يعيش العالم كله اليوم في خوف واضطراب بسبب تفشّي وباء فيروس الكورونا، وبدأ ‏الناس ‏في حمّى لتخزين المواد الغذائية ومواد التنظيف، والكمّامات الواقية التي أصبحت سلعة ‏نادرة، ‏والأطباء يتوقعون أنّ المرض سيقضي على الآلاف أو ربما الملايين من الناس حول ‏العالم، قبل ‏أن يكون هناك علاج ناجح أو لقاح واقيٌ.

‏يُخبرنا الكتاب المقدس عن أخطر وباء اجتاح البشرية ليومنا هذا - ولكن للأسف الغالبية ‏لا تعمل ‏له حسابًا - إنه وباء الموت بالخطايا. يقول الوحي المقدس: "... بإنسان واحدٍ ‏دخلت الخطيّة إلى ‏العالم، وبالخطيّة الموت، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس، إذ أخطأ ‏الجميع." (رومية ‏‏12:5) ‏

فها هو أول إرهابي في سفر التكوين قايين الذي قَتَلَ أخاه هابيل، وبعد ذلك امتلأت ‏الأرض ‏بالعنف والظلم، وأرسل الله دينونة الطوفان لأن الخطيّة استفحلت في الإنسان. ولكن ‏هذا لا يعني ‏أنّ نوح وعائلته لم يكونوا يحملون طبيعة الخطيّة، فبعد الطوفان سَكرَ نوح ‏وتعرّى، وبعد مدة ‏من الزمن كانت خطيّة الكبرياء خطيّة جماعية في برج بابل، وبعد أن ‏تفرّق الناس في جميع ‏أنحاء الأرض بدأ الإنسان يُخدّر ضميره المشتكي عليه بعبادات وثنية ‏لكي تعطيهم فرصة لكل ‏الإباحيات. فعلى سبيل المثال عبد الفراعنة الخنفساء أو الجعران ‏وكانوا يطوفون حولها من أجل ‏جلب الخير والحظ. والرومان عبدوا الإله "ميركوري" إله ‏اللصوص والتجارة. والفينيقيون ‏عبدوا بعل زبوب إله القمامة لكي يُشفوا من الأمراض! وهم لا ‏يعلمون أنهم يقدّمون عبادة ‏للشياطين (1كورنثوس 20:10). وكلّما تقدمنا في تاريخ البشرية ‏نجد أن مرض الخطية يزداد ‏شدة ووبائية. فالأعراض مستشرية في كل الجسم من أسفل القدم ‏إلى قمة الرأس (إشعياء 6:1). ‏الأرجل تسرع لسفك الدماء، والأيدي تسرق، والفم يشتم، ‏والعين مملوءة بالفسق، وأصبح تفكير ‏الإنسان مشحونًا بالحسد، والقتل، والخصام إلى أن ‏أصبح الأمم مظلمي الفكر، يفرحون بالإثم بدل ‏الندم على الخطيّة. وباختصار أصبح جوهر ‏الإنسان ملوّثًا بالخطية (انظر مرقس 20:7-22) ‏لدرجة أصبحت المدن القديمة المذكورة في ‏الكتاب المقدس، عندما تُذكر تُعرف بخطاياها ‏الشهيرة. مثلًا، سدوم وعمورة والمدن التي حولها ‏مدن الإباحيات، وأهل جزيرة كريت دائمًا ‏كذّابون (تيطس 12:1). وأثينا مدينة التماثيل ‏الصنمية (أعمال 16:17). ‏

لقد أدرك الكثير من المؤمنين بالله قبل مجيء المسيح، أنه ليس هناك علاج للخطيّة من ‏جانب ‏الإنسان، حتى أنّ أيوب قال: ولو اغتسلتُ بالأشنان - أي بالصابون - فذلك لن ينفع. ‏وأحد أصدقاء ‏أيوب قال عن الإنسان إنه مثل الرمة أي جثة متفسخة لها رائحة كريهة، ‏فكيف يكون ذلك ‏الإنسان مقبولًا عند الله؟ ‏

ربما يتساءل أحد: ماذا عن الناموس؟ هل يستطيع أن يُنقذنا من وباء الخطيّة؟

إنّ الله أعطى الناموس لشعب واحد، وكان ذلك بمثابة اختبار: هل سيكونون أفضل من ‏بقية ‏الشعوب الذين لا يعرفون الله؟ وهل سينجح الناموس في علاج الشعب من وباء الخطيّة؟ ‏‏

