حزيران June 2014

Tharwat el Dabaأخي وأختي أعضاء العائلة المسيحية،

تكلمنا في العدد السابق عن بعض الأنوار التي يريد أن يظهرها الروح القدس أمامنا في موضوع الارتباط من خلال الفصل الكتابي الرائع في سفر التكوين أصحاح 24 وهي:

اعتمد تمامًا على إرشاد وتوجيه الروح القدس لك في اختيار شريك الحياة ولا تعتمد على مشاعرك أو آراء الآخرين.

ثق في محبة وقدرة الله الذي يعمل لحسابك وهو قادر أن يرشدك في الطريق الصحيح متى توفر لديك الإخلاص والعزم لتفعل مشيئته وليس رغبتك الخاصة.

إياك والنير المتخالف (ارتباط المؤمن مع غير المؤمن) فالتحذيرات منه تملأ الكتاب المقدس بعهديه، والنتائج المرة من خلال القصص التي ذكرها الكتاب لنا كافية لتجعلنا نرفض حتى مجرد التفكير في أمر كهذا.

ابدأ الشروع في الارتباط بالصلاة واستمر مصليًا ليقودك الرب لفكره. ونستكمل في هذا العدد بعض الأفكار الأخرى الموجودة في هذا الفصل:

التأنّي وتعلُّم انتظار الرب والتماس فكره وعدم التمسك برأي مُعيَّن والإصرار عليه، بل الاستعداد الكامل للتخلي عن أي شيء متى تأكدت أن للرب رأيًا آخر.

لقد صلى العبد ووضع علامة ليست سهلة، وتحققت العلامة كما حددها هو تمامًا، وأكثر من ذلك أن الفتاة التى تحققت بها العلامة ليست غريبة فلقد هداه الرب إلى بيت إخوة سيده (عدد 27)، لكننا نقرأ مرتين في هذا الفصل أن العبد لم يكن متسرّعًا رغم تحقيق كل العلامات.  ففي عدد 21 نقرأ القول: "والرجل يتفرّس فيها صامتًا ليعلم: أأنجح الرب طريقه أم لا؟" وأيضًا في كلامه مع أهل الفتاة وبعد شرحه لكل ما رتبه الرب في الطريق، في عدد 49 يقول: "والآن إن كنتم تصنعون معروفًا وأمانة إلى سيدي فأخبروني وإلا فأخبروني لأنصرف يمينًا أو شمالاً".  فقد كان لديه الاستعداد لتغيير فكره في أي مرحلة إذا تأكد أن الرب يريد ذلك.  قارن ذلك بما فعله يعقوب فى موقف مشابه في تكوين 10:29، حيث كان مندفعًا كعادته دون تريّث لمعرفة فكر الرب.

صديقي، هل تتقدّم إلى مشروع الارتباط وأنت بكل إخلاص تطلب مشيئة الله ولديك الاستعداد أن تتراجع في أي مرحلة ودون حساب للخسائر متى أدركت أن الرب لا يريد هذا الطريق؟

وهل لديك الاقتناع الداخلي بأن تقول للرب بصدق: "لتكن مشيئتك"، حتى لو كانت عكس إرادتك تمامًا؟

ليتنا نقول مع المرنم:

يا سيدي إن لم يسر

أمامي وجهك الطريق

فلــن أسيــــر أبــــدًا

مهما يكن شأن البريق

هناك إشارة كتابية واضحة في هذا الفصل إلى تأثير الأمور المادية في الارتباط، فيتكلم الكتاب عن لابان، وهو كما نعرف من الفصول التالية أنه تاجر ويجيد استغلال الظروف لمصلحته الشخصية - يقول الكتاب فى عدد 30 و31 "وحدث أنه إذ رأى الخزامة والسوارين على يدَي أخته، وإذ سمع كلام رفقة أخته قائلة: ‘هكذا كلمني الرجل’، جاء إلى الرجل، وإذا هو واقف عند الجمال على العين. فقال: ‘ادخل يا مبارك الرب. لماذا تقف خارجًا وأنا قد هيأت البيت ومكانًا للجمال؟’". ليتنا ندرك تأثير هذا العامل على طبيعتنا البشرية، ونستمر مُصلّين حتى لا يؤثّر ذلك على قرارنا، متأكدين أن كل هذه الأمور وقتية وزائلة ولا تصنع السعادة.

أيضًا في هذا الفصل إشارة واضحة إلى أهمية رأي الفتاة فيذكر الكتاب في عدد 57 قولهم: "ندعو الفتاة ونسألها شفاهًا، فدعوا رفقة وقالوا لها: هل تذهبين مع هذا الرجل؟ فقالت: أذهب". وهذا يؤكد أهمية رأي واقتناع الفتاة نفسها في قرار الارتباط، فلا بد أن تشعر هي بالراحة ولا يكفي فقط راحة الخطيب والوالدين والإخوة.

أخيرًا، ينتهي هذا الفصل الرائع برفقة تتقابل مع إسحاق، حيث رفع عينيه فرآها، وهي رفعت عينيها فرأته.  فأخذها وصارت له زوجة وأحبّها وتعزّى بها بعد موت أمه، رغم أنه لم يكن بينهما معرفة أو علاقة قبل ذلك، وكان زواجهما ناجحًا بكل المقاييس. إنه مشروع إلهي وهو الذي صمّمه وأشرف عليه حتى النهاية. قد تختلف الطريقة التي بها يقود الله كل طرف للآخر، لكن الذي بدأ بعمل صالح لا بد أن يكمِّل. حقًا ما أروع هذا المشهد بعد كل التخطيط العظيم الذي رسمه الروح القدس في هذا الأصحاح.

ليت الرب يعمّق فينا هذه الدروس الرائعة ونحن نفكّر في الارتباط، ويشكِّل إرادتنا ورغباتنا حتى تتوافق مع فكره ورغبته فلا نريد إلا ما يريده هو، ونقبل بكل مرونة ما يوجّهنا إليه، فيتمجّد في حياتنا، ونختبر نحن سعادة الحياة في رضاه.

المجموعة: حزيران June 2014