حين يكتب إنسان كتابًا لا بدّ أن يكون مقتنعًا بأن القارئ سيجني فائدة من قراءته.

فما بالك إذا أعطانا الله كتابه المقدس الذي استغرقت كتابته حوالي 1400 سنة، واستخدم في كتابته حوالي 40 شخصًا، جعلهم يكتبون ما أوحى لهم الله بروحه القدوس، فكتبوا مسوقين من الروح. لم يكتبوا طبقًا لمشيئتهم الشخصية أو آرائهم الدينية. والآن سنلقي نظرة على بعض الفوائد التي نربحها من قراءته ودراسته وإطاعة وصاياه.
الإنسان بطبيعته ميتٌ روحيًا ولو كان قويًّا جسديًّا أو بطلاً رياضيًا. ولكن الله رتّب له أن يولد من جديد بواسطة كلام الرب والإيمان به. قال الرب يسوع: "الحق الحق أقول لكم: إن من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية، ولا يأتي إلى دينونة، بل قد انتقل من الموت إلى الحياة." (يوحنا 24:5) وقال الرسول بطرس: "مولودين ثانية لا من زرع يفنى، بل مما لا يفنى بكلمة الله الحية الباقية إلى الأبد." (1بطرس 23:1)
هذه أول وأهم فائدة يجتنيها الإنسان الذي يؤمن برسالة الخلاص المدوّنة في الكتاب المقدس. ولكن بعد أن يولد الإنسان يحتاج إلى طعام لكي يحيا ويتقوّى. "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل كلمة تخرج من فم الله." (متى 4:4) فكلام الله هو طعامنا الروحي. يمكننا أن نشبّه كلام الله بمائدة كبيرة عليها كل أنواع الطعام المغذّي. فيها ما يتلذّذ به الطفل الصغير وما يتقوّى به الشاب. لذلك لا تتعجب أيها القارئ العزيز إن كانت هناك أشياء فيه لا تستطيع أن تدركها، ولكن اعلم أنك بالمثابرة ستنمو نموًّا مستمرًّا فتستطيع فيما بعد أن تأكل الطعام القوي.
جاء في رسالة بطرس الأولى 2:2 "وكأطفال مولودين الآن اشتهوا اللبن العقلي العديم الغشّ لكي تنموا به." وفي عبرانيين 14:5 "وأما الطعام القوي فللبالغين الذين بسبب التمرّن قد صارت لهم الحواس مدرّبة على التمييز بين الخير والشر." كلّما واظبت على قراءة كلام الله كلّما ازداد نموّك... فتقول مع إرميا النبي: "وُجد كلامك فأكلته فكان كلامك لي للفرح ولبهجة قلبي، لأني دُعيت باسمك يا رب إله الجنود." (إرميا 16:15) فنرى أن كلام الله هو مصدر فرح للمؤمن. وهذا للصغير كما للكبير. فكلام الله يشبه البحر الكبير الواسع الأطراف. يلعب الطفل على الشاطئ ويفرح ويضحك، والصبي يتقدّم فيه بضع خطوات، أما الشاب فيسبح مسافات أكثر. والبحّار يذهب إلى أبعد وأبعد. أما علماء جغرافيا المحيطات oceanography فيدرسون ما يوجد في أعماق البحار والمحيطات. هكذا كل مؤمن يمكنه أن يجد ما يملأ قلبه بالفرح في كلام الله.
بالإضافة لهذا كله، فإننا نحتاج إلى إرشاد في رحلتنا في هذا العالم. والكتاب المقدس هو أحسن مرشد. جاء في مزمور 105:119 «سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي.» هذا المزمور يتكوّن من 176 آية، منها 170 آية تشير إلى فوائد الكتاب المقدس. نحن نعيش في عالم غارق في الخطيئة. وهناك حرب روحية، فما هو سلاحنا؟ إنه كلام الرب «سيف الروح الذي هو كلمة الله.» (أفسس 17:6)
لو راجعت ما جاء في أفسس 10:6-17 لوجدت أنه مرتبط بكلام الله والصلاة.
ولأن عالمنا ملوّث بالخطيئة ونحن نحتاج إلى ما يغسلنا من تأثير هذا العالم - حين غسل الرب أقدام التلاميذ (يوحنا 13) علّمهم أننا اغتسلنا مرة (أي بدمه) وهذا لا يحتاج إلى تكرار لأن «دم يسوع المسيح ابنه، يطهّرنا من كل خطية.» (1يوحنا 7:1) ولكننا نحتاج باستمرار إلى غسل أقدامنا (أي سلوكنا)، وهذا بماء الكلمة كم جاء في أفسس 26:5 أن المسيح أحبّ الكنيسة وأنه يقدّسها ويطهرها بغُسل الماء بالكلمة (أي كلام الله).
فنرى إذًا أهمية الكتاب المقدس، إذ هو
يقدّم لنا بشارة الخلاص والولادة الجديدة،
وهو طعامنا الروحي.
كما أنه مصدر الفرح والابتهاج الحقيقي.
كذلك هو النور والإرشاد لسيرنا هنا.
هو سلاحنا الروحي،
كما أنه يغسلنا وينظّف سلوكنا في هذا العالم.
حقًا، لنا أن نقول مع كاتب مزمور 119: «لكلِّ كمالٍ رأيت حدًّا، أما وصيتك فواسعة جدًا.» (عدد 96)

المجموعة: كانون الأول (ديسمبر)2023