وكانت النتيجة المُرّة: إن الناموس كان بمثابة الأشعة التي تكشف أماكن الإصابة في ‏الجسم ‏دون القدرة على العلاج. ووجد الإنسان من خلال الناموس ذلك المبدأ المتعارَف عليه ‏اليوم: كل ‏ممنوع مرغوب، وأن الخطيّة خاطئة جدًا خدعت الإنسان ونفثت سُمّها وقتلته ‏وبذلك أَصدر الله ‏حكمه على الجميع من يهود وأمم: "إنه لا فرق. إذ الجميع أخطأوا وأعوزهم ‏مجد الله... الجميع زاغوا ‏وفسدوا معًا. ليس من يعمل صلاحًا ليس ولا واحد."‏

ولِذلك كان لا بدّ لله أن يقوم بنفسه بحلِّ قضية وباء الخطيّة... والذي أعلن نفسه في ‏الماضي "أنا ‏الرب شافيك"، جاء إلينا بنفسه الطبيب العظيم ربنا يسوع المسيح، لأننا جميعنا ‏في حكم الهلاك ‏الأبدي بسبب وباء الخطيّة، فهو وحده القادر أن يرفع الخطية لأنه قدوس ‏بلا خطيّة. وفوق ‏الصليب دفع أجرة خطايانا بالكامل، وكلّ آثامنا قد وُضِعت عليه، وتمّت ‏تلك النبوة "العار قد ‏كسر قلبي فمرضت." لقد أخذ الرب يسوع أسقامنا وحمل أمراضنا فوق ‏الصليب، وسفك دمه ‏الكريم لأجل تطهير قلوبنا، وبموته أبطل مفعول الموت وأنار لنا الحياة ‏والخلود بواسطة الإنجيل، ‏أي الأخبار السارة. ‏

ربما يسأل أحد: ألا يموت المؤمن بالمسيح بفيروس الكورونا مثلما يموت غير المؤمن؟ ‏فالجواب ‏هو: نعم. ولكن الفرق شاسع لأن المؤمن الحقيقي الذي قبِلَ بكل تواضع العلاج في ‏صليب المسيح، ‏قد انتقل من الموت الروحي إلى الحياة. "الحق الحق أقول لكم: [إنّ من ‏يسمع كلامي ويؤمن بالذي ‏أرسلني فله حياة أبدية، ولا يأتي إلى دينونة، بل قد انتقل من ‏الموت إلى الحياة." (يوحنا ‏‏24:5) قارن ذلك مع أفسس 1:2-6 كنا أمواتًا ولكن صرنا ‏أحياء، ولم يعد الموت ‏عدوًّا يرعبنا. ‏

إن رقاد المؤمن الحقيقي بالرب هو جسر ينقل الأموات في المسيح إلى الفردوس (روحًا ‏‏ونفسًا)، ولكن الموت الثاني الذي هو الطرح في بحيرة النار والكبريت ليس من نصيب ‏المؤمنين ‏المُخلّصين بيسوع واهب الحياة الأبدية بالنعمة، لأنّ كل مؤمن نال من الرب ختم ‏الإيمان بالروح ‏القدس، وعلى قلبه مرشوش المصل الواقي - دم يسوع المسيح - الذي له ‏فاعلية تطهير القلب ‏والتكفير والتقديس من دنس وباء الخطيّة. وسوف يأتي الوقت الذي فيه ‏سينشد جميع المفديين ‏نشيد الظفر "أين شوكتك يا موت؟ أين غلبتكِ يا هاوية؟" أما غير ‏المؤمن الذي يرفض علاج ‏وباء الخطيّة، فهو يحكم على نفسه أنه غير مستحق للحياة ‏الأبدية، وإن بقي معاندًا ومات فسوف ‏يكون مصيره الهلاك الأبدي. ‏

وأخيرًا أسئلتي لك: هل أنت مُحَصّن؟ وهل على باب قلبك علامة أمان؟ وهل عندك ‏شهادة من الله ‏بشفائك من وباء الخطيّة ونوالك الحياة الأبدية؟ إن كان جوابك نعم، فاشكر ‏الرب لأجل نجاتك، ‏وإن كان جوابك لا، فأسرع وأرسل نداء استغاثة للرب كما يقول صاحب ‏المزمور "استغثت ‏بك فشفيتني." وبكل تواضع اطلب من الرب أن يدخل حياتك لكي تكون ‏محميًا بدم المسيح فتعبر ‏ضربة الهلاك الأبدي عبورًا أبديًا.  ‏

‏"لأنه هكذا أحبّ الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون ‏له الحياة ‏الأبدية." (يوحنا 16:3) ‏

المجموعة: أيار (مايو) 2020