يُحكى عن ولدٍ كان لديه حساسيّة قويّة وقد قال الطبيب لوالديه: "عليكم أن تنتبهوا من لدغة النحلة
لأنّنا لا نعلم ما قد يتأتّى عن فرط الحساسيّة. فراح الأهل يعلّمونه أن يكون حذرًا جدًّا تجاه النحل وعواقب اللّدغة وقد اعتقد الولد أنه إذا لُدِغ سيموت حتمًا فازداد خوفه.
وفي أحد الأيام كان الولد مع أبيه في مكانٍ واحد وأتت النحلة فخاف الولد كثيرًا وراح يصرخ: "لا أريد أن أموت". ثم راح الأب يحاول إبعاد النحلة عن ابنه لكنها هجمت نحو الأب ولدغته. فأسرع الأب يقول لابنه: "لا تخف يا حبيبي، لقد لدغتني أنا وفقدت شوكتها فلن تؤذيك".
لقد أخذ الرب يسوع المسيح شوكة الموت عنّا فلم يعد الموت يؤذينا، هذا الموت الذي يخيف جميع الناس.
إن شوكة الموت هي الخطية وقد أخذها المسيح على الصليب إذ صار خطيّة لأجلنا. يقول الرسول بولس: "لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ." (2كورنثوس 21:5) "أَيْنَ شَوْكَتُكَ يَا مَوْتُ؟ أَيْنَ غَلَبَتُكِ يَا هَاوِيَةُ؟" (1كورنثوس 55:15)
وليس هذا فقط فقد قام المسيح وصار باكورة الراقدين. "وَلَكِنِ الآنَ قَدْ قَامَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَصَارَ بَاكُورَةَ الرَّاقِدِينَ". (1كو 20:15)
القيامة باكورة: كانت الباكورة في العصور الكتابية - وهي أوّل المحصول - مقدّسة وترمز إلى بداية الحصاد ووعد بمزيد من الخير الآتي.
عندما قال بولس إن قيامة المسيح باكورة فكان يعني أن قيامة المسيح ليست حدثًا منفردًا بل البداية التي ستتبعها قيامة المؤمنين.
وقد قال الرب لمرثا أخت لعازر الميت: "أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا" (يوحنا 25:11)، مؤكّدًا انتصاره على الموت وأن الموت ليس النهاية.
تخيّل معي مزارعًا يجمع باكورة حصاده ويمتلئ قلبه بالفرح والثقة بأن الباقي آتٍ وسوف يتبع، هكذا أيضًا فإنَّ قيامة المسيح هي ضماننا أننا سنُقام إلى الحياة الأبدية.
القيامة تغيير: إن القيامة ليست مجرّد مفهوم لاهوتي، بل لها تأثير على حياتنا اليوميّة، لأن المسيح حيّ، فهو يمنحنا القوّة لنعيش حياة النصرة والشجاعة.
خذْ بطرس مثلًا، فقد كان قبل القيامة خائفًا وجبانًا وأنكر المسيح ثلاث مرّاتٍ، لكنّه بعد لقائه بالمسيح القائم من الأموات أصبح واعظًا جريئًا وقائدًا شجاعًا في الكنيسة.
سُجن أحد المرسلين بسبب كرازته بالمسيح لكنّه بعدها صرّح قائلًا: "حتى في الزنزانة المظلمة والقيود كنت منتصرًا بقيامة المسيح فلا قيود أرضيّة استطاعت أن تقيّد روحي".
القيامة رجاء: تعطينا القيامة رجاء راسخًا لا يتزعزع للمستقبل فنعيش بتوقّعٍ ورجاءٍ أننا سنكون مع المسيح كل حين. "... وَهَكَذَا نَكُونُ كُلَّ حِينٍ مَعَ الرَّبِّ". (1تسالونيكي 17:4) وهذا الرجاء يعزّي الحزانى الذين فقدوا أحبّة لهم.
شارك أحد الرعاة قصّة عن صبيٍّ صغير فقد والدته وعندما كان ينظر إلى قبرها قال: "تصبحين على خير يا أمّي، سأراكِ في الصباح". هذا الإيمان البسيط يلخّص جوهر القيامة بالنسبة للمؤمنين، فالموت للمؤمن ليس وداعًا بل ليلة طيبة حتى نلتقي في الصباح، أيّ في المجد مع الحبيب يسوع.
نور القيامة: كمؤمنين، تحثّنا القيامة على السلوك في النور وأن نعيش حياة مختلفة عن الآخرين، حياة مقدّسة، حياة الخدمة للربّ وللآخرين، بإيمان راسخ غير متزعزع.
"إِذًا يَا إِخْوَتِي الأَحِبَّاءَ كُونُوا رَاسِخِينَ غَيْرَ مُتَزَعْزِعِينَ مُكْثِرِينَ فِي عَمَلِ الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ عَالِمِينَ أَنَّ تَعَبَكُمْ لَيْسَ بَاطِلاً فِي الرَّبِّ." (1كورنثوس 58:15)
قالت امرأة أنّها تغلّبت على الإدمان عندما تعلّمت عن قيامة المسيح وآمنت أن يسوع لم يقم لنفسه فقط بل لأجلنا لكي يحرّرنا من كلّ خطية.
أخيرًا، نقول إن القيامة ليست مجرّد حدثٍ تاريخيٍٍّ فقط، بل هي حقيقة حاضرة ووعد مستقبلي، وقوة لنعيش بشجاعة من أجل من أحبّنا إلى اليوم الذي نُقام فيه نحن أيضًا إلى قيامة الحياة الأبدية لأن المسيح قام... بالحقيقة قام!