تموز July 2010

هي سيدة باكستانية من عائلة عريقة... حاصلة على ثقافة عالية. طُلِّقَت من زوجها - الذي كان أحد وزراء الباكستان - وعاشت منعزلة مع حفيدها محمود في منزل والدها تدير ممتلكاته. لم تجد السيدة بلقيس السلام القلبي وسكينة النفس والاستقرار الروحي، فسعت إلى معرفة الحقيقة. فطالعت الكتاب المقدس والتقت بالمسيح واهتدت إلى الحياة الحق بشكل غير مألوف... حصلت على اختبارات روحية عن طريق الرؤى الإلهية والأحلام... مما قادها إلى الإيمان العميق.
 في مذكراتها، كتبت الشيخة بلقيس تحت عنوان "تجاسرت على أن أناديه أبي" تقول:
 "انتابني شعور غريب ذات مساء وأنا جالسة في حديقة منزلي. شعرت فجأة أن شيئاً غريباً أخذ يمسّ رأسي ثم غمرتني غمامة باردة من الضباب. ذعرت فأسرعت إلى داخل المنزل وإذا بي أحسّ بلمسة غريبة تمسّ يدي اليمنى... دخلت المنزل وأنا أصرخ وأغلقت ورائي الباب. تحدثت مع الجاريتين ”نورجان“ وهي مسلمة، وريشام وهي ”مسيحية“ وأخبرتهما بما حدث. اقترحت نورجان استدعاء إمام المسجد فرفضت. تناولت القرآن الكريم وقلّبت بعض صفحاته. في الصباح علمت بخبر مقتل فتاة أصبحت مسيحية، يبدو أن أخاها قتلها عندما علم أنها تعمدت بالماء بعد أن غيّرت دينها. كان هذا شائعاً لكل من يترك الإسلام في بلدنا.
 "أنا منحدرة من عائلة إسلامية محافظة. كان زوجي خالد وزيراً من وزراء الباكستان - انفصلت عنه منذ خمس سنوات. كنت أتسلّى برعاية حديقة المنزل التي تبلغ مساحتها اثني عشر فداناً. أما تسليتي الكبرى فكان حفيدي محمود - 4 سنوات - الذي تبنّيته وهو لم يتجاوز العام بعد انفصال ابنتي عن زوجها.
 ”ذات يوم رفض محمود أن يتناول شيئاً من الطعام، وبعد مجادلات مع نورجان وافقت على استدعاء الإمام. عندما حضر تلا بعض الآيات الكريمة وطلب مني أن أعيد تلاوتها فرفضت قائلة: إن الله نسيني وأنا بدوري نسيته... وأخيراً اضطررت إلى قراءتها. بعد تلك الاختبارات وجدت نفسي مدفوعة إلى قراءة القرآن لعلي أجد تفسيراً لما حدث لي. أخيراً، لما قرأت من سورة مريم عن يسوع بن مريم دُهشت... لأن القرآن يعترف بأنه وُلد من عذراء وأنه من روح الله. ثم قررت أن أقرأ تلك الكتب المقدسة التي أشار إليها القرآن الكريم.
 ”لكن كيف أحصل على نسخة من الكتاب المقدس؟ طلبتُ من سائقي منصور أن يحضرها لي من أحد المقيمين الأجانب في بلادنا الباكستان، فكان يراوغ، لكنني هددته بالطرد، وأخيراً أحضر لي نسخة مطبوعة بإحدى اللغات الهندية. أول آية طالعتني في الكتاب كانت: سأدعو الذي ليس شعبي شعبي والتي ليست محبوبة محبوبة. ويكون في الموضع الذي قيل لهم فيه لستم شعبي أنه هناك يُدْعَون أبناء الله الحي. وهنا انتابتني رجفة. إن هذا يختلف عما جاء في القرآن الكريم، فالمسلمون يعرفون المسيح أنه مجرد إنسان وأنه لم يُصلب. بل شُبِّه لهم.
 ”في الليل أثناء نومي، حلمت حلماً، بدا لي كأنه حقيقي. ففي هذا الحلم: كنت جالسة أتناول العشاء مع شخص عرفت أنه يدعى يسوع وقد جاء ليزورني في بيتي. ثم رأيت نفسي على قمة جبل مع يوحنا المعمدان وسألته عن مكان يسوع. أفقت من حلمي منزعجة.
