طفر الشباب فرحًا في كوريا الجنوبية في العام الماضي عندما سمحت السلطات من جديد بإقامة الاحتفالات المعتادة بعيد الهالوين

في منطقة إتايوان التي تعجّ بالملاهي الليليّة بعد أن حرمتهم جائحة الكورونا من الاحتفال لعامين متتاليَيْن. وهكذا اندفع ما يقدّر بمئة ألف شخص، أكثرهم من الشباب، بأزياء تنكّرية بقرب فندق هاملتون الواقع في شارع رئيسيّ تحيط به أزقّة شديدة الانحدار. وصار الناس يتدافعون مثل الأمواج، وتكوّموا بعضهم فوق بعض، وصار بعضهم ينزف وآخرون يفقدون وعيهم، وعلَتْ صرخات المستغيثين طلبًا للعون، وكانت المأساة بوفاة 159 منهم وإصابة 196 آخرين. وكانت أغلبية الضحايا في العشرينيّات من العمر، ومن 20 بلدًا من بلدان العالم.
هل في عيد الهالوين ما يستحقّ ذلك التجمّع الذي أدّى إلى تلك الكارثة؟
كيف بدأ الهالوين؟
تمتدّ جذور عيد الهالوين إلى احتفالاتٍ وثنيّة أقامها السلتيّون في أوروبا للترحاب بالحصاد في آخر الصيف وسمّوها احتفال سهوين. ثم مع بداية القرن التاسع الميلاديّ ابتدأت كنائس إيرلندا تحتفل بعيد جميع القدّيسين في الأول من تشرين الثاني. انتقلت بعض الطقوس الوثنيّة إلى هذا العيد، وصار الناس يحتفلون في الليلة السابقة للعيد بما يُسمّى All Hallows Eve أي ليلة جميع القدّيسين، ثم سمّي العيد لاحقًا بعيد الهالوين من Hallow-e’en. وقد نقله المهاجرون إلى الولايات المتّحدة في القرن التاسع عشر، وعاد بفعل العولمة فانتشر إلى جميع أنحاء العالم في القرنين الأخيرين.
ويشير اللون الأسود في نظر السلتيّين إلى "موت" الصيف، كما يشير اللون البرتقاليّ إلى موسم الحصاد في فصل الخريف، وهذان هما اللونان الأكثر استخدامًا في هذا العيد.
لا نريد أن نكون كالفرّيسيّين الذين كانوا يسنّون قوانين للناس لم تكن في كلمة الله، ولكنني أدعو القارئ للتفكير في بعض ممارسات عيد الهالوين ومقارنتها مع بعض الآيات الكتابية لنسلك كما يحقّ لله.

1- تزيين البيوت والأبنية
بلغت نفقات الشعب الأميركيّ في عيد الهالوين في الولايات المتحدة في العام 2022 ما بلغ 10.6 مليار دولار أميركي وفقًا لمؤسسة (National Retail Foundation)! أُنفِق معظم هذا المال على تزيين البيوت وأماكن العمل والمحلّات التجارية وشراء الحلوى. ومن الغريب أن نرى البيوت مثل المقابر، ويا ليتها كالمقابر العادية التي ترى فيها الورود والصلبان، لكنها مزيّنة ببيوت العناكب على جدرانها وربما بهياكل عظميّة ضخمة وجماجم. نحن مدعوّون لكي لا نشترك في أعمال الظلمة غير المثمرة بل بالحري نوبّخها. بما أن عيد الهالوين قريب من عيد الشكر، نرى بعض المؤمنين يضعون عوضًا عن الزينة المظلمة آياتٍ عن الشكر، أو رسوماتٍ تدلّ على الامتنان لعطايا الله الكثيرة.

