آب Agust 2012

الدكتور القس لبيب ميخائيللأنني الآن في الثانية والتسعين من عمري، أصبح تفكيري في السماء ومن في السماء أكثر بكثير من تفكيري في تفاهات الأرض... فالأرض وكل إنجازاتي فيها ستنتهي بموتي، والذين يعرفونني لن يذكروني إلا لفترة قصيرة من الزمن، وهذا ما قاله الملك سليمان:

"لَيْسَ ذِكْرٌ لِلأَوَّلِينَ. وَالآخِرُونَ أَيْضًا الَّذِينَ سَيَكُونُونَ، لاَ يَكُونُ لَهُمْ ذِكْرٌ عِنْدَ الَّذِينَ يَكُونُونَ بَعْدَهُمْ" (جامعة 11:1).

من هنا تتجسد أمامي كلمات بولس الرسول: "فَإِنْ كُنْتُمْ قَدْ قُمْتُمْ مَعَ الْمَسِيحِ فَاطْلُبُوا مَا فَوْقُ، حَيْثُ الْمَسِيحُ جَالِسٌ عَنْ يَمِينِ اللهِ. اهْتَمُّوا بِمَا فَوْقُ لاَ بِمَا عَلَى الأَرْضِ، لأَنَّكُمْ قَدْ مُتُّمْ وَحَيَاتُكُمْ مُسْتَتِرَةٌ مَعَ الْمَسِيحِ فِي اللهِ. مَتَى أُظْهِرَ الْمَسِيحُ حَيَاتُنَا، فَحِينَئِذٍ تُظْهَرُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا مَعَهُ فِي الْمَجْدِ" (كولوسي 1:3-4).

فيا قارئي الكريم، تعال معي الآن لرحلة إلى فوق... إلى السماء!

1- في بداية هذه الرحلة نرى الله العظيم على كرسيه في السماء

"لا تحلفوا البتة. لا بالسماء لأنها كرسي الله" (متى 34:5).

وإلى هذا الإله العظيم يصلي المؤمنون، "فصلوا أنتم هكذا: أبانا الذي في السماوات" (متى 9:6).

ومن بداية سفر التكوين نعرف أن الله خلق سماوات كثيرة بينما خلق أرضًا واحدة "في البدء خلق الله السماوات والأرض" (تكوين 1:1). وقد ذكر الملك سليمان هذا الحق في صلاته عند تدشين الهيكل الذي بناه فقال: "هَلْ يَسْكُنُ اللهُ حَقًّا عَلَى الأَرْضِ؟ هُوَذَا السَّمَاوَاتُ وَسَمَاءُ السَّمَاوَاتِ لاَ تَسَعُكَ، فَكَمْ بِالأَقَلِّ هذَا الْبَيْتُ الَّذِي بَنَيْتُ؟" (1ملوك 27:8). واضح أن هناك أكثر من سماء!

ومع أن الله ثبّت كرسيه في السماوات كما يقول داود النبي، "الرب في السماوات ثبّت كرسيه ومملكته على الكل تسود" (مزمور 19:103)، إلا أنه مطلق الوجود... أي موجود في كل مكان.

2- الملائكة القديسون يسكنون السماء

قال يسوع للصدوقيين: "في القيامة لا يزوِّجون ولا يتزوَّجون، بل يكونون كملائكة الله في السماء" (متى 30:22).

فالسماء تذخر بالملائكة القديسين... والله في حكمته خصص للملائكة خدمات مختلفة:

· هناك ملائكة متخصصون لخدمة الصغار.

"اُنْظُرُوا، لاَ تَحْتَقِرُوا أَحَدَ هؤُلاَءِ الصِّغَارِ، لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلاَئِكَتَهُمْ فِي السَّمَاوَاتِ كُلَّ حِينٍ يَنْظُرُونَ وَجْهَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ" (متى 10:18).

· وهناك ملائكة متخصصون لخدمة المؤمنين وحمايتهم من الأخطار.

"ملاك الرب حالّ حول خائفيه، وينجيهم" (مزمور 7:34).

"لأَنَّكَ قُلْتَ: «أَنْتَ يَا رَبُّ مَلْجَإِي». جَعَلْتَ الْعَلِيَّ مَسْكَنَكَ، لاَ يُلاَقِيكَ شَرٌّ، وَلاَ تَدْنُو ضَرْبَةٌ مِنْ خَيْمَتِكَ. لأَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ لِكَيْ يَحْفَظُوكَ فِي كُلِّ طُرُقِكَ" (مزمور 9:91-11).

