من مأساة العبودية إلى انتصارات الحرية - 2

ورد في القسم الأول من المقال:
"بالرغم من العاطفة الصادقة لديّ بأنني أسرّ بناموس الله بحسب الإنسان الباطن، إلا أنني أيضًا

لا أستطيع التطبيق بسبب الطبيعة القديمة المسيطرة عليَّ. فليس هناك من رادع، لذا صرخ الرسول بولس هذه الصرخة المدوّية وتبِعها بـ "أشكر الله بيسوع المسيح ربنا! إذًا أنا نفسي بذهني أخدم ناموس الله، ولكن بالجسد ناموس الخطية." (24ب-25) وهذه هي الكلمة المفتاح: بيسوع المسيح ربنا.
في رومية 8 يدعوك الرسول إلى الحلّ. ويخبرنا أنَّ عدوَّ الخير وضعَك في سجن.
لهذا يقول بولس: "من ينقذني من جسد هذا الموت؟" أي من سجن العبودية. لكن، "لأنه من الداخل، من قلوب الناس، تخرج الأفكار الشريرة: زنى، فسق، قتل، سرقة، طمع، خبث، مكر، عهارة، عين شريرة، تجديف، كبرياء، جهل." (مرقس 21:7-22) لقد أعدَّ لك الله شيئًا رائعًا: "ما لم ترَ عينٌ، ولم تسمع به أذن، ولم يخطرْ على بال إنسان: ما أعدَّه الله للذين يحبونه." (1كورنثوس 9:2)
أجل، فهناك بديل لك ولي ولكل إنسان الذي يختبر نعمة المسيح. يقول لك الرب: أنا أحرِّرك منها وعندي الحلّ. إنه بديل الحرية والعتق من العبودية للخطية الساكنة فيَّ.

2- الحرية والعتق من الخطية
كلُّنا يعلم أن أمريكا احتلَّتْ أفغانستان في العام 2001 ولمدة عشرين سنة. وصرفت أموالًا طائلة بلغت أكثر من (1 تريليون دولار) كما قالوا وربما أكثر. والأهم من هذا هو النفوس التي زُهقت والأرواح التي خُسرت في تلك الحرب. ولكن للأسف بقي الوضع على ما عليه لا بل صارَ إلى حالٍ أسوأ. لأنَّ [طالبان]عادت وبشكل أقوى من السابق بسبب الأسلحة التي خلّفها الجيشُ الأمريكي وراءه والتي بلغت (30 مليار دولار). نعم، لا يوجد حلٌّ للطبيعة القديمة. لكنْ إليك صديقي ما قاله الرسول بولس في (رومية 1:8) "إذن لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع، السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح." أي حين تختبر خلاص المسيح لن يعود عليك دينونة. لأنه يأخذ خطيتك وهو يعطيك برَّه. لذا يجب ألَّا تدينَ أنت نفسك أيضًا فيما بعد، ولا لزوم البتة لإماتة الجسد كما يفعلُ البعض! لماذا؟ لأنّه يتابع ليقول: "لأنَّ ناموس روح الحياة في المسيح يسوع (أي قانون روح المسيح وليس الوصايا) قد أعتقني من ناموس الخطية والموت." (رومية 2:8) فقانون الجاذبية يجذبك دومًا إلى الأرض بالطبع. خذ مثلًا عصفورَيْن بين يديك أحدهما ميّت والآخَر حيّ. وارمِهما إلى أعلى في الهواء، فإنَّ الميت يقع للحال ويسقط أما الحيّ فيرتفع ويحلّق. هذا ما يعنيه روح الحياة، هذا هو المؤمن الذي وُلد من فوق، من روح الله. حين كنّا أمواتًا بالذنوب والخطايا نقع وتسيطر علينا الخطية. من هنا نرى ضرورة الولادة الثانية من الروح. وكذا أن نقادَ يوميًّا من الروح ونمتلئ بالروح. يقول: "لأنَّه ما كان الناموس عاجزًا عنه، في ما كان ضعيفًا بالجسد، فالله إذ أرسل ابنه في شبه جسد الخطية، ولأجل الخطية، دان الخطية في الجسد، لكي يتمَّ حكمُ الناموس فينا، نحن السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح." (رومية 3:8-4) وهذا يعني أنَّ ابن الله أتى في شبه جسد الخطية مثلنا ضعيفًا، لكن ليست فيه طبيعة الخطية. لهذا وُلد من مريم العذراء بعد أن حلَّ الروحُ القدس عليها. أتى ليدين الطبيعة القديمة فينا. يقول البعض: ما ذنبُنا أن نرث الطبيعةَ القديمة الساقطة ونتحمَّل دينونتها؟ والجواب هو أنَّ الطفل إذا مات فإنه يكون مع الرب في السماء، ولن يحاسَبَ لأنه لم يدرك بعد الخير من الشر. أما نحن الكبار فمسؤولونَ أمام الله بسبب الطبيعة القديمة في حال رفضنا حلَّ الله المقدَّم لنا عن طريق المسيح والولادة الثانية. هناك أشياء كثيرة في علم الوراثة والجينات والحمض النووي صرنا ندركُها أكثر من ذي قبل بسبب تطوُّر العلم. إذًا نحن مسؤولون إذا كانَ العلاج متوفّرًا أمامنا ليداوينا ونحن نرفض هذا العلاج أليس كذلك؟ لأنَّ الرب يسوع يقول: "وتعرفون الحق والحق يحرِّركم. فإنْ حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحرارًا." (يوحنا 32:8 و36)

