شباط (فبراير) 2009
عَالِمِينَ أَنَّكُمُ افْتُدِيتُمْ لاَ بِأَشْيَاءَ تَفْنَى، بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ، مِنْ سِيرَتِكُمُ الْبَاطِلَةِ الَّتِي تَقَلَّدْتُمُوهَا مِنَ الآبَاءِ، بَلْ بِدَمٍ كَرِيمٍ، كَمَا مِنْ حَمَل بِلاَ عَيْبٍ وَلاَ دَنَسٍ، دَمِ الْمَسِيحِ، مَعْرُوفًا سَابِقًا قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، وَلكِنْ قَدْ أُظْهِرَ فِي الأَزْمِنَةِ الأَخِيرَةِ مِنْ أَجْلِكُمْ، أَنْتُمُ الَّذِينَ بِهِ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ الَّذِي أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَأَعْطَاهُ مَجْدًا، حَتَّى إِنَّ إِيمَانَكُمْ وَرَجَاءَكُمْ هُمَا فِي اللهِ“ (1بطرس 18:1-21).
في هذه الآيات الأربع لنا عدة حقائق أساسية في الإيمان المسيحي، وهي:
1- لا بدّ من الفداء
أنه لا بد من الفداء بواسطة المرموز له بالحمل. هذه الحقيقة يعلمنا إياها الكتاب المقدس ابتداء من سفرالتكوين في قصة قايين وهابيل. ”قَايِينَ قَدَّمَ مِنْ أَثْمَارِ الأَرْضِ قُرْبَانًا لِلرَّبِّ، وَقَدَّمَ هَابِيلُ أَيْضًا مِنْ أَبْكَارِ غَنَمِهِ وَمِنْ سِمَانِهَا. فَنَظَرَ الرَّبُّ إِلَى هَابِيلَ وَقُرْبَانِهِ، وَلكِنْ إِلَى قَايِينَ وَقُرْبَانِهِ لَمْ يَنْظُرْ“ (تكوين 3:4-5). لا ثمار الأرض ولا الفضة والذهب يمكنها أن تحصّل لنا على الفداء. لذلك يقول في عبرانيين 4:11 ”بِالإِيمَانِ قَدَّمَ هَابِيلُ ِللهِ ذَبِيحَةً أَفْضَلَ مِنْ قَايِينَ. فَبِهِ شُهِدَ لَهُ أَنَّهُ بَارٌّ، إِذْ شَهِدَ اللهُ لِقَرَابِينِهِ. وَبِهِ، وَإِنْ مَاتَ، يَتَكَلَّمْ بَعْدُ!“، أي لا زال يعلّم هذا الدرس.
2- الاختيار إلهي
إن الحمل الحقيقي الذي يحصل لنا على الفداء هو من اختيار إلهي، ”مَعْرُوفًا سَابِقًا قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ”. عندما كان إبراهيم سائراً مع إسحق ابنه إلى جبل المريّا لكي يقدمه ذبيحة محرقة لله، سأله إسحق: ”هُوَذَا النَّارُ وَالْحَطَبُ، وَلكِنْ أَيْنَ الْخَرُوفُ لِلْمُحْرَقَةِ؟ فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: اللهُ يَرَى لَهُ الْخَرُوفَ لِلْمُحْرَقَةِ يَا ابْنِي“ (تكوين 7:22-8). وهذا تمّ فعلاً إذ رأى إبراهيم كبشاً وراءه مُمسَكاً في الغابة بقرنيه، فأَصْعَدَهُ ”مُحْرَقَةً عِوَضًا عَنِ ابْنِهِ“ (تكوين 13:22).
فنرى أنه ابتداء من سفر التكوين، أراد الله أن يعلمنا حقائق أساسية عن الفداء بواسطة الحمل.
