تشرين الأول (أكتوبر) 2006

المسيح هو مصدر الحياة المسيحية الحقيقية

وهو سر قوتها

وهو أيضاً رجاؤها

المسيح مصدر الحياة المسيحية

 

ليست الحياة المسيحية مجرد تقدم في الحياة الخلقية أو الدينية. وإنما الحياة المسيحية الحقيقية هي حياة جديدة نتيجة لخليقة جديدة مصدرها المسيح نفسه. لذلك يقول في 2كورنثوس 17:5 "إذاً إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة."  الخطيئة جعلتنا أمواتاً روحياً، كما يقول في أفسس 1:2-2 "وأنتم إذ كنتم أمواتاً بالذنوب والخطايا، التي سلكتم فيها قبلاً حسب دهر هذا العالم." ولكنه يضيف قائلاً: "ونحن أموات بالخطايا أحيانا مع المسيح - بالنعمة أنتم مخلصون." (عدد 5)   

فهي تشبّه بقيامة من الموت. هي ولادة جديدة تنتج عن الإيمان بالمسيح. أي قبوله في القلب.  لذلك يقول في يوحنا 12:1-13  "وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه، الذين وُلدوا ليس من دم ولا من مشيئة جسد، ولا من مشيئة رجل بل من الله." عندما أخطأ آدم استجلب الموت على نفسه وعلى كل نسله. "بإنسان واحد دخلت الخطيئة إلى العالم، وبالخطيئة الموت، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس، إذ أخطأ الجميع" (رومية 12:5). وهذا يشمل الموت بأنواعه الثلاثة:

الموت الجسدي الذي جميعنا نعرفه وهو انفصال النفس عن الجسد. 

الموت الروحي وهو الذي يصفه في أفسس 1:2-2 بأنه السلوك بحسب دهر هذا العالم والتصرف طبقاً لمشيئات الجسد والأفكار– أي حياة الجسد بالانفصال عن الله.

والموت الأبدي وهو الهلاك الأبدي.

ونحن نعرف أن آدم هو رأس الجنس البشري، أما المسيح فهو رأس جنس جديد. لذلك يعمل الرسول بولس مقارنة بين الذين في آدم (أي الذين لم يولدوا ثانية) وبين الذين في المسيح الذين صاروا خليقة جديدة. فالذين في آدم يرثون الخطيئة والموت والدينونة، والذين في المسيح يرثون البر والحياة والملك (رومية 12:5-21). المسيح جاء إلى العالم ليمنحنا هذه الحياة الجديدة. قال: "وأما أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل." (يوحنا 10:10) كما يقول عنه في يوحنا 4:1 "فيه كانت الحياة، والحياة كانت نور الناس." وقال المسيح أيضاً: "خرافي تسمع صوتي، وأنا أعرفها فتتبعني. وأنا أعطيها حياة أبدية، ولن تهلك إلى الأبد"  (يوحنا 27:10-28).

هذه الحياة الجديدة، الحياة الأبدية مصدرها المسيح نفسه. "من له الابن فله الحياة" (1يوحنا 12:5).

المسيح قوة الحياة الجديدة

كما أن المسيح هو منبع ومصدر الحياة الجديدة، فهو أيضاً مصدر القوة الروحية في الحياة الجديدة. قال المسيح: "لأنكم بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً" (يوحنا 5:15). وعبّر الرسول بولس عن هذه الحقيقة إذ قال:  "مع المسيح صُلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيّ" (غلاطية 20:2). وقوة المسيح في حياتنا العملية فيها الكفاية لكل ظروف الحياة. فإذا تألمنا في سبيل خدمتنا للمسيح، عندئذ "كما تكثر آلام المسيح فينا (أي الآلام التي نصادفها في خدمتنا للمسيح)، كذلك بالمسيح تكثر تعزيتنا أيضاً" (2كورنثوس 5:1).

