نيسان April 2010

 

يَحتفل المسيحيون اليوم بقيامة المسيح، وحالتهم تشبه كثيراً أولئك التلاميذ الذين ركضوا إلى القبر الفارغ دون أن يَختبروا فعلياً قوة قيامة المسيح، أو هم كمريم المجدلية التي أتت إلى القبر الفارغ لتبكي لا لتفرح. قد يكون حالنا مثل أولئك: لا نفهم قوة القيامة لأننا نُحاول أن نُدركها كحقيقة عقلية بَدلاً من أن نَختبرها كما اختبرتها الكنيسة الأولى.

وإذ نأتي إلى القبر الفارغ نُدرك حقيقة أساسية وهي أن الموت حتمي تسبب من سقوط آدم وحواء في الخطية، وبالخطية الموت، والمرض، والحزن، والوجع...  وبهذا السقوط سقطَت الإنسانية جمعاء وكان ذلك عظيماً جداً.

كل منا يَحلم بالمجتمع المثالي الذي كان موجوداً بالفعل في الفردوس حيثُ لا موت، ولا حُزن، ولا وجع، ولا صراخ! فالله  بمحبته الفائقة المعرفة خلق الفردوس ليتمتع به آدم وحواء، وأعطاهما الله السلطان على كل الخليقة. لكنهما سقطا سقوطاً عظيماً، وبَدلاً من أن يَملكا على هذا الفردوس حُكمَ عليهما وعلى نسلهما بالموت الأبدي، فانحدرا من البركة إلى اللعنة، وإذ بقايين يَقتل أخاه هابيل! هكذا الإنسان اليوم، يتصرّف كحيوان مُفترس، يستخدم عقله وكل التكنولوجيا الحديثة ليذبح، ويَقتل، ويحرق الناس بالقنابل، وبأسلحة الدمار الشامل!

لكننا، ونحنُ تحت هذهِ اللعنة، أتى ذاكَ الذي أحبنا؛ الله أرسل كلمته شخص الرب يسوع المسيح، ذلكَ الإنسان الكامل الذي لم يَعرف خطية، لكى يُصلَب من أجلنا ويَحمل هذه اللعنة بدلاً منا... الذي لم يعرف خطية صارَ خطية لأجلنا. "لكن أحزاننا حملها وأوجاعنا تَحمَّلها" (إشعياء 4:53).

عندما تؤمن بموت المسيح الفدائي على الصليب من أجلك وبقيامتهِ من الأموات، وتَقبله سيداً ومُخلّصاً شخصياً لكَ، يَرفع عنكَ هذه اللعنة، وتَحصل بالإيمان بالرب يسوع المسيح على أكثر مما حصلَ عليهِ آدم قبل السقوط! إن ما خسرناه نحن في السقوط يُعوَّض علينا أكثر جداً بنعمة المسيح.

هُناك ثلاث بركات يحصل عليها كل إنسان اختبر صليب المسيح وقوة قيامتهِ بالتسليم الكامل للرب يسوع المسيح، وهي أنه:

 

أولاً: انتقَلَ من الموت الأكيد إلى الحياة الأبدية الأكيدة

 

تأمل معي بما جاء في يوحنا ١١:٢٥-٢٦ "قَالَ لَهَا يَسُوعُ: أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا، وَكُلُّ مَنْ كَانَ حَيًّا وَآمَنَ بِي فَلَنْ يَمُوتَ إِلَى الأَبَدِ". ما أحلى هذه الكلمات! هل تجدها في أي مكان آخر؟ هل يستطيع مُؤسس أي دين أن يقول لكَ: "إنكَ إذا آمنت بى لا تموت إلى الأبد؟". إنها ليست مُجرد كلمات بل هي صادرة من الله صاحب السلطان القادر أن يُتمّم مواعيده.

قد يموت الإنسان بالسرطان أو بالإيدز، أو غيرها من الأمراض... لأن حُكم الموت صادر على كل إنسان بسبب الخطية، لكن شُكراً لله لأن هُناك شخصاً واحداً استطاع أن يقول من آمن بى فلن يموت إلى الأبد. 

