كانون الأول (ديسمبر) 2008

لقد وصف الملاك هذه البشارة بأنها بشارة الفرح العظيم بقوله: "فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ: أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ" (لوقا10:2-11).
والسبب في أن هذه البشارة عظيمة لأنها:


1.  أعظم بشارة سمعتها أذن إنسان.
2.  إنها بشارة السلام  والاطمئنان.
3.  إنها البشارة التي بشّر بها الأنبياء في غابر الأزمان.
4.  إنها بشارة السماء لكل إنسان كائنًا من كان.
5.  إنها بشارة الخلاص والغفران.
6.  إنها بشارة الحب والحنان.
7.  إنها البشارة التي يحصل عليها كل خاطئ بالإيمان.
أولاً: إنها أعظم بشارة سمعتها أذن إنسان
”فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ: أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ... وَظَهَرَ بَغْتَةً مَعَ الْمَلاَكِ جُمْهُورٌ مِنَ الْجُنْدِ السَّمَاوِيِّ مُسَبِّحِينَ اللهَ وَقَائِلِينَ: الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ“.
لأول مرة في تاريخ البشرية تفتح السماء أبوابها لترسل إلى الأرض أعظم عطية يمكن للإنسان أن يحظى بها وهذه العطية هي  أن المسيح ابن الله القدوس، يترك الأمجاد السماوية والتسابيح الملائكية وينزل إلى أرضنا لكي يخلصنا من خطايانا.
ثانيًا: إنها بشارة السلام والاطمئنان
لقد خاف الرعاة المتبدّون الذين كانوا يحرسون حراسات الليل على رعيَّتهم عندما وقف الملاك بهم، ”وَمَجْدُ الرَّبِّ أَضَاءَ حَوْلَهُمْ، فَخَافُوا خَوْفًا عَظِيمًا. ”فَقَالَ لَهُمُ الْمَلاَكُ: لاَ تَخَافُوا! فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ“ (لوقا 9:2-10).
ثم عندما جاء الملاك إلى مريم العذراء المطوّبة ليبشّرها، يقول الكتاب: "فَلَمَّا رَأَتْهُ اضْطَرَبَتْ مِنْ كَلاَمِهِ، وَفَكَّرَتْ: مَا عَسَى أَنْ تَكُونَ هذِهِ التَّحِيَّةُ! فَقَالَ لَهَا الْمَلاَكُ: لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ، لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ. وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. هذَا يَكُونُ عَظِيمًا، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى" (لوقا 29:1-32).
”اَلشَّعْبُ السَّالِكُ فِي الظُّلْمَةِ أَبْصَرَ نُورًا عَظِيمًا. الْجَالِسُونَ فِي أَرْضِ ظَِلاَلِ الْمَوْتِ أَشْرَقَ عَلَيْهِمْ نُورٌ. أَكْثَرْتَ الأُمَّةَ. عَظَّمْتَ لَهَا الْفَرَحَ. يَفْرَحُونَ أَمَامَكَ كَالْفَرَحِ فِي الْحَصَادِ“ (إشعياء 2:9-3).
ثالثًا: إنها البشارة التي بشّر بها الأنبياء في غابر الزمان
لقد كان الأنبياء قديمًا ينتظرون ويتوقّعون ويتنبّأون عن مجيء مخلص اسمه المسيّا المنتظر إذ لم يكن مجيئه ابن ساعته كما يظن البعض، بل كانت جذوره تغوص في أعماق الأزل. لأن الله حسب علمه السابق كان يعلم بأن الإنسان الأول لا بد وأن يسقط في خطية العصيان والتمرّد على الإله الذي خلقه وأبدع في خلقه، وكان يعلم أن هذا الإنسان يحتاج إلى مخلص يخلصه من خطاياه ويكفّر عنه ذنوبه. ففي سفر التكوين يقدّم الله أول وعد لآدم وحواء يعلن فيه عن مجيء هذا المخلص، بأن نسل المرأة يسحق رأس الحية، إذ يقول الرب الإله للحية: "وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ، وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ، وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ". وهذا ما حدث فعلاً إذ وُلد المسيح من نسل المرأة بدون زرع بشر لأنه: "وَلكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُودًا تَحْتَ النَّامُوسِ، لِيَفْتَدِيَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، لِنَنَالَ التَّبَنِّيَ" (غلاطية 4:4-5).