لما تضرع بولس للرب بسبب آلام في جسده، قال له المسيح: "تكفيك نعمتي لأن قوتي في الضعف تُكمل."  لذلك قال بولس:  "فبكل سرور أفتخر بالحري في ضعفاتي، لكي تحل عليّ قوة المسيح"
(2كورنثوس 9:12). عبثاً يحاول المؤمن أن يحيا الحياة المسيحية بقوته الذاتية، لذلك يحتاج كل منا أن يكون دائماً في شركة مع المسيح متغذّياً بكلامه لكي تسكن فينا كلمة المسيح بغنى، وأن نواظب على الصلاة ونخصص لها أوقاتاً طويلة ولا نسمح لمشغوليات الحياة أن تحرمنا من هذه الشركة الجميلة مع الرب يسوع المسيح. كم من المرات نرنم: "يا طيب ساعات بها أخلو مع الحبيب"، ولكننا نقضي الدقائق القليلة بدل الساعات الكثيرة! لا عجب إذا كنا نعيش مهزومين ولا نختبر قوة المسيح في حياتنا كأفراد أو كعائلة أو ككنيسة.  إننا بلا شك لا نستطيع أن نعمل شيئاً له قيمة عند الله بدون يسوع المسيح.  لأنه هو العامل فينا أن نريد وأن نعمل من أجل المسرة.

كان الرسول بولس يصلي من أجل المؤمنين في أفسس، وهو في السجن، لكي يحل المسيح بالإيمان في قلوبهم وبذلك يكونون متأصلين ومتأسسين في المحبة (أفسس 17:3). سر القوة في الحياة المسيحية هو يسوع المسيح.  لذلك يقول: "فكما قبلتم المسيح يسوع الرب اسلكوا فيه" (كولوسي 6:2).  وأيضاً "البسوا الرب يسوع المسيح ولا تصنعوا تدبيراً للجسد لأجل الشهوات"
(رومية 14:13). لما رجع الابن الضال، "قال الأب لعبيده: أخرجوا الحلة الأولى وألبسوه" (لوقا 22:15).  وليس من المعقول أن يلبسوه الحلة الفاخرة فوق ملابسه الرثة ذات الرائحة الكريهة.  ونحن لا يمكننا أن نلبس الرب يسوع المسيح ونعمل شهوات الجسد، شهوات الطبيعة الساقطة.  لأنه حقاً "أي اتفاق للمسيح مع بليعال؟" (2كورنثوس 15:6)  الخلاصة هي أن المسيح هو قوة الحياة الجديدة.  لذلك يقول:  "تقوّوا في الرب وفي شدة قوته." (أفسس 10:6)

المسيح رجاء حياتنا الجديدة

المسيح هو رجاء كل مسيحي حقيقي سواء بخصوص حياته على الأرض أم بخصوص الأبدية. فبالنسبة لحياتنا على الأرض يقول الرسول بولس:

"لي الحياة هي المسيح"، وبالنسبة للمستقبل يقول: "المسيح فيكم رجاء المجد". فحين يؤمن الإنسان، أول ما يدركه هو أن المسيح غفر خطاياه وأعطاه حياة جديدة، وحياة أبدية، يقول عنها في رسالة يوحنا الأولى 11:5 "الله أعطانا حياة أبدية، وهذه الحياة هي في ابنه". ثم يدرك المؤمن أن المسيح هو قوة هذه الحياة. ثم يتعلم أنه إذ قد تبرر بالإيمان وله سلام مع الله، يمكنه أن يفتخر، أي يفرح ويبتهج ويتهلل ”على رجاء مجد الله" (رومية 2:5).  وأن هذا الرجاء لا يخزي.  أي لا يخيّب أمله. الآن نحن نرى مجد الله بالإيمان في وجه يسوع المسيح، ولكننا سوف نرى يسوع المسيح وجهاً لوجه كما قال المسيح لتلاميذه: "ولكني سأراكم أيضاً فتفرح قلوبكم، ولا ينزع أحد فرحكم منكم." (يوحنا 22:16)ولذلك لسان حال المؤمن هو "آمين. تعال أيها الرب يسوع." والمؤمن الحكيم لا يسمح لأمور هذا العالم بما فيها من "هموم العالم أو غرور الغنى" أن تحرمه من الفرح الناتج عن هذا الرجاء المبارك.

المجموعة: تشرين الأول October 2006