كل إنسان فى حالته الطبيعية اليوم ميت روحياً... الناس يعيشون بيولوجياً ولكنهم مائتون روحياً. هذا الموت هو الانفصال عن الله وعن محبة الله ونعمتهِ. الإنسان البعيد عن الله، عند موتهِ الجسدى - بدون الإيمان بالمسيح - يذهب إلى حالة الابتعاد الكامل عن حضور الله ومحبتهِ ونعمتهِ إلى الأبد، ويختبر الموت الثاني أي الموت الأبدي.

عزيزي، لا تَستخف بالموت بدون المسيح! في لوقا 24:١٦ وردت صورة مُرعبة ومُخيفة عن جهنم! نقرأ عن الغني وهو يصرخ فى جهنم وينادي: "يا أبتي إبراهيم. ارحمنى وأرسل لعازر ليبلّ طرف إصبعه بماء ويُبرّد لساني لأنّي مُعذّب في هذا اللهيب". هذا الإنسان طلب حنان الرب لأنه مُعذّب وفي ألم عظيم! وأتته الإجابة: أنتَ في جهنم في حالة من الانفصال عن محبة الله وحنانه... لقد فاتَ الأوان!

أخي القارئ، لا تنتظر حتى فوات الأوان، إنه شيءٌ مُخيف! الفرصة اليوم أمامك لتُؤمن وتنجو من الموت الأبدي الذي يُسمّيه الكتاب ”الموت الثاني“.

سأل مرة بروفيسور أحد تلاميذه: ”من أين أتت جهنم؟ ومن أين أتى الشر؟“ وأضاف: ”إن كان الله هو الخالق لكل شيء: يعني، أنه خلق جهنم وخلق الشر. هل هو ذلك الإله الصالح؟“ واستهزأ بالتلميذ أمام الآخرين. فأجاب الطالب الجامعي: ”يا أستاذ، سوف أوضّح لك فكرة صغيرة. هل اختبرت الظلام؟“. أجاب: ”طبعاً، اختبرت الظلام“. قال له: ”أنت تعرف أنه لا يوجد شيء اسمه ظلام، لكن اختفاء النور معناه الظلام. نحن لا نستطيع أن نقيس الظلام، لكننا نستطيع أن نقيس قوة النور“. ثم سأله: ”هل اختبرت البرد؟“. أجاب: ”طبعاً اختبرت البرد“. قال له: ”البرد هو اختفاء الحرارة لأن البرد الحقيقي هو الاختفاء الكامل للحرارة، وهو ما يُسمّى بالبرد القارس. كذلك أيضاً جهنم، هي اختفاء وابتعاد كامل عن محبة ونعمة ورحمة الله“.

نحن بإرادتنا قبلنا الشر بالابتعاد عن الله، وحصدنا النتيجة التي هي جهنم، أي انفصالاً كاملاً عن الله بالموت الثاني. لكنه يُوجد لَكَ حل اليوم في الرب يسوع المسيح الذي استطاع أن يقول لك في عبرانيين ١٤:2 "لكي يُبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت أى إبليس".  لقد نقلنا الرب من الموت الأكيد إلى القيامة المجيدة.

في ١يوحنا ١٢:5-١٣ يقول الكتاب: "من له الابن فله الحياة ومن ليس له ابن الله فليست له الحياة. كتبت هذا إليكم أنتم المؤمنين باسم ابن الله لكي تعلموا (وليست تظنوا) أن لكم حياة أبدية ولكي تؤمنوا باسم ابن الله".

هل أنت متأكد الآن أن لك حياة أبدية؟ هل طلبت الرب فعلاً وأعطيته كل حياتك؟ أود أن أخُبرك بإني طلبت الرب عدة مرات ولم يكن لي حياة جديدة مع الرب، لأني طلبت الرب بدون توبة صادقة وبدون تسليم كامل. لكن في ١٤ إبريل ١٩٧٤ سمعت صوت الرب عن طريق أحد رجال الله، وقلت له: ”يا رب، أنا أقُدم لك حياتي كلياً بدون قيد أو شرط، وأتوب كُلّياً عن الماضي لكي تُعطيني حياة جديدة“. ومنذ ذلك الوقت أحتفل سنوياً بهذا اليوم الحلو الذي اختبرت فيه الحياة الأبدية مع الرب.

هل طلبت الرب، أو تريد أن تعيش على هواك؟! اطُلب الرب بتوبة وتسليم كاملين من كل قلبك وتأكد من أن لكَ حياة أبدية.