3- لزوم سفك الدم
والآن نأتي إلى سفر الخروج وهو سفر الفداء. لما أراد الله أن يُخرج بني إسرائيل من أرض مصر، أرض العبودية ويجعلهم شعباً خاصاً له، كان لا بدّ من الحمل لفدائهم. فقال لهم على لسان موسى النبي أن يأخذوا كل بيت شاة ذكراً ابن سنة ويذبحونه، ويأخذون من الدم ويجعلونه على القائمتين والعتبة العليا ”فَأَرَى الدَّمَ وَأَعْبُرُ عَنْكُمْ“ (انظر خروج 12). كان لا بد أن يُذبح خروف الفصح، وكلمة فصح معناها ”عبور“، أي لكي يعبر عنهم الملاك ولا يهلكهم. وهنا نرى بوضوح لزوم سفك الدم لأنه ”بِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ!“. وهذا هو ما أشار إليه الرسول بطرس إذ قال: ”عَالِمِينَ أَنَّكُمُ افْتُدِيتُمْ... بِدَمٍ كَرِيمٍ“. وهذا إشارة إلى الحمل الحقيقي الذي ”فِيهِ لَنَا الْفِدَاءُ بِدَمِهِ، غُفْرَانُ الْخَطَايَا“ (أفسس 7:1 وكولوسي 14:1).
4- الذبيحة تكون بلا عيب
هذا الحمل الذي يُسفك دمه لفدائنا كان لا بد أن يكون بلا عيب كما جاء في 1بطرس 19:1 ”حَمَل بِلاَ عَيْبٍ وَلاَ دَنَسٍ“. وكذلك في خروج 5:12 “تكون لكم شاة” صحيحة (أي سليمة)، ويؤكد الكتاب المقدس هذه الحقيقة ويذكرها مراراً في سفر اللاويين الذي هو سفر الذبائح، فيقول في لاويين 20:22 ”كُلُّ مَا كَانَ فِيهِ عَيْبٌ لاَ تُقَرِّبُوهُ لأَنَّهُ لاَ يَكُونُ لِلرِّضَا عَنْكُمْ“. وأيضاً في العدد التالي ”تَكُونُ صَحِيحَةً لِلرِّضَا“. وهذا واضح في الترجمة الإنجليزية إذ يقول:“it must be perfect to be accepted” . هذه الحقائق الأربعة نتعلمها من الأسفار الأولى في العهد القديم، أي التوراة. والآن إذ نتقدّم إلى أسفار الأنبياء يزداد النور لمعاناً!
5- الحمل الحقيقي هو شخص المسيح
إن الحمل الحقيقي هو شخص قال عنه إشعياء النبي أنه ”لَمْ يَعْمَلْ ظُلْمًا، وَلَمْ يَكُنْ فِي فَمِهِ غِشٌّ“ (إشعياء 9:53). فالفادي الذي بحسب فكر الله والمعروف سابقاً قبل تأسيس العالم، لم يكن من الغنم أو المواشي ”لأَنَّهُ لاَ يُمْكِنُ أَنَّ دَمَ ثِيرَانٍ وَتُيُوسٍ يَرْفَعُ خَطَايَا“ (عبرانيين 4:10). هذا الفادي قال عنه إشعياء: ”مُحْتَقَرٌ وَمَخْذُولٌ مِنَ النَّاسِ، رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِرُ الْحَزَنِ، وَكَمُسَتَّرٍ عَنْهُ وُجُوهُنَا، مُحْتَقَرٌ فَلَمْ نَعْتَدَّ بِهِ. لكِنَّ أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا، وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا. وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَابًا مَضْرُوبًا مِنَ اللهِ وَمَذْلُولاً. وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا، مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ، وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا. كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ، وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا. ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ، وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ“ (إشعياء 3:53-7). بَقِيَ أن نعرف بالتحديد من هو هذا الفادي الذي قال عنه إشعياء أنه لم يعمل ظلماً ولم يكن في فمه غش، والذي وضع الرب عليه إثم جميعنا؟ نجد الجواب بكل وضوح في العهد الجديد.
