يسوع المسيح هو الكل في الكل. هو مخلصنا وهو حياتنا وهو رجاؤنا. هو الذي أحبنا وأسلم نفسه لأجلنا إذ مات لكي يخلصنا ويمنحنا الحياة الأبدية.

"ليس لأحدٍ حب أعظم من هذا." هو نور العالم. من يتبعه لا يمشي في الظلمة، بل يكون له نور الحياة. (يوحنا 12:9)
من يؤمن به لا يُدان إذ "لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع." (رومية 1:8) كذلك كما جاء في رومية 1:5 "فإذ قد تبرّرنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح." هو الكل في الكل.
"كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان." (يوحنا 3:1) "الكل به وله قد خُلِقْ." (كولوسي 16:1) "كان في العالم وكُوِّن العالم به، ولم يعرفه العالم." (يوحنا 1:1) أتى لكي تكون لنا حياة ويكون لنا أفضل، جال يصنع خيرًا ويشفي جميع المتسلط عليهم إبليس (أعمال 38:10). وقبل موته وقيامته وصعوده إلى السماء، تكلم مع تلاميذه ابتداء من أصحاح 13-17 ليجهّزهم بخصوص فراقه لهم، وأكّد لهم أنه سيذهب إلى السماء ليعدّ لهم مكانًا حتى حيث يكون هو يكونون هم أيضًا معه (يوحنا 1:14-3). ثم قال لهم أنهم هم يعلمون أين هو ذاهب ويعلمون الطريق. فقال له تلميذه توما: "[يا سيّد، لسنا نعلم أين تذهب، فكيف نقدر أن نعرف الطريق؟] قال له يسوع: [أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي.]" (يوحنا 5:14-6) هذا هو موضوعنا: يسوع هو الطريق والحق والحياة.

أولاً: يسوع هو الطريق
الحياة على هذه الأرض هي رحلةٌ لا بدّ أن تنتهي. إما بالحياة الأبدية السعيدة، أو بالهلاك الأبدي في جهنم النار. لذلك يحتاج الإنسان إلى معرفة الطريق الصحيح للسعادة الأبدية. لأنه "توجد طريق تظهر للإنسان مستقيمة، وعاقبتها طرق الموت." (أمثال 12:14) ولأهمية هذه الحقيقة تتكرر العبارة في أمثال 25:16. نشكر الرب يسوع المسيح لأنه أعلن لنا أنه هو الطريق، ومن يتبعه لا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة (يوحنا 12:8). لذلك نحتاج لأن ندرس باهتمام حياته عندما كان على هذه الأرض. وأن نصغي إلى تعاليمه الجليلة المدوّنة لنا في الكتاب المقدس، ولا سيما في الأناجيل الأربعة. وكذلك نتأمّل في نصائحه على فم رسله القديسين فيما دوّنوه في رسائلهم الموحى بها.
أيها القارئ العزيز، ادرس تعاليم المسيح بشغف شديد، بعطش وجوع لأنه وعد قائلاً: "طوبى للجياع والعطاش إلى البرّ، لأنهم يُشبعون." (متى 6:5) اطلب منه أن يمنحك هذا الجوع والعطش إلى كلامه. اصغِ إليه وإلى كلامه. قال الرب يسوع: "خرافي تسمع صوتي وأنا أعرفها فتتبعني." (يوحنا 27:10) ومتى تبعته فأنت بكل تأكيد في الطريق الصحيح ويتمَّ لك ما قاله في الآية التالية: "وأنا أعطيها حياة أبدية ولن تهلك إلى الأبد، ولا يخطفها أحد من يدي." تأكد أيها القارئ العزيز أنه ليس هناك طريق آخر، كما قال هو في الآية التي هي موضوعنا، إذ بعد قوله "أنا هو الطريق والحق والحياة"، قال: "ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي." لأنه "يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس الإنسان يسوع المسيح." (1تيموثاوس 5:2)