 ”وفي اليوم التالي قرأت قصة الزانية وكيف أن المسيح قال للذين أتوا لرجمها: من كان منكم بلا خطية فليرمها أولا بحجر. معنى هذا، أننا كلنا مذنبون ولا أحد منا بلا خطيئة.
 ”شعرت بسلام يغمر كياني، لم يكن لي به عهد في الماضي. أخذت السيارة، وذهبت إلى بعض الأصدقاء لاستشارتهم في بعض الأمور. هناك سألت مسز ميتشل عما إذا كانت تعرف شيئاً عن الله، فقالت لي: أخشى أنني لا أعرف الكثير عن الله، لكني أعرفه شخصياً، وأضافت: أنا أعرف المسيح وهو ابن الله جاء إلى عالمنا في شكل إنسان، فهو الإله المتجسد، وعن طريقه نحن نعرف الله معرفة شخصية. طلبت منها الصلاة من أجلي... فصلت لي، وأعطتني كتاباً مقدساً بلغة حديثة، ونصحتني أن أبدأ بقراءة إنجيل يوحنا، وقالت لي: جميل أن يكون حلم قد قادك إليّ. إن الله يتكلم كثيراً لأتباعه وبنيه عن طريق الرؤى والأحلام. ثم سألتها: هل هناك علاقة بين الرائحة الذكية وقارورة العطور التي تراءت في حلم، وبين يسوع المسيح ورائحته الذكية؟ فأرشدتني إلى آية تقول: شكراً لله الذي يقودنا في موكب نصرته في المسيح كل حين، ويظهر بنا رائحة معرفته في كل مكان.
 ”في اليوم التالي وجدت في الكتاب المقدس مكان قارورة الطيب التي رأيتها في الحلم، وشعرت برائحة عطرة، وهكذا وجدت أن كلمة الله ستنتشر في كل أرجاء العالم، وأن رائحتها الطيبة ستشمل الجميع. جاءت مسز ميتشيل وزوجها لزيارتي فسألتهم عن السر في تسمية المسيح بابن الله لأن المسلمين يعتبرون هذا نوعاً من الشرك، وأن الله لم يكن له أولاد. فأوضح لي زوجها فكرة الثالوث بقوله: لنعتبر الله الشمس، لكن هذه الشمس تظهر بمظاهر ثلاثة، فهي نور وحرارة وإشعاع، وبهذه الإلفة الثلاثية تكون الشمس الواحدة.
 ”بقيت لوحدي بين الكتابين: القرآن الكريم والكتاب المقدس، اقرأ فيهما. في أحد الأيام انتاب محمود ألم في أذنه فذهبت به إلى المستشفى. هناك تقابلت مع راهبة، التي استغربت وجود الكتاب المقدس معي، فقلت لها: إني أسعى جاهدة لمعرفة الله. قالت لي: في وسعك معرفة الله شخصياً إذا سعيت إلى ذلك. قلت لها: هل أتحدث مع الله كأبي؟ هزت هذه الفكرة كياني. فحص الأطباء محمود ولم يجدوا فيه شيئاً. وفي أثناء عودتنا كنت أفكر. قلما يفكر المسلمون أن الله هو أبوهم السماوي. ومنذ طفولتي علموني أن أحسن طريقة لإرضاء الله، هي أن أقوم بأداء الفروض الدينية... أصلي خمس مرات في اليوم وأقرأ القرآن الكريم، لكن هذه الأمور لم تقدني لمعرفة الله شخصياً.
 ”في ذكرى عيد ميلادي، فكرت في والدي وكيف كان يحنو عليّ، وشكرت الله من أجله، وشعرت بأني أتحدث مع أبي السماوي. وقلت في نفسي: لقد فقدت أبي الأرضي لكن بقي لي الآب السماوي. وفجأة أبرقت شعاعة من الرجاء أمامي، وقلت في نفسي: لماذا لا أفترض أن الله هو الآب العطوف عليّ، وعلى جميع الناس. فإذا كان أبي الأرضي يترك أشغاله ويصغي إليّ فلماذا لا يكون الآب السماوي مثله؟ الله هو آب الجميع. وللحال أصابتني رجفة. ركعت وبأسلوب رقيق دعوت الله أبي في صلاتي، وبدا كأنّ بركاناً تفجّر داخل كياني... وشعرت أنه سمعني.