· وهناك ملائكة متخصصون لتنفيذ أوامر الله بمجرد أن يصدرها لهم.

"بَارِكُوا الرَّبَّ يَا مَلاَئِكَتَهُ الْمُقْتَدِرِينَ قُوَّةً، الْفَاعِلِينَ أَمْرَهُ عِنْدَ سَمَاعِ صَوْتِ كَلاَمِهِ" (مزمور 20:103).

وقد أمر الرب ملاكًا واحدًا ليهلك كل جيش ملك أشور ونفذ الملاك الأمر الإلهي، "وَكَانَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ خَرَجَ وَضَرَبَ مِنْ جَيْشِ أَشُّورَ مِئَةَ أَلْفٍ وَخَمْسَةً وَثَمَانِينَ أَلْفًا. وَلَمَّا بَكَّرُوا صَبَاحًا إِذَا هُمْ جَمِيعًا جُثَثٌ مَيْتَةٌ. فَانْصَرَفَ سَنْحَارِيبُ مَلِكُ أَشُّورَ وَذَهَبَ رَاجِعًا وَأَقَامَ فِي نِينَوَى" (2ملوك 35:19-36).

وفي سفر رؤيا يوحنا يقوم الملائكة بدور حاسم في أحداث الأيام الأخيرة:

· فهناك ملاك مختص بسكب غضب الله على الأرض (رؤيا 2:16).

· وهناك ملاك مختص بسكب غضب الله على البحر (رؤيا 3:16).

· وهناك ملاك مختص بسكب غضب الله على الأنهار وينابيع المياه (رؤيا 4:16).

· وهناك ملاك مختص بسكب غضب الله على الشمس (رؤيا 8:16).

· وهناك ملاك مختص بسكب غضب الله على عرش الوحش (رؤيا 10:16).

· وهناك ملاك مختص بسكب غضب الله على النهر الكبير الفرات (رؤيا 12:16).

· وهناك ملاك مختص بسكب غضب الله على الهواء (رؤيا 17:16).

· وهناك ملاك سيقوم بالقبض على إبليس وطرحه في الهاوية حيث يبقى ألف سنة (رؤيا 1:20-3).

وهكذا نرى حركة الملائكة في السماء حتى نهاية السفر.

3- اجتماعات السماء

نأتي الآن إلى الاجتماعات التي تُعقد في السماء، وكلها مختصة بأمور تتعلق بسكان الأرض.

1- اجتماع بخصوص أيوب

"وَكَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَنَّهُ جَاءَ بَنُو اللهِ لِيَمْثُلُوا أَمَامَ الرَّبِّ، وَجَاءَ الشَّيْطَانُ أَيْضًا فِي وَسْطِهِمْ. فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: «مِنَ أَيْنَ جِئْتَ؟». فَأَجَابَ الشَّيْطَانُ الرَّبَّ وَقَالَ: «مِنْ الْجَوَلاَنِ فِي الأَرْضِ، وَمِنَ التَّمَشِّي فِيهَا». فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: «هَلْ جَعَلْتَ قَلْبَكَ عَلَى عَبْدِي أَيُّوبَ؟ لأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهُ فِي الأَرْضِ. رَجُلٌ كَامِلٌ وَمُسْتَقِيمٌ، يَتَّقِي اللهَ وَيَحِيدُ عَنِ الشَّرِّ»" (أيوب 6:1-8). وينتهي الحديث بين الرب والشيطان بتسليم ممتلكات أيوب للشيطان على أن لا يمد إليه يده...

2- اجتماع ثانٍ بخصوص أيوب

في هذا الاجتماع الثاني يسلم الرب للشيطان جسد أيوب بحدود أن يحفظ نفسه، فيضرب الشيطان أيوب بقرح رديء من باطن قدمه إلى هامته. وعلى القارئ أن يدرس ما دار في هذين الاجتماعين، ويرى بنفسه مدى عداء الشيطان للأتقياء الحقيقيين، والجوانب التي قد يسمح الرب فيها أن يؤذي الشيطان القديسين.

