إذ يحتفل العالم المسيحي بذكرى صلب المسيح وقيامته في مثل هذا الوقت من كل عام... لنتوقّف قليلًا ونتأمل في ثمن فدائنا الذي دُفع عنا نحن الذين كنا تحت قصاص عدالة الله، وكان لا بدّ لسيف عدالته أن يرتوي من دمائنا نحن الخطاة، لأن رب المجد يسوع المسيح أتى ومات بديلًا عنا، وفدانا من الغضب الأبدي.

لم يكن هذا الفداء بلا مقابل، بل بتضحية لا تقدَّر بمال، هي دم المسيح الثمين! لذلك لا يمكننا أن نتأمّل الفداء إلا بعيون دامعة ونفوس خاشعة!
نعم، ما أعجب هذا الفداء الذي أدهش الملائكة والذي ينبغي أن يملأنا حبًّا وتعبُّدًا لمن وضع نفسه لأجلنا. "لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ."
عزيزي القارئ، إذ يذكّرنا الفداء بالألم، أودّ أن أسألك: هل اجتزت مؤخرًا بآلام قاسية؟ فلو حدثت هذه لك، ستجعلك تدرك إلى حدٍّ ما ضخامة ذلك الثمن الباهظ الذي دفعه المخلص عن طريق آلامه. لقد كانت آلامه الجسدية رهيبة جدًا، إذ سُمِّر على الصليب بمسامير غليظة حديدية اخترقت أعصاب يديه ورجليه!
أما آلامه النفسية فكانت أعظم من ذلك بكثير، إذ عندما حجب الآب وجهه عنه، كان تحت رعود السحب السوداء وقد ذاب قلبه كالشمع في داخله... نعم، إن الآلام التي احتملها المسيح توازي ما كان ينبغي أن نقاسيه من عذاب بسبب خطايانا في نيران الجحيم الأبدية.
ثم "قال: [قدْ أُكْمِل]. ونكَّسَ رأسه وأسلم الرُّوح." وهكذا انتهت آلام المسيح التي قاساها، إذ مات بديلًا عنا وتم الفداء!
ما أرهب الموت بالنسبة للإنسان الخاطي الذي لا يعرف الله!
كان موت المسيح مرعبًا لأنه كان موتًا نيابيًا عن الخطاة الهالكين. وحين حمل المسيح خطايانا في جسده، حجب الله الآب وجهه عنه، فأحاطت به ظلمة قاتمة غير عاديّة، مما جعله يصرخ قائلًا: "إِيلِي، إِيلِي، لِمَا شَبَقْتَنِي؟ أَيْ: إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟"
ما دام فداء المسيح ثمينًا بهذا المقدار، إذ أحنى رأسه ومات عنا ليحيينا، ثم قام في اليوم الثالث ليبرِّرنا، فما علينا أن نفعله كمؤمنين إلا أن نقدّر فداءه لنا حقّ قدره فنحيا حياة العفة والقداسة التي تليق بأولاد الله.
ولكن، إن لم نختبر فداء المسيح، فما زال اليوم هو يوم فداء ونعمة لكي نقبل فداءه بالإيمان لأنه يقول الكتاب:
"الْيَوْمَ، إِنْ سَمِعْتُمْ صَوْتَهُ فَلاَ تُقَسُّوا قُلُوبَكُمْ."

المجموعة: نيسان (إبريل) 2019