كل إنسان في هذه الحياة معرّضٌ لأن يصيبه شيء من الفشل. لكن من المؤسف أن البشر غالبًا ما يعامـلون الإنسان الفاشل بطريقة قاسية خالية من كل رحمة، فيجرّحونه ويتهكّمون عليه وكأنهم ينهشون لحمه.

فإن كان الأسد لا يأكل لحم أخيه الأسد فإن البشر يأكلون لحم إخوتهم في الإنسانية. هذا ما نراه اليوم على شاشات التلفزيون.
من المفروض في الناس أن يتعاونوا معًا، فينجدوا الغريق، ويسندوا من حالفه التوفيق. لكنهم قلما يطبِّقون ذلك لأنهم يعتقدون أنه بسقوط البعض ينفتح مجال الارتقاء أمام الباقين، ونتيجة لذلك فإن عددًا كبيرًا من الذين يفشلون يصلون إلى حالة اليأس التي وصل إليها يهوذا الإسخريوطي.
إن أصحاب الشخصيات النبيلة هم الذين يقفون إلى جانب الضعفاء، إلا أن مثل هؤلاء قليلون، فالبشر عادة يسعون وراء المكسب. ففي وقت النجاح يكثر الأحباء، وعند الفشل يختفي الأصدقاء. حين تكون الرياح مؤاتية لنا يساعدنا الجميع، وحين تكون الرياح مضادة يهجرنا الأعزاء. حين تصعد أسهمنا يصادقنا الكثيرون، وحين تنخفض أسهمنا لا نجد معينًا لنا. إذا كنا كالورود الناضرة اقترب منا الزملاء، وإذا صرنا كالورود الذابلة فليس من يضمنا إلى صدره، وإذا داهمتنا مصيبة ما، لا نجد من يساندنا ويقف بجانبنا إلا من قال: "وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر،" وكذلك العدد القليل من الأصدقاء والأصحاب، وهذا ما اختبرته بنفسي وكذلك الكثيرون. فيا له من سؤال: أين الأصدقاء؟ أين الأصحاب؟ أين من يسند؟ والجواب لمن يمرون في هذه المحنة... يسوع، ويسوع وحده هو الجواب!
وأود أن أقول للذين أصابهم الفشل وأصابتهم المحن أن لا ييأسوا، لأن الرب يسوع المسيح يهتم بهم، فهو صديقٌ لمن لا صديق له، وهو صاحب لمن تخلّى عنه الأصحاب. وما دامت هناك حياة فهناك يكون الرجاء أيضًا. فلا ينبغي لمن سقط من على ظهر جواد النجاح أن يغرق في بالوعة اليأس، بل يثق في الرب يسوع المسيح ويؤمن به إيمانًا حقيقيًا. ولنحذر من الإيمان المزيّف الذي لا يطفو إلا فوق المياه الهادئة، وليكن لنا الإيمان الحقيقي لأنه بمثـابة قارب النجاة الذي يحمل النفوس وسط العواصف إلى شاطئ الأمان، "لأن الله لم يعطنا روح الفشل بل روح القوة والمحبة والنصح." (2تيموثاوس 7:1)

المجموعة: شباط (فبراير) 2018