عندما تختبر الولادة الثانية، تحصل فوراً على الحياة الأبدية ولا يكون للموت الثاني سلطاناً عليك. الموت الأول هو الموت الجسدي، والموت الثاني هو الموت الأبدي.

هل اختبرت هذه الولادة الثانية بتوبة صادقة ونلت الحياة الأبدية؟

 

ثانياً: انتَقَلَ من الحضيض إلى النُصرة المجيدة

 

يقول الكتاب فى أفسس ٥:2-٦ "وَنَحْنُ أَمْوَاتٌ بِالْخَطَايَا أَحْيَانَا مَعَ الْمَسِيحِ ­ بِالنِّعْمَةِ أَنْتُمْ مُخَلَّصُونَ. وَأَقَامَنَا مَعَهُ، وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوع“.

ويقول الكتاب فى أفسس 8:5-١١ "لأَنَّكُمْ كُنْتُمْ قَبْلاً ظُلْمَةً، وَأَمَّا الآنَ فَنُورٌ فِي الرَّبِّ. اسْلُكُوا كَأَوْلاَدِ نُورٍ. لأَنَّ ثَمَرَ الرُّوحِ هُوَ فِي كُلِّ صَلاَحٍ وَبِرّ وَحَقّ. مُخْتَبِرِينَ مَا هُوَ مَرْضِيٌّ عِنْدَ الرَّبِّ. وَلاَ تَشْتَرِكُوا فِي أَعْمَالِ الظُّلْمَةِ غَيْرِ الْمُثْمِرَةِ بَلْ بِالْحَرِيِّ وَبِّخُوهَا".

لا بد أن يكون نور المسيح ساطعاً في حياتك على الآخرين! هل يرى الناس فيك نور المسيح، وقداسته، ومحبته، ولطفه، وفرحه، وسلامه، وصلاحه، ووداعته، وأمانته، وتعففه؟!

هل يروا ثمر المسيح الحلو وروح المسيح في حياتك؟

يقول الكتاب في رومية 5:6-6 "لأنه إن كنا قد صرنا مُتحدين مَعهُ بِشِبهِ مَوتِهِ نَصِيرُ أيضاً بِقِيامَتِهِ، عالمينَ هذا أن إنسانَنَا العتيق قد صُلبَ مَعهُ لِيُبطَلَ جسد الخطية كى لا نعود نُستعبدُ أيضاً للخطية".

قرأتُ كتاباً لجيم سمبالا عن روبرتا لانجيلو، هذه البنت التي تركت بيتها وهربت وعمرها ١٦ سنة؛ كانت فى بيت مُمزَّق.. اُمها تركت والدها لتعيش مع شخص آخر. ذهبت البنت إلى نيويورك وعاشت على هواها.. ابتدأت بالدعارة مع شخص بدون زواج، ووصلت لمرحلة باعا كل شيء عندهما حتى بيتهما ليشتريا الكوكايين والهيروين، ثم عاشت في الشارع، وأخيراً رجعت إلى أُمها التي وَضعتها في مصحٍ لمعالجة المدمنين، فوُجدوا عندها فيروس الـ HIV. كانت جَارتها المؤمنة في نيويورك تُساعدها وتُحسن إليها، فَأخذتها إلى اجتماعات رجل الله ديفيد وليكرلسون، حيث طَلبت المسيح الذي نَقلها من الحضيض، وأصبحت تَخدم المسيح الذي تحيا له. ثم أصبح لها تأثير حلو على الآخرين رغم أن عندها مرض الـ HIV. لقد بدأت بداية جديدة كاملة مع الرب.. الأشياء العتيقة قد مضت. هوذا الكل قد صار جديداً!

الله قادر أن يعمل في حياتك وينقلك من النجاسة الكاملة إلى القداسة الكاملة، ويُغير قلبك من الداخل!!

ليعطنا الرب أن تزيد محبتنا تجاه بعضنا البعض، وتجاه الآخرين أيضاً من أي خلفية كانوا، لأن المحبة تستر الأخطاء، وتَحمل الأعباء، وتَظهر في البذل والعطاء، وتُقدِّم بيسوع الدواء، وتَربح النفوس للسماء.

