Voice of Preaching the Gospel

vopg

حزيران (يونيو) 2009

حضرت مؤخراً عرضاً لأزياء العرائس التي يعود تاريخها إلى ما قبل عام 1925. وفي أثناء العرض طلب المسؤول من الفتيات العازمات على الزواج عما قريب أن يقفن. وفوراً وقف أكثر من مئة فتاة، أي ما يزيد على ربع عدد الحضور، وكانت علامات الفرح والتفاؤل مرتسمة على وجوه الجميع، لكنني حزنت عندما فكرت أن عدداً من أولئك العرائس لن يعشن طويلاً مع أزواجهن وأن بعضهن لن يعرف طعم السعادة بحسب ما نلاحظه اليوم.


فقلت في نفسي: ما الخطأ في زيجات اليوم؟
ولماذا هذا التناقض المربك؟
ولماذا يزداد عدد الزيجات الفاشلة في الوقت الذي يزداد فيه النصح الموجّه إلى الأزواج والزوجات؟
ربما السبب الأول لعدم فعالية الإرشاد في المشاكل الزوجية، يرجع إلى نوعية هذا الإرشاد الذي يتطرق إلى معالجة الزواج على أنه مجرد علاقة ملائمة بين ”حيوانين“. لكن لا تنسَ أنهم يقولون: ”حيوانين عاقلين“. وهناك العديد من المرشدين الذين لا يفهمون للزواج دافعاً أسمى من المصلحة الشخصية بين الزوجين. وكثيرون منهم يؤمنون أن الفريقين يجب أن ينهيا علاقتهما في أية لحظة يرونها مناسبة.
في مثل هذه النظرة لا يوجد سوى فريقين في عقد الزواج - الرجل والمرأة - ولا ناموس أسمى من مصلحتهما الشخصية.
وعلى نقيض ذلك هنالك نظرية أخرى تعتبر الزواج مقدساً، ونتيجة لذلك تشير الدراسات إلى نجاح العديد من الزيجات التي تأخذ بهذه النظرية. هذه النظرية ترى ثلاثة فرقاء في كل عقد زواج: الرجل والمرأة والله الخالق. ولهذه النظرية أساس في كتاب الوحي. إذ أن الله لم يكن مؤسس فريضة الزواج فقط بحسب قول الكتاب المقدس بل إنه تعالى فريق في كل عقد زواج.
1- المسؤولية
إذن المسؤولية هي أول الأسرار السبعة للزواج الناجح. فنحن مسؤولون تجاه شريكَي زواجنا، واحدهما هو الخالق نفسه. ففي كل عمل نؤديه لزوجنا أو زوجتنا في علاقة الزواج الحساسة يجب أن نؤدي عنه حساباً لله الذي لا يؤيّد أي تعدٍّ أو مخالفة لسر المحبة.
2- الهوية الذاتية
السر الثاني هو سر الهوية الذاتية الذي يفصل ويميّز الإنسان عن غيره. قال المسيح: ”مِنْ أَجْلِ هذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ“. فسيادة البيت الجديد يجب أن لا تُنْتََهَك من قِبل أي شخص - سواء كان الأب، أو الأم، أو ابن العم، أو أي إنسان آخر. والإخفاق في إدراك هذا المبدأ سبب معقول للخلاف الزوجي.
وهنالك سبب وجيه لذلك، إذ بعكس الزوج الذي يقضي معظم وقته خارج البيت، تكون المرأة - بغريزة إلهية - الصانعة الرئيسية للبيت، أي بانية العش، وحتى وإن كانت تشتغل في مكان آخر، فإن وضع كل كرسي، ومزهرية، وزهرة، وستارة في البيت مهم جداً بالنسبة لها. والحقيقة أن كل امرأة تشعر بخيبة أمل شديدة عندما لا تستطيع أن ترتب بيتها بحسب ذوقها.
لكن، ألا يتوجّب الترحيب بالأهل في البيت؟ نعم، وبالتأكيد! لكن دائماً كضيوف. والضيوف لا يقررون كيفية ترتيب الأثاث، أو تربية الأولاد، أو ضبط الميزانية. لأن مثل هذه التصرفات تدمّر ذاتية البيت.
3- الوحدة
السر الثالث للبيت السعيد هو الوحدة التي يعبّر الكتاب المقدس عنها بهذا القول: ”وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا“.
وقد قاطعت عروس مرة حفلة قرانها لتسأل: ”وأي جسد“؟ وما عنته، هل هو جسدي أم جسد عريسي؟ وأفضل جواب لذلك هو: لا هذا ولا ذاك. بل جسد جديد يساهم الاثنان به، دون أن يفقد أي منهما ذاتيته الشخصية في العلاقة الجديدة.