2- أزياء العيد
كان ارتداء الثياب التنكريّة يهدف لطرد الأرواح لِجَعْلها تخطئ في معرفة الشخص الذي يرتديها. واليوم يختار بعض الأهل أزياءً لطيفة لأطفالهم ليبدوا مثل الملائكة أو رجال الإطفاء أو أصحاب المهن الأخرى، ولكنّنا صرنا نرى في السنين الأخيرة أطفالًا صغارًا بثياب مرعبة، وعلى وجوهم الصغيرة البريئة أقنعة عليها أنياب حادة، ودماء وعيون مخيفة. وقد وجد بعض البالغين في عيد الهالوين فرصةً للظهور بثياب العاهرين بحجّة أنها أزياء تنكّرية. كتب الرسول يوحنّا لتلميذه غايس في رسالته الثالثة والآية 11، "أيها الحبيب، لا تتمثّلْ بالشرّ بالخير، لأنّ من يصنع الخير هو من الله، ومن يصنع الشرّ، فلم يبصر الله." كما كتب يهوذا، "مبغضين حتى الثوبَ المدنّس من الجسد." (يهوذا 23) حريّ بنا أن نحذر من الانجراف في تيّار العالم فنحن مسؤولون عما نرتديه من ثياب في كل يوم، سواءٌ كان عيدًا أم لم يكن عيد، في حفلة عرس أم في يوم عاديّ، كما أنّنا مسؤولون كأهلٍ عما نُلبِسه لأطفالنا.

3- تقديم الطعام والحلوى
كان السلتيّون يتركون الأطعمة والحلوى لإرضاء الأرواح الشريرة العابرة في الأرض تلك الليلة واتّقاءً لأذيّتها. وفي أيامنا يجول الأطفال طلبًا للحلوى، ويجمعون أكياسًا كبيرة يبدؤون في تناول ما فيها حالما يحصلون عليها. تزداد الإصابات الهضميّة لدى الصغار والكبار، وتردّد الأطفال لعيادات طب الأسنان في الأيام التالية لعيد الهالوين. تعلّمنا كلمة الله الانضباط في كلّ شيء وفي كلّ حين. من غير المقبول أن نسمح لطفل بتناول كميةٍ كبيرة من الحلوى لمجرّد أنه عيد، هذا يضرّ بصحته عمومًا وصحّة أسنانه، علاوةً على أنّه يعطي الأطفال انطباعًا سيئًا مفاده أنّ هذا اليوم أتحرّر فيه من قيود الطعام. والمؤسف أنّ البالغين يحتاجون في كثيرٍ من الأحيان إلى انضباطٍ فيما يتعلّق بتناول ما يضرّ أجسادهم لذلك لا يعبأون إذا كان الصغار كذلك.

4- حفلات الهالوين
من المؤسف أن نسمع بعض الناس يتذمّرون على هذا العيد "المسيحيّ" الذي صار غير المسيحيّين يقلّدونه. من قال لهم إنه عيد مسيحيّ! لا علاقة لمسيحنا البارّ بهذه الاحتفالات المظلمة. والانغماس في الشرب في مثل هذه الحفلات يقود إلى النجاسة، بالإضافة إلى حوادث السيارات الكثيرة في تلك الليلة. لقد دعينا في المسيح لنكون نورًا، "ولا تشتركوا في أعمال الظلمة غير المثمرة بل بالحريّ وبّخوها." (أفسس 13:5)، كما دعينا إلى الحريّة، ولكنّ هذه الأفعال هي ما يحذّرنا منها الربّ في رسالة بطرس الأولى 16:2، "كأحرارٍ، وليس كالذين الحرية عندهم سترةٌ للشرّ، بل كعبيد الله."
هل يمكن عمل ما هو مختلف في عيد الهالوين؟
في الفترة الأخيرة نرى كنائس كثيرة تستخدم فرصة عيد الهالوين للخدمة. تعقد الكنيسة مثلًا اجتماعات تدعو فيها الأطفال وأهاليهم، ويتطوّع المؤمنون الراشدون ليلعبوا مع الأطفال ويظهروا لهم محبّة المسيح.
أما على الصعيد الفرديّ، نجد بعض المؤمنين المثقلة قلوبهم بمشاركة الإنجيل يستغلّون فرصة قرع أبوابهم لتوزيع النبذ، كما يتعرّفون على الجيران والآخرين بهدف هديهم إلى المسيح.
يا ليتنا نمتحن كلّ شيء ونتمسّك بالحسن (1تسالونيكي 21:5)، فنحن مسؤولون عن تصرّفاتنا في كلّ يوم من أيام السنة، وسوف نقدّم حسابًا لمن اشترانا بدمه لنعيش قدّيسين له في عالمٍ مُظلم.

المجموعة: تشرين الأول (أكتوبر) 2023