3- اجتماع بخصوص الملك أخآب

أقنع الملك أخآب "ملك إسرائيل"، يهوشافاط ملك يهوذا ليحاربا معًا ملك أرام للاستيلاء على راموت جلعاد، فقال يهوشافاط لأخآب: اسأل اليوم عن كلام الرب، "فَجَمَعَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ الأَنْبِيَاءَ، نَحْوَ أَرْبَعِ مِئَةِ رَجُل وَقَالَ لَهُمْ: «أَأَذْهَبُ إِلَى رَامُوتَ جِلْعَادَ لِلْقِتَالِ أَمْ أَمْتَنِعُ؟» فَقَالُوا: «اصْعَدْ فَيَدْفَعَهَا السَّيِّدُ لِيَدِ الْمَلِكِ»" (1ملوك 6:22).

لم يقتنع ملك يهوذا بكلام هؤلاء الأنبياء، فقال لملك إسرائيل: "أَمَا يُوجَدُ هُنَا بَعْدُ نَبِيٌّ لِلرَّبِّ فَنَسْأَلَ مِنْهُ؟» فَقَالَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ لِيَهُوشَافَاطَ: «إِنَّهُ يُوجَدُ بَعْدُ رَجُلٌ وَاحِدٌ لِسُؤَالِ الرَّبِّ بِهِ... هُوَ مِيخَا بْنُ يَمْلَةَ»" (1ملوك 7:22-8).

وأرسل الملك رسولاً أحضر "ميخا بن يملة"، ولما جاء قال للملك أخآب: "فَاسْمَعْ إِذًا كَلاَمَ الرَّبِّ: قَدْ رَأَيْتُ الرَّبَّ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَكُلُّ جُنْدِ السَّمَاءِ وُقُوفٌ لَدَيْهِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ. فَقَالَ الرَّبُّ: مَنْ يُغْوِي أَخْآبَ فَيَصْعَدَ وَيَسْقُطَ فِي رَامُوتَ جِلْعَادَ؟ فَقَالَ هذَا هكَذَا، وَقَالَ ذَاكَ هكَذَا. ثُمَّ خَرَجَ الرُّوحُ وَوَقَفَ أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ: أَنَا أُغْوِيهِ. وَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: بِمَاذَا؟ فَقَالَ: أَخْرُجُ وَأَكُونُ رُوحَ كَذِبٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ. فَقَالَ: إِنَّكَ تُغْوِيهِ وَتَقْتَدِرُ، فَاخْرُجْ وَافْعَلْ هكَذَا" (1ملوك 19:22-22).

4- أرواح القديسين في السماء

مع وجود الملائكة القديسين في السماء، فهناك أيضًا إبليس وملائكته الذين سيُطردون من السماء حين يأتي وقت طردهم.

"وَحَدَثَتْ حَرْبٌ فِي السَّمَاءِ: مِيخَائِيلُ وَمَلاَئِكَتُهُ حَارَبُوا التِّنِّينَ، وَحَارَبَ التِّنِّينُ وَمَلاَئِكَتُهُ وَلَمْ يَقْوَوْا، فَلَمْ يُوجَدْ مَكَانُهُمْ بَعْدَ ذلِكَ فِي السَّمَاءِ. فَطُرِحَ التِّنِّينُ الْعَظِيمُ، الْحَيَّةُ الْقَدِيمَةُ الْمَدْعُوُّ إِبْلِيسَ وَالشَّيْطَانَ، الَّذِي يُضِلُّ الْعَالَمَ كُلَّهُ، طُرِحَ إِلَى الأَرْضِ، وَطُرِحَتْ مَعَهُ مَلاَئِكَتُهُ. وَسَمِعْتُ صَوْتًا عَظِيمًا قَائِلاً فِي السَّمَاءِ: «الآنَ صَارَ خَلاَصُ إِلهِنَا وَقُدْرَتُهُ وَمُلْكُهُ وَسُلْطَانُ مَسِيحِهِ، لأَنَّهُ قَدْ طُرِحَ الْمُشْتَكِي عَلَى إِخْوَتِنَا، الَّذِي كَانَ يَشْتَكِي عَلَيْهِمْ أَمَامَ إِلهِنَا نَهَارًا وَلَيْلاً. وَهُمْ غَلَبُوهُ بِدَمِ الْخَرُوفِ وَبِكَلِمَةِ شَهَادَتِهِمْ، وَلَمْ يُحِبُّوا حَيَاتَهُمْ حَتَّى الْمَوْتِ" (رؤيا 7:12-11).

