كانون الأول December 2014

ما هي أعراضه؟ وما الخطر الذي يمثله على العالم؟
وباء فيروس الإيبولا، هو مرض فيروسي معدٍ يصيب الإنسان. وهو مرض قديم... جديد... اكتشف لأول مرة سنة 1976 في جمهورية الكونغو الديموقراطية قرب نهر إيبولا، ويعتقد أنه انتقل من هناك ليغزو دول غرب أفريقيا. وظهرت أنواع مختلفة منه مسببة أوبئة في كل من زائير، والغابون، وأوغندا، والسودان، وساحل العاج. وغالبًا كانت الوفاة تحصل في اليوم الثامن بسبب التهاب حاد للبنكرياس بنسبة وفيات تتراوح بين 25٪ و90٪ من عدد المصابين بهذا المرض. وقد ظهر الوباء في غينيا أولًا، ثم امتد إلى ليبيريا فسيراليون المجاورتين ونيجيريا. وقد تجاوز عدد قتلى مرض الإيبولا في غرب أفريقيا الألف إصابة حسب إحصاءات منظمة الصحة العالمية. وقد ارتفع العدد الإجمالي لحالات الإصابة إلى 1779.


كما اكتشف أيضًا سنة 1995 في بلدة تقع على طرف غابة مطيرة تسمى ككويت في زائير، حيث كان هناك بائع فحم نباتي، وكان يعد فحمه النباتي في عمق الغابة ويحزمه ويحمله على رأسه إلى ككويت. وفي يوم 6 كانون الثاني شعر الرجل بأنه مريض، ووقع على الأرض مرتين وهو في طريقه من الغابة إلى البيت، وعندما وصل قال إنه مصاب بصداع وحمّى. وتدهورت حالته في غضون أيام. فحملته عائلته إلى مستشفى ككويت العام في 12 من نفس الشهر. وهناك ازدادت حالته سوءًا وابتدأ يتقيّأ، وكان الدم يتدفق بشكل يتعذّر ضبطه من أنفه وأذنيه، ثم توفي في 15 من الشهر نفسه. وسرعان ما صار آخرون من عائلته، ممن لمسوا جسده، مرضى. وبحلول شهر آذار مات اثنا عشر فردًا من أقربائه اللصقاء. وفي أواسط شهر نيسان ابتدأت هيئة العاملين في المستشفى مع آخرين يمرضون ويموتون مثلما مات الرجل وعائلته، وبسرعة انتشر المرض إلى بلدتين أخريين في المنطقة، وصار محتمًا طلب المساعدة، وبالفعل توجّه أحد العلماء وقام بجمع عينات من دم المرضى وقال بإرساله إلى مراكز مكافحة الأمراض في أتلانتا، أميركا، وكان المرض “إيبولا».
وقالت منظمة الصحة العالمية إن ليبيريا أصبحت اليوم بؤرة وباء الحمى النزفية الذي ينتشر منذ أذار (مارس) في غرب أفريقيا ويواصل تقدمه فجعل دولًا تغلق مطاراتها، وأخرى تعلن حالات الطوارئ وتستنجد بدول الغرب لإعطائها العقاقير. ويتم التعرف على الفيروس عن طريق فحص دم أو بول أو لعاب الشخص المصاب بمجهر إلكتروني حديث جدًا له القدرة على تصوير الجزئيات.