6- حمل الله هو الرب يسوع المسيح
رأى يوحنا المعمدان يسوع مقبلاً إليه فقال: ”هُوَذَا حَمَلُ اللهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ!“ (يوحنا 29:1). هذا هو الحمل الذي تكلم عنه الأنبياء قديماً وقال عنه إشعياء أن الرب وضع عليه إثم جميعنا. وهو الذي ينطبق عليه كل ما سبقنا وقلناه. فهو،
أ- الذي ”ليس بأحد غيره الخلاص“، لا بالذهب ولا بالفضة.
ب- هو المعيّن من الله قبل تأسيس العالم، والذي تحقق فيه قول إبراهيم: ”اللهُ يَرَى لَهُ الْخَرُوفَ لِلْمُحْرَقَةِ يَا ابْنِي“.
ج- هو الذي لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا.
د- هو الوحيد الذي يمكن أن يُقال عنه ”بلا دنس ولا عيب“ الذي أمكنه أن يقول لليهود: ”من منكم يبكّتني على خطيئة“. قال عنه الرسول بولس أنه ”لم يعرف خطية“ (2كورنثوس 21:5)، وقال عنه الرسول بطرس أنه ”لم يفعل خطية“ (1بطرس 22:2)، وقال الرسول يوحنا عنه أنه ”ليس فيه خطية“ (1يوحنا 5:3). هذا هو الإنسان الكامل، كما أنه ”الله الذي ظهر في الجسد“.
7- حمل الله... أقامه الله
هذا الحمل المعيّن من الله، والذي بلا دنس ولا عيب، والذي سُفك دمه، أقامه الله، كما قال عنه بطرس أيضاً في يوم الخمسين ”فَيَسُوعُ هذَا أَقَامَهُ اللهُ، وَنَحْنُ جَمِيعًا شُهُودٌ لِذلِكَ“ (أعمال 32:2). كما قال في عدد 24 ”اَلَّذِي أَقَامَهُ اللهُ نَاقِضًا أَوْجَاعَ الْمَوْتِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ مُمْكِنًا أَنْ يُمْسَكَ مِنْهُ“. كان المسيحيون في العصر الأول يحيّون بعضهم بعضاً بالقول: ”المسيح قام“. فيجيب الآخر قائلاً: ”حقاً قام“.
8- حمل الله هو رب الجميع
قال الرسول بطرس في الآيات التي هي موضوع دراستنا: ”أَنْتُمُ الَّذِينَ بِهِ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ الَّذِي أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَأَعْطَاهُ مَجْدًا، حَتَّى إِنَّ إِيمَانَكُمْ وَرَجَاءَكُمْ هُمَا فِي اللهِ“. وقال الرسول بولس: ”لِذلِكَ رَفَّعَهُ اللهُ أَيْضًا، وَأَعْطَاهُ اسْمًا فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ لِكَيْ تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ، وَيَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ لِمَجْدِ اللهِ الآبِ“ (فيلبي 9:2-11).
9- حمل الله المجيد
وأخيراً نقول أن هذا الحمل الذي تعلمنا عنه بالرموز ابتداء من سفرالتكوين، نراه في سفر الرؤيا في مجده وجلاله في المدينة السماوية التي ”لاَ تَحْتَاجُ إِلَى الشَّمْسِ وَلاَ إِلَى الْقَمَرِ لِيُضِيئَا فِيهَا، لأَنَّ مَجْدَ اللهِ قَدْ أَنَارَهَا، وَالْخَرُوفُ سِرَاجُهَا“ (رؤيا 23:21).
قد اقترب الوقت الذي فيه نحن المؤمنين مع ربوات وألوف ألوف سنقول بصوت عظيم: ”مُسْتَحِقٌّ هُوَ الْخَروُفُ الْمَذْبُوحُ أَنْ يَأْخُذَ الْقُدْرَةَ وَالْغِنَى وَالْحِكْمَةَ وَالْقُوَّةَ وَالْكَرَامَةَ وَالْمَجْدَ وَالْبَرَكَةَ... وَالسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ“ (رؤيا 12:5-13).
