أين نجد رجلًا أو امرأة، شابًا أو فتاة لا يحبّ الاستمتاع بالحياة حتى الثمالة،

ومن ثم بعد الموت يستمتع بالحياة الأبدية؟
يكتب الرسول بطرس في رسالته الأولى هذه الكلمات التي تفضي إلى السعادة: “لأَنَّ: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يُحِبَّ الْحَيَاةَ وَيَرَى أَيَّامًا صَالِحَةً، فَلْيَكْفُفْ لِسَانَهُ عَنِ الشَّرِّ وَشَفَتَيْهِ أَنْ تَتَكَلَّمَا بِالْمَكْرِ، لِيُعْرِضْ عَنِ الشَّرِّ وَيَصْنَعِ الْخَيْرَ، لِيَطْلُبِ السَّلاَمَ وَيَجِدَّ فِي أَثَرِهِ. لأَنَّ عَيْنَيِ الرَّبِّ عَلَى الأَبْرَارِ، وَأُذْنَيْهِ إِلَى طَلِبَتِهِمْ، وَلكِنَّ وَجْهَ الرَّبِّ ضِدُّ فَاعِلِي الشَّرِّ».” وكون الرسول يردّد ما جاء في مزمور 12:34-١٦ فإنّه يضفي على الكلمات تأثيرًا أعظم.
كم من مرّة نجد أنفسنا متلبّسين “بالاستغابة” أو “المزاح” أو “الهزل”. نجد في أفسس ٥:٤ أن هذه الأشياء مدوّنة في قائمة الخطايا. وفي معظم الأحيان نكتشف أن هذه الأقاويل التي تُسرد في هذه المناسبات ليست سوى إشاعات مُغرضة، وعلى هذا نكون قد ارتكبنا خطايا مزدوجة لا يمكن أن تحمل إلينا أيامًا صالحة أو فرحًا في الحياة.
يتحدّث الرسول يعقوب عن “اللسان” بأنه عضوٌ صغير في الجسد ولكنه “نار”، “عالم الإثم”، “شرٌّ لا يُضبط، مملوٌّ سمًّا مميتًا... لا يستطيع أحد من الناس أن يذلِّلَه”، ويطلب من المؤمنين أن يذلِّلوه ويضبطوه. قد تقول: هذا مستحيل، ولكن عند الله “كلُّ شيء مستطاع”.
في رسالة يعقوب 26:1 نقرأ: “إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِيكُمْ يَظُنُّ أَنَّهُ دَيِّنٌ، وَهُوَ لَيْسَ يُلْجِمُ لِسَانَهُ، بَلْ يَخْدَعُ قَلْبَهُ، فَدِيَانَةُ هذَا بَاطِلَةٌ”. والديانة الباطلة لا تصنع أيامًا صالحة في هذه الحياة أو في الأبدية.
لم يتوقّف الرسول عند الحديث عن خطايا اللسان والشفتين فحسب، بل تحدّث عن جميع أنواع الشرور قائلًا: “لِيُعْرِضْ عَنِ الشَّرِّ وَيَصْنَعِ الْخَيْرَ، لِيَطْلُبِ السَّلاَمَ وَيَجِدَّ فِي أَثَرِهِ”. (١بطرس 11:3) إنه يعتبر “الإهمال” خطية، أي أن من “يعرف أن يعمل حسنًا ولا يعمل فذلك خطيّة له”.
يجب أن نسعى وراء السلام مع الله والإنسان. ولكي تتمتّع بالسلام مع الله يجب أن تقبل شروطه للسلام. وشروطه: أن تُمحى الخطيّة بدم المسيح عن طريق التوبة الحقيقيّة المُخلِصَة، فيبرّرك الرب يسوع المسيح وتصبح بارًّا ويسجّل اسمك في قائمة الأبرار الذين تتحدّث عنهم آية موضوعنا: “لأَنَّ عَيْنَيِ الرَّبِّ عَلَى الأَبْرَارِ، وَأُذْنَيْهِ إِلَى طَلِبَتِهِمْ”. (١بطرس 12:3) هؤلاء الأبرار هم الذين يقف الله بجانبهم، وبركاته تتبعهم. “طوبى للأنقياء القلب”، فيكونون بركة. “طوبى لصانعي السلام”. (متى 8:5-9)
من المؤسف أن معظم الناس لا يختارون هذا المنهج السليم، وعنهم نقرأ الكلمات: “وجه الرب ضدّ فاعلي الشرّ” (1بطرس 12:3). الأمر الذي لا يُعَدّ أيامًا صالحة أو يوفّر الحياة المرغوبة التي يستمتع بها الإنسان. لقد تكلّم الرب على لسان النبي إشعياء قائلًا: “قولوا للصدّيق خير”.
إن الخاطىء المتأمّل في حياته الماضية بما فيها من خطايا تُرعبه وتنوخ به، يشعر أنّ “وجه الربّ” ضدّه، فلا يمكنه أن يحبّ الحياة في هذه الحالة. وبدلًا من أن يتبع طريق الربّ، فإنّه مرارًا كثيرة يسمح لعدوّ الخير - الشيطان أن يأخذ مكانه في حياته ويقوده من خطيّة إلى خطيّة.
وهكذا تراه في خطر الوصول إلى حدّ اليأس الذي يدفعه إلى الانتحار.
آه، ليتنا نستطيع أن نطلق تحذيرًا يسمعه كلّ سكّان العالم، فيكفّون عن دمار حياتهم! إن الانتحار يُنهي فرصة التوبة ويُلقي بالجسد والنفس كليهما في جهنّم. في رؤيا 8:21 نقرأ بأن القتلة نصيبهم في البحيرة المتّقدة بنار وكبريت الذي هو الموت الثاني. آه، لو استطعنا إقناعهم أنه بدلًا من أن يأخذوا خطوة مخيفة كهذه إلى المصير الأبدي المظلم يَقْبَلون دعوة الرب الحلوة: “تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ.” (متى 28:11).

 

 

المجموعة: تموز (يوليو) 2025