ثانيًا: يسوع هو الحق
"ونعلم أن ابن الله قد جاء وأعطانا بصيرة لنعرف الحق ونحن في الحق في ابنه يسوع المسيح. هذا هو الإله الحق والحياة الأبدية." (1يوحنا 20:5)
ما أكثر المرات التي افتتح بها الرب يسوع كلامه بالقول: "الحق الحق أقول لكم." قال لبيلاطس عند محاكمته: "لهذا قد وُلدت أنا، ولهذا قد أتيت إلى العالم لأشهد للحق. كل من هو من الحق يسمع صوتي." (يوحنا 37:18) كثيرون أتوا قبله وادّعوا أنهم المسيح. كما ذكر غمالائيل في أعمال الرسل 34:5-39. قال المسيح عن هؤلاء: "جميع الذين أتوا قبلي هم سرَّاق ولصوص، ولكنّ الخراف لم تسمع لهم." (يوحنا 8:10) ما أجمل وعده إذ قال: "اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كَلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ، بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ." (يوحنا 24:5) احفظ هذه الآية في ذاكرتك وردّدها كثيرًا بفمك وقلبك، وأخبر بها الآخرين. إن فعلها عجيب! ولأنه هو الحق قال لليهود: "إن لم تؤمنوا أني أن هو ستموتون في خطاياكم." (يوحنا 24:8) "أما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا." (يوحنا 17:1)

ثالثًا: يسوع هو الحياة
هو الحياة الأبدية. "فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ. هذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللهِ. كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ. فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ، وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ." (يوحنا 1:1-4) من المهم جدًا أن نؤكد للجميع أن الإيمان الحقيقي لا بدّ أن يشمل الإيمان بابن الله يسوع المسيح الذي "به نحيا ونتحرّك ونوجد." فالاعتراف بوجود الله بدون الإيمان بالمسيح ابن الله هو إيمان وهمي - مثل إيمان الوثنيين. "الذي يؤمن بالابن له حياة أبدية، والذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله." (يوحنا 36:3) وفي 1يوحنا 12:5 "من له الابن فله الحياة، ومن ليس له ابن الله فليست له الحياة." وفي يوحنا 24:8 "فَقُلْتُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ تَمُوتُونَ فِي خَطَايَاكُمْ، لأَنَّكُمْ إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا أَنِّي أَنَا هُوَ تَمُوتُونَ فِي خَطَايَاكُمْ." ونقرأ في كولوسي 4:3 هذه الكلمات الجليلة: "متى أُظهر المسيح حياتنا، فحينئذ تُظهرون أنتم أيضًا معه في المجد." هلّلويا! يا له من رجاء مبارك يَفطِم قلب المؤمن عن محبة العالم وما في العالم. "لأَنَّ كُلَّ مَا فِي الْعَالَمِ: شَهْوَةَ الْجَسَدِ، وَشَهْوَةَ الْعُيُونِ، وَتَعَظُّّمَ الْمَعِيشَةِ، لَيْسَ مِنَ الآبِ بَلْ مِنَ الْعَالَمِ. وَالْعَالَمُ يَمْضِي وَشَهْوَتُهُ، وَأَمَّا الَّذِي يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ فَيَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ." (1يوحنا 16:2-17) الحياة الحقيقية هي التي عبَّر عنها الرسول بولس في غلاطية 20:2 "مع المسيح صُلبت، فأحيا لا أنا، بل المسيح يحيا فيّ."

كلمة ختامية: ليس الهدف من هذا المقال هو سرد آيات كتابية، أو ازدياد في المعرفة الذهنية – وإن كان هذا جيِّدٌ في حدِّ ذاته - وإنما الهدف هو أن يجذب الروح القدس قلوبنا لهذا الشخص الفريد، ربنا يسوع المسيح، الذي قال عنه الآب: "هذا هو ابني الحبيب الذي به سُررت. له اسمعوا." (متى 5:17)
ليت قلوبنا تمتلئ بمحبته. وليتنا نتمثّل به في محبته ووداعته وتضحياته لأجلنا، فتصبح حياتنا مثمرة لمجده وتُفرح قلب الله الذي أحبنا وبذل ابنه الوحيد الحبيب لأجلنا - يسوع المسيح هو الكل في الكلّ. هو الألف والياء. البداية والنهاية - ومحبتنا له تُفرح قلب الله الآب، كما تقول الترنيمة: "هذا سرور الآب أن نقصد دومًا مجده (أي مجد المسيح) هذا سرور الآب أن نرى يسوع وحده."آمين.

المجموعة: كانون الأول (ديسمبر) 2020