المجلة
يكتب لنا يوحنا الرائي في سفر الرؤيا إعلانًا واضحًا عن الرب يسوع فيبدأ سفره بكلمة "إعلان"، التي هي عنوان لهذا السفر الذي به أراد الله أن يعلن لنا عن الرب يسوع وإتمام عمله، فيقول عندما رأى الرب يسوع الذي ظهر له بأن "وَجْهُهُ كَالشَّمْسِ وَهِيَ تُضِيءُ فِي قُوَّتِهَا. فَلَمَّا رَأَيْتُهُ سَقَطْتُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ كَمَيِّتٍ، فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَيَّ قَائِلاً لِي: لاَ تَخَفْ، أَنَا هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ، وَالْحَيُّ. وَكُنْتُ مَيْتًا، وَهَا أَنَا حَيٌّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ! آمِينَ. وَلِي مَفَاتِيحُ الْهَاوِيَةِ وَالْمَوْتِ"
(رؤيا 16:1-18).
لقد كان يوحنا منفيًا وحده في جزيرة بطمس من أجل كلمة الله ومن أجل شهادة يسوع المسيح، وكان بحاجة إلى من يشجّعه في وحدته.
ما أجمل هذه الكلمات لشخص منفي لوحده في جزيرة نائية بعيدًا عن كل شيء، فجاءه الرب وأول كلمة قالها له "لا تخف"، ثم استطرد مردِّدًا كلمتين مألوفتين طالما سمعهما يوحنا مرارًا كثيرة من فم الرب نفسه وهما "أنا هو"! فتذكر أنه كان ذات مرة مع التلاميذ في السفينة "فِي الْهَزِيعِ الرَّابعِ مِنَ اللَّيْلِ جاءهم يسوع مَاشِيًا عَلَى الْبَحْرِ. فَلَمَّا أَبْصَرَهُ التَّلاَمِيذُ مَاشِيًا عَلَى الْبَحْرِ اضْطَرَبُوا قَائِلِينَ: ’إِنَّهُ خَيَالٌ‘. وَمِنَ الْخَوْفِ صَرَخُوا! فَلِلْوَقْتِ كَلَّمَهُمْ يَسُوعُ قِائِلاً: ’تَشَجَّعُوا! أَنَا هُوَ. لاَ تَخَافُوا‘. فَأَجَابَهُ بُطْرُسُ وَقَالَ: ’يَا سَيِّدُ، إِنْ كُنْتَ أَنْتَ هُو، فَمُرْني أَنْ آتِيَ إِلَيْكَ عَلَى الْمَاءِ".
ثم تذكر عندما جاءت إليه مرثا تقول له: "يا سيد، لو كنت ههنا لم يمت أخي!... قال لها يسوع: ’سيقوم أخوك‘. قالت له مرثا: ’أنا أعلم أنه سيقوم في القيامة، في اليوم الأخير‘. فقال لها يسوع: ’أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا، وَكُلُّ مَنْ كَانَ حَيًّا وَآمَنَ بِي فَلَنْ يَمُوتَ إِلَى الأَبَدِ. أَتُؤْمِنِينَ بِهذَا؟‘ قَالَتْ لَهُ: ’نَعَمْ يَا سَيِّدُ. أَنَا قَدْ آمَنْتُ أَنَّكَ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ، الآتِي إِلَى الْعَالَمِ‘" (يوحنا 25:11-26).
وعندما جاء الجمع مع جند الهيكل والشيوخ ليأخذوه سألهم يسوع: "’مَنْ تَطْلُبُونَ؟‘ أَجَابُوهُ: ’يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ‘. قَالَ لَهُمْ: ’أَنَا هُوَ...‘ فَلَمَّا قَالَ لَهُمْ: ’إِنِّي أَنَا هُوَ‘، رَجَعُوا إِلَى الْوَرَاءِ وَسَقَطُوا عَلَى الأَرْضِ" (يوحنا 5:18-6).
والسؤال الذي يخطر على البال هو: من هو هذا الشخص الفريد الذي قال عن نفسه "أنا هو" معلنًا بذلك أنه هو الله الذي جاء إلينا متجسدًا؟ وألخّص الإجابة عن هذا السؤال في ثلاث نقاط، فهو الذي:
أولاً: تمّت فيه كل النبوّات
ثانيًا: قام من الأموات
ثالثًا: إن آمنت به ترث الحياة
أولا: تمّت فيه كل النبوات
يذكر لنا الكتاب المقدس عن أول نبوة كُتبت عنه عندما قال الرب الإله للحية في جنة عدن: "وأضع عداوة بينك وبين المرأة، وبين نسلك ونسلها. هو (أي المسيح الذي سيولد من نسل المرأة بدون زرع رجل) يسحق رأسكِ، وأنتِ تسحقين عقبه" (تكوين 15:3)؛ فالمسيح هو الشخص الوحيد الذي يمكن أن نسميه من نسل المرأة بدون زرع رجل! وهذه النبوة قد تمت إذ "لما جاء ملء الزمان، أرسل الله ابنه مولودًا من امرأة، مولودًا تحت الناموس، ليفتدي الذين تحت الناموس، لننال التبني" (غلاطية 4:4-5).
ثم نقرأ عن صلبه في المزمور الثاني والعشرين: "ثقبوا يديّ ورجليّ... أُحصي كلَّ عظامي... يقسمون ثيابي بينهم، وعلى لباسي يقترعون" (مزمور 17:22).
وزكريا النبي تنبّأ عن يهوذا الذي أسلمه بثلاثين من الفضة، وعن شراء حقل الفخاري بذات الثمن (زكريا 12:11)، وعن الطعنة في جنبه بعد أن أسلم الروح بقوله: "وأُفيض على بيت داود وعلى سكان أورشليم روح النعمة والتضرعات، فينظرون إليّ، الذي طعنوه..." (زكريا 10:12).
