تشرين الأول (أكتوبر) 2007

مرحبا

اسمي تاش، وأنتمي إلى أسرة مسلمة كبيرة في آسيا الوسطى. تربّيت وفقاً للتقاليد الإسلامية، غير أنه لم تكن لي معرفة حقيقية بالله الذي كان بالنسبة لي غامضاً، بعيداً كل البعد، ومستحيلاً الوصول إليه.

 

البحث الخاطئ عن إله مجهول

فكرت بزيارة المقابر وتقديم الإكرام لأرواح الموتى لعلي أتخلص من الشعور بالفراغ الداخلي. أخذت أتردّد أسبوعياً على المقبرة إلى أن وصلت إلى مرحلة التعليم الجامعي. كنت أعاني في ذلك الوقت من أزمة صحية ففكرت في الالتجاء إلى مشعوذ لعله يجلب رضى الله عليّ، علماً بأنني لم أنزلق في أي خطأ يجلب عليّ غضب الله، بحسب مفهومي آنذاك.

الشهادة الأولى عن يسوع

استمر شعوري بالفراغ المقيض إلى أن جاء الوقت لأسمع أول شهادة عن يسوع عن طريق ممرضتين مسيحيتين اللتين أخبرتاني عن محبة الله وخلاص يسوع المسيح، وأكدتا لي بوضوح أنه ليس طريق آخر إلى الله إلا بالمسيح. أزعجني ذلك جداً لأني فتاة مسلمة ولا أؤمن إلا بالإله الواحد فقط، لذلك رفضت شهادتهما لي. ولكن، من ملاحظتي لأسلوب حياة هاتين الفتاتين وجدت أنهما مختلفتان عن الباقين، وزيادة على ذلك أبدتا اهتماماً خاصاً بي، ومحبة تجاهي، وصبراً عليّ، وتسامحاً بالرغم من أن معاملتي لهما كانت سيئة جداً.

سألتهما ذات يوم: لماذا تعاملانني هكذا؟ لماذا أنتما مختلفتان؟!

قالتا: بسبب محبة يسوع التي فينا. فهو الذي يساعدنا على حثّ الآخرين أن يتبعوه.

هزتني كلماتهما، فقررت أن أختبر ذلك النوع من الحب.

كانت علاقة الممرضتان بالمسيح لا تحتاج إلى إيضاح. وتأكدت آنذاك أن المسيح قريب، ورحوم، ومنعم، ومعين، ويمكن التفاهم معه والتحدّث إليه، بل ويمكن أن أدعوه "يا صديقي". آه، هذه الأمور شغلت عقلي وملكت عليّ تفكيري.

نبوّة العرّافة عن تحوّلي إلى المسيح

أثناء فترة الإجازة من الدراسة الجامعية، رجعت إلى والديّ وهناك داهمني المرض فاصطحبتني أمي إلى عرّافة مشهورة [وهذا ليس أمراً غريباً في بلادنا].

أقامت العرّافة شعائر التطهّر المطلوبة، ومنها غسل الأيدي، ثم فرشت على الأرض منديلاً ملأته بالملح، ثم نثرت ملحاً إضافياً حول المنديل وبدأت تخاطب الأرواح وتطلب حضورهم. وسرعان ما حضروا، فانتابها ذهول، ثم غيبة وصار جسدها يهتزّ بشدة. وفيما هي على ذلك الحال تكلمت لي عن أمور حياتي الماضية والحاضرة وعما سيحدث لي في المستقبل. أخبرتني أن مستقبلي سيكون مضيئاً (وأنتم تعلمون من هو "نور العالم". إنه يسوع الذي كان على وشك أن يغيّرني تماماً). لكن في ذلك الوقت لم أكن مستعدة لسماع أي شيء عن يسوع الذي هو مانح الحياة. ظننت أن كلامها لن يتحقق لأني كنت أرفض أن يصير يسوع رباً لي. فأنا مسلمة ووالديّ كذلك، وإن كان عليّ أن أكون مسيحية فيجب على والديّ أن يأخذا تلك الخطوة قبلي وسأتبعهما إن فعلا ذلك. المدهش هنا هو أن الله قد استخدم العدو إبليس ليكشف لي ما سوف يكون، وهذا أظهر لي سلطان الله وسيادته على الأرواح الشريرة.