فها هو إشعياء النبي يرفع منظاره النبوي مبشرًا بولادة هذا المخلص من عذراء بقوله: ”وَلكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ (الذي تفسيره الله معنا)“ (إشعياء 14:7). ثم يضيف على ذلك أيضًا بروح النبوة فيقول: "لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا، وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ، وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيبًا، مُشِيرًا، إِلهًا قَدِيرًا، أَبًا أَبَدِيًّا، رَئِيسَ السَّلاَمِ" (إشعياء 6:9).
وميخا النبي تنبّأ عن مكان ولادته وقال: "أَمَّا أَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمِ أَفْرَاتَةَ، وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ أَنْ تَكُونِي بَيْنَ أُلُوفِ يَهُوذَا، فَمِنْكِ يَخْرُجُ لِي الَّذِي يَكُونُ مُتَسَلِّطًا عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَمَخَارِجُهُ مُنْذُ الْقَدِيمِ، مُنْذُ أَيَّامِ الأَزَلِ" (ميخا 2:5).
وبولس الرسول يكتب عن سبب تجسّده فيقول: "فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ الأَوْلاَدُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ اشْتَرَكَ هُوَ أَيْضًا كَذلِكَ فِيهِمَا، لِكَيْ يُبِيدَ بِالْمَوْتِ ذَاكَ الَّذِي لَهُ سُلْطَانُ الْمَوْتِ، أَيْ إِبْلِيسَ" (عبرانيين 14:2).
ويوحنا الرسول يكتب لنا قائلاً: "فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ... كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ... كَانَ فِي الْعَالَمِ، وَكُوِّنَ الْعَالَمُ بِهِ، وَلَمْ يَعْرِفْهُ الْعَالَمُ... وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا" (يوحنا 1:1، 3، 10، 14).
وبولس الرسول في رسالته إلى كنيسة فيلبي يكتب لنا عن تنازله العجيب بقوله: "الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً ِللهِ. لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ" (فيلبي 6:2-8).
لقد كان تدبير الله منذ الأزل أن يأتي المسيح لكي يخلصنا من خطايانا بموته النيابي على الصليب "لأَنَّهُ لاَ يُمْكِنُ أَنَّ دَمَ ثِيرَانٍ وَتُيُوسٍ يَرْفَعُ خَطَايَا. لِذلِكَ عِنْدَ دُخُولِهِ (أي دخول المسيح) إِلَى الْعَالَمِ يَقُولُ: ذَبِيحَةً وَقُرْبَانًا لَمْ تُرِدْ، وَلكِنْ هَيَّأْتَ لِي جَسَدًا (وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا). بِمُحْرَقَاتٍ وَذَبَائِحَ لِلْخَطِيَّةِ لَمْ تُسَرَّ. ثُمَّ قُلْتُ: هنَذَا أَجِيءُ. فِي دَرْجِ الْكِتَابِ مَكْتُوبٌ عَنِّي، لأَفْعَلَ مَشِيئَتَكَ يَا أَللهُ" (عبرانيين 4:10-7).
 رابعًا: إنها بشارة السماء لكل إنسان كائنٍ من كان
يقول الملاك للرعاة المتبدّين: ”فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ“. فالمسيح جاء للعالم أجمع ولكل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا "لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ" (يوحنا 16:3).
خامسًا: إنها بشارة الخلاص والغفران
يقول الملاك ليوسف: "يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ، لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ. لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ. لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ" (متى 20:1-21).
