الدكتور القس ميلاد فيلبس"كم مرة يخطئ إليّ أخي وأنا أغفر له؟"
"لا أقول لك إلى سبع مرات، بل إلى سبعين مرة سبع مرات."

"وإن أخطأ إليك أخوك فوبّخه، وإن تاب فاغفر له. وإن أخطأ إليك سبع مرات في اليوم، ورجع إليك سبع مرات في اليوم قائلاً: أنا تائب، فاغفر له."
كم مرة؟
قال الربيون: "... إلى ثلاث مرات" كما أشار عاموس.
وقال بطرس: "... إلى سبع مرات" متفوّقًا على الناموس.
أما المسيح فقال: "إلى سبعين مرة سبع مرات."
لنتمثّل بالله القدوس غافر الذنوب والخطايا. فلا حدود للغفران، ولا قيود للمحبة، ولا ما يفوق إعادة السلام! فالحقد يهدم العلاقات والعتاب يصحّحها. وكبت المشاعر السيِّئة قد يسفر عن غضبٍ شديدٍ، أما لقاء الأحباء فينهي الخصومة.
إن تدخّل الغير يزيد الطين "بلَّة" لكن محبة المسيح تزيل الإحساس بالإساءة.
كم مرة يخطئ إليّ أخي؟ فالإنسان معرّض للخطأ، والتكرار يؤكّد بشريّتنا. والأخ يحتمل، ويحب، ويستر كثرة من الخطايا. فماذا لو أخطأ؟
والوثني والعشار بحاجة لمزيد من الحب، فهل نفقد الأمل في الإصلاح؟
إن هفوة الأخ أمرّ من سهم العدو، وخنجر الغريب أهون من زلّة القريب. وسمّ الأفاعي أخفّ من الداجي.

ألا للشدة الأخ يولدكما للطير يلزمه الجناح
يهيم بحبه دهرًا وخلدًايطيب كدّها يعلى الرماح
يغضّ الطرف عن كل الإساءةويستر عيبة تؤتي البُطاحَ
وينسى ما يرى إن كان غبنًاكأن البصر قد فقد الصباحَ
وقد تسود دنيانا اسودادًافيفتح بابها يبدي الصباح
فتشرق شمسها والدفء يحمي ضعيفًا يعتصر يخفي الجراحَ
يلوم الكلَّ والدنيا ظلامويردي طعنها القلب الصُّراحَ
فيحيي فعله عرفًا وعرضًاعسير الحظ من يخشى الرياحَ
يؤثر همسَه كالطلق يدوييعكّر حزنه صفوَ الذَّراحَ
ويطفح ودّه بشرًا وسلمًايهدئ ظله الركب الطِّلاحَ
أخي، تكفي النوازل والمآسيووجه العاسي والإخلاص راحَ
فهوّن غربتي همي ودمعيفلولا الحب ما ذقت ارتياحَ

والقانون الذهبي يوصي: "كما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا أنتم أيضًا بهم هكذا." "وإن لم تغفروا للناس زلاتهم، لا يغفر لكم أبوكم أيضًا زلاتكم."
"واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضًا للمذنبين إلينا."
"وإن أخطأ إليك أخوك فاذهب وعاتبه..."
"لا تكن مخاصمة بيني وبينك... لأننا نحن أخوان." "لا تتغاضبوا في الطريق." "أنتم إخوة." "لا تغرب الشمس على غيظكم، ولا تعطوا إبليس مكانًا."
أخطأ قايين أول أخ في العالم...
وتنكّر إخوة يوسف لأطيب أخ بين إخوتهم...
وهدم يعقوب - أمكر أخ - روابط العائلة...
وأهان أمنون - أحقر أخ - كل المملكة...
لكن المسيح لا يستحي أن يدعونا إخوته قائلاً: "أخبر باسمك إخوتي."
"كم مرة يخطئ إليّ أخي وأنا أغفر له؟"
إن النسبة تتراوح بين عشرة آلاف دينار (والوزنة تعادل 240 جنيه) وبين مائة دينار (والدينار آنذاك يساوي خمسة جنيهات). ما أعظم الغفران!
إن المسافة تتعدّى اللقاء المنفرد والعمل الفردي إلى التماس مساعدة الآخرين شهودًا للمصالحة والتسوية، فقد أكون أنا المخطئ.
إن الحاجة قد تدعو لتدخّل الكنيسة لتجيز أو تمنع - بموجب سلطان المسيح المطلق - أي تصرّف ينافي قانون المحبة والقداسة. فهل توجد مؤسسة أقدس من الكنيسة؟ فإن كان حب الأعلى للأدنى رحمة وحنانًا وإحسانًا، فإن حبّ الندّ للندّ صداقة ووفاء وعرفانٌ، ولكن حبّ الأدنى للأعلى هو طاعة وولاء وخضوعًا. أما الأخوّة الصادقة فتُبنى على المحبة الغافرة المتسامحة، والقداسة الرحيمة، والصفح الأبدي في الدم والصليب.
فهل أغفر لأخي؟
وكم مرّة؟ (متى 21:18)

المجموعة: حزيران (يونيو) 2019