الأخ أنور وديعيحذّرنا الوحي الإلهي من خمسة أشياء غريبة وأجنبية لنتجنّبها لأنها تسبب البعد عن الله وهي:

أولاً: المرأة الأجنبية - "لإِنْقَاذِكَ مِنَ الْمَرْأَةِ الأَجْنَبِيَّةِ، مِنَ الْغَرِيبَةِ... كُلُّ مَنْ دَخَلَ إِلَيْهَا لاَ يَؤُوبُ، وَلاَ يَبْلُغُونَ سُبُلَ الْحَيَاةِ..."
يبدأ سفر الأمثال كلامه عن المرأة الأجنبية، ويختمه بالكلام عن المرأة الفاضلة التي هي صورة من صور الكنيسة. وهكذا نجد بعض الفاضلات اللواتي ذكرت أسماءهن في الكتاب كرموز للكنيسة. فمثلاً حواء التي أُخذت من جنب آدم كجزء منه، فهي صورة للكنيسة والمسيح. ورفقة، وهي العروس التي أتى بها العبد إلى إسحاق، فهي صورة للكنيسة كمن أحضرها الروح القدس للمسيح. وراحيل، وهي ثمرة لتعب يعقوب، فهي صورة للكنيسة التي هي ثمرة عمل الجلجثة.
لكن ماذا عن المرأة الغريبة التي ورد ذكرها كثيرًا في سفر الأمثال التي هي صورة للفساد والنجاسة كما نرى فيها الخيانة التي وصلت ذروتها في بابل أم الزواني... وهناك نساء يمثلن الإثم والوضع الخطأ كمثال المرأة التي خبأت الخميرة التي تشير إلى الشر في الدقيق (متى 13). وفي الرسالة إلى كنيسة ثياتيرا حيث المرأة إيزابل (رؤيا 2). وأيضًا المرأة الجالسة على الوحش القرمزي (رؤيا 17). وهكذا فالمرأة الأجنبية هي صورة للأنظمة التي يحكمها ويقودها الشرير إله هذا العالم الذي يعمل الآن في أبناء المعصية. لذا يحذرنا الإله المحب: "اخرجوا منها يا شعبي لئلا تشتركوا في خطاياها ولئلا تأخذوا من ضرباتها." (رؤيا 4:18) وهكذا كلما تمتعنا بكلمة الرب وخبأناها في قلوبنا حتى لا نخطئ إليه فنُحفظ من طرق المرأة الأجنبية الغريبة.

ثانيًا: التعاليم الغريبة – "لا تساقوا بتعاليم متنوّعة وغريبة." (عبرانيين 9:13) وهكذا التعاليم الغريبة والمرأة الغريبة يرتبطان معًا حيث كلامها الملق يفضي إلى تعاليم غريبة إذ أن التعليم يحدّد طبيعة المؤمنين. "أطعتم من القلب صورة التعليم التي تسلمتموها." (رومية 17:6) لأن صورة التعليم تشكل نموّ المؤمنين. وهكذا يحذّر الرسول: "لاحظ نفسك والتعليم"، "اعكف على... التعليم." ولكن في رؤيا 2 و3 ترى التعليم الغريب - تعاليم بلعام والنقولاويين - التي تسربت لاجتماعات شعب الله حتى أصبح الشعب لا يحتمل التعليم الصحيح "بل حسب شهواتهم الخاصة يجمعون لهم معلمين مستحكّة مسامعهم، فيصرفون مسامعهم عن الحق، وينحرفون إلى الخرافات." (2تيموثاوس 3:4-4)