ونجد في هذه الكلمات التسميات المعطاة لإبليس:

فهو التنين العظيم وهو الحية القديمة وقد سُمي هكذا لأنه استخدم الحية في جنة عدن لغواية حواء وهو إبليس وهو الشيطان وهو الذي يضل العالم كله وهو المشتكي على المؤمنين. سيطرد الشيطان وملائكته من السماء ولن تكون هناك مصارعة بين المؤمنين وبين الرؤساء المعينين من الشيطان ولا مع السلاطين ولا مع ولاة العالم الذي ملأوه ظلمة ولا مع أجناد الشر الروحية في السماويات.

ومع وجود الملائكة بكل درجاتهم واختصاصاتهم، توجد أيضًا أرواح المؤمنين الحقيقيين، التي ستستمر هناك إلى وقت عودة المسيح وقيامتهم بالأجساد السماوية.

وعن وجود أرواح القديسين في السماء، يقول كاتب الرسالة إلى العبرانيين: "بَلْ قَدْ أَتَيْتُمْ إِلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ، وَإِلَى مَدِينَةِ اللهِ الْحَيِّ. أُورُشَلِيمَ السَّمَاوِيَّةِ، وَإِلَى رَبَوَاتٍ هُمْ مَحْفِلُ مَلاَئِكَةٍ، وَكَنِيسَةُ أَبْكَارٍ مَكْتُوبِينَ فِي السَّمَاوَاتِ، وَإِلَى اللهِ دَيَّانِ الْجَمِيعِ، وَإِلَى أَرْوَاحِ أَبْرَارٍ مُكَمَّلِينَ، وَإِلَى وَسِيطِ الْعَهْدِ الْجَدِيدِ، يَسُوعَ" (عبرانيين 22:12-24).

هذه هي السماء بوصفها الحالي، وأما بعدها فستأتي صورة أعظم جلالاً ومجدًا سجلها يوحنا في سفر الرؤيا بالكلمات:

"ثُمَّ رَأَيْتُ سَمَاءً جَدِيدَةً وَأَرْضًا جَدِيدَةً، لأَنَّ السَّمَاءَ الأُولَى وَالأَرْضَ الأُولَى مَضَتَا، وَالْبَحْرُ لاَ يُوجَدُ فِي مَا بَعْدُ. وَأَنَا يُوحَنَّا رَأَيْتُ الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ أُورُشَلِيمَ الْجَدِيدَةَ نَازِلَةً مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُهَيَّأَةً كَعَرُوسٍ مُزَيَّنَةٍ لِرَجُلِهَا. وَسَمِعْتُ صَوْتًا عَظِيمًا مِنَ السَّمَاءِ قَائِلاً:«هُوَذَا مَسْكَنُ اللهِ مَعَ النَّاسِ، وَهُوَ سَيَسْكُنُ مَعَهُمْ، وَهُمْ يَكُونُونَ لَهُ شَعْبًا، وَاللهُ نَفْسُهُ يَكُونُ مَعَهُمْ إِلهًا لَهُمْ. وَسَيَمْسَحُ اللهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ، وَالْمَوْتُ لاَ يَكُونُ فِي مَا بَعْدُ، وَلاَ يَكُونُ حُزْنٌ وَلاَ صُرَاخٌ وَلاَ وَجَعٌ فِي مَا بَعْدُ، لأَنَّ الأُمُورَ الأُولَى قَدْ مَضَتْ». وَقَالَ الْجَالِسُ عَلَى الْعَرْشِ:«هَا أَنَا أَصْنَعُ كُلَّ شَيْءٍ جَدِيدًا!». وَقَالَ لِيَ: «اكْتُبْ: فَإِنَّ هذِهِ الأَقْوَالَ صَادِقَةٌ وَأَمِينَةٌ». ثُمَّ قَالَ لِي:«قَدْ تَمَّ! أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ. أَنَا أُعْطِي الْعَطْشَانَ مِنْ يَنْبُوعِ مَاءِ الْحَيَاةِ مَجَّانًا. مَنْ يَغْلِبْ يَرِثْ كُلَّ شَيْءٍ، وَأَكُونُ لَهُ إِلهًا وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْنًا. وَأَمَّا الْخَائِفُونَ وَغَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ وَالرَّجِسُونَ وَالْقَاتِلُونَ وَالزُّنَاةُ وَالسَّحَرَةُ وَعَبَدَةُ الأَوْثَانِ وَجَمِيعُ الْكَذَبَةِ، فَنَصِيبُهُمْ فِي الْبُحَيْرَةِ الْمُتَّقِدَةِ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ، الَّذِي هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي»" (رؤيا 1:21-8).

إلى هذا المجد العتيد والمستقبل السعيد يتطلع المؤمنون قلبيًا بيسوع المصلوب.

