أذار March 2011

قال المسيح لتلاميذه الذين يمثلون المسيحيين: "أنتم نور العالم" (متى 14:5). وأجدني مضطرًا قبل الاستطراد في كتابة هذه الرسالة، أن أقوم بتعريف من هم "المسيحيون"، وأقول إن المسيحيين ليسوا هم الكاثوليك، أو الأرثوذكس أو المعمدانيين، أو الرسوليين، أو أعضاء كنائس الإخوة "الپليموث"، أو الإخوة المرحبين، أو المنتمين إلى شتى الطوائف التي تُدعى مسيحية.

المسيحيون الذين أتحدث عنهم في هذه الرسالة، هم الذين دعاهم الروح القدس، وآمنوا بالرب يسوع مخلصًا وربًا، ووُلدوا ثانية بعمل كلمة الله وروح الله، ويشهد الروح القدس لأرواحهم أنهم أولاد الله، وسكن فيهم الروح القدس وختمهم. غير هؤلاء من الذين يُدعون مسيحيين هم غيوم بلا ماء تحملها الرياح... أشجار خريفية بلا ثمر... نجوم تائهة.

إلى هؤلاء المسيحيين الذين نالوا الحياة الأبدية، قال الرب يسوع: "أنتم نورالعالم... فليضئ نوركم هكذا قدّام الناس لكي يروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذي في السماوات" (متى 14:5 ،16).

المسيحيون الحقيقيون هم نور العالم المظلم الشرير.

1- المسيحيون هم نور العالم بخدماتهم الإنسانية

بينما كان العالم غارقًا في وثنيته، وقبائحه... قام المسيحيون بإنشاء المدارس، والمستشفيات، والملاجئ... وأقرب مثال على ما أقول هو ما قام به "جورج مولر" وملجأه الكبير في إنجلترا في إيواء مئات اليتامى والعناية بهم وتعليمهم، وما قامت به "ليليان تراشر" التي ضحّت بالزواج، واستقرت في مصر، وبنت ملجأها في مدينة أسيوط، وأخرجت من اليتامى جواهر في كل فرع من فروع العلوم.

ومن جهة العناية بالمرضى، لدينا "فلورنس نايتنجايل" التي أطلقوا عليها اسم "ملاك المستشفيات" والتي ضربت مثالاً باهرًا لمهنة التمريض.

والتفت يمينًا ويسارًا وأنت تجد أن المسيحيين كانوا وما زالوا نور العالم بخدماتهم الإنسانية في كل مكان يحتاج الناس فيه إلى خدمتهم ومعونتهم.

2- المسيحيون هم نور العالم باكتشافاتهم العلمية والطبية

نظرة محايدة ترينا أن المسيحيين أناروا العالم باكتشافاتهم العلمية.

"توماس أديسون" صنع المصباح الكهربائي، فأضاء الشوارع المظلمة، والبيوت المعتمة، وأعطى للناس نورًا يضيء ظلمات بلادهم.

"لويس باستور" (1822-1895) الذي كان مسيحيًا، قدّم أبحاثه عن التعقيم، والأمصال، وأنقذ الملايين من الإصابة بالدفتيريا، والجدري، وسعار الكلَب، وغيرها من الأمراض.

"إسحاق نيوتن" صاحب نظرية التفاضل والتكامل.

"مايكل فاراداي" مكتشف المغناطيسية والكهربية.

"جيمس باسكال" مكتشف علم توازن السوائل الساكنة.

والقائمة تطول إذا ذكرنا جوزيف لستر، وجوهانز كبلر، وروبرت بويل، وجورج كوفير، وتشارلس بابديچ مكتشف علم الكمبيوتر وغيرهم من الذين صنعوا السيارات، والطائرات والتليفون، والتلغراف، والأشعة فوق البنفسجية.

وباختصار، إنه لا يستطيع أحد أن ينكر أن المسيحيين هم نور العالم باكتشافاتهم العلمية والطبية.

3- المسيحيون هم نور العالم بحياتهم النقية

قال المسيح لتلاميذه: "فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ" (متى 16:5).

وقال بولس الرسول للمؤمنين في فيلبي: "اِفْعَلُوا كُلَّ شَيْءٍ بِلاَ دَمْدَمَةٍ وَلاَ مُجَادَلَةٍ، لِكَيْ تَكُونُوا بِلاَ لَوْمٍ، وَبُسَطَاءَ، أَوْلاَدًا ِللهِ بِلاَ عَيْبٍ فِي وَسَطِ جِيل مُعَوَّجٍ وَمُلْتَوٍ، تُضِيئُونَ بَيْنَهُمْ كَأَنْوَارٍ فِي الْعَالَمِ" (فيلبي 14:2-15).

وقال للمؤمنين في افسس: "فَكُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِاللهِ كَأَوْلاَدٍ أَحِبَّاءَ، وَاسْلُكُوا فِي الْمَحَبَّةِ كَمَا أَحَبَّنَا الْمَسِيحُ أَيْضًا وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، قُرْبَانًا وَذَبِيحَةً للهِ رَائِحَةً طَيِّبَةً.