عَالِمِينَ أَنَّكُمُ افْتُدِيتُمْ لاَ بِأَشْيَاءَ تَفْنَى، بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ، مِنْ سِيرَتِكُمُ الْبَاطِلَةِ الَّتِي تَقَلَّدْتُمُوهَا مِنَ الآبَاءِ،
بَلْ بِدَمٍ كَرِيمٍ، كَمَا مِنْ حَمَل بِلاَ عَيْبٍ وَلاَ دَنَسٍ، دَمِ الْمَسِيحِ، مَعْرُوفًا سَابِقًا قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، وَلكِنْ قَدْ أُظْهِرَ فِي الأَزْمِنَةِ الأَخِيرَةِ مِنْ أَجْلِكُمْ، أَنْتُمُ الَّذِينَ بِهِ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ الَّذِي أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَأَعْطَاهُ مَجْدًا، حَتَّى إِنَّ إِيمَانَكُمْ وَرَجَاءَكُمْ هُمَا فِي اللهِ“ (1بطرس 18:1-21).في هذه الآيات الأربع لنا عدة حقائق أساسية في الإيمان المسيحي، وهي:
1
- لا بدّ من الفداءأنه لا بد من الفداء بواسطة المرموز له بالحمل. هذه الحقيقة يعلمنا إياها الكتاب المقدس ابتداء من سفرالتكوين في قصة قايين وهابيل. ”
قَايِينَ قَدَّمَ مِنْ أَثْمَارِ الأَرْضِ قُرْبَانًا لِلرَّبِّ، وَقَدَّمَ هَابِيلُ أَيْضًا مِنْ أَبْكَارِ غَنَمِهِ وَمِنْ سِمَانِهَا. فَنَظَرَ الرَّبُّ إِلَى هَابِيلَ وَقُرْبَانِهِ، وَلكِنْ إِلَى قَايِينَ وَقُرْبَانِهِ لَمْ يَنْظُرْ“ (تكوين 3:4-5). لا ثمار الأرض ولا الفضة والذهب يمكنها أن تحصّل لنا على الفداء. لذلك يقول في عبرانيين 4:11 ”بِالإِيمَانِ قَدَّمَ هَابِيلُ ِللهِ ذَبِيحَةً أَفْضَلَ مِنْ قَايِينَ. فَبِهِ شُهِدَ لَهُ أَنَّهُ بَارٌّ، إِذْ شَهِدَ اللهُ لِقَرَابِينِهِ. وَبِهِ، وَإِنْ مَاتَ، يَتَكَلَّمْ بَعْدُ!“، أي لا زال يعلّم هذا الدرس.2- الاختيار إلهي
إن الحمل الحقيقي الذي يحصل لنا على الفداء هو من اختيار إلهي، ”
مَعْرُوفًا سَابِقًا قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ”. عندما كان إبراهيم سائراً مع إسحق ابنه إلى جبل المريّا لكي يقدمه ذبيحة محرقة لله، سأله إسحق: ”هُوَذَا النَّارُ وَالْحَطَبُ، وَلكِنْ أَيْنَ الْخَرُوفُ لِلْمُحْرَقَةِ؟ فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: اللهُ يَرَى لَهُ الْخَرُوفَ لِلْمُحْرَقَةِ يَا ابْنِي“ (تكوين 7:22-8). وهذا تمّ فعلاً إذ رأى إبراهيم كبشاً وراءه مُمسَكاً في الغابة بقرنيه، فأَصْعَدَهُ ”مُحْرَقَةً عِوَضًا عَنِ ابْنِهِ“ (تكوين 13:22).فنرى أنه ابتداء من سفر التكوين، أراد الله أن يعلمنا حقائق أساسية عن الفداء بواسطة الحمل.
