عرفت المسيح الذي غيّر حياتي إلى الأبد.

أنا حاتم... وُلدت في إيران في عائلة متديِّنة.. وكنت في طفولتي أؤدي الصلوات الخمس يوميًا... لكنني لم أفهم حقًا ما كنت أفعله. ولم تكن هذه الفرائض الدينية تلمس قلبي لأنني كنت أؤديها إرضاء لأهلي من ناحية، ومن ناحية أخرى كنت لا أشعر أنها حقًا تقرّبني من الله سبحانه، بل هي مجرد ممارسات طقسية وكلمات محفوظة عن ظهر قلب استظهرها دون عمق في مشاعري وضميري.
ثم سافرت إلى دولة في وسط آسيا حيث تابعت سنوات الدراسة الجامعية هناك. وحدث في ذلك الوقت أن اندلعت الحرب بين بلدي إيران والعراق، والتهمت الحرب أرواح الكثيرين من الإيرانيين، وبينهم أربعة من أصدقائي... فحزنت عليهم جدًا، وفكرت كثيرًا في الحرب وآثارها وخاصة عندما تكون الحرب بين دولتين يظن الكثيرون أن لهما ثقافة وعقائد مشتركة.
أعترف لكم، أنني كنت أناجي نفسي وأقول: "إذا كان الله موجودًا حقًا، فلماذا لا يفعل شيئًا إزاء كل هذا الدمار الذي ينصبّ على وطني وأصدقائي ويهدِّد أهلي وعشيرتي؟!"
أثناء إقامتي في بلد بوسط آسيا تصادقت مع طالب إيراني آخر، وشاركته المسكن، وتعرّفت عن طريق ذلك الصديق على مجموعة من الشباب الدارسين بنفس الجامعة.
ذات يوم، شاهدت صديقي ينهض باكرًا من نومه ويخرج من منزلنا على غير عادة، ولما رجع في المساء سألته أين كان طيلة النهار وخاصة أنه كان ذلك اليوم عطلة نهاية الأسبوع.
- كنت في مكان ما مع مجموعة من الأصدقاء الدارسين معنا.
- ولماذا لم تدعني للخروج معكم؟
- لأنني كنت بحاجة إلى أن أسألهم عن بعض الأسئلة التي تهمني عن معنى الحياة والسلام والحياة الأبدية!
- ولماذا لم تسألني أنا هذه الأسئلة؟ لماذا هؤلاء الأصدقاء بالتحديد؟
- لأنني وجدتهم مختلفين عني وعنك من ناحية السلام النفسي والارتياح، ومحبتهم بعضهم لبعض، وسمعتهم يتكلمون عن السيد المسيح. ولا أخفي عنك سرًا وهو أنني أريد أن أعرف أكثر عنه. ووجدت عندهم الجواب!
- أي جواب؟
- إن أهم ما يميّز الله المعبود لدى المسيحيين هو أنه إله محبّ يتحنّن على البشر جميعهم.. حتى على الذين يشكّون في وجوده مثلك! كما أنهم حدّثوني عن الترتيبات العجيبة التي قام بها الله سبحانه لإظهار ذاته من خلال المسيح بن مريم. وأنه مهما كانت ممارساتي الدينية حسنة فلن تضمن دخولي الجنة لأن الله بنعمته - أي هديته المجانية - والإيمان بفداء المسيح الذي تمّمه على خشبة الصليب قد دفع دَيْني عن كل آثامي وضمن لي دخول الجنة. وقد فتحت قلبي للروح القدس، وعرفت معنى السلام الحقيقي والرجاء وصرت فرحًا، وأنا أدعوك الآن لتعرف المسيح كما عرفته أنا لتضمن أنت أيضًا الجنة.
ساد الصمت بيننا... وكدت أخرج من المنزل وأتركه وحيدًا، لكنني فوجئت بصديقي يناولني جزءًا من الكتاب المقدس باللغة الفارسية! تناولته.. وشعرت برجفة وأنا أمسك به... اعتراني مزيج من المشاعر والأفكار، والرهبة، والرفض، وحبّ الاستطلاع لما في الكتاب، وحنين للغة بلدي، وهوذا الكتاب أمامي!!! لكنني أعلم أنني فقدت إيماني بوجود الله، وندمت أنني كنت أؤدّي الصلوات الخمس يوميًا في طفولتي غضبًا لسماحه بضرب بلدي وأصدقائي.. وعمدًا ألقيت بالكتاب في ركن بإحدى زوايا غرفتي حتى لا تقع عيني عليه مرة أخرى!
مرت أيام وشهور واستغرقت في الاستذكار حتى جاء شهر شباط (فبراير) من عام 1984. في تلك الأثناء، تجدّد قصف طائرات العدو لبلدتي في إيران، وعلمت أن شقيقي قد التحق بالمقاتلين في الجبهة الأمامية للقوات الإيرانية... غضبت وخفت عليه، وأصابني الإحباط... ثم صرخت بأعلى صوتي في صديقي الذي كان يشاركني السكن وقد كان صبورًا متحمّلًا كل سخافاتي في الشهور الماضية. كان يصلي وحده يوميًا، ويقرأ من نسخة مماثلة للجزء الذي أهداه لي من الكتاب المقدس.. بينما كنت أتهكّم عليه وأمزح معه وأسخر من إيمانه الجديد.
بعد أن صرخت في وجهه، عرض عليّ صديقي أن نصلي معًا من أجل شقيقه وأحداث الحرب في بلدي... لكن غضبي وكبريائي منعانني. فتركته تحت سطوة كآبتي واعتليت سطح داري.. وجلست هناك أنفث غضبًا... وبعد أن هدأت نسبيًّا وجدت نفسي أصرخ إلى الله:
"إن كنت موجودًا حقًا، لمَ لا تفعل شيئًا لإنقاذ أخي ووطني، وحلّ جميع مشاكلي؟"
وانفجرت باكيًا... وطال بكائي... وعويل صياحي... فسمعني شريك سكني... ثم صعد إليّ وجلس إلى جواري... ووجدت نفسي أرفع معه صلاة لله: "بسماحٍ منك أنتظر العفو عن بلدي، وبقدرتك غير المحدودة أرجو أن تحمي شقيقي وأهلي وعشيرتي وكل وطني."
ومرة أخرى وجدت صديقي وشريكي في السكن يخرج من جيبه جزءًا من الكتاب المقدس ويقرأ لي: "هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية." (يوحنا 16:3) توجّهت بقلبي وعقلي ووجداني نحو الله وطلبت منه الغفران، وسلّمت حياتي للفادي الذي كل من يؤمن به لا يهلك، بل تكون له الحياة الأبدية. ما أعظم عمل الرب يسوع المسيح الذي بموته على الصليب أتمّ الفداء! ومَن غيره قدَّم مثل هذا الضمان؟!
حمدًا لله على النصرة التي لي في المسيح الذي غيّر حياتي إلى الأبد!
لم يحدث أي سوء لشقيقي. إلا أنني حريص أن أقصّ عليه اختباري مع المسيح فلا أكون أنانيًا بل مهتمًّا بسلامه ومصيره الأبدي.

المجموعة: تشرين الأول (أكتوبر) 2022