ويقول الملاك للرعاة: "أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ" (لوقا 11:2)
وسمعان الشيخ يحمل الطفل يسوع على ذراعيه وينطق بنبوته قائلاً: "الآنَ تُطْلِقُ عَبْدَكَ يَا سَيِّدُ حَسَبَ قَوْلِكَ بِسَلاَمٍ، لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ أَبْصَرَتَا خَلاَصَكَ، الَّذِي أَعْدَدْتَهُ قُدَّامَ وَجْهِ جَمِيعِ الشُّعُوبِ". هذا هو الخلاص الذي أعدّه الله لجميع الشعوب.
وبولس الرسول يكتب لنا قائلاً: ”صَادِقَةٌ هِيَ الْكَلِمَةُ وَمُسْتَحِقَّةٌ كُلَّ قُبُول: أَنَّ الْمَسِيحَ يَسُوعَ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ لِيُخَلِّصَ الْخُطَاةَ الَّذِينَ أَوَّلُهُمْ أَنَا“ (1تيموثاوس 15:1).
سادسا:  إنها بشارة الحب والحنان
"لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ" (يوحنا 16:3).
يقول الرب يسوع: "لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ".
لقد أحبنا الله بهذا المقدار الذي لا يستطيع أي إنسان أن يسبر غوره. لذلك فاضت قريحة كاتب الترنيمة التي تقول :
لو صار حبرًا كل يمّ وورقًا كلّ الفلك
وكل نبتةٍ قلم والكل بالوصف اشترك
ما كتبوا، ما وصفوا محبة الحبيب
فاقت سمت فاضت طمت مقدارها عجيب
نعم، لقد كانت هذه المحبة:
عظيمة في سعتها... "كل العالم".
وعظيمة في بذلها... "حتى بذل ابنه الوحيد".
وعظيمة في حدودها... "كل من".
وعظيمة في بساطتها... "كل من يؤمن به“.
وعظيمة في غايتها... "لكي لا يهلك كل من يؤمن به".
وعظيمة في نتيجتها... "بل تكون له الحياة الأبدية".
سابعًا: إنها البشارة التي يحصل عليها كل خاطئ بالإيمان
عندما صدر الأمر من أغسطس قيصر بأن يكتتب كل المسكونة يقول الكتاب: "فَذَهَبَ الْجَمِيعُ لِيُكْتَتَبُوا، كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَدِينَتِهِ. فَصَعِدَ يُوسُفُ أَيْضًا مِنَ الْجَلِيلِ مِنْ مَدِينَةِ النَّاصِرَةِ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ... لِيُكْتَتَبَ مَعَ مَرْيَمَ امْرَأَتِهِ الْمَخْطُوبَةِ وَهِيَ حُبْلَى. وَبَيْنَمَا هُمَا هُنَاكَ تَمَّتْ أَيَّامُهَا لِتَلِدَ. فَوَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ وَقَمَّطَتْهُ وَأَضْجَعَتْهُ فِي الْمِذْوَدِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَوْضِعٌ فِي الْمَنْزِلِ" (لوقا 3:2-7)
لقد وُلد المسيح في المذود إذ لم يكن له موضع في المنزل. وهو الآن يقرع على باب قلبك يبغي الدخول بقوله: "إِنْ أَحَبَّنِي أَحَدٌ يَحْفَظْ كَلاَمِي، وَيُحِبُّهُ أَبِي، وَإِلَيْهِ نَأْتِي، وَعِنْدَهُ نَصْنَعُ مَنْزِلاً" (يوحنا 23:14). ويقول أيضًا: "هنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي" (رؤيا 20:3).
1- هل تركت للمسيح موضعًا في قلبك
إنه الآن ينادي هامسًا في أذنك
—— القرار ——
أسرعنّ، أسرعنّ وافتح القلب له
يدخلنّ يملكنّ، يصبح الكل له
2- تستطيع أن تدبّر موضعًا لكل شيء
لن تجد من بعد ذلك للمسيح أي شيء

المجموعة: 200812