3- طريق الانتصارات الروحية
أما موضوع الحرية والانتصارات الروحية فهذا لن يحصل بشكلٍ أتوماتيكي لأنَّ لدينا الآن خَيار. لذلك يقول: "اسلكوا بالروح فلا تكمّلوا شهوة الجسد." (غلاطية 16:5) أي يوميًا ينبغي أن نعيش منقادين بروح المسيح. "لأنَّ الجسد يشتهي ضّد الروح والروح ضد الجسد." (ع 17) هكذا نستطيع أن نحيا حياة المسيح على الأرض. ولهذا يقول أيضًا: "لأن اهتمام الجسد هو موت، ولكن اهتمام الروح هو حياة وسلام." (رومية 6:8) "فإذًا أيها الإخوة نحن مديونون ليس للجسد لنعيش حسب الجسد. لأنه إن عشتم حسب الجسد فستموتون، ولكن إن كنتم بالروح تميتون أعمال الجسد فستحيَوْن. لأنَّ كلَّ الذين ينقادون بروح الله، فأولئك هم أبناء الله." (رومية 12:8-14)
والآن يا أخي المؤمن، كرِّس حياتك من جديد له، وقل للرب: نقِّني من كل خطية واملأني بالروح القدوس. فيقودك روحه يوميًا ويمنحك قوة ونصرة حتى في الفكر. "مستأسرين كلَّ فكر إلى طاعة المسيح." (2كورنثوس 5:10 ب) حوِّل كلَّ فكرٍ لا يليق إلى الصليب وَأْسِرْهُ إلى طاعة المسيح.

4- البركات والامتيازات البنويّة
نعم، إنَّ كل الذين ينقادون بروح الله، فأولئك هم أبناء الله (ع14) فدعوة الله لك إذًا هي أن تعيش كابنٍ وليس كعَبد. إذ منحك الله روح التبنّي فتصرخ "يا أبا الآب". "إذ لم تأخذوا روح العبودية أيضًا للخوف، بل أخذتم روح التبني الذي به نصرخ: [يا أبا الآب.]" (15) وإذا لم تختبر بعد هذه البنويَّة صلِّ من القلب وتُبْ وارجِع إلى المخلص الرب يسوع ، واطلب منه أن يصبح سيدًا وربًا على حياتك. أما إذا اختبرت وتريد الحياة الروحية المملوءة بالروح القدس فكرِّس نفسك من جديد له وقل له:
أختار الحياة معك يا رب وليتقدَّسِ اسمُك في حياتي. سيطر عليَّ بروحك القدوس.
نعم، هناك قوة روحه العظيمة ترافقك وتعضُدك. عندها وعندها فقط تستطيع أن تعيش حياة المسيح المقدسة هنا على هذه الأرض.

المجموعة: تشرين الأول (أكتوبر) 2022