في مطلع عام 2021هذا هو السؤال الذي وجّهه فرعون ليعقوب الشيخ لما مَثُلَ أمامه (تكوين 8:47). وفي مطلع عام 2021 يوجَّه ذات السؤال للقارئ العزيز: كم هي أيام سني حياتك؟ هل تقيس حياتك بما أحرزت من تقدُّم في تجارتك، أو صحة في جسمك، أو رغد في عيشك؟ هنالك أمر أهم من كل هذا: "كم هي أيام سني حياتك الروحية؟ وصِلتك بالمخلص الوحيد الرب يسوع المسيح؟"

مرة ثانية نسألك: ما هو مدى تقدُّمك في حياة الصلاة، ودراسة الكتاب المقدس، والشهادة للمسيح، والنصرة على التجارب؟
وعندما يفكّر المرء فيما يخبئه الغد، يقف حائرًا بحسب النظر الطبيعي، ولكن عندما نرجع إلى ما ورد في أيوب 10:23 ونتأمّل في الكلمة الواردة هناك: "لأنه يعرف طريقي" يمتلئ القلب عزاءً ويقينًا. لأنه لنا في شخص الفادي المرشد ضمان التعزية القوية التي تتغلّب على عواصف الحياة وتقلّباتها. وكثيرًا ما نصرخ في أوقات عديدة: لماذا يسمح الله لنا أن نجتاز في ظروف صعبة؟ لكن الإيمان يجيب عن ذلك: "هو يعرف."
تعوّد أحدهم أن يحتفظ بيوميَّة يسجِّل فيها معاملات الله معه. فكان يكتب في جانبٍ ما يحسّ به أنه فضل أو خير من الله، وفي الجانب الآخر أعماله هو من عطفٍ وسخاءٍ وإغاثةٍ للآخرين. فإذا ألمّ به مرض مثلاً ثم شُفيَ يسجّل ذلك في جانبٍ ما عليه من ديون، وكذلك كل ما ينال من خير وإحسان. وبعد أسابيع قليلة من مسك هذا الدفتر كفّ عن ذلك وقال لنفسه: "لا فائدة من كل ما سجّلته، لأنه عليّ فرض أني لا أكتب إلا البركات الظاهرة والإحسانات الواضحة فإني لا أستطيع أن أحصرها كلها. إذ لا يمكن موازنة الحساب، لأني أجد نفسي مديونًا، ومهما عملت من خير وإحسان فخيرات الرب وحسناته طمت عليّ."
وهذا هو لسان حال كل واحدٍ من أولاد الله إذ لا يمكننا أن نحصي بركاته علينا في يوم واحد، فكم بالحري في سنة أو عدة سنين! ويجب أن نضمّ صوتنا مع المرنم إذ يقول: "بَارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ، وَكُلُّ مَا فِي بَاطِنِي لِيُبَارِكِ اسْمَهُ الْقُدُّوسَ. بَارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ، وَلاَ تَنْسَيْ كُلَّ حَسَنَاتِهِ. الَّذِي يَغْفِرُ جَمِيعَ ذُنُوبِكِ. الَّذِي يَشْفِي كُلَّ أَمْرَاضِكِ. الَّذِي يَفْدِي مِنَ الْحُفْرَةِ حَيَاتَكِ. الَّذِي يُكَلِِّّلُكِ بِالرَّحْمَةِ وَالرَّأْفَةِ. الَّذِي يُشْبعُ بِالْخَيْرِ عُمْرَكِ، فَيَتَجَدََّّدُ مِثْلَ النَّسْرِ شَبَابُكِ." (مزمور 1:103-5)
وإذا ما تأكّدنا من صحبته لنا ومرافقته كل أيام حياتنا ينطبق علينا الأمر الوارد في 1صموئيل 24:12 "إِنَّمَا اتََّّقُوا الرَّبَّ وَاعْبُدُوهُ بِالأَمَانَةِ مِنْ كُلِّ قُلُوبِكُمْ، بَلِ انْظُرُوا فِعْلَهُ الَّذِي عَظَّمَهُ مَعَكُمْ." فهيّا بنا نراجع حسنات الرب علينا، التي هي جديدة في كل صباح.

المجموعة: كانون الأول (ديسمبر) 2020