"وَأَمَّا الزِّنَا وَكُلُّ نَجَاسَةٍ أَوْ طَمَعٍ فَلاَ يُسَمَّ بَيْنَكُمْ كَمَا يَلِيقُ بِقِدِّيسِينَ، وَلاَ الْقَبَاحَةُ، وَلاَ كَلاَمُ السَّفَاهَةِ، وَالْهَزْلُ الَّتِي لاَ تَلِيقُ، بَلْ بِالْحَرِيِّ الشُّكْرُ. فَإِنَّكُمْ تَعْلَمُونَ هذَا أَنَّ كُلَّ زَانٍ أَوْ نَجِسٍ أَوْ طَمَّاعٍ­ الَّذِي هُوَ عَابِدٌ لِلأَوْثَانِ­ لَيْسَ لَهُ مِيرَاثٌ فِي مَلَكُوتِ الْمَسِيحِ وَاللهِ. لاَ يَغُرَّكُمْ أَحَدٌ بِكَلاَمٍ بَاطِل، لأَنَّهُ بِسَبَبِ هذِهِ الأُمُورِ يَأْتِي غَضَبُ اللهِ عَلَى أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ. فَلاَ تَكُونُوا شُرَكَاءَهُمْ. لأَنَّكُمْ كُنْتُمْ قَبْلاً ظُلْمَةً، وَأَمَّا الآنَ فَنُورٌ فِي الرَّبِّ. اسْلُكُوا كَأَوْلاَدِ نُورٍ. لأَنَّ ثَمَرَ الرُّوحِ هُوَ فِي كُلِّ صَلاَحٍ وَبِرّ وَحَقّ. مُخْتَبِرِينَ مَا هُوَ مَرْضِيٌّ عِنْدَ الرَّبِّ. وَلاَ تَشْتَرِكُوا فِي أَعْمَالِ الظُّلْمَةِ غَيْرِ الْمُثْمِرَةِ بَلْ بِالْحَرِيِّ وَبِّخُوهَا. لأَنَّ الأُمُورَ الْحَادِثَةَ مِنْهُمْ سِرًّا، ذِكْرُهَا أَيْضًا قَبِيحٌ. وَلكِنَّ الْكُلَّ إِذَا تَوَبَّخَ يُظْهَرُ بِالنُّورِ. لأَنَّ كُلَّ مَا أُظْهِرَ فَهُوَ نُورٌ. لِذلِكَ يَقُولُ: «اسْتَيْقِظْ أَيُّهَا النَّائِمُ وَقُمْ مِنَ الأَمْوَاتِ فَيُضِيءَ لَكَ الْمَسِيحُ».

"فَانْظُرُوا كَيْفَ تَسْلُكُونَ بِالتَّدْقِيقِ، لاَ كَجُهَلاَءَ بَلْ كَحُكَمَاءَ، مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ لأَنَّ الأَيَّامَ شِرِّيرَةٌ. مِنْ أَجْلِ ذلِكَ لاَ تَكُونُوا أَغْبِيَاءَ بَلْ فَاهِمِينَ مَا هِيَ مَشِيئَةُ الرَّبِّ. وَلاَ تَسْكَرُوا بِالْخَمْرِ الَّذِي فِيهِ الْخَلاَعَةُ، بَلِ امْتَلِئُوا بِالرُّوحِ، مُكَلِّمِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِمَزَامِيرَ وَتَسَابِيحَ وَأَغَانِيَّ رُوحِيَّةٍ، مُتَرَنِّمِينَ وَمُرَتِّلِينَ فِي قُلُوبِكُمْ لِلرَّبِّ. شَاكِرِينَ كُلَّ حِينٍ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فِي اسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، ِللهِ وَالآبِ" (أفسس 1:5-20).

هذه هي صورة الحياة النقية، حياة المؤمنين الحقيقيين الذين امتلأوا بالروح، وأعطوه السيادة الكاملة على حياتهم. وبهذه الصورة المنيرة هم نورالعالم.

4- المسيحيون هم نور العالم بشهادتهم المسيحية

كان يجب أن أضع هذه النقطة في المقدمة، ولكنني وضعتها هنا لتبقى في ذهن القارئ.

قال الرب يسوع لتلاميذه: "لكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ" (أعمال 8:1).

المسيحيون هم شهود للمسيح... شهود لموته على الصليب، ودفنه، وقيامته، ولاهوته. وهذا هو إنجيل المسيح كما نادى به الرسل الأولون.