3- لزوم سفك الدم
والآن نأتي إلى سفر الخروج وهو سفر الفداء. لما أراد الله أن يُخرج بني إسرائيل من أرض مصر، أرض العبودية ويجعلهم شعباً خاصاً له، كان لا بدّ من الحمل لفدائهم. فقال لهم على لسان موسى النبي أن يأخذوا كل بيت شاة ذكراً ابن سنة ويذبحونه، ويأخذون من الدم ويجعلونه على القائمتين والعتبة العليا ”
فَأَرَى الدَّمَ وَأَعْبُرُ عَنْكُمْ“ (انظر خروج 12). كان لا بد أن يُذبح خروف الفصح، وكلمة فصح معناها ”عبور“، أي لكي يعبر عنهم الملاك ولا يهلكهم. وهنا نرى بوضوح لزوم سفك الدم لأنه ”بِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ!“. وهذا هو ما أشار إليه الرسول بطرس إذ قال: ”عَالِمِينَ أَنَّكُمُ افْتُدِيتُمْ... بِدَمٍ كَرِيمٍ“. وهذا إشارة إلى الحمل الحقيقي الذي ”فِيهِ لَنَا الْفِدَاءُ بِدَمِهِ، غُفْرَانُ الْخَطَايَا“ (أفسس 7:1 وكولوسي 14:1).4- الذبيحة تكون بلا عيب
هذا الحمل الذي يُسفك دمه لفدائنا كان لا بد أن يكون بلا عيب كما جاء في 1بطرس 19:1 ”
حَمَل بِلاَ عَيْبٍ وَلاَ دَنَسٍ“. وكذلك في خروج 5:12 “تكون لكم شاة” صحيحة (أي سليمة)، ويؤكد الكتاب المقدس هذه الحقيقة ويذكرها مراراً في سفر اللاويين الذي هو سفر الذبائح، فيقول في لاويين 20:22 ”كُلُّ مَا كَانَ فِيهِ عَيْبٌ لاَ تُقَرِّبُوهُ لأَنَّهُ لاَ يَكُونُ لِلرِّضَا عَنْكُمْ“. وأيضاً في العدد التالي ”تَكُونُ صَحِيحَةً لِلرِّضَا“. وهذا واضح في الترجمة الإنجليزية إذ يقول:“it must be perfect to be accepted” . هذه الحقائق الأربعة نتعلمها من الأسفار الأولى في العهد القديم، أي التوراة. والآن إذ نتقدّم إلى أسفار الأنبياء يزداد النور لمعاناً!5- الحمل الحقيقي هو شخص المسيح
إن الحمل الحقيقي هو شخص قال عنه إشعياء النبي أنه ”لَمْ يَعْمَلْ ظُلْمًا، وَلَمْ يَكُنْ فِي فَمِهِ غِشٌّ“ (إشعياء 9:53). فالفادي الذي بحسب فكر الله والمعروف سابقاً قبل تأسيس العالم، لم يكن من الغنم أو المواشي ”لأَنَّهُ لاَ يُمْكِنُ أَنَّ دَمَ ثِيرَانٍ وَتُيُوسٍ يَرْفَعُ خَطَايَا
“ (عبرانيين 4:10). هذا الفادي قال عنه إشعياء: ”مُحْتَقَرٌ وَمَخْذُولٌ مِنَ النَّاسِ، رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِرُ الْحَزَنِ، وَكَمُسَتَّرٍ عَنْهُ وُجُوهُنَا، مُحْتَقَرٌ فَلَمْ نَعْتَدَّ بِهِ. لكِنَّ أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا، وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا. وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَابًا مَضْرُوبًا مِنَ اللهِ وَمَذْلُولاً. وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا، مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ، وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا. كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ، وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا. ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ، وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ“ (إشعياء 3:53-7). بَقِيَ أن نعرف بالتحديد من هو هذا الفادي الذي قال عنه إشعياء أنه لم يعمل ظلماً ولم يكن في فمه غش، والذي وضع الرب عليه إثم جميعنا؟ نجد الجواب بكل وضوح في العهد الجديد.6- حمل الله هو الرب يسوع المسيح