لا تسئ فهم آية الكتاب المقدس بأن الرجل هو رأس المرأة لأن هذه العبارة تليها فوراً تتمة الآية ”كَمَا أَنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا رَأْسُ الْكَنِيسَةِ“. فالكتاب المقدس يدعو إلى نوع معين من القيادة في الزواج - ليس كعلاقة صاحب العمل بالموظف ولا علاقة المعلم بالطالب، أو الحاكم بالرعية. لأن أياً من أشكال القيادة هذه لا يمكن وصفه بالوحدة. فالوحدة هي بالأحرى قيادة محبة - قيادة بدون تسلّط، إما مباشرة أو غير مباشرة، كما أنها أيضاً تكريس كامل لصالح الشخص الذي نحبه على غرار تكريس المسيح نفسه للكنيسة. وعندما يسود هذا المبدأ، تبطل كلمة ”أظن“ أو ”تظن“ لتحلّ مكانها كلمة ”نظن“.
4- السريّة
عندما يترك الزوجان الشابان والديهما ليصبحا واحداً، يتّحد مبدأ الذاتية مع مبدأ الوحدة ليشكلا مبدأ السريّة الذي هو السر الرابع للزواج السعيد. إن جيلنا اليوم هو جيل الصراحة والبوح. لكن مما لا شك فيه أن فقدان السرية يمكن أن يشوّه جمال العلاقة الزوجية. فهنالك دائرة مقدسة حول كل عائلة يجب المحافظة عليها وليس لأحد حق الدخول إليها.
عرفت في حياتي عدة زوجات شابات ارتكبن غلطة كبيرة في مقارنة كفاءة أزواجهنّ من الناحية الجنسية. ولم يطل الوقت حتى عرف كل من في الحيّ كل شيء عن أزواجهن، والسبب في ذلك أن شخصاً واحداً لم يحتفظ بسر الزوجات! وقد كان ذلك مثاراً للمشاكل والمنغّصات.
ومما يثير أيضاً المشاكل وينخر في كيان الزواج هو تمثيل الجنس بالعربدة والتهتّك على المسرح وفي الإذاعة والتلفزيون. وموضوع الجنس في الزواج إذا فُهِم على حقيقته يكون مقدساً وهادفاً.
إليك هذه المقارنة: عندما ترى عامل البلدية يفرغ النفايات في الشاحنة، لا يسترعي انتباهك بشيء لأنه طبيعي وفي محله. لكن افترض أن عامل النفايات هذا قاد سيارة ”رولز رويس“ التي يبلغ ثمنها  حالياً 434 ألف دولار، وفيها أحدث المواصفات في العالم. لنفترض أنك ترى هذا العامل يرمي نفاياته في هذه السيارة الفخمة المصممة لغرض أسمى من ذلك، ألا تشعر باشمئزاز وخيبة أمل؟! هكذا هو رد فعل أولئك الذي يختبرون المعنى السامي للعلاقة الزوجية بالنسبة لإباحة الجنس.
5- المحبة
وهذا ما يؤدي بنا إلى السر الخامس الذي هو المحبة. والمحبة هي المحور الذي يدور الزواج حوله. والتطبيق البسيط للقاعدة الذهبية يحلّ معظم المشاكل في العلاقة الزوجية القائمة على المحبة. لكن إذا لم نفهم ذلك فالرسول بولس يحضنا على تطبيق الإرشاد الوارد في 1كورنثوس 3:7-5 ”لا يسلب أحدكم الآخر“. إن كلمة ”يسلب“ قوية جداً. وهنا يشير بولس إلى أن الزوج أو الزوجة الذي يمنع حبه عن الآخر يرتكب إساءة هي في نظر الله شنيعة.
وماذا عن العلاقات غير الطبيعية التي يجري بحثها اليوم على نطاق واسع؟ الكتاب صريح في ذلك ”لاَ زُنَاةٌ وَلاَ عَبَدَةُ أَوْثَانٍ وَلاَ فَاسِقُونَ وَلاَ مَأْبُونُونَ وَلاَ مُضَاجِعُو ذُكُورٍ... يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ“ (1كورنثوس 9:6-10)، لكن هذا يجب ألا يثبط همة من يمارس هذه الرذائل لأن الرسول بولس يضيف إلى ذلك قوله: ”وَهكَذَا كَانَ أُنَاسٌ مِنْكُمْ. لكِنِ اغْتَسَلْتُمْ، بَلْ تَقَدَّسْتُمْ، بَلْ تَبَرَّرْتُمْ بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ وَبِرُوحِ إِلهِنَا“ (عدد 11). إذن هناك حلّ إلهي لهذه المعضلة.
6- الانسجام
”وَكُونُوا لُطَفَاءَ بَعْضُكُمْ نَحْوَ بَعْضٍ، شَفُوقِينَ مُتَسَامِحِينَ“ (أفسس 32:4).
دُعيت مرة إلى زيارة عائلة مفككة محطّمة وكان الزوجان قد اقتسما الأثاث فيما بينهما ووضعا ترتيبات من أجل الأولاد. وأخيراً اتصلا بي وألحّا عليّ أن أتدخّل لحلّ مشكلتهما في الوقت الذي كان التوتّر بينهما شديداً لدرجة أن كلمة واحدة كانت كافية لإحداث انفجار.
