Voice of Preaching the Gospel

vopg

أيلول (سبتمبر) 2009

القيم والمبادئ مفهومان يعودان إلى شخصية الإنسان، مما يجعله واضحاً وبسيطاً لدى نفسه، فنحن لسنا امتداداً لمحرّك خارجي مكوّن للشخصيات. لذلك، القيم والمبادئ مسألة شخصية، لكنها تترك بصماتها التي تسفر عن صفات شخصية بحته لتحدث فرقاً بين شخص وآخر، كما يظهر ذلك في طريق اختيار الفعل. إذن، هناك جوانب للاختيار تنتج عنها الشخصية الرديئة أو الطيبة، العاقلة أو المتهورة، العدوانية أو المحبة، المنبسطة أو المعقدة.


لكن المبادئ والقيم توجد فقط في الكائن الحي الحر الذي يمارس حريته، فالرغبة في العمل الطيب تجعل الإنسان ذا أخلاق طيبة. والقيم والمبادئ مسألة اجتماعية، بمعنى أنها تبنى على الأسس والشروط نفسها في كل الحالات. وهي التي تجعل انساناً يختلف عن غيره. والمبادئ الأخلاقية هي أعلى القيم لأنها دائماً تحاول السيطرة على غيرها من القيم وتحمل نوعاً من الالتزام. لكن تجاهل القيم الأخرى يجعل الإنسان غبياً، ورديء الطبع، فظاً، وكئيباً، وجاهلاً، غير واقعي، وهمجياً، ونحن نحترم فقط الأشخاص ذوي المبادئ.
إن القيم والمبادئ متطلبات إنسانية لتكوين الشخصية، وهي ضرورية للحياة والعائلة والمجتمع. لذلك، ليس مقبولاً أن يدّعي أحدهم أنه "هو وليس غيره، المثالي“، لأن من الأفضل أن يكون المرء منفتحاً على غيره. إن الإنسان الواعي والعاقل، ليس هو الإنسان الروحي أو المفكر فقط، لكنه الإنسان الذي لديه ضمير حي، وصفات طيبة، وخلقية هادئة، وبصيرة من الله. إنها خبرة لمعرفة متطورة وعقل متفتح. إقرأ عظة المسيح على الجبل في إنجيل متى والأصحاحات 5-7، وسترى كيف أثر المسيح في أخلاق الناس، ورفع شأن المعنويات الروحية والأخلاقية أكثر من كل فلسفات التاريخ البشري أو الفكر الديني والاجتماعي في العالم.
هل تعلم أنك ملتقى لكل من هم حولك، ومحور فعال للعالم؟ فأنت جزء من كل، وقد تفقد ذاتيتك في وسط هذا الكم البشري لخير البشر. فما يحدث للآخرين، قد يحدث لك، وما يحدث لغيرك هو مهم لك. وفي النهاية، أنت تعرف نفسك كما أنني أعرف نفسي مما يجعلني مدركاً لنفسي. قد يعرفك الآخرون، لكن معرفتهم قاصرة على مدى علاقتهم وتأثرهم بك. وهنا تظهر ضرورة المحبة، لا الضراوة والحقد والكراهية والنفاق. والإنسان له قدرة داخلية، لا خارجية، يمكن أن تجعله إنساناً بين الكائنات حوله. نحن بحاجة الى الديانات، فالمسيحية مثلاً وضعت أسس المجتمع السوي، وأرست الأمانة المتبادلة، وتتطلب الإخلاص والصدق، وتوصي بالمحبة حتى للأعداء، وتحضّ على فعل الخير، واحترام السلطات، وتقدّس حرية الفرد، وعدم اغتياب الآخرين، وتجنّب التعصب، والحب غير المشروط.
وبالاختصار الشديد، إن الحاجة هي الى المحبة، المحبة الصامتة، فأنا أحبك لأنك أنت هو أنت، والمحبة علاقة، فالمحبة ذاتية لكنها متبادلة، والمحبة كائن إلهي وروحي يتشارك فيه الناس جميعاً. والمحبة عطاء لتكميل النفس، والمحبة إبداع لأنها ولاء تجاه الغير، والمحبة عادلة، لأن المحبة هي في جوهر الوجود البشري، والمحبة عاطفة تشتمل على الرغبة وحقّ الحب، والمحبة قيمة سامية تجعلنا نقدس الحب، لأن الله محبة. إن الله في المسيح كان القوة غير المحدودة، والمحبة غير المحدودة، والحكمة غير المحدودة. لقد أعلن الله نفسه في الطبيعة، ولم يكن هذا الإعلان كافياً، فأعلن نفسه في الصليب دليلاً للحب وراحة للقلب.