 ”تناولت الإنجيل في اليوم التالي وقرأت فيه. تأثرت كثيراً عندما لاحظت أن الله كان يتكلم مع الناس عن طريق الرؤى والأحلام. ووجدت نفسي في مفترق الطرق: في قلبي عرفت أنه لا بد لي أن أسلم حياتي ليسوع، لكن الوسط الذي أعيش فيه كان ينصحني بأن أدير ظهري لإله المسيحيين وابنه يسوع. فكرت في أبنائي وعائلتي وماذا سيكون موقفهم مني، وقلقت من أجل الصغير. صرخت: يا إلهي، هل تريدني حقاً أن أترك عائلتي؟ في غمرة يأسي برزت أمامي هذه الآية: من أحب أباً أو أماً أكثر مني فلا يستحقني، التي دلت على عدم قبول أي حل وسط.
 ”ذات ليلة، وجدت نفسي مدفوعة لقراءة الكتاب المقدس. تأثرت من قول المسيح: هأنذا واقف على الباب وأقرع. إن سمع أحد صوتي وفتح الباب أدخل إليه وأتعشى معه وهو معي. ثم قلت: هذا تفسير لحلمي حيث تراءى لي المسيح وهو يتغدّى معي.
 ”عندئذ تساءلت: لماذا لا أرحّب بالملك السماوي أن يسكن معي دائماً؟ فجثوت على ركبتي وقلت: يا إلهي، ادخل إلى قلبي. وهكذا قبلت المسيح مخلصاً وسيداً لي وطلبت إرشاده.
 ”ثم قلت: عمِّدني يا أبي بروحك القدوس الطاهر. وقلت لا أريد أن أنهض من هذا المكان حتى أحصل على هذه المعمودية المباركة. وفجأة امتلأ قلبي بالخوف لأني شاهدت وجه الله وشعرت كأن نفسي تطهرت من أدرانها. وشاع الفرح في قلبي وتدفق اللطف على لساني، وخيم السلام والهدوء على البيت.
 ”بعدئذ أخذت أحظى بأحلام ورؤى. تغيرت حياتي وتعلمت ضبط النفس وطول البال. وفي الوقت نفسه كنت أخشى مقاطعة أهلي. لكن بعد أن حظيت بالحضرة الإلهية وجدت نفسي مستعدة لأن أعترف جهاراً بأني مسيحية غير مبالية بالنتائج، لأن الله سيقف إلى جانبي.
 ”وشعرت بضرورة أن أتعمد بالماء لإعلان إيماني بالمسيح بحضور الإخوة المؤمنين.
 ”عند عودتي بدأ توافد الأهل. وأول من زارني كانت عمتي وسألتني إن كنت قد أصبحت مسيحية، وأكّدت لها الخبر! فخرجت حزينة. طلبت من الله أن يحميها.
 ”صليت أيضًا من أجل ابن عمي إسلام الذي جاء لزيارتي. وفي اليوم التالي أخبرت ابني خالد وابنتي توني بنبأ تعميدي. ثم انهالت عليّ المكالمات للتأكد من صحة الخبر. قلت لنفسي: لِمَ كل هذه الضجة؟
 ”ثم اتصلت بي ابنتي توني والدة محمود لتخبرني بأن والد محمود يفكر في أخذ الصبي.
 ”توالت عليّ فيما بعد المكالمات الهاتفية والرسائل التي تحمل التهديد والإنذار. وحضر القائد عامر وهو صديق لي وأخبرني أن عدداً من المتعصبين للدين يخططون لقتلي. تجرّدت من القلق والاضطراب لأني كنت مسلِّمة كل أموري لأبي السماوي. ومع ازدياد الضغط العائلي تذكرت قول النبي داود: أما أنت يا رب فترس لي، مجدي ورافع رأسي.
 ”كنت أقرأ الكتاب المقدس فأشعر بالدفء وأن الله قريب مني ويتحدث إليّ. وقد عوّضني الله بأصدقاء مسيحيين مخلصين، وفتحت منزلي للاجتماعات التي أسعدتني. سمعت صوت أبي السماوي يقول: لقد عملتِ الشيء الصحيح يا بلقيس وتأكدي أني معك دائماً.
 ”قاطعني أهلي، حتى الخدم المسيحيين الذين كانوا في خدمتي ومن بينهم منصور السائق تركوا خدمتي باستثناء ريشام خوفاً من بعض العواقب المنتظرة. تركت لريشام حرية البقاء معي أو تركي، ففضلت البقاء.
