شباط February 2010

يعلّم الشيطان أن الله إله ظالم يكره الإنسان ولا يريد خيره. وكثيراً ما يبثّ هذا التعليم في ذهن البشر راجياً من وراء هذه الضلالة تعذيب النفوس وإهلاكها فيما بعد. فهو يجول ملتمساً من يبتلعه إلى الهوة المظلمة. لكن يسوع المسيح،

الفادي المجيد، يقابله على الصليب ليعلن للعالم الصورة الصحيحة الواضحة عن ذاتية الله حيث يظهره أنه إله عادل... محبّ... يكره الخطية، ولكنه يحب الإنسان الخاطئ.
 وبما أننا جميعنا خطاة، لذا فمحبة الله للجميع دون استثناء. وموت المسيح يعطينا الصورة الكاملة عن هذه المحبة، لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا، ونحن أعداء قد صولحنا بدم الصليب.
يقيناً، ليس لأحد حب أعظم من هذا!
ونتيجة لعمل الصليب نستطيع أن نكلم الله الإله القدير: أبانا الذي في السماوات. حقاً إن محبة الله لنا وعطاياه هي بلا ندامة، فهو يحبنا ويعطينا أكثر جداً مما نطلب وفوق ما نفتكر. يعطي بسخاء ولا يعيّر عطايا روحية ثمينة وأخرى مادية زمنية. تعجز ألسنتنا وأفكارنا عن إحصاء عطايا الرب لنا بفضل نعمته ومحبته العظيمة. نعم، محبة الله هي المحوّل القوي للنعمة الغنية لأنها تعمل بفاعلية لتكون كل الأشياء عاملة معاً للخير للذين يحبونه. وواجب الإنسان أن يأخذ من يدي الله ويشكر في كل حين وعلى كل شيء، لأن هذه هي مشيئة الله في المسيح يسوع من جهتنا.
ما أسعد الإنسان الذي ينظر النظرة الصحيحة نحو محبة الله السامية، ويبدأ بالشكر طارحاً عنه ثوب الأنين والتذمر؛ ذلك الرداء الثقيل الوسخ، الذي يكدّر عيشتنا برائحته العفنة، فيبتعد عنا الأحباء بسببه، ونصبح منفردين بلا رحمة وبلا رأفة.
ألم يلبس أناس من الشعب القديم في البرية ثوب التذمّر فأهلكهم المهلك؟ ألم تحاول امرأة أيوب أن تلبسه فظهرت كإحدى الجاهلات؟!
أختي العزيزة، تأملي جلياً في عمل الصليب، ودم المسيح الظاهر الذي سُفك لأجل كل إنسان، تجدي نفسك أمام المحبة وجهاً لوجه. أمامنا مجال واسع لتعلم درس الشكر الدائم للرب. فالشكر هو الصف الذي يعلمنا كيف نحلّ جميع المسائل الهينة والصعبة على حدّ سواء، كما فعل أحد الشباب المتفوّقين بعدما نال شهادة الدكتوراه الطبية وكان له حسب الظاهر مستقبل مجيد فيها. لكن شهادته التي نالها في صف الامتنان والشكر بعدما أصيب بالعمى حيث صلى "أشكرك يا ربي، وأخصّص لخدمتك موهبة العمى". هذه الشهادة هي التي أهّلته ليكون مؤمناً نافعاً وإناء صالحاً لنقل نعمة الله للبشر، إذ استنبط الحروف الهجائية النافرة المستعملة لدى المكفوفين.
لنتجاوب نحن إذاً مع نعمة الله ومحبته ولنرفع صلاة الشكر لأجل الفداء المجاني الثمين ولأجل كل شيء في كل حين، فنحضِّر بذلك نفوسنا لأخذ البركة ولنقلها إلى الآخرين، وهكذا نفتح المجال لعمل نعمة الله في تحويل كل الأشياء للخير لمجد اسمه المبارك.

المجموعة: 201002