الأخ إحسان بطرسفي صباح أحد الأيام، كان أحد القديسين جاثيًا على ركبتيهِ، رافعًا يديهِ نحو السماء، وبينما كان يشكر الرب لأجل نعمتهِ، ومحبتهِ وفدائهِ، تذكّر كلمات ترنيمة تقول:
بحر محبّة الفادي لا يحد متَّسع الأرجاء

فوضع والروح القدس أمامه عبارة الوحي المقدس "الذي أحبّني"! وبدأ وكأنه فعلًا أبحر في بحر محبة يسوع له، وأخذ يصلي:
الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي.
الذي أحبني وسفك دمه الثمين لأجلي.
الذي أحبّني واخترقت الحربة قلبه على الصليب لأني خالفتُ وصايا الله.
الذي أحبني وجاء لكي يطلب خلاصي، لأجلي أنا الهالك.
الذي أحبّني وأخلى نفسه لأجلي، لأني كنت متمسكًا ببرّي الذاتي.
الذي أحبّني وأطاع مشيئة الآب، لأني كنت متمردًا غير طائعٍ لله.
الذي أحبّني واحتمل الموت لأجلي، لأنه دفع أجرة خطيتي وهي الموت الأبدي!
الذي أحبّني وسفك دمه لأجل تغسيلي وتطهيري، لأني إنسان نجس القلب كما قال إرميا، ونجس اللسان كما قال إشعياء.
وبعد أن انتهى من الصلاة قرر ذلك المؤمن، أن يكتب تلك الصلاة لكي يتأمل كلما أراد في معانيها وأبعادها التي وجدها تضيء كأشعة الشمس. وفيما هو يكتب بدأ روح الله الساكن فيه، يُبحر به إلى أعماق جديدة، وأخذ يكتب:
الذي أحبني وسفك دمه لأجل تقديسي، لأن الله قدوس ولا يتساهل مع النجاسة.
الذي أحبني إلى المنتهى، إلى منتهى ما أوصلتني إليه الخطيّة، غرِقتُ في الخطايا، ودفع الرب يسوع على الصليب أجرة خطاياي.
الذي أحبّني وسفك دمه الكريم لكي يحررني من قيودي، لأني كُنتُ مكبلًا في سجن الخطايا.
الذي أحبّني وأسمعني صوته "تعال إليّ... لا أخرجك خارجًا."
الذي أحبّني وأسمعني صوته "أنا أعطي العطشان من ينبوع ماء الحياة مجانًا."
الذي أحبّني وحَمَلني على منكبيه لأنه الراعي الصالح.
الذي أحبّني ونقش اسمي على صدره لأنه رئيس الكهنة العظيم!
الذي أحبّني وبكى لأجلي، لأنه عرف أنّ مصيري الأبدي بدونه، هو الطرح في جهنم النار.
الذي أحبّني وصالحني مع الله، أنا الذي كنت قبلًا معاديًا لله في الفكر وفي الأعمال الشريرة.
الذي أحبّني وسمعت صوته، صوت ابن الله، فأقامني من قبر خطيتي وأحياني وجعل مقامي سماويًا.
الذي أحبّني وقام من الأموات، ليعلن قرار تبريري: "لا شيء من الدينونة الآن..." لن آتي إلى دينونة!
الذي أحبّني وجاء لِيُعرّفني متى بدأت هذه المحبة، أحبني في الأزل فهذا هو علوّها!
الذي أحبّني وبرهن محبته لي عمليًا في صليب الجلجثة، وهذا هو عمقها!
الذي أحبّني وسامحني بجميع الخطايا، وهذا هو عرضها!
الذي أحبّني وسيبقى يُحبّني إلى أن يأخذني إلى بيت الآب، وهذا هو طولها!
الذي أحبّني وأطفأ ديون خطاياي، على الصليب، وبقيت محبّته كالشمس، لا يقدر أحد أن يُطفئها!
الذي أحبّني وفي يوم مجيئهِ بالمجد، سأرى علامات محبّته باقية على رأسه، وعلى يديه وقدميه، وجنبه - فأدرك بأنها محبة أبدية فمن أجل ذلك أدام لي الرحمة. إنه ابن الله بالحق، والمحبة، والمحبوب لله أبينا، الذي بذل نفسه الثمينة لأجلي أنا تراب الأرض!
الذي أحبّني ورواني بنعمة يديه من مياه الحياة الأبدية، فهو ينبوع الحياة الأبدية.
الذي أحبّني وأشبعني فهو المنّ السماوي، وخبز الحياة!
يعجز القلب وتحتار النفس في هذا السرّ الأزلي، سرّ حكمة الله، الذي لم تكن الملائكة تعرفه!
انتهى الكلام وانتهت الصفحة، ولكن حبّك أبدي لا ينتهي، حبّ يتكلم إلى الأبد، حبّ ملموس نشعر به، حب نعاينه، لأنك إله حقيقي.
أيها الأحباء، بعد أن قرأنا مناجاة صلاة هذا الأخ، ألا نشتاق نحن أيضًا أن نقضي أوقاتًا في الصلاة نُبحر فيها في بحر محبّة الفادي؟ كالخِلِّ للخليل، نطلب فيها من الروح القدس أن يرسم يسوع المصلوب أمام أعيننا، ونتذكر كلمات من أحبّنا يسوع - فادينا ومُنقذنا من الهلاك الأبدي - ونسجد له قائلين: "ربي وإلهي!" ونتذكر أعماله المستمرة معنا بنعمته. إنه يشتاق أن نقول له: "نحن نحبك، لأنك أنت أحببتنا أولًا!" إنه يشتاق أن يرانا نحبّه محبّة عمليّة، في الصلاة، والترنيم، وإطاعة وصاياه، وسماع صوته في أقواله الصادقة والأمينة. حقًا، ما أجمل العشرة مع يسوع! إنه يحب أن يسمع صوتك، لكي يُسمِعك صوته أيضًا، فتكتشف بنفسك حقيقة هذه الكلمات، "حلقه حلاوة وكله مشتهيات." (نشيد 16:5)

المجموعة: شباط (فبراير) 2019