تشرين الثاني November 2013

Milad Philiposهل الزواج من الله؟ والإجابة باختصار أنه توجد ثلاثة أنواع من الزواج: زواج من الله كزواج إسحاق ورفقة، وزواج من الشيطان كزواج أخآب وإيزابل، وزواج من الناس كزواج شمشون ودليلة. ولذلك يوجد مثل إيراني يقول: إذا ذهبت لسفر فادعُ الله مرة. وإذا ذهبت لحرب فادعُ الله مرتين. أما إذا أردت زوجة فادعُ الله ثلاث مرات. فالزواج حسب ونسب، مشاعر وتجاوب، عرض وقبول، نظرة وابتسامة، حنو وخضوع، امتحان واحتمال، ارتباط وتعقّل، وما جمعه الله لا يفرقه إنسان". وهنا يحق لنا أن نقول أن:

أولا: الزواج نظام

إن الزواج قانون طبيعي ونظام كوني بين الكائنات الحية، يصير فيه الزوجان واحدًا باتحاد كل من الاثنين ومساواتهما في الكرامة والاعتبار. قال أبوقراط أبو الطب: "الزواج هو مصدر آداب المجتمع الإنساني". إنه رباط المجتمع ودار الحضانة الأول وأقدس عقد في العالم. إنه يروي الظمأ الحسي، ويجذب المحبوب، فيبتهج بالفوز عندما تنشأ الرغبة  الشخصية والدوافع البشرية نحو النصف الآخر. بكلمة أخرى "إن المرأة من الرجل والرجل أيضًا بالمرأة" (1كورنثوس 12:11)، يكمّل أحدهما الآخر. قال طبيب مشهور: إن من مزايا الزواج أنه يؤثر تأثيرًا مثمرًا في عقل الزوجين بما يوحيه كل من الزوجين إلى الآخر، وهو قوة رابطة توحّد المصالح والأهداف. وفي ذلك قال شاعر مخاطبًا زوجته:                               
درّبي الطفل فيغدو رجلاً   
وطنيًا صادق العزم رزين
إنما المنزل والأم به
بين زوج وبنات وبنين
دولة صغرى من أمثالها
يرفع الملك على أسس متين
إذا ما فسدت دولتها
فسد الملك برغم المصلحين            

ثانيًا: الزواج تبادل

يتحدث علماء الاجتماع عن المودة كوسيلة للزواج إذا كانت مصونة بالاهتمام والاحترام وممارسة أواصر الصراحة. وضع أحدهم قائمة اختيار الشريك الآخر لامتحان أخلاقه: هل هو اجتماعي له رغبة في المشاركة أم جامح؟ هل يميل للعزلة؟ هل هو مرن أو معتدّ برأيه؟ هل هو مستقلّ أم يحتاج إلى المساندة؟ هل عنده استعداد للقيادة أو مستعد للطاعة والاتّباع؟ هل هو مخلصٌ وفيٌّ، ثابت العاطفة والمشاعر، أم متقلقل؟ هل هو متذمّر أو متفائل؟ هل هو أناني أم ودود متعاطف؟ قال أندرو جاكسون أحد رؤساء أمريكا السابقين: "لن تكون الجنة جنة لي إذا لم ألقَ فيها زوجتي". وقال غوردون: "في البيت ينسحب الإنسان من كل العالم ويغلق بابه وينفرد بخاصته. فهو مخزن القوة، ومجدّد الهمة، ومعيد النشاط، ومقرّ الراحة من تعب الحياة ونصبه، ومصدر الإلهام لكل أعماله ومعاركه في الحياة". والخلاصة للزواج على الأقل ثلاثة أغراض: الصداقة والإلفة والسعادة. إن الزواج قبل كل شيء عملية أخذ وعطاء واندماج فردين في واحد.                                                                         

ثالثًا: الزواج مشاكل

إن الحياة الزوجية لا تخلو من المشاكل والمتاعب، ولكنها تحلّ وتتخطّى الصعوبات بالإكثار من الجواذب والتفاهم والتودد وإظهار الحنو مما يولّد السعادة ويشيع جوًّا سماويًّا على الأرض. لقد ذكر سليمان خمسة عناصر للحياة الطبيعية وهي: الأكل، والشرب، ورضى الله، والاعتناء بالملابس، والعمل الجاد (جامعة 7:9-10). بكلمة أخرى، إن البيت السعيد يُبنى على حياة سليمة خالية من المضايقات والمشاغبات وعوامل الهدم "ومن يجد زوجة يجد خيرًا وينال رضى من الرب" (أمثال 22:18).                                                    
إن أتباع الشيعة الغنوسية حطّوا من قدر الحياة الجسدية ولا سيما الزواج، واعتبروه من عمل الشيطان. وتنوّعت أساليب الزواج، والطلاق، والمنازعات، والغدر.
إن الزواج يتطلب سن اكتمال الجسد، والعقل، والعاطفة، والنضج، والقدرة على الإنفاق. فالرجل الواحد والمرأة الواحدة أمر تتوافر فيه المعاني التي ترمز إليها المسيحية بدون تجزئة، أو انقسام، أو توزيع، أو تعرّض لعوامل الحقد والغيرة والتغيير.