لذلك طلبت إليهما أن يجلسا على الطرفين المتقابلين من الطاولة. ثم فتحت الكتاب المقدس بينهما وبدأت أقرأ لهما لمدة نصف ساعة عن مسامحة المسيح؛ في أية مناسبات، ولأية أخطاء، وفي أية ظروف سامح المسيح غيره. وفيما أنا أقرأ انحنى الرأسان وتوقّفت العيون عن التحديق بعضهما بعضاً. وأخيراً سألتهما: ”بهذا المثال المطروح أمامكما - مثال مسامحة المسيح لأعدائه - أي منكما يستطيع أن يبرر رفضه مسامحة الآخر“؟ فأتاني الجواب ببطء: ”لا أحد منا“. وهكذا تصالح الزوجان وحُفظت تلك العائلة من الدمار. ما أكثر البيوت التي يمكن إنقاذها من التفكك والشقاء، عن طريق المسامحة الصادقة.
وهناك مبدآن اثنان يساعداننا في ذلك:
الأول، أن تقول وتعمل أقل ما يمكنك قوله أو عمله في ساعة الغضب. واذكر أن قدرتك على الإدراك والتمييز تضعف بصورة مؤقتة في هذه الحال. وكلما أكثرت من الكلام وأنت في ثورة الغضب، كان عليك أن تحلّ المزيد من المشاكل بعد ذلك.
الثاني، لا تُقِم وزناً كاملاً لما يقوله الشخص الآخر وهو غاضب. فالأشخاص الغاضبون يقولون أشياء يتعجبون منها عندما يعودون لحالة الصحو والرزانة. فهذه العبارات الغاضبة لا تعكس مواقف القلب الحقيقية، بل هي تحولات وانحرافات وقتية.
يقدم لنا الرسول بولس بعض  الإرشادات في كولوسي 19:3 حيث يقول: ”أَيُّهَا الرِّجَالُ، أَحِبُّوا نِسَاءَكُمْ، وَلاَ تَكُونُوا قُسَاةً عَلَيْهِنَّ“. فعلى الرجل ألا يخالف هذا المبدأ بإساءة استعمال قوته الجسدية. ولا يجب على المرأة ان تخالف مبدأ المحبة بإساءة استعمال لسانها. لقد نبهتني امرأة مرة إلى أنها تستطيع أن تحارب بلسانها. إذن فالزوج الذي يحارب بقبضة يده والزوجة التي تحارب بلسانها يفعلان الشيء نفسه إذ أن كلاهما على درجة متساوية من الخطأ.
7- الأمانة
السر السابع والأخير للزواج السعيد هو الأمانة أو التقيّد بعقد الزواج. فالمحبة الحقيقية هي أكثر من شعور. إنها مبدأ. والمحبة الحقيقية لا توجد إلا في الرجال والنساء أصحاب المبادئ. فالشاب يجب أن يحذر الفتاة التي تكذب على والديها لتخرج معه، ثم تقول أنها لن تكذب عليه. لأنها ستكذب عندما تتطلب ظروفها ذلك. والكذاب كذاب!
كذلك يتوجب على الفتاة ألا تضيع وقتها مع شاب يغشّ ويخدع، ثم يقول لها أنه لن يغشها. فهو سيغش عندما تتطلب ظروفه الغش. والغش غش. وإذا كانت الفتاة تريد محبة حقيقية فإنها تبحث عن إنسان صادق يتقيّد بمبدئه. فحبه يكون صادقاً لأنه هو صادق سواء شعر بذلك أم لم يشعر.
هل هذه أفكار قديمة؟ كلا!! بل هي أفكار أثبت الزمن صحتها.
إن الشعور هو حصان جسور، والمبدأ هو اليد المرشدة التي تمسك اللجام.
الشعور سيارة سباق قوية، والمبدأ عجلة القيادة فيها.
الشعور زهرة في الثمر والمبدأ ساق الشجرة القوي. والمحبة القائمة على الشعور لا تصمد طويلاً أمام تجارب الحياة. لكن المحبة القائمة على المبدأ لا تحتمل التجارب فقط بل تقوى وتتعمّق بالمشاكل والمحن.
أليست هذه هي المحبة التي يمتدحها الرسول بولس في قوله:
”الْمَحَبَّةُ تَتَأَنَّى وَتَرْفُقُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَحْسِدُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَتَفَاخَرُ، وَلاَ تَنْتَفِخُ، وَلاَ تُقَبِّحُ، وَلاَ تَطْلُبُ مَا لِنَفْسِهَا، وَلاَ تَحْتَدُّ، وَلاَ تَظُنُّ السُّؤَ، وَلاَ تَفْرَحُ بِالإِثْمِ بَلْ تَفْرَحُ بِالْحَقِّ، وَتَحْتَمِلُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتُصَدِّقُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتَرْجُو كُلَّ شَيْءٍ، وَتَصْبِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَسْقُطُ أَبَدًا... اِتْبَعُوا الْمَحَبَّةَ“ (1كورنثوس4:13-1:14).

المجموعة: 200906

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

249 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10475935