لأنني الآن في الثانية والتسعين من عمري، أصبح تفكيري في السماء ومن في السماء أكثر بكثير من تفكيري في تفاهات الأرض... فالأرض وكل إنجازاتي فيها ستنتهي بموتي، والذين يعرفونني لن يذكروني إلا لفترة قصيرة من الزمن، وهذا ما قاله الملك سليمان:

"لَيْسَ ذِكْرٌ لِلأَوَّلِينَ. وَالآخِرُونَ أَيْضًا الَّذِينَ سَيَكُونُونَ، لاَ يَكُونُ لَهُمْ ذِكْرٌ عِنْدَ الَّذِينَ يَكُونُونَ بَعْدَهُمْ" (جامعة 11:1).

من هنا تتجسد أمامي كلمات بولس الرسول: "فَإِنْ كُنْتُمْ قَدْ قُمْتُمْ مَعَ الْمَسِيحِ فَاطْلُبُوا مَا فَوْقُ، حَيْثُ الْمَسِيحُ جَالِسٌ عَنْ يَمِينِ اللهِ. اهْتَمُّوا بِمَا فَوْقُ لاَ بِمَا عَلَى الأَرْضِ، لأَنَّكُمْ قَدْ مُتُّمْ وَحَيَاتُكُمْ مُسْتَتِرَةٌ مَعَ الْمَسِيحِ فِي اللهِ. مَتَى أُظْهِرَ الْمَسِيحُ حَيَاتُنَا، فَحِينَئِذٍ تُظْهَرُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا مَعَهُ فِي الْمَجْدِ" (كولوسي 1:3-4).

فيا قارئي الكريم، تعال معي الآن لرحلة إلى فوق... إلى السماء!

1- في بداية هذه الرحلة نرى الله العظيم على كرسيه في السماء

"لا تحلفوا البتة. لا بالسماء لأنها كرسي الله" (متى 34:5).

وإلى هذا الإله العظيم يصلي المؤمنون، "فصلوا أنتم هكذا: أبانا الذي في السماوات" (متى 9:6).

ومن بداية سفر التكوين نعرف أن الله خلق سماوات كثيرة بينما خلق أرضًا واحدة "في البدء خلق الله السماوات والأرض" (تكوين 1:1). وقد ذكر الملك سليمان هذا الحق في صلاته عند تدشين الهيكل الذي بناه فقال: "هَلْ يَسْكُنُ اللهُ حَقًّا عَلَى الأَرْضِ؟ هُوَذَا السَّمَاوَاتُ وَسَمَاءُ السَّمَاوَاتِ لاَ تَسَعُكَ، فَكَمْ بِالأَقَلِّ هذَا الْبَيْتُ الَّذِي بَنَيْتُ؟" (1ملوك 27:8). واضح أن هناك أكثر من سماء!

ومع أن الله ثبّت كرسيه في السماوات كما يقول داود النبي، "الرب في السماوات ثبّت كرسيه ومملكته على الكل تسود" (مزمور 19:103)، إلا أنه مطلق الوجود... أي موجود في كل مكان.

الملائكة القديسون يسكنون السماء

قال يسوع للصدوقيين: "في القيامة لا يزوِّجون ولا يتزوَّجون، بل يكونون كملائكة الله في السماء" (متى 30:22).

فالسماء تذخر بالملائكة القديسين... والله في حكمته خصص للملائكة خدمات مختلفة:

· هناك ملائكة متخصصون لخدمة الصغار.

"اُنْظُرُوا، لاَ تَحْتَقِرُوا أَحَدَ هؤُلاَءِ الصِّغَارِ، لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلاَئِكَتَهُمْ فِي السَّمَاوَاتِ كُلَّ حِينٍ يَنْظُرُونَ وَجْهَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ" (متى 10:18).

· وهناك ملائكة متخصصون لخدمة المؤمنين وحمايتهم من الأخطار.

"ملاك الرب حالّ حول خائفيه، وينجيهم" (مزمور 7:34).

"لأَنَّكَ قُلْتَ: «أَنْتَ يَا رَبُّ مَلْجَإِي». جَعَلْتَ الْعَلِيَّ مَسْكَنَكَ، لاَ يُلاَقِيكَ شَرٌّ، وَلاَ تَدْنُو ضَرْبَةٌ مِنْ خَيْمَتِكَ. لأَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ لِكَيْ يَحْفَظُوكَ فِي كُلِّ طُرُقِكَ" (مزمور 9:91-11).