 ”وقال لي صديق: ما رأيك أن تبقي مسيحية سراً؟ فرفضت وقلت: إن استدعت الأمور أن أموت فدعوني أموت صادقة وأمينة. وبرزت أمامي هذه الآية: كل من يعترف بي قدام الناس اعترف أنا أيضاً به قدام أبي الذي في السموات.
 ”علمت بنبأ وفاة كريم ابن عمي ذات يوم، وأحسست أن الله يريدني أن أحضر الجنازة. أطعت وذهبت إلى بيت الفقيد، وهناك رفعت صلاة خاصة لأبي السماوي قائلة: يا يسوع كن معي. تقدمت إلى أرملة الفقيد وعزيتها، ودنوت من أم كريم لتعزيتها فتأكدت أن المسيح كان حاضراً وعزّى قلبها الحزين. كنت أطيع صوت الله فأذهب إلى الأماكن التي يريدني أن أذهب إليها، على أن أجعل حضوري شاهداً أميناً على إيماني. بعد عدة أيام حضرت عندي أم كريم وقالت لي: إن وجودك في الجنازة كان سبب تعزية كبيرة لي، لقد شعرت أن شيئاً جديداً تسرّب إلى حياتي. وهنا حدثتها عن المسيح وعما فعله في حياتي.
 ”ثم جاءني زائر إنجليزي ترك دينه واعتنق الإسلام. قال لي: إني أتعجب كيف أن مسلماً يعتنق المسيحية ولا سيما أن كتابهم المقدس مترجم وقد تغير وتبدّل على مرّ الأجيال! قلت له: هل يستطيع أحد أن يدلني على الفصول التي تغيرت أو بُدِّلت. في المتحف البريطاني توجد نسخة قديمة منه يرجع تاريخها إلى 300 سنة قبل الإسلام وتطابق الكتاب المقدس الموجود بين أيدينا الآن ولا شيء قد تغيّر. إن هذا الكتاب هو كلمة الله الحية وهو يغذي روحي.
 ”بعد ذلك جاءني شخص آخر ليتحاجج فيما يتعلق بالثالوث الأقدس، فقلت له: ألا تذكر المتنسك الهندي الشهير ساهو سندر الذي تراءى له المسيح في رؤيا وفسّر له معنى الثالوث، واهتدى سندر إلى المسيحية بعد أن كان من الهنود السيخ المتعصبين؟
 ”التفسير هو أن الشمس واحدة لكنها هي مصدر للنور والحرارة. وإن كانت الشمس هي التي تعطي النور والحرارة إلا أن الحرارة ليست نوراً ولا النور حرارة، لأن لكل منهما شكل وعمل خاص. هكذا في فكرة الثالوث الأقدس هناك الله والمسيح والروح القدس، والثالوث ليس ثلاثة أشخاص بل أقانيم ثلاثة في شخص الله.
 ”ذات يوم، كان لديّ دافع قوي بأن أترك البيت وأنزل إلى الحديقة. لم أكن أعرف السبب في هذا الإحساس القوي. أيقظت محمود وأسرعت به إلى الخارج. وبمجرد نزولنا استنشقت رائحة دخان كثيف، وفوجئت بأكوام من أغصان الصنوبر مشتعلة قرب باب المنزل، واللهب القوي يكاد يصل إلى أعلى المبنى. صرخت فحضر الخدم وأخمدوا النيران بعد جهود جبارة. عدت إلى غرفتي أقرأ في الكتاب المقدس فطالعتني هذه الآية: أسرع اهرب إلى هناك لأني لن أعمل شيئاً حتى تجيء إلى هناك. ”فصليت وطلبت إرشاد الله.
 ”ثم اضطررت إلى ترك باكستان. ولقد حزنت لترك بلدي وأسرتي، لكن ما دامت هذه هي إرادة الله فلا بد أن أطيع. وسعدت لأن الله أبقى محموداً معي ولم يأخذوه مني.
 ”مددت يدي إلى الله ليقودني ويرشدني الطريق. لإنه حمايتي وفرحي.
 ”قلت في نفسي: شكراً لك يا إلهي لأنك جعلتني أسافر معك. لقد أرادني الله هناك فأطعت. هذا ما أوضحه لي بطرق مختلفة فلا بد أن أسير في الطريق الذي يقودني فيه. وما دام يسوع معي فهو يرتب لي كل أمور حياتي.
 ”والآن كل ما أعرفه هو أن الله يريدني أن أشهد له بأمانة وإخلاص، وعليّ أن أطيع الله.

المجموعة: 201007