وهل من تحية نقدّمها في ذكرى القيامة أجمل من القول: "المسيح قام!"؟
إنها تحية رخيمة الموسيقى، منذ فجر القيامة حتى مجيء المسيح المقام ثانية للقاء مختاريه.

وهل من يوم أمجد من يوم القيامة، وأكبر دلالة عن ذلك اليوم الذي مزّق به المسيح جبروت الموت وصولجان الهاوية ليعطي الإنسان أملاً جديدًا لا يجاريه أي أمل؟
لقد قال المسيح: "إني أنا حيّ فأنتم ستحيون."
دخل المسيح القبر ليخرجنا من غياهب الظلام، ويحررنا من قيود الخطية. لقد أتمّ المسيح جميع النبوّات، وتجلّت في لحظة ميلاده، وسنيّ حياته إلى صلبه ودفنه وقيامته، ثم صعوده إلى السماء، منتصرًا على قوات الجحيم، وباعثًا فينا الأمل للقياه ثانية في السحاب. لقد قال:
"وكنت ميتًا، وها أنا حيّ إلى أبد الآبدين! ولي مفاتيح الهاوية والموت." (رؤيا 18:1)
لقد ظهر المسيح لتلاميذه في علية متواضعة. كانوا خائفين وهلعين، لكن المسيح بدّل خوفهم بالأمل، وهلعهم بالرجاء حين قال لهم: "سلام لكم." وما أجملها من تحية! المسيح أراد أن يهب تلاميذه سلامًا! لقد دفن في قبر مظلم وعانى مرارة الموت كي يهب لتلاميذه السلام والرجاء! ونفس المسيح المقام هو نفسه الذي يمد ذراعيه الآن ليهب سلامًا ورجاء لكل من يسأله.
لقد وُقّعت معاهدات سلام كثيرة، ورُسمت مخططات لها، لكن كان مصير معظمها الفشل الذريع. وهنا تبرز لنا القيمة العظيمة لمعاهدة السلام مع المسيح، فهي ليست كسواها من المعاهدات، بل هي وُقّعت بدم ذكي ثمين، وبذل المسيح نفسه عربونًا أزليًّا لقيمتها بل ذاق مرارة الصلب وطعم الموت كي يعطيها قيمة أزلية لا تستطيع السنون أن تزيل أثرها. وهذا ما أعطاه المسيح المقام لتلاميذه، وهو مستعد أن يوقعها مع كل من يسأله عهدًا نقيًا أمينًا.
رسالة القيامة هي رسالة أمل سواء في السرّاء أو الضرّاء. كثيرًا ما يخبّئ لنا المستقبل في ثناياه ترقّبًا مشوبًا بالحذر والخوف، أما تحية القيامة ورسالتها فتؤكد لنا ذلك الأمل الذي وعد به المسيح حين قال: "سلامي أعطيكم. ليس كما يعطي العالم أعطيكم أنا. لا تضطرب قلوبكم ولا ترهب."
طوبى للإنسان الذي يعمّ سلام المسيح حياته بفضل شركته المقدسة مع الله مما يحفّزنا أن نكون جنودًا تغمرنا الثقة، ويملأ قلوبنا الرجاء، بأن المسيح هو الدرع الواقي في خضم هذه الحياة.
لقد ترك المسيح لنا كلمات معزية كثيرة، فوعد بالمجيء ثانية ليأخذنا إلى حيث يكون هو إذ قال: "حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضًا." إنّ أمل القيامة يدعونا إلى السؤال: هل نحن مستعدون للقائه بثياب بيض؟

المجموعة: أذار (مارس) 2018