· وهناك ملائكة متخصصون لتنفيذ أوامر الله بمجرد أن يصدرها لهم.

"بَارِكُوا الرَّبَّ يَا مَلاَئِكَتَهُ الْمُقْتَدِرِينَ قُوَّةً، الْفَاعِلِينَ أَمْرَهُ عِنْدَ سَمَاعِ صَوْتِ كَلاَمِهِ" (مزمور 20:103).

وقد أمر الرب ملاكًا واحدًا ليهلك كل جيش ملك أشور ونفذ الملاك الأمر الإلهي، "وَكَانَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ خَرَجَ وَضَرَبَ مِنْ جَيْشِ أَشُّورَ مِئَةَ أَلْفٍ وَخَمْسَةً وَثَمَانِينَ أَلْفًا. وَلَمَّا بَكَّرُوا صَبَاحًا إِذَا هُمْ جَمِيعًا جُثَثٌ مَيْتَةٌ. فَانْصَرَفَ سَنْحَارِيبُ مَلِكُ أَشُّورَ وَذَهَبَ رَاجِعًا وَأَقَامَ فِي نِينَوَى" (2ملوك 35:19-36).

وفي سفر رؤيا يوحنا يقوم الملائكة بدور حاسم في أحداث الأيام الأخيرة:

· فهناك ملاك مختص بسكب غضب الله على الأرض (رؤيا 2:16).

· وهناك ملاك مختص بسكب غضب الله على البحر (رؤيا 3:16).

· وهناك ملاك مختص بسكب غضب الله على الأنهار وينابيع المياه (رؤيا 4:16).

· وهناك ملاك مختص بسكب غضب الله على الشمس (رؤيا 8:16).

· وهناك ملاك مختص بسكب غضب الله على عرش الوحش (رؤيا 10:16).

· وهناك ملاك مختص بسكب غضب الله على النهر الكبير الفرات (رؤيا 12:16).

· وهناك ملاك مختص بسكب غضب الله على الهواء (رؤيا 17:16).

· وهناك ملاك سيقوم بالقبض على إبليس وطرحه في الهاوية حيث يبقى ألف سنة (رؤيا 1:20-3).

وهكذا نرى حركة الملائكة في السماء حتى نهاية السفر.

اجتماعات السماء

نأتي الآن إلى الاجتماعات التي تُعقد في السماء، وكلها مختصة بأمور تتعلق بسكان الأرض.

1- اجتماع بخصوص أيوب

"وَكَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَنَّهُ جَاءَ بَنُو اللهِ لِيَمْثُلُوا أَمَامَ الرَّبِّ، وَجَاءَ الشَّيْطَانُ أَيْضًا فِي وَسْطِهِمْ. فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: «مِنَ أَيْنَ جِئْتَ؟». فَأَجَابَ الشَّيْطَانُ الرَّبَّ وَقَالَ: «مِنْ الْجَوَلاَنِ فِي الأَرْضِ، وَمِنَ التَّمَشِّي فِيهَا». فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: «هَلْ جَعَلْتَ قَلْبَكَ عَلَى عَبْدِي أَيُّوبَ؟ لأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهُ فِي الأَرْضِ. رَجُلٌ كَامِلٌ وَمُسْتَقِيمٌ، يَتَّقِي اللهَ وَيَحِيدُ عَنِ الشَّرِّ»" (أيوب 6:1-8). وينتهي الحديث بين الرب والشيطان بتسليم ممتلكات أيوب للشيطان على أن لا يمد إليه يده...

2- اجتماع ثانٍ بخصوص أيوب

في هذا الاجتماع الثاني يسلم الرب للشيطان جسد أيوب بحدود أن يحفظ نفسه، فيضرب الشيطان أيوب بقرح رديء من باطن قدمه إلى هامته. وعلى القارئ أن يدرس ما دار في هذين الاجتماعين، ويرى بنفسه مدى عداء الشيطان للأتقياء الحقيقيين، والجوانب التي قد يسمح الرب فيها أن يؤذي الشيطان القديسين.

