يقول لنا الوحي المقدس: "يا ذاكري الرب لا تسكتوا ولا تدعوه يسكت..." ويقول الرب للرسول بولس: لا تخف، بل تكلّم ولا تسكت، لأني أنا معك، ولا يقع بك أحد ليؤذيك، لأن لي شعبًا كثيرًا في هذه المدينة."

نحن قنوات تجري من خلالنا نعمة الله وكلمته. النعمة المخلصة لجميع الناس، وكلمة الله التي بها يولد الإنسان ثانية شاء فولدنا بكلمة الحق... "مولودين ثانية، لا من زرع يفنى، بل مما لا يفنى، بكلمة الله الحية الباقية إلى الأبد." وسأركز في رسالتي هذه على أربعة أمور:

1- نحن وكلاء سرائر الله
لقد ائتمننا الرب على الإنجيل فيجب أن نكون وكلاء أمناء. "كخدام المسيح، ووكلاء سرائر الله، ثم يُسأل في الوكلاء لكي يوجد الإنسان أمينًا." لقد حمّلنا الرب برسالة هي الأروع والأهم على الإطلاق. رسالة خلاص للنفوس التي قيدها الشيطان ودمرتها الخطية، فلنؤدِّ الرسالة على أكمل وجه. لا يجب أن نتكلم بما يرضي الناس فالناس يقولون: "يقولون للرائين: لا تروا، وللناظرين: لا تنظروا لنا مستقيمات. كلّمونا بالناعمات. انظروا مخادعات." بكل أسف يوجد بعض خدام الكلمة يجاملون الناس ويتملّقوهم طمعًا في كسب رضاهم ومديحهم وهدايا عينية... يقول الرسول بولس: "لأن وعظنا ليس عن ضلال، ولا عن دنس، ولا بمكر، بل كما استُحسنّا من الله أن نؤتمن على الإنجيل، هكذا نتكلم، لا كأننا نرضي الناس بل الله الذي يختبر قلوبنا. فإننا لم نكن قط في كلام تملّق كما تعلمون، ولا في علة طمع. الله شاهد. ولا طلبنا مجدًا من الناس، لا منكم ولا من غيركم." ويجب أن نتذكر هذه الحقيقة الهامة إن من يأتمن شخصًا على أسراره هذه يعني أنه يحبه محبة غير عادية.

2- نحن سفراء عن المسيح
"نسعى كسفراء عن المسيح، كأن الله يعظ بنا." ويجب أن نعلم أننا لسنا سفراء مفوضين لمهمة خاصة ولوقت محدود بعده تنتهي أعمالنا كسفراء، ولكننا سفراء فوق العادة بمطلق الصلاحيات – نحن لا نمثّل أنفسنا بل نمثل المسيح، ويجب أن نسلك كما سلك هو "تاركًا لنا مثالاً لكي تتّبعوا خطواته." "تمسّكت خطواتي بآثارك فما زلَّت قدماي."
يجب على السفير أن يعرف دستور بلاده تمامًا. يجب أن نعرف دستور المسيح الذي هو كلمة الله التي يصفها كاتب العبرانيين بأنها "حيّة وفعّالة وأمضى من كل سيف ذي حدّين، وخارقة إلى مفرق النفس والروح والمفاصل والمخاخ، ومميّزة أفكار القلب ونياته." يقول المزمور الأول: "لكن في ناموس الرب مسرته، وفي ناموسه يلهج نهارًا وليلاً."
أذكر موقفًا حرجًا تعرّضت له في بدء خدمتي حين طلب منّي أحد الأشخاص لا يعرف القراءة والكتابة أن أقرأ له الأصحاح الذي ورد فيه عن بني ركاب، ومع أني كنت أعرف عنهم لكني لا أعرف في أي سفر يذكر وفي أي الأصحاحات... ولما لاحظ الأخ أنني أُحرجت قال لي: اقرأ لي إرميا الأصحاح الخامس والثلاثين. قال أحد خدام الرب ساخرًا: إن من يعرف قصة الفتية الثلاثة، ودانيال، والسامرية، وزكا، والأمثال الثلاثة المذكورة في لوقا 15، وعن الغني ولعازر، والغني الذي أخصبت كورته يعلن نفسه خادمًا للرب.
يوصي الرسول بولس تلميذه تيموثاوس قائلاً: "اعكف على القراءة"، والرب يسوع بفمه الطاهر يأمرنا: "فتشوا الكتب لأنكم تظنون أن لكم فيها حياة أبدية. وهي التي تشهد لي."

3- نحن عاملون مع الله
العمل مع الله شرف عظيم لا يوازيه أي شرف. يذكر في العهد القديم هذا القول الرائع: "أقاموا هناك مع الملك لشغله." العمل مع الله يتطلب منا الجدية والنشاط والقوة، فالذي يعمل برخاء تصيبه اللعنة. ولنكن مكثرين في عمل الرب كل حين، عالمين أن تعبنا ليس باطلاً في الرب. "وكل ما فعلتم، فاعملوا من القلب، كما للرب ليس للناس، عالمين أنكم من الرب ستأخذون جزاء الميراث، لأنكم تخدمون الرب المسيح." العمل مع الرب متنوّع وكثير... يقول الرب لجميع خدامه وأبنائه: "يا ابني، اذهب اليوم اعملْ في كرمي." الرب يبحث عن الخادم النشيط الذي يعمل بكل جدّ. "وطلبت من بينهم رجلاً يبني جدارًا ويقف في الثغر أمامي عن الأرض لكيلا أخربها."
وهناك أمر حيوي أريد أن أركز عليه وهو أن لا يستعجل الثمار... الشيطان يتحدث إلينا ويقول: ها أنت عملت كثيرًا فأين الثمار؟ إنه بذلك يريد أن يفشّلنا... نقرأ ما قاله الرسول يعقوب: "هوذا الفلاح ينتظر ثمر الأرض الثمين، متأنيًا عليه حتى ينال المطر المبكر والمتأخر." قد تزرع أنت ويحصد ثمار تعبك خادم آخر. "آخرون تعبوا وأنتم قد دخلتم على تعبهم." أو قد تكون هناك أثمار خفية لا نراها نحن.