أعراض مرض الإيبولا وكيفية انتشاره

بعد ثمانية إلى عشرة أيام من الإصابة بالفيروس تظهر علامات وأعراض الإيبولا في مراحله الأولى بالارتفاع المفاجئ في درجة الحرارة، والآلام الشديدة بالرأس، وآلام العضلات، وعادة تبدأ بمرحلة تشبه الانفلونزا تتميز بالتعب، والحمى، والصداع، وآلام في المفاصل، والعضلات، والبطن، والقيء والإسهال وفقدان الشهية. وتشمل الأعراض الأقل شيوعًا: التهاب الحلق، وألم في الصدر، الفواق، وضيق في التنفس، وصعوبة في البلع. ويظهر طفح جلدي في حوالي 50٪ من الحالات فقط. أما في مرحلته الثانية، وليس حتمًا أن يمر فيها المريض، يشهد الجسم نزيفًا داخليًا وخارجيًا بالإضافة إلى التقيّؤ والإسهال، وقصور في وظائف الكلى، فيعاني المريض من حمى الإيبولا النزفية Ebola hemorrhagic fever.
العدوى: لا يوجد أدلة واضحة تمامًا عن كيفية انتشار فيروس الإيبولا، ولكن هذا الفيروس معدٍ، ينتفل بالاتصال المباشر مع الدم أو السوائل الحيوية أو أنسجة الأشخاص أو الحيوانات المصابة. والفيروس المكتسب من المستشفيات الأفريقية حدث بسبب إعادة استخدام الإبرة أو ملامسة معدات طبية ملوثة مثل الحقن، كما أن العاملين في المجال الطبي الذين لا يرتدون الملابس الواقية المناسبة أيضًا يصابون بالمرض. حيث كانوا آنذاك يفتقرون إلى المعدات والمعرفة لحماية أنفسهم. وخاطر آخرون بحياتهم أو خسروها بسبب الاعتناء بأحبائهم المرضى. وتشكل مراسم الدفن عنصرًا مهمًا في انتقال المرض، لأنه في كثير من الثقافات يلمس أعضاء الأسرة الجثمان خلال الجنازة، فينتقل إليهم المرض في اللحظة التي يحتك الأهل والأقارب بجثة المصاب. كذلك جثث الموتى المصابين تعتبر معدية... فكانت النتيجة خسائر فادحة في الأرواح حيث أباد الفيروس عائلات بكاملها.
ولم يتم توثيق انتقال الفيروس عن طريق الهواء... ومع ذلك، فقد تم تصنيف هذه الفيروسات على أنها من ضمن الأسلحة البيولوجية... ومؤخرًا أظهر هذا الفيروس القدرة على الانتقال، دون اتصال... من الخنازير إلى الثدييات. وكانت الخفافيش مساهمة في عملية العدوى. ويُعتقد أنها مضيف طبيعي للمرض حيث أنها كانت تُسقط الثمار المأكولة جزئيًا واللب على الأرض، فتقوم الثدييات مثل الغوريلا والظباء بالتغذّي على هذه الثمار الساقطة. هذه السلسلة من الأحداث قد تؤدي إلى انتشار المرض وحدوث كوارث، مما أدّى للبحث نحو إفراز الفيروس في لعاب الخفافيش.

ما هو مدى خطورة الوباء على العالم؟

يشهد فيروس إيبولا تطورًا وتحوّرًا سريعًا، وهو يتفاقم ويشقّ طريقًا للموت عبر المدن والبلدات والقرى في غرب أفريقيا، غير أن هذه التغييرات الجينية لم تمنحه حتى الآن القدرة على الانتشار عبر الهواء، ولا أحد يعرف كم من الوقت سيستمرّ هذا الوباء، حيث أن هناك نقص في الرؤيا حول هذا الوباء لأنه لم يشهد العلماء مثل هذا الوباء قبلًا، وتبلغ عدد الوفيات من 50 – 90 بالمئة من عدد المصابين، لانعدام العلاج النوعي. ولحد الآن لا يوجد أي علاج أو لقاح محدد مضاد للمرض إيبولا. ومن الجدير بالذكر أن هذا الفيروس القاتل لا يدمّر ناقله، أي لا يدمّر جسم الحيوان الذي يستضيفه، لأن الفيروس يحتاج هذا الناقل لكي يتكاثر ويتوسع بواسطته، وإلى يومنا هذا، لم يتم التعرف بالضبط من هو ناقل الفيروس الرئيسي.