وهذه كلمات بولس الرسول: "وَأُعَرِّفُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِالإِنْجِيلِ الَّذِي بَشَّرْتُكُمْ بِهِ، وَقَبِلْتُمُوهُ، وَتَقُومُونَ فِيهِ، وَبِهِ أَيْضًا تَخْلُصُونَ... أَنَّ الْمَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا حَسَبَ الْكُتُبِ، وَأَنَّهُ دُفِنَ، وَأَنَّهُ قَامَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ حَسَبَ الْكُتُبِ" (1كورنثوس 1:15-4).

في موت المسيح، ودفنه، وقيامته نرى إتمام نبوات الأنبياء عنه، فكل ما حدث في مشهد الصلب كان إتمامًا لنبوات الأنبياء... كان حسب الكتب. وهذا هو الإنجيل الذي يقول عنه بولس أيضًا: "لأَنِّي لَسْتُ أَسْتَحِي بِإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ، لأَنَّهُ قُوَّةُ اللهِ لِلْخَلاَصِ لِكُلِّ مَنْ يُؤْمِنُ: لِلْيَهُودِيِّ أَوَّلاً ثُمَّ لِلْيُونَانِيِّ" (رومية 16:1).

الإنجيل هو قوة الله للخلاص، والمسيحيون ليسوا في حاجة إلى سيف، أو إرهاب لإرغام الناس على الإيمان بالمسيح، إن الإنجيل فيه القوة المقنعة للناس بعمل الروح القدس.

والإنجيل هو مصدر النور كما كتب بولس الرسول إلى تيموثاوس: "فَلاَ تَخْجَلْ بِشَهَادَةِ رَبِّنَا... بَلِ اشْتَرِكْ فِي احْتِمَالِ الْمَشَقَّاتِ لأَجْلِ الإِنْجِيلِ بِحَسَبِ قُوَّةِ اللهِ، الَّذِي خَلَّصَنَا وَدَعَانَا دَعْوَةً مُقَدَّسَةً، لاَ بِمُقْتَضَى أَعْمَالِنَا، بَلْ بِمُقْتَضَى الْقَصْدِ وَالنِّعْمَةِ الَّتِي أُعْطِيَتْ لَنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَبْلَ الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ، وَإِنَّمَا أُظْهِرَتِ الآنَ بِظُهُورِ مُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي أَبْطَلَ الْمَوْتَ وَأَنَارَ الْحَيَاةَ وَالْخُلُودَ بِوَاسِطَةِ الإِنْجِيلِ" (2تيموثاوس 8:1-10).

عندما ظهر الرب يسوع لشاول الطرسوسي الذي صار اسمه "بولس الرسول" والذي كان مجدّفًا ومضطهدًا ومفتريًا على المسيحيين، قال له: "لأَنِّي لِهذَا ظَهَرْتُ لَكَ، لأَنْتَخِبَكَ خَادِمًا وَشَاهِدًا بِمَا رَأَيْتَ وَبِمَا سَأَظْهَرُ لَكَ بِهِ، مُنْقِذًا إِيَّاكَ مِنَ الشَّعْبِ وَمِنَ الأُمَمِ الَّذِينَ أَنَا الآنَ أُرْسِلُكَ إِلَيْهِمْ، لِتَفْتَحَ عُيُونَهُمْ كَيْ يَرْجِعُوا مِنْ ظُلُمَاتٍ إِلَى نُورٍ، وَمِنْ سُلْطَانِ الشَّيْطَانِ إِلَى اللهِ، حَتَّى يَنَالُوا بِالإِيمَانِ بِي غُفْرَانَ الْخَطَايَا وَنَصِيبًا مَعَ الْمُقَدَّسِينَ" (أعمال 16:26-18).

أينما آمن الناس إيمانًا قلبيًا بإنجيل المسيح، نقلهم الإيمان بالإنجيل من ظلمات الوثنية، والتعصّب الأعمى للأديان الإنسانية والشيطانية إلى نور المسيح، الذي قال وهو الصادق الأمين: "أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ" (يوحنا 12:8).

ويأسف المرء إذ يرى أن ملايين الناس في العالم يرفضون رسالة الإنجيل، والسبب ذكره بولس الرسول بكلماته: "وَلكِنْ إِنْ كَانَ إِنْجِيلُنَا مَكْتُومًا، فَإِنَّمَا هُوَ مَكْتُومٌ فِي الْهَالِكِينَ، الَّذِينَ فِيهِمْ إِلهُ هذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لِئَلاَّ تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ الْمَسِيحِ، الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ" (2كورنثوس 3:4-4).

هؤلاء الرافضين أعمى الشيطان أذهانهم ودفعهم لرفض رسالة الإنجيل.. رسالة النور.

أعود مكرّرًا:

المسيحيون هم نور العالم بخدماتهم الإنسانية.

المسيحيون هم نور العالم باكتشافاتهم العلمية والطبية.

المسيحيون هم نور العالم بحياتهم النقية.

المسيحيون هم نور العالم بشهادتهم المسيحية.

فلنذكر دائمًا أن المسيحيين الذين ذكرت أوصافهم هم نور العالم.

المجموعة: 201103