قلوبنا كصلاة موسى: ”إحصاء أيامنا هكذا علمنا فنؤتى قلب حكمة“.

”نعم... علّمنا يا رب أن الأيام عديدة ومسؤوليتنا في الحياة جسيمة، وأن العمر قصير، وأن رسالتنا كبيرة.

”علّمنا يا رب أن نعمل ما دام نهار لأنه سيأتي يوم نشيخ فيه، أو تقيّد أعمالنا، أو لا يُسمع صوتنا، حين لا نستطيع أن نعمل.

”علّمنا يا رب أن خسارة الوقت تعد بالدقائق والثواني، ولكن خسارة الفرصة تعد بالنفوس.

علّمنا يا رب أن لا نفخر في عدد أيامنا في خدمتك بل أقنعنا بأن إحصاء الأيام يتطلب النوعية قدر ما يتطلب الكمية وأزود.

”علّمنا يا رب أيضاً كي لا تخور عزائمنا مع الأيام، بل أن تكبر هممنا كلما كبرت أعمارنا، وأن نزداد إيماناً كلما ازددنا أياماً، وأن ننمو في الحكمة كلما نمونا في القامة.

”علّمنا يا رب... لكي نؤتى قلب حكمة. لن نكتفي بالحكمة التي تكسبنا إياها الأيام، ولن نقنع بالخبرة التي تُسربلنا بها الأعوام.

”نريد الحكمة التي مصدرها أنت يا رب. الحكمة لا تأتي نتيجة الأيام بل التي تُنتج أياماً مجيدة في حماك؛ الحكمة التي تعلمنا كيف نعيش مفتدين الوقت، نخطط بواسطتها حياتنا فنضع أهدافنا كأننا سنعيش دهراً ولكن ننفّذها بجدّ كأننا سنموت غداً“.

ليكن كل يوم تقييماً لحياتنا وانطلاقة لنموّنا وصحونا، وكل يوم وأنتم بخير.

المجموعة: كانون الأول December 2006