ما هي سبل العلاج؟ وهل هناك دواء لهذا المرض؟

لقد حقق السرير العازل بعض النجاح عن طريق أخذ عينات من دم أشخاص كانوا يعانون من هذه الحمى وأصبحوا الآن أصحّاء، والسبب أن في دم المرضى القدامى قد تم بناء مضادات ضد فيروس الإيبولا.
وفي ألمانيا في برلين في Charite “أكبر مستشفيات أوربا” تم إيقاف عمل الفيروس في كثير من الحالات.
كذلك في مستشفيات الجيش الأمريكي يتم البحث عن حل نهائي لهذه الحمى.
وفي أحد المختبرات الكبيرة في كندا تم التوصل إلى علاج نهائي للفيروس المسبب لمرض حمى الإيبولا حيث أنه بعد تكبير الفيروس اتضح أنه يشبه دودة طويلة ذيلها ملتوٍ حول نفسه... وبعد فحص بنية الفيروس وتشريحه تم التوصل إلى أنه يغطي جسم الفيروس غشاء بروتيني... وتم التوصل إلى المادة التي تخترق هذا الغشاء لتقتل الفيروس... لكن حتى الآن ليس لدينا معلومات كافية عن طبيعة هذا الاكتشاف أو مدى صلاحيته للاستخدام البشري. ولعله في المستقبل القريب يتم التوصل للعلاج الكامل من هذا الفيروس، فيُحَدّ من قدرة انتشار المرض، والسفر والابتعاد عن المنطقة الموبوءة.

الجهود الدولية للقضاء على المرض

مع استغاثة كيكويت تجاوب المجتمع الدولي وبدأ التبرّع بالمال والمعدات الطبية، واستقلت فرق الباحثين الطائرات من أوربا، وجنوب أفريقيا والولايات المتحدة، حيث كان لمجيئهم هدفان:
الأول هو المساعدة على ضبط تفشي المرض.
والهدف الثاني هو اكتشاف مقر إقامة الفيروس.
وللمساعدة على إيقاف الوباء قام العمال في حقل الصحة بالبحث في كل شارع للعثور على أي شخص تبدو عليه أعراض المرض، وكان المريض يُحمل إلى المستشفى، حيث يمكن أن يوضع في محجر صحي ويُعتنى به بشكل آمن، والذين يموتون كانوا يُلفّون بشراشف بلاستيكية ويُدفنون فورًا.
وقد شُنت حملة واسعة لتزويد عمال العناية الصحية والناس عمومًا بمعلومات دقيقة عن المرض. والعلماء في أتلانتا يدرسون هذا الفيروس الفتّاك في مختبر شديد الأمان مبنيّ بجهاز تهوية يمنع تسرب أي ميكروب ينتقل بالهواء. وقبل دخول المختبر يرتدي العلماء بدلات فضاء واقية، وبعد الانتهاء كانوا يستحمون بالمطهرات قبل أن يغادروا. وكان الأطباء الذين وفدوا على ككويت قد حملوا معهم ملابس واقية وبدلات خصوصية تغطي الجسم كله فلا يخترقها الفيروس. واستطاع العلماء من إنتاج مضاد حيوي لوقف عمل الفيروس... وتم حقن ثلاثة خفافيش وكانت النتيجة لاحقًا أن الخفافيش ماتت، كما ماتت من قبلها قرود الشمبانزي والغوريلا بسبب فيروس إيبولا، ونصح الباحثون بعدم أكل هذه الحيوانات في غرب ووسط أفريقيا لكي يتم تجنب انتقال الفيروس إلى الإنسان.
وأخيرًا حذر منسق الأمم المتحدة لعمليات مكافحة فيروس إيبولا، الطبيب نابارو، من أن مكافحة هذا الوباء في أفريقيا الغربية، حرب لم يتم الفوز بها بعد. وقد تدوم سنة، وقد يطال دولًا جديدة ويخرج عن السيطرة. والله هو المعين.

عن مجلة الحكمة

المجموعة: كانون الأول December 2014