3- اجتماع بخصوص الملك أخآب

أقنع الملك أخآب "ملك إسرائيل"، يهوشافاط ملك يهوذا ليحاربا معًا ملك أرام للاستيلاء على راموت جلعاد، فقال يهوشافاط لأخآب: اسأل اليوم عن كلام الرب، "فَجَمَعَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ الأَنْبِيَاءَ، نَحْوَ أَرْبَعِ مِئَةِ رَجُل وَقَالَ لَهُمْ: «أَأَذْهَبُ إِلَى رَامُوتَ جِلْعَادَ لِلْقِتَالِ أَمْ أَمْتَنِعُ؟» فَقَالُوا: «اصْعَدْ فَيَدْفَعَهَا السَّيِّدُ لِيَدِ الْمَلِكِ»" (1ملوك 6:22).

لم يقتنع ملك يهوذا بكلام هؤلاء الأنبياء، فقال لملك إسرائيل: "أَمَا يُوجَدُ هُنَا بَعْدُ نَبِيٌّ لِلرَّبِّ فَنَسْأَلَ مِنْهُ؟» فَقَالَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ لِيَهُوشَافَاطَ: «إِنَّهُ يُوجَدُ بَعْدُ رَجُلٌ وَاحِدٌ لِسُؤَالِ الرَّبِّ بِهِ... هُوَ مِيخَا بْنُ يَمْلَةَ»" (1ملوك 7:22-8).

وأرسل الملك رسولاً أحضر "ميخا بن يملة"، ولما جاء قال للملك أخآب: "فَاسْمَعْ إِذًا كَلاَمَ الرَّبِّ: قَدْ رَأَيْتُ الرَّبَّ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَكُلُّ جُنْدِ السَّمَاءِ وُقُوفٌ لَدَيْهِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ. فَقَالَ الرَّبُّ: مَنْ يُغْوِي أَخْآبَ فَيَصْعَدَ وَيَسْقُطَ فِي رَامُوتَ جِلْعَادَ؟ فَقَالَ هذَا هكَذَا، وَقَالَ ذَاكَ هكَذَا. ثُمَّ خَرَجَ الرُّوحُ وَوَقَفَ أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ: أَنَا أُغْوِيهِ. وَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: بِمَاذَا؟ فَقَالَ: أَخْرُجُ وَأَكُونُ رُوحَ كَذِبٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ. فَقَالَ: إِنَّكَ تُغْوِيهِ وَتَقْتَدِرُ، فَاخْرُجْ وَافْعَلْ هكَذَا" (1ملوك 19:22-22).

مع وجود الملائكة القديسين في السماء، فهناك أيضًا إبليس وملائكته الذين سيُطردون من السماء حين يأتي وقت طردهم.

"وَحَدَثَتْ حَرْبٌ فِي السَّمَاءِ: مِيخَائِيلُ وَمَلاَئِكَتُهُ حَارَبُوا التِّنِّينَ، وَحَارَبَ التِّنِّينُ وَمَلاَئِكَتُهُ وَلَمْ يَقْوَوْا، فَلَمْ يُوجَدْ مَكَانُهُمْ بَعْدَ ذلِكَ فِي السَّمَاءِ. فَطُرِحَ التِّنِّينُ الْعَظِيمُ، الْحَيَّةُ الْقَدِيمَةُ الْمَدْعُوُّ إِبْلِيسَ وَالشَّيْطَانَ، الَّذِي يُضِلُّ الْعَالَمَ كُلَّهُ، طُرِحَ إِلَى الأَرْضِ، وَطُرِحَتْ مَعَهُ مَلاَئِكَتُهُ. وَسَمِعْتُ صَوْتًا عَظِيمًا قَائِلاً فِي السَّمَاءِ: «الآنَ صَارَ خَلاَصُ إِلهِنَا وَقُدْرَتُهُ وَمُلْكُهُ وَسُلْطَانُ مَسِيحِهِ، لأَنَّهُ قَدْ طُرِحَ الْمُشْتَكِي عَلَى إِخْوَتِنَا، الَّذِي كَانَ يَشْتَكِي عَلَيْهِمْ أَمَامَ إِلهِنَا نَهَارًا وَلَيْلاً. وَهُمْ غَلَبُوهُ بِدَمِ الْخَرُوفِ وَبِكَلِمَةِ شَهَادَتِهِمْ، وَلَمْ يُحِبُّوا حَيَاتَهُمْ حَتَّى الْمَوْتِ" (رؤيا 7:12-11).

ونجد في هذه الكلمات التسميات المعطاة لإبليس:

فهو التنين العظيم وهو الحية القديمة وقد سُمي هكذا لأنه استخدم الحية في جنة عدن لغواية حواء وهو إبليس وهو الشيطان وهو الذي يضل العالم كله وهو المشتكي على المؤمنين. سيطرد الشيطان وملائكته من السماء ولن تكون هناك مصارعة بين المؤمنين وبين الرؤساء المعينين من الشيطان ولا مع السلاطين ولا مع ولاة العالم الذي ملأوه ظلمة ولا مع أجناد الشر الروحية في السماويات.