رأى يوحنا المعمدان يسوع مقبلاً إليه فقال: ”هُوَذَا حَمَلُ اللهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ!“ (يوحنا 29:1). هذا هو الحمل الذي تكلم عنه الأنبياء قديماً وقال عنه إشعياء أن الرب وضع عليه إثم جميعنا. وهو الذي ينطبق عليه كل ما سبقنا وقلناه. فهو،
أ
- الذي ”ليس بأحد غيره الخلاص“، لا بالذهب ولا بالفضة.ب
- هو المعيّن من الله قبل تأسيس العالم، والذي تحقق فيه قول إبراهيم: ”اللهُ يَرَى لَهُ الْخَرُوفَ لِلْمُحْرَقَةِ يَا ابْنِي“.ج
- هو الذي لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا.د
- هو الوحيد الذي يمكن أن يُقال عنه ”بلا دنس ولا عيب“ الذي أمكنه أن يقول لليهود: ”من منكم يبكّتني على خطيئة“. قال عنه الرسول بولس أنه ”لم يعرف خطية“ (2كورنثوس 21:5)، وقال عنه الرسول بطرس أنه ”لم يفعل خطية“ (1بطرس 22:2)، وقال الرسول يوحنا عنه أنه ”ليس فيه خطية“ (1يوحنا 5:3). هذا هو الإنسان الكامل، كما أنه ”الله الذي ظهر في الجسد“.7- حمل الله... أقامه الله
هذا الحمل المعيّن من الله، والذي بلا دنس ولا عيب، والذي سُفك دمه، أقامه الله، كما قال عنه بطرس أيضاً في يوم الخمسين ”فَيَسُوعُ هذَا أَقَامَهُ اللهُ، وَنَحْنُ جَمِيعًا شُهُودٌ لِذلِكَ“ (أعمال 32:2). كما قال في عدد 24 ”اَلَّذِي أَقَامَهُ اللهُ نَاقِضًا أَوْجَاعَ الْمَوْتِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ مُمْكِنًا أَنْ يُمْسَكَ مِنْهُ“. كان المسيحيون في العصر الأول يحيّون بعضهم بعضاً بالقول: ”المسيح قام“. فيجيب الآخر قائلاً: ”حقاً قام
“.8- حمل الله هو رب الجميع
قال الرسول بطرس في الآيات التي هي موضوع دراستنا: ”أَنْتُمُ الَّذِينَ بِهِ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ الَّذِي أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَأَعْطَاهُ مَجْدًا، حَتَّى إِنَّ إِيمَانَكُمْ وَرَجَاءَكُمْ هُمَا فِي اللهِ“. وقال الرسول بولس: ”لِذلِكَ رَفَّعَهُ اللهُ أَيْضًا، وَأَعْطَاهُ اسْمًا فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ لِكَيْ تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ، وَيَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ لِمَجْدِ اللهِ الآبِ“ (فيلبي 9:2
-11).9- حمل الله المجيد
وأخيراً نقول أن هذا الحمل الذي تعلمنا عنه بالرموز ابتداء من سفرالتكوين، نراه في سفر الرؤيا في مجده وجلاله في المدينة السماوية التي ”لاَ تَحْتَاجُ إِلَى الشَّمْسِ وَلاَ إِلَى الْقَمَرِ لِيُضِيئَا فِيهَا، لأَنَّ مَجْدَ اللهِ قَدْ أَنَارَهَا، وَالْخَرُوفُ سِرَاجُهَا“ (رؤيا 23:21
).قد اقترب الوقت الذي فيه نحن المؤمنين مع ربوات وألوف ألوف سنقول بصوت عظيم: ”مُسْتَحِقٌّ هُوَ الْخَروُفُ الْمَذْبُوحُ أَنْ يَأْخُذَ الْقُدْرَةَ وَالْغِنَى وَالْحِكْمَةَ وَالْقُوَّةَ وَالْكَرَامَةَ وَالْمَجْدَ وَالْبَرَكَةَ... وَالسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ“ (رؤيا 12:5
-13).