كانون الأول (ديسمبر) 2009
في ليلة أذكرها تمرّ في الذهن الصورْ
مدينةً وزينةً ووابلاً من المطر
وجادةً مرصوفة بتبر أوراق الشجر
وحانةً أرتادها والصّحبَ دومًا للسّمر
وموقدًا لهيبه دفء، وحلو للنّظر
فيا لها من ليلة! أنجب ليلُها قمر
وكان قلبي يومها بصاحب العيد انحصر
ليس له قصر، ولا مهد، وكالعبد افتقر
مع أنه رب الورى، بالدم واللحم اتزر!
من مذود إلى الفدى أعظم حب ظهر
أحسست بالغربة في نفسي، وما طاب السهر
كنت هناك بينهم، وغبت عنهم بالفكر
مثل غريبٍ عازمٍ حزْمَ حقائب السّفر
قرأت في عيونهم تساؤلاتٍ معْ ضجر!
كالمريمات قلت: "مَنْ لنا يدحرج الحجر؟"
ملأت كأسي، وإذا في داخلي صوت عبر
يقول: "أين أنت؟! قم واخرج إلى فادي البشر
حيث دماه كفرت عن كل عصيان وشر
واحمل هناك عاره، فيك ترى المجد حضر"
والآن عنــد قولـه، روحي نبيذها اختمر
وعازف الكمان لم يزل يُدوزن الوتر
تركتهم مغادرًا وهزؤهم وخز إبر
سمعت صوتًا قائلاً:
"ماذا دهاه؟ ما الخبر؟"
وقال آخر: "بلى، أصاب عقلة ضرر"
لم ألتفت خلفي، وقد أصاب عقلة ضرر"
خرجت خارجًا، ولم يعد لهزئهم أثر
وها وجدت عالمًا آخر بالحبّ انغمر
وصار قلبي مذوداً له، وآثامي غفر
ولدت من فوق، وما أسعد ذا الذي اختبر!
روحي التقت بروحه إذ بخلاصي قد أمرْ