4- نحن جنود المسيح
الجندي يلبس ثيابًا خاصة. ونحن كجنود علينا أن نلبس زيًّا خاصًا. "لبستم الجديد الذي يتجدّد للمعرفة حسب صورة خالقه." ومرة أخرى يقول: "وتلبسوا الإنسان الجديد المخلوق بحسب الله في البر وقداسة الحق." "البسوا الرب يسوع المسيح، ولا تصنعوا تدبيرًا للجسد لأجل الشهوات."
وعلى الجندي أن يتسلح بأسلحة روحية كاملة. نقرأ في رسالة كورنثوس الثانية "إذ أسلحة محاربتنا ليست جسدية، بل قادرة بالله على هدم حصون. هادمين ظنونًا وكل علوٍ يرتفع ضدّ معرفة الله، ومستأسرين كل فكر إلى طاعة المسيح." ونقرأ في رسالة أفسس: "احملوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا أن تقاوموا في اليوم الشرير... فاثبتوا ممنطقين أحقاءكم بالحق، ولابسين درع البر، وحاذين أرجلكم باستعداد إنجيل السلام. حاملين فوق الكل ترس الإيمان، الذي به تقدرون أن تطفئوا جميع سهام الشرير الملتهبة. وخذوا خوذة الخلاص، وسيف الروح الذي هو كلمة الله. مصلين بكل صلاة وطلبة كل وقت في الروح." يجب أن يكون الجندي شجاعًا لا يخاف... قدّم استفانوس رسالة الرب بكل شجاعة غير آبه بما سيحدث له. كانت مشكلة يونان في تعصّبه وجبنه... كيف يذهب إلى مدينة أمميّة، وكيف يقدّم رسالة جافة خشنة "بعد أربعين يومًا تنقلب نينوى."
زملائي الأحباء، إننا نشغل مكانة رائعة – وكلاء سرائر الله، وسفراء عن المسيح، وعاملون مع الله، وجنود المسيح. فلنرفع رؤوسنا ونهنّئ أنفسنا ونبذل كل جهدنا حتى لو أدّى ذلك للتضحية بنفوسنا.

زميلكم في الخدمة المقدسة، القس رسمي إسحق

 



مؤتمر رابطة الخدام والقادة الإنجيليين العرب

إننا نشكر الفادي الذي أوصانا قائلاً: “اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها.” ونشكر إلهنا من أجل الذين لبوا هذه الدعوة من شرقنا الأوسط والعالم أجمع. فقد رأينا بأم أعيننا هؤلاء الأشخاص الذين انطلقوا للخدمة لسنين طوال إلى هذا اليوم.
انعقد مؤتمر الخدام السنوي بتاريخ 7-10 أيار (مايو) 2019 في المركز التدريبي لبيللي غراهام، وحضره أكثر من 124 شخصًا.
امتاز هذا المؤتمر بأنه:
1- فريد من نوعه من ناحية الخدمات المنبرية، إذ تضمن فرصًا طُرحت فيها أسئلة حول المواضيع التي قُدمت مساءً وصباحًا في كل يوم مع إجابة المتكلمين عنها بطرق إيجابية وعملية، مما أثار في النفوس أسئلة كثيرة لمواضيع متعددة. ولا ننسى فرص الترنيم أثناء الاجتماعات وخلال السهرات المسائية مع الأخ المرنم ميلاد جليل والأخ جون إميل أيوب والأخ مازن بطارسه.
2- تنوّع عدد الحاضرين. فقد حضره عدد كبير من القسوس، والقادة الإنجيليين ومساعديهم، وخدام جاءوا من خلفيات غير مسيحية، بالإضافة إلى خدام من السودان. وقد حضر قادة جاءوا من ولايات أميركية شتى، وآخرون جاءوا من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأوربا وكندا.
استخدم الرب الدكتور القس أندريا زكي في ثلاث خدمات بعنوان:
الكنيسة المحلية والخادم الفعّال
الصراعات الأسرية: تأثيرها وعلاجها
وخطوات جدية لبناء جسور بين كنائس المهجر وكنائس المشرق
واستخدم الرب الدكتور عصام عزت في ثلاث خدمات بعنوان:
الآلام في العائلات وكيفية معالجتها
آلام الوحدة عند الخدام
وكذلك استخدم الرب كل من الدكتور حليم حسب الله والدكتور رائف عزب والدكتور متين العاص وآخرون.
كما أتيحت فرص كثيرة للخدام أن يشاركوا عن خدماتهم، ويقدموا شهادات عن عمل الله بين العرب المنتشرين حول العالم.
نشكر أيضًا القس سنوت إبراهيم والأخ يعقوب حبش من أجل الترجمة الفورية التي قدّموها إلى الإنجليزية والعربية.
إننا نصلي أن يثبت الرب ما تعلمناه في قلوبنا وعقولنا لنستخدمه في خدمته، وننهض بكل قوة في عمله بطرق متعددة.

المجموعة: 2019