"... وَإِذَا رَجُلٌ حَبَشِيٌّ خَصِيٌّ، وَزِيرٌ لِكَنْدَاكَةَ مَلِكَةِ الْحَبَشَةِ، كَانَ عَلَى جَمِيعِ خَزَائِنِهَا. فَهذَا كَانَ قَدْ جَاءَ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيَسْجُدَ فَبَادَرَ إِلَيْهِ فِيلُبُّسُ، وَسَمِعَهُ يَقْرَأُ النَّبِيَّ إِشَعْيَاءَ، فَقَالَ: «أَلَعَلَّكَ تَفْهَمُ مَا أَنْتَ تَقْرَأُ؟»

فَقَالَ (أي الرجل الحبشي): «كَيْفَ يُمْكِنُنِي إِنْ لَمْ يُرْشِدْنِي أَحَدٌ؟». وَطَلَبَ إِلَى فِيلُبُّسَ أَنْ يَصْعَدَ وَيَجْلِسَ مَعَهُ. (أعمال الرسل 27:8، ٣٠-٣١)

— للأخت ڤيڤيان بنيامين

نقرأ هذهِ الآيات التي وضعها أمامنا الوحي الإلهي بكل تواضع وبدون مبالغة لأنها صوت الحق والحقيقة الكاملة دائمًا وأبدًا. إنها عن رجلٍ حبشيٍّ بمنصب وزير، لعلَّنا نتعلم شيئًا من تواضعهِ. صحيحٌ أنه كان رجل دولة، لكنه كان كطفلٍ ينتظر من يُرشدهُ، وفي الوقت ذاته كان أمينًا في طلبهِ للحقِّ وإرشاد الرب لهُ.
لربما وضعتنا الحياة لنلتقي برجالٍ ونساء ذوات شأن عالٍ في المجتمع وذو مكانة راقية، سياسيًّا ودينيًّا وعلميًّا، ولكن لربما كانوا يفتقدون الى حسِّ التواضع الموجود في هذا الرجل الغريب القادم من أرضٍ بعيدة ليسجد في أورشليم للرب الإله. التواضع الذي أتكلّم عنهُ ليس تواضعَ الزيِّ أو تواضعَ المعاملة، لكنه التواضع في طلب الحق الإلهي. فهذا الرجل كان يقرأ الكلمة المقدسة لكنه لم يكن فاهمًا ماذا تقول. وحين سألهُ فيلبّس هل يفهم ما كان يقرأه، كانت إجابتهُ في قمة الرُقي والتواضع:
كيف يُمكنني - أن أفهم - إن لم يرشدني أحد؟
لم يقُل: "أنا وزير وكيف تقول لي هل أنا بفاهم؟!" إجابته هذه المُتَّسمة بالوداعة والتواضع جعلت الرب يفتح قلبَهُ وذهنَهُ ليفهم الكلمة المقدّسة ويؤمن بالرب يسوع المسيح بأنهُ ابن الله الحيّ الأزلي، وينال الخلاص والحياة الأبدية. لقد وَضَعَ نفسهُ فرفَّعهُ الله "لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَرْفَعُ نَفْسَهُ يَتَّضِعُ وَمَنْ يَضَعُ نَفْسَهُ يَرْتَفِعُ." (لوقا 11:14) هكذا هي الحياة المسيحية الحقيقية المُتّسمة بالوداعة والتواضع كسيدها الرب يسوع المسيح لهُ المجد.
عزيزي القارئ الفاضل، إني أدعو نفسي أولاً، وأنت ثانيًا، لنفحص ذواتنا ومقدار تواضعنا في طلبنا للحقّ الإلهي المبنيّ على كلمتهِ المقدّسة لخلاصنا بالرب يسوع المسيح. إنها دعوة لنطلب ونفهم كلمة الرب حتى وإن جاءت من أصغر عضوٍ في جسد المسيح. لا تهمّ الرتبة التي تنتمي لها ولا الشهادة التي تتمسّك بها، فإن كانت خالية من الأمانة والحق الذي هو في يسوع المسيح، يؤسفني أن أقول لك: أنت لا تمتلك شيئًا... ليس لك الحقّ الذي هو في الرب يسوع المسيح ولا الخلاص ولا الحياة الأبدية.
المسألة سهلة، إن كنت حقًا تهتم بخلاصك وخلاص المُحيطين بك، كلّ ما عليك أن تفعله هو أن تتواضع وتسأل...
اطلب أولًا من ربّ المجد أن يُعينك ويُرشدك ويُعلّمك، وثانيًا اسأل خدام الرب الأمناء ليساعدوك على فهم الكلمة المقدسة، وأخيرًا أتركك لتستعين بالحق الإلهي وإرشاده لك لتنال الخلاص والحياة الأبدية.

المجموعة: تشرين الثاني (نوفمبر) 2022