ومع وجود الملائكة بكل درجاتهم واختصاصاتهم، توجد أيضًا أرواح المؤمنين الحقيقيين، التي ستستمر هناك إلى وقت عودة المسيح وقيامتهم بالأجساد السماوية.

وعن وجود أرواح القديسين في السماء، يقول كاتب الرسالة إلى العبرانيين: "بَلْ قَدْ أَتَيْتُمْ إِلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ، وَإِلَى مَدِينَةِ اللهِ الْحَيِّ. أُورُشَلِيمَ السَّمَاوِيَّةِ، وَإِلَى رَبَوَاتٍ هُمْ مَحْفِلُ مَلاَئِكَةٍ، وَكَنِيسَةُ أَبْكَارٍ مَكْتُوبِينَ فِي السَّمَاوَاتِ، وَإِلَى اللهِ دَيَّانِ الْجَمِيعِ، وَإِلَى أَرْوَاحِ أَبْرَارٍ مُكَمَّلِينَ، وَإِلَى وَسِيطِ الْعَهْدِ الْجَدِيدِ، يَسُوعَ" (عبرانيين 22:12-24).

هذه هي السماء بوصفها الحالي، وأما بعدها فستأتي صورة أعظم جلالاً ومجدًا سجلها يوحنا في سفر الرؤيا بالكلمات:

"ثُمَّ رَأَيْتُ سَمَاءً جَدِيدَةً وَأَرْضًا جَدِيدَةً، لأَنَّ السَّمَاءَ الأُولَى وَالأَرْضَ الأُولَى مَضَتَا، وَالْبَحْرُ لاَ يُوجَدُ فِي مَا بَعْدُ. وَأَنَا يُوحَنَّا رَأَيْتُ الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ أُورُشَلِيمَ الْجَدِيدَةَ نَازِلَةً مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُهَيَّأَةً كَعَرُوسٍ مُزَيَّنَةٍ لِرَجُلِهَا. وَسَمِعْتُ صَوْتًا عَظِيمًا مِنَ السَّمَاءِ قَائِلاً:«هُوَذَا مَسْكَنُ اللهِ مَعَ النَّاسِ، وَهُوَ سَيَسْكُنُ مَعَهُمْ، وَهُمْ يَكُونُونَ لَهُ شَعْبًا، وَاللهُ نَفْسُهُ يَكُونُ مَعَهُمْ إِلهًا لَهُمْ. وَسَيَمْسَحُ اللهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ، وَالْمَوْتُ لاَ يَكُونُ فِي مَا بَعْدُ، وَلاَ يَكُونُ حُزْنٌ وَلاَ صُرَاخٌ وَلاَ وَجَعٌ فِي مَا بَعْدُ، لأَنَّ الأُمُورَ الأُولَى قَدْ مَضَتْ». وَقَالَ الْجَالِسُ عَلَى الْعَرْشِ:«هَا أَنَا أَصْنَعُ كُلَّ شَيْءٍ جَدِيدًا!». وَقَالَ لِيَ: «اكْتُبْ: فَإِنَّ هذِهِ الأَقْوَالَ صَادِقَةٌ وَأَمِينَةٌ». ثُمَّ قَالَ لِي:«قَدْ تَمَّ! أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ. أَنَا أُعْطِي الْعَطْشَانَ مِنْ يَنْبُوعِ مَاءِ الْحَيَاةِ مَجَّانًا. مَنْ يَغْلِبْ يَرِثْ كُلَّ شَيْءٍ، وَأَكُونُ لَهُ إِلهًا وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْنًا. وَأَمَّا الْخَائِفُونَ وَغَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ وَالرَّجِسُونَ وَالْقَاتِلُونَ وَالزُّنَاةُ وَالسَّحَرَةُ وَعَبَدَةُ الأَوْثَانِ وَجَمِيعُ الْكَذَبَةِ، فَنَصِيبُهُمْ فِي الْبُحَيْرَةِ الْمُتَّقِدَةِ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ، الَّذِي هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي»" (رؤيا 1:21-8).

إلى هذا المجد العتيد والمستقبل السعيد يتطلع المؤمنون قلبيًا بيسوع المصلوب.
المجموعة: آب August 2012