كلمة "مسيحيّ" في الكتاب المقدس: ورد ذكر كلمة "مسيحي" في ثلاثة مواقع من الكتاب المقدّس.

وهي الكلمة الأكثر استخدامًا في وصف المؤمنين بالرّب يسوع المسيح، وهذه المواقع الثّلاثة هي:
1- أعمال الرسل 26:11 وكان ذلك حوالي سنة 40 م. وقد أطلق أعداء الكنيسة هذه الكلمة على المؤمنين بيسوع للسخرية بهم. أي إن استخدام الكلمة أو إطلاقها بدأ في أوقاتٍ وظروف صعبة؛ أي في زمن ملاحقة واضطهاد المؤمنين بشخص الرّب يسوع المسيح.
2- أعمال الرسل 28:26 أي بعد 15 سنة من بدءِ استخدام الكلمة، وذلك حين قال الملك هيرودس أغريباس لبولس الرّسول: "بِقَلِيلٍ تُقْنِعُنِي أَنْ أَصِيرَ مَسِيحِيًّا." وهذا يدلّ على سرعة انتشار الكلمة، حتّى أنّ الملوك سمعوا بها، وكيف أنّ المؤمنين قد قبلوا بها.
3- بطرس الأولى 15:4-16 يحثّ بطرس الرسول المؤمنين على أن لا يتألّموا نتيجة تصرّفاتٍ لا تليق بالمسيحيّ، فيقول لهم بوحيٍ من الله: "فَلاَ يَتَأَلَّمْ أَحَدُكُمْ كَقَاتِلٍ، أَوْ سَارِقٍ، أَوْ فَاعِلِ شَرٍّ، أَوْ مُتَدَاخِلٍ فِي أُمُورِ غَيْرِهِ. وَلكِنْ إِنْ كَانَ كَمَسِيحِيٍّ، فَلاَ يَخْجَلْ، بَلْ يُمَجِّدُ اللهَ مِنْ هذَا الْقَبِيلِ." وكان هذا زمن اضطهاد للكنيسة. أي أصبحت الكلمة تحمل معنًى جديدًا يدلّ على الشّجاعة في إعلان الشّخص لإيمانه بالرّب يسوع المسيح.

من هو المسيحيّ بحسب كلمة الله؟
المسيحيّ هو جزء من خطّة الله الأزليّة وغير المتغيّرة للوجود البشري. ويعلن لنا الله في الكتاب المقدّس مجموعة من الصّفات والمميّزات للإنسان المسيحيّ.
1- المسيحيّ إنسانٌ حرّ: "فَإِنْ حَرَّرَكُمْ الاِبْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَارًا." (يوحنا 36:8) فالرّب يسوع المسيح هو معطي الحرّيّة الحقيقيّة للإنسان، فحتّى الحرّ سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا يبقى عبدًا للخطيّة والشرّ وشهوات الجسد.

2- المسيحيّ إنسانٌ متصالح مع الله والناس: "وَلَكِنَّ الْكُلَّ مِنَ اللهِ، الَّذِي صَالَحَنَا لِنَفْسِهِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَأَعْطَانَا خِدْمَةَ الْمُصَالَحَةِ". (كورنثوس الثانية 18:5) يتصالح الناس الأعداء عندما يتمّ إحضارهم معًا. وفي حالة الإنسان المسيحي، فإن الله أخذ المبادرة وتصالح مع الإنسان الخاطئ بموت الرّب يسوع المسيح على الصليب.

3- المسيحيّ هو ابنٌ أو بنت روحيّة لله: "إِذْ لَمْ تَأْخُذُوا رُوحَ الْعُبُودِيَّةِ أَيْضًا لِلْخَوْفِ بَلْ أَخَذْتُمْ رُوحَ التَّبَنِّي الَّذِي بِهِ نَصْرُخُ: يَا أَبَا الآبُ." (رومية 15:8) فالمسيحيّ هو عضو في عائلة الله الذي يتبنّى المؤمن والمؤمنة كأولادٍ وبناتٍ له. فعندما نصبح مسيحيين فإن لنا امتياز أن ندعو الله أبانا، فنحن أولاد وبنات الله (كورنثوس الثانية 18:6). أي أنّ الإنسان المسيحيّ هو عضوٌ في عائلة سماويّة رأسها الله نفسه. فقد أعطانا الله سلطانًا أن نكون أولادًا وبناتًا له، كما نقرأ في الإنجيل المقدّس بحسب البشير يوحنا 12:1 "وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ." فأنت كمسيحي ابنٌ لله، أي عضوٌ في كنيسته، وأحد أفراد شعبه، ولذلك فمواعيد الله هي لك.

4- المسيحيّ هو إنسانٌ مولود من جديد، أي خليقة جديدة: "فقال يسوع: الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللَّهِ." (يوحنا 3:3) يستطيع الإنسان بطريقة واحدة فقط أن يتخلّص من الخطية التي تلوّث البشرية، وهذه الطريقة هي في أن يبدأ من جديد، وذلك بأن يولد في ملكوت الله، في عائلة الله، بواسطة الروح القدس. نقرأ في رسالة بطرس الأولى 3:1 "مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي حَسَبَ رَحْمَتِهِ الْكَثِيرَةِ وَلَدَنَا ثَانِيَةً لِرَجَاءٍ حَيٍّ، بِقِيَامَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مِنَ الأَمْوَاتِ." أي، إنّ الولادة الثانية هي لحظة البداية في كون الإنسان قد أصبح مسيحيًّا. فالقضيَّة هي اتّخاذ قرارٍ وليس بالوراثة أو بالولادة الجسديّة. فالله أحبّنا، واختارنا، ودعانا لذاته، وغفر خطايانا.

5- المسيحيّ هو أحد أفراد شعب الله، وهذا الشعب يأتي من خلفيات عرقية ولغوية وحضاريّة ودينيّة مختلفة: نقرأ في رسالة بطرس الأولى 9:2-10 الأوصاف التالية للمسيحيّين: "وَأَمَّا أَنْتُمْ فَجِنْسٌ مُخْتَارٌ، وَكَهَنُوتٌ مُلُوكِيٌّ، أُمَّةٌ مُقَدَّسَةٌ، شَعْبُ اقْتِنَاءٍ، لِكَيْ تُخْبِرُوا بِفَضَائِلِ الَّذِي دَعَاكُمْ مِنَ الظُّلْمَةِ إِلَى نُورِهِ الْعَجِيبِ. الَّذِينَ قَبْلًا لَمْ تَكُونُوا شَعْبًا، وَأَمَّا الآنَ فَأَنْتُمْ شَعْبُ اللهِ. الَّذِينَ كُنْتُمْ غَيْرَ مَرْحُومِينَ، وَأَمَّا الآنَ فَمَرْحُومُونَ."

المجموعة: تشرين الأول (أكتوبر) 2023