رابعًا: الزواج مسؤولية

ذكرت إحدى المجلات البدنية بأن الزواج ينظّم المعيشة ويجدد الهضم فتتحسّن التغذية. وبالزواج يتقوّى القلب، ويسرع الدم في الشرايين الى كل أعضاء الجسم، ويتقوّى الصدر، وأعضاء التنفس الرئيسية، وهما الرئتان، وبه أيضًا تشفى حالات الخمول والبلادة وسرعة الغضب، وما إلى ذلك. إن بعض الرسل تجوّلوا بأخت زوجة كصفا، غير أن الكثيرين يرون صعوبة التزوج في حالة التجوّل لأجل الخدمة (1كورنثوس 32:7-33). لذلك اعتبر بولس أن الذين يمنعون عن الزواج يتبعون "أرواحًا مضلة وتعاليم شياطين" (1تيموثاوس 1:4-3). قال روسو: إذا لم يكن المرأة أصلها ملاكًا، فزوجها يكون أشقى جميع الناس، لأن سر قوتها كائن في جمالها. إن المحبة الزوجية الحقيقية تستمر طوال الحياة، مبنية على تقارب النفسيات، والأفكار، والرغبات، والتقاليد، والعقلية، والتعليم، والمحبة القلبية لله التي تثمر الحياة العملية الهادئة وتتمم يقين المعرفة. إنني من أنصار دفن الماضي، وفتح صفحة جديدة، ولكن في بعض الأحيان يرفض أن يموت إلا بالحب الصادق والقبول غير المشروط.

خامسًا: الزواج اختيار

يقول التلمود: "اذهب تزوج بمن هي في مستوى عمرك ولا تدع المتاعب تدخل بيتك". وضع أحد الشعراء خمسة شروط للزواج في بيت واحد من الشعر فقال:
صبية ذات دين زانه أدب
بكر ولود حكت في حسنها القمر
إن المرأة تريد الرجل الذي يتجاوب معها عقلاً وروحًا وجسدًا، فهل أنت هو هذا الرجل؟ قال شرود إدي في إنه عند اختيار شريكة الحياة يجب أن تتوافر ثلاثة أشياء: التأمل الهادئ، والتكامل في الشخصيات، والتبادل في الميول والمصالح. جرت العادة في بعض البلاد قديمًا أن يمسك الزوج بيد زوجته فوق ماء جار، علامة على أن حياتهما ستسير من الآن فصاعدًا في مجرى واحد، واتحاد تام، وتدريب مشترك، وتوافق زوجي دائم.
مارس القدماء زواج المحارم والتعدد، فلما جاءت الشريعة الموسوية أخذت تتسامى بالزواج فمنعت المحارم منعًا باتًا (لاويين 1:18-18)، حتى جاءت شريعة الكمال لتطهير الزواج من محارمه (مت 3:14-4).

سادسًا: الزواج عائلة

إن السعادة في الزواج تنحدر من عائلات الخلف. فمن نشأ في بيت تسوده أجواء الشحناء والتوتر لا ترف عليه السعادة. حضرت زوجة الى مكتب الاستشارات الزوجية وهي مضطربة يعتريها الخجل وتأنيب الضمير، وقالت: إن أبويها من كبار الأثرياء المحسنين وزوجها شاب من العلماء فأحبته. أما أسرته فكانت تعيش في بلدة بعيدة ولم تجتمع بها إلا في شهر العسل. كانوا ظرفاء لكنهم كانوا يعيشون في حي وضيع من أحياء البلدة. واستاءت لأن زوجها لم يذكر ذلك لها من قبل. كان راعي إحدى الكنائس يتحادث مع صديقه، فأطل من الشباك فرأى أبراجًا كثيرة للحمام لكنها خالية. فسأل: ما الذي أخلى هذه الأبراج وجعلها تبدو حزينة خاوية؟ فأجاب: إنه الاحتدام بين العائلات وكثرة أصوات طلقات الأعيرة النارية. قال مودي رجل الله: "التذمر هو الحرب مع الله، والجدال هو الحرب مع الناس". ومن يشعل نارًا في بيته ليقتل فأرًا يُعدّ مجنونًا.

سابعًا: الزواج تكامل

هل يجب أن يتزوّج الرزين بالنوع المرح؟ واللطيف بالشديد؟ والعملي بالخيالي؟ والمثالي بالواقعي؟ تقدم خطيب تقي إلى خطيبته وقال لها: "إني أحبك ومستعدّ أن أُتوَّج بك، ولكن يجب أن تعلمي أنه قد تأتي علينا أوقاتًا لا تجدين فيها لحمًا في الإناء ولا زيتًا في الكوز، فردت عليه بابتسامة قائلة: إنني أحبك، ومستعدة أن أتزوّجك، وإذا جاء المحال سأرفع صوتي معك قائلة: "باركي يا نفسي الرب ولا تنسَي كل حسناته". نعم! "ليس جيّدًا أن يكون آدم وحده".
كانت عادة إحدى البلدان في اختيار شريك الحياة أنه في حفل خاص قبل الزواج يجيء الرجل عاريًا ما عدا ما يستر عورته، ويجتمع حوله الشباب ممسكين بسياطهم اللاذعة ويشبعونه ضربًا مبرحًا. ولإظهار رجولته عليه أن لا يصرخ ولا يتململ ولا يتأوّه إظهارًا لصفات رجولته التي ستكون مع شريكة حياته في مستقبل الزواج. إن الإخلاص ليس هو عدم المعرفة أو السذاجة بل "أن تزداد محبتكم أيضًا أكثر فأكثر في المعرفة وفي كل فهم روحي حتى تميزوا الأمور المتخالفة لكي تكونوا مخلصين وبلا عثرة إلى يوم المسيح".

المجموعة: تشرين الثاني November 2013