تألمت وأنا أتابع بعض الناس الذين لا تهمهم المبادىء والقيم بغية التعالي والتشامخ أو هروباً من واجب طبيعي أو بسبب الانسياق وراء مأرب أو مطمع دنيوي أو سقوطاً مرجعه الضعف البشري. وتذكرت قصة بطرس تلميذ المسيح متنكرا لسيده، وتتبعته خطوة بخطوة. "وأما بطرس فتبعه من بعيد الى دار رئيس الكهنة فدخل الى داخل وجلس بين الخدام لينظر النهاية.. فجاءت اليه جارية قائلة وأنت كنت مع يسوع الجليلي، فأنكر قدام الجميع قائلاً لست أدري ما تقولين .. فابتدأ يلعن ويحلف إني لا أعرف الرجل. وللوقت صاح الديك.. فتذكر بطرس كلام يسوع الذي قال له إنك قبل أن يصيح الديك تنكرني ثلاث مرات. فخرج الى خارج وبكى بكاء مراً" (إنجيل لوقا 54:22-62). ولاقاه المسيح بعد القيامة ودار هذا الحوار الحبّي الذى لم يحمل كلمة عتاب أو عقاب واحدة. إنها الطريقة السيكولوجية لحلّ الخلافات العائلية والعلاج الناجع للنفس المريضة التي يئست من رحمة الناس والكشف االروحي للمحبة الإلهية. وبدأ الحديث بلغة "من القلب الى القلب" وسؤال اخترق الأعماق البشرية. الله يبدأ ويقود، يعالج ويداوي، يسأل ويستمع، يرقى بالنفس ويسمو بالمشاعر. ودهش بطرس من مبادرة المسيح التي استهلها بالحب الأبوي الأبدي.
أتحبني يا بطرس؟ ارعَ خرافي.. ارعَ غنمي.. ارعَ غنمي.
أتحبني؟ وقفة بعد اختبار طوبل وتفكير عميق لمعرفة النفس، امتحان بعد يوم عصيب وارتداد أكيد لمراجعة النفس، إحياءة لأمجاد الماضي وإنعاش الكيان لإنهاض النفس. فالحب يحتاج الى وقفة لمعرفة المحبوب، والى امتحان لمراجعة المحب، وإلى إحياءة لإنهاض المحبة.
أتحبني؟ ارعَ، أطعِم، اهتمّ، أحب الآخرين، إنسَ الماضي وابدأ جديداً مع الله، ارجعْ وثبِّت إخوتك وشدّد القطيع.
- أتحبني أكثر من هؤلاء؟ ثلاث مرات، لها معنى ومغزى، ولها ذكرى وعبرة، فثلاث مرات كانت الدعوة وثلاث مرات كان النكران.
- وتذكر بطرس نظرة السيد، أكانت نظرة عتاب أو رثاء؟ نظرة حب أم أمل ورجاء؟ نظرة دامعة أم دافعة؟ وخرج إلى خارج "وبكى بكاء مراً"، وندم بطرس لأنه لم يصدّق قول السيد "كلكم تشكّون فيّ.. أنك تعرفني"، "طلبت لأجلك لكي لا يفنى إيمانك".
- أنت تعلم يا رب.. أني أحبك، أنت كاشف الخبايا والخفايا، وأنت رافع البلايا والرزايا.
- أتحبني… أتحبه؟
 أحببته حباً يؤجج مهجتي
وعشقته عشقاً ككل مغرم
ونسيت نفسي… إيه نفسي،
لم أكن أدري هيام الأكرم
 
يا كل نجم ها جمال سيدي
يا كل غرس افصحن وتكلمي
يا كل أثر فى الطبيعة انجلِ
صنع الإله دهشة لمتيّم
 
يا من تفرج ضيقة المتألم
يا من تهدىء ثورة المتبرّم
با من سبيت القلب، إن قلبي
لم يعد يخشى لقاء الأرحم
فهل تحبه أنت؟

المجموعة: 200909

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

176 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
11576873