ثالثًا: أولاد غرباء – "أنقذني... من أيدي الغرباء... طُوبَى لِلشَّعْبِ الَّذِي الرَّبُّ إِلهُهُ." (مزمور 11:144-15) وهكذا نجد أن المرأة الغريبة أتت بالتعاليم الغريبة وثمرتها "أولاد غرباء". ففي هذا المزمور نجد داود بعد أن أخضع أعداءه بدأ بالتسبيح، لكنه فجأة تحوّل عن التسبيح إلى الصلاة حيث يطلب النجاة لنفسه من المتكلمين بالباطل والكذب. وكذا بنونا وبناتنا وكل ما لنا حتى بيوتنا وشوارعنا تأثرت بها وهذا تحذير لنا في هذه الأيام لذا ورد في 1يوحنا 14:2 يقول: "كتبت إليكم أيها الأحداث، لأنكم أقوياء، وكلمة الله ثابتة فيكم، وقد غلبتم الشرير." لأنهم جنود يسوع وهم كالغروس النامية في شبيبتها وليسوا أقزامًا بل كأعمدة زوايا الهيكل المنحوتة. لذا فلنتحذّر من بني الغرباء الذين يعيقون أولادنا عن نموّهم الروحي. "المعاشرات الردية تفسد الأخلاق الجيدة." وأيضًا نقرأ عن الأهراء (المخازن) التي تشير إلى الاجتماعات التي يجب أن يكون فيها كل أصناف المخزون لإطعام وتغذية القطيع. أما الأغنام فمثال عن شعب الله، غنم مرعاه، والبقر والثيران رمز لمن يتعبون في الكلمة والتعليم. وكل هؤلاء يتأثرون ببني الغرباء المندسين في الاجتماعات كما قيل "سيدخل بينكم ذئاب خاطفة." (أعمال 29:20) وهؤلاء منهم "دخل خلسة أناس... فجار يحوّلون نعمة إلهنا إلى الدعارة، وينكرون السيد الوحيد: الله وربنا يسوع المسيح." (يهوذا 4) وكما في مزمور 14:144 "لا اقتحام ولا هجوم" فهم الذين يقتحمون ويهدمون أسوار الانفصال ويطمسون السبل القديمة والمبادئ الروحية، ثم "لا شكوى في شوارعنا"، ليتنا نتحذّر من هؤلاء الغرباء الذين يزعجوننا ويكدروننا.

رابعًا: نار غريبة: "وأخذا ابنا هارون... وجعلا فيهما نار... أمام الرب نارًا غريبة... فصمت هارون." (لاويين 1:10-3) وهكذا من المرأة الغريبة انبثق التعليم الغريب الذي أتى بأولاد غرباء مما أدّى حتمًا إلى تقديم نار غريبة لم يأمر بها الرب، فأسفرت عنها نتائج في منتهى الخطورة! لذا يحذرنا الوحي كما جاء في مزمور 5:93 "ببيتك تليق القداسة..." فلا ننسى أن الكنيسة هي المكان الذي يسكن فيه مجد الرب. ولكن قد تسرّب إلى اجتماعاتنا من لا يعترفون بسيادة الرب وقيادة الروح القدس وغيرها من الأمور المعوجّة حتى أصبحت الكنيسة مكانًا لنمو الحنطة مع الزوان.

خامسًا: جسد غريب
نقرأ في يهوذا 7: "كما أن سدوم وعمورة... مضت وراء جسد آخر (غريب)، جُعلت عبرة مُكابِدة عقاب نارٍ أبدية." وهذا الجسد الغريب هو نتيجة من دخلوا خلسة فخلّفوا أولادًا غرباء، وقدّموا نارًا غريبة، وثم سعوا وراء جسد غريب. إن الوحي يحدّثنا عن نشاط هؤلاء في العالم فيحذّرنا قائلاً: "أيها الزناة والزواني، أما تعلمون أن محبة العالم عداوة لله؟" فلنصغِ إلى ما يعلنه الوحي: "لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم... إن أحب أحد العالم فليست فيه محبة الله." (1يوحنا 15:2)
فيا ليت الرب يعيننا في هذه الأيام لنتفادى هذه الأشياء الغريبة التي اشاعتها المرأة الغريبة صاحبة التعليم الغريب التي أنتجت أولادًا غرباء، الذين قدّموا نارًا غريبة، وسعوا وراء جسد غريب. لكن ما أعظم المرأة الفاضلة بتعليمها الصحيح حيث تنشئ أولادًا أصحاء يسجدون لله بالروح والحق، مزيّنين تعليم مخلصنا الله الذي له كل المجد.

المجموعة: حزيران (يونيو) 2019