آب (أغسطس) 2009
- الزيارات: 4139
جاء المسيح من وراء الغمام يجول شعاب الأرض ومنعطفاتها الخفية بحثاً عن الإنسان وعن إنسانيته الضائعة في الحدود والمقاييس... وإذ وجده مُلقى في بعض المسالك أخذه برفق، ورفعه إليه فساواه بنفسه وافتداه بروحه.
أجل، كل من يود التأكد مما صنعه المسيح لأجل الإنسان من المآثر والعظائم، فليمضِ إلى الجلجثة. فهناك تنحسر الظلمة وتتفرّق السحب. سترون المحبة مشرقة على الصليب ناطقة بلا لسان، ومشيرة بلا بنان. سترون بديل السماء معلقاً هناك... يصلي لأجل أعدائه وصالبيه. لا بل سترون قيمة الإنسان، والثمن البالغ الذي به اشترى حريته.
لقد حظي الإنسان رغم سقوطه، بمحبة المسيح وإكرامه. انحدر المسيح إلى الأرض كي يعيش إلى جوار الإنسان، ويقاسمه حظه من الشقاء والتعب، وبذلك يشترك الإنسان بسجايا المسيح وكماله.
هكذا تنازل المسيح من عرشه، فعاش حياة الإنسان وتجسّد في كل من قَبِله مخلصاً، ورفعه إلى عرشه النوراني، وسكب في قلبه قبساً من اللانهاية. نزل المسيح إلى مستوى الإنسان كي يرفع الإنسان إلى مستواه. فابن الله يصير ابن البشر والعبد يصير ابناً. لأن العبد لا يعلم إرادة سيده ولكن الابن يعلم. هذه البنوة التي أنعم بها الله على الإنسان هي حجة عظمى وبرهان أسمى في قضية الخلاص والفداء، تلك المنزلة التي قرّبت الإنسان من بارئه، فرُمِّمت الثغرة وتدانت المسافات على امتدادها - ”الرحمة والحق التقيا. البر والسلام تلاثما“.
أخي العزيز، إلهنا يفتش عليك ويحبك وهو جاء من أجلك. تأمل في محبته وأنت تقرأ هذه المواضيع على صفحات هذه المجلة.