كانون الأول December 2013

في قرية بيت لحم، وفي مذود مظلم للبقر، شع نور ميلاد أول
رسول للسلام. لم يكن في ميلاده ولا في حياته مظاهر الغنى والعظمة الكاذبة
كالذين يتشدّقون اليوم بالسلام، والسلام منهم ومن رسالتهم براء، بل كانت حياته أغنية سلام عذبة، وإرساليته خدمة قضية السلام الكبرى بين الله وبين الناس. ومن كان أقدر من ابن الإنسان ليصنع الصلح والسلام يوم صليبه؟
واليوم إذ يتحدث قادة العالم عن السلام، يطلقون الصواريخ الموجهة إلى القمر وغيره، كل ذلك استعدادًا لشرارة الحرب التي سيكون السلام النقطة الحرجة فيها. وهل يأتي السلام أو ينتشر بالدماء؟ أما في ميلاد رئيس السلام فلم يشهد هو لنفسه بل ترنمت بالشهادة له ملائكة السماء: "المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة". وهل يصنع السلام إنسان سكنت الخطية قلبه وتملّكته شهوات العالم وأطماعه؟ كلا. فلا يغرّنَّكم أحد بكلام باطل مثل هذا لأنه بسبب هذه الأمور يأتي غضب الله على أبناء المعصية... ولا سلام قال إلهي للأشرار".
ولكن من الذي يصنع سلامًا؟ إن السلام ثمرة من ثمار نقاوة القلب وتسليم الحياة لله. "إنه الحكمة النازلة من فوق التي هي أولاً طاهرة ثم مسالمة". ولهذا، فأين لإنسان عالمي جسدي مبيع تحت الخطية أن يصنع سلامًا على الأرض؟ أليس الأولى به أن يصنع سلامًا بينه وبين إلهه ثم بينه وبين نفسه؟ وويل للعالم من الذين يتسلطون عليه وهم يرتدون مسوح الرهبان، ويغيرون شكلهم إلى أشباه ملائكة النور، ويحملون زيتونة مزيفة خضراء يلوّحون بها للسلام، فإن تملّك مثل هؤلاء، فاعلموا أن هذا فصل الختام وعلى الدنيا السلام والبشرية العفاء.
لن يصنع سلامًا إلا ابن الله، عُرف بالطريق والحق والحياة، فهذه رسالة الأبناء الأحرار وليست رسالة العبيد... ما أجمل السلام!
"طوبى لصانعي السلام فإنهم أبناء الله يدعون".

المجموعة: كانون الأول December 2013