صوت من الأعماق

بعد نحو ثمانية شهور وفي ليلة لا تُنسى، طار النوم من أجفاني وانتابني قلق مبرح. ونحو مطلع الفجر سمعت صوتاً في داخلي يسألني:

-  ما الذي تخافين منه؟ ما الذي يمنعك من الإيمان بي؟ لماذا كل هذا الانتظار؟ لماذا تخافين من الناس والرب أولى بالمخافة؟

لم يراودني أي شك أن يسوع هو الذي كان يتكلم لقلبي. فجلست على حافة السرير مستندة على الحائط.. وكان قد مرّ أربع سنوات منذ أن سمعت عن يسوع لأول مرة. والآن، حان الوقت لأصلي وأطلب من يسوع أن يأتي إلى حياتي ويحلّ في قلبي.

تذكرت أنه في وقت سابق، أعطتني صديقة أمريكية نبذة عنوانها "المبادئ الروحية الأربعة". قمت وأحضرتها وأخذت أقرأها على نور كان يتسلل من فتحة النافذة. ولما انتهيت من القراءة، أحنيت رأسي في صلاة بسيطة وطلبت من يسوع أن يأتي إلى حياتي كمخلص لي، وسرعان ما غمرني السلام العجيب وملأني فرح الروح العظيم. ولأول مرة شعرت أني مخلوقة حيّة منتعشة بالروح.

أين الفراغ الذي عانيت منه؟ لقد انتهى إلى الأبد!

إن اختبار قبولي للمسيح وخلاصه العجيب لا يمكن وصفه بكلماتي القليلة. أقول بأنه اختبار رائع.

لست أعرف كيف يمكنني أن أعيش بدون يسوع... أنا لا أستطيع أن أتصوّر حياتي بدونه ولو للحظة واحدة. إنه مصدر حياتي وكل شيء لي.

والآن، وبعد عشر سنوات، ما زلت أتبع يسوع. لقد وجدت فيه الحق الذي كنت أبحث عنه... إنه وحده الحق الأبدي.

واختبرت في يسوع الفرح، والسلام، والحرية، وغفران الخطايا، والمحبة غير المشروطة. فهو بموته على الصليب قد نزع عني خطاياي وطرحها بعيداً، فلست ملتزمة بممارسة أي فرائض دينيّة لكي أكسب بها رضى الله. كما ليس واجباً عليّ أن أقدّم القرابين والذبائح عن خطاياي، فالمسيح هو الذبيح الكامل، الذي قدّم حياته من أجلي مرة واحدة، ومفعول ذبيحته دائم إلى الأبد.

علاقتي بالمسيح هي علاقة شخصية... هذا ما كنت أتوق إليه منذ أن كنت في الثانية عشرة من عمري.

أقدر أن أقول أنني أحب الآخرين من خلال محبة يسوع لي التي انسكبت في قلبي بالروح القدس، وأصبح من السهل عليّ أن أصفح للمسيئين لي تماماً كما فعل يسوع معي.

إني أثق بشخص يسوع وأتمتّع براحته ومحبته وعنايته، وهو بأمانته العظيمة يقودني في كل ظروفي وأحوالي. وأؤكد - بحسب خبرتي وتجربتي الخاصة - أن الحياة بدون يسوع حياة فارغة وموحشة لا معنى لها، ولا شيء على الإطلاق يمكن أن يعوّض عن يسوع، أو يقوم بمقامه.

المرتاحة في المسيح،

أختكم تاش

محتويات العدد

المجموعة: 200710