 

 

ثالثاً: انتَقَلَ من الحزن الشديد إلى الحياة السعيدة

 

تأمل حالة الفشل والحُزن اللذين سَيطرا على التلاميذ قبل أن يَفهموا معنى قيامة الرب. لقد ظهر لهم الرب نفسهِ وقال لهم: ”سلامٌ لكم“. ففرحَ التلاميذ عندما رأوا الرب. لقد كانوا مُختبئين بالعلية والأبواب مُغلَّقة، وهم في حالة خوف ورعب شديدين، وإذ الرب يحضر في وسطهم ويقول لهم: ”سلامٌ لكم“! فبدّد خوفهم ورعبهم.

كذلك أيضاً بالنسبة لكَ: قد تمرّ بك نكبات ومصائب وأمور تُحزن قلبك، لكن وعد الرب لك في إشعياء 3:٦١ يتحقق عندما تأتي إلى صليب يسوع المسيح، وتتحد معه بقوة قيامتهِ، وعمل روحه القدوس. يقول:

"لأَجْعَلَ لِنَائِحِي صِهْيَوْنَ، لأُعْطِيَهُمْ جَمَالاً عِوَضًا عَنِ الرَّمَادِ، وَدُهْنَ فَرَحٍ عِوَضًا عَنِ النَّوْحِ، وَرِدَاءَ تَسْبِيحٍ عِوَضًا عَنِ الرُّوحِ الْيَائِسَةِ، فَيُدْعَوْنَ أَشْجَارَ الْبِرِّ، غَرْسَ الرَّبِّ لِلتَّمْجِيدِ".

يقول الكتاب أيضاً في رومية 28:٨ "ونحن نَعلم أن كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يُحبون الله".

قل له: يا رب، عزيني بكلمتك ومواعيدك. أنا لكَ، أنا ملكك، أنتَ قادر أن تجعل من القفر غدير مياه، ومن الأرض اليابسة ينابيع مياه. حوّل أحزاني وآلامي للبركة. أشكرك عليها لأنك أنتَ تُحوِّلها لفرح في حياتي وحياة الآخرين.

قرأت عن خادم للرب Leo Laronge أنّه بدأ حياته بطريقة غريبة جداً... إذ كان يسرق وينهب وقد دخلَ السجن مرتين. ثم بعد ذلك اقترف جريمة ودخلَ السجن مرة أخرى. وبينما هو في السجن في حالة يأس كامل، تَطلع إلى حائط السجن داخل الزنزانة فوجد مكتوباً عليه: ”إذا وصلت إلى نهاية رحلتك وفقدت كل رجاء في ذاتك، ووجدت نفسك في حالة من اليأس والدموع، لا تبكِ بل تذكّر يسوع!“. وهناك طلبَ الرب وقال له: ”يا رب، ليسَ لي غيرك. لقد بلغتُ مرحلة الإفلاس الكامل بعد كل المحاولات... أُسلمك حياتي!“. هناك لمسه الرب، وغيّر حياته، وخرج من السجن بعد حوالي ٥ سنوات، ثم بدأ يخدم الرب، وما زال يخدمه.

الرب قادر أن يُحوّل أحزانك إلى أفراح، وظلمتك إلى نور لأجل مجد الرب. فتعال اختبر محبة الله لتعيش حياة النصرة مع شخص الرب يسوع المسيح.

ذكر ماكس لوكايدو Max Lucado في إحدى كُتبه، أنه ذهبَ في يومٍ ما يتمشى بين المقابر، وتطلّع على ما يَكتب الناس عليها، فوجدَ مكتوباً على ضريح مقبرة لامرأة تُدعى جريس سميث ماتت منذ حوالي ٥٠ سنة:

"أحبَّتْ ولم تُحَبّ. أَعطَتْ ولم تُعطَ. خَدمتْ ولم تُخْدَمْ. وفي النهاية ماتت وحيدة".

قال: آه، لو عرفت هذه المرأة الرب لكتبت الآتي:

"أحبَّتْ لأنها نالت حبّاً كثيراً. أَعطت لأنها أُعْطِيت كثيراً. خدمت لأنها خُدِمَتْ كثيراً. وفي النهاية لم تمت وحيدة بل كان الرب معها".

أخي القارئ، تعال إلى الرب بتوبة حقيقية، وسلم له قلبك بالتمام فينقلك من الموت الأكيد، ومن الحضيض والحزن الشديد، إلى حياة القيامة المجيدة والسعيدة.

المجموعة: 201004