ثم كان في عطشه إتمام لنبوة الكتاب: "بعد هذا رأى يسوع أن كل شيء قد كمل، فلكي يتم الكتاب قال: ’أنا عطشان‘" ( يوحنا 28:19).
لقد أعطى الله هذه النبوات الكثيرة كعلامات قبل مجيء المسيح بآلاف السنين حتى يستطيعوا عند مجيئه أن يميّزوه وأن يتحققوا منه.
لذلك كان أهم برهان يقدمه المسيح لليهود هو تتميم النبوات بقوله لليهود: "فتشوا الكتب لأنكم تظنون أن لكم فيها حياة أبدية. وهي التي تشهد لي. ولا تريدون أن تأتوا إليّ لتكون لكم حياة" (يوحنا 39:5-40). "موسى... كتب عني"، "أبوكم إبراهيم تهلل بأن يرى يومي فرأى وفرح... قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن".
وعندما التقى المسيح مع تلميذَي عمواس بعد قيامته قال لهما: "أيها الغبيان والبطيئا القلوب في الإيمان بجميع ما تكلم به الأنبياء! أما كان ينبغي أن المسيح يتألم بهذا ويدخل إلى مجده؟ ثم ابتدأ من موسى وجميع الأنبياء يفسر لهما الأمور المختصة به في جميع الكتب" (لوقا 25:24-27).
عندما ظهر الرب لموسى ليرسله إلى بني إسرائيل تجاسر موسى وسأل الرب قائلاً: "فَإِذَا قَالُوا لِي: مَا اسْمُهُ؟ فَمَاذَا أَقُولُ لَهُمْ؟". "فَقَالَ اللهُ لِمُوسَى: ’أَهْيَهِ أرسلني إليكم‘" بمعنى "أنا هو، الذي أنا هو" وهذا اللقب الذي لقّبه الله لنفسه لهو من أحسن الألقاب التي يمكننا أن نصف الله بها.
فيسوع المسيح هو الطبيب الشافي للمريض، ومعطي الراحة للتعبان، والمعزي للحزين، وخبز الحياة للجوعان، وماء الحياة للعطشان، وحجر الزاوية للبنّاء، والألف والياء للكاتب، والحياة لعالِم الأحياء، وصخر الدهور لمنقِّبي الآثار، وكوكب الصبح المنير للفلكي، والكرمة الحقيقية للكرام، والمُذَّخر فيه جميع كنوز الحكمة والفهم للفيلسوف، وابن الله الحي للاهوتي، واللؤلؤة الغالية والثمينة للجوهري، و"الأخبار السارة" لمحرر الأخبار، ورئيس السلام لجمعية الأمم المتحدة، والراعي الصالح للخراف، ونور العالم للذين يعيشون في الظلمة، وحمل الله الذي يرفع خطية العالم للخاطي، ويقول للذين يموتون في الرب: "لا تخافوا. أَنَا هُوَ... الْحَيُّ. وَكُنْتُ مَيْتًا، وَهَا أَنَا حَيٌّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ! آمِينَ. وَلِي مَفَاتِيحُ الْهَاوِيَةِ وَالْمَوْتِ".
ثانيًا: قام من الأموات
يقول الملاك للنسوة اللواتي ذهبن إلى القبر حاملات الحنوط: "لماذا تطلبن الحي بين الأموات؟ ليس هو ههنا، لكنه قام!". (لوقا 5:24-6)
وعندما اجتمع الرب يسوع مع تلاميذه بعد القيامة قال لهم: "هكذا هو مكتوب، وهكذا ينبغي أن المسيح يتألم ويقوم من الأموات في اليوم الثالث، وأن يُكرز باسمه بالتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الأمم..." (لوقا 46:24-47) .
وعندما رأى التلميذ توما أثر المسامير في يديه والطعنة في جنبه صرخ قائلاً: "ربي وإلهي" (يوحنا 28:20).
ويكتب الرسول بولس موضحًا ومحققًا عن قيامة المسيح بقوله: "وأعرفكم أيها الإخوة بالإنجيل الذي بشرتكم به، وقبلتموه، وتقومون فيه، وبه أيضًا تخلصون... أن المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب، وأنه دفن، وأنه قام في اليوم الثالث حسب الكتب". (1 كورنثوس 1:15 ،3-4)
ثالثًا: إن آمنت به ترث الحياة
قال أحد المؤمنين الأفاضل: "قل لي ماذا تظن في المسيح وأنا أقول لك عن مصيرك الأبدي".
هذا هو المخلص الذي جاء خصيصًا لكي يخلصك من خطاياك. لأنه أحبك! "لأنه هكذا أحبّ الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن، به بل تكون له الحياة الأبدية" (يوحنا 16:3).
ويختم يوحنا الرسول إنجيله بالقول: "وَآيَاتٍ أُخَرَ كَثِيرَةً صَنَعَ يَسُوعُ قُدَّامَ تَلاَمِيذِهِ لَمْ تُكْتَبْ فِي هذَا الْكِتَابِ. وَأَمَّا هذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ، وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِاسْمِهِ". (يوحنا 30:20-31)
يقول الرب يسوع: "مَنْ يَسْمَعُ كَلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي (فاديًا ومخلصًا) فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ، بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ".
فهل خلصت؟
هل تقدر أن تقول: "أنا عالم بمن آمنت"؟ ليس بما آمنت، بل بمن آمنت؟
أنا لا أقدِّم لك تعاليمًا وطقوسًا ووصايا لكنني أقدِّم لك شخصًا، إن قبلته ربًّا على حياتك ومخلصًا لنفسك خلصت، وإن رفضته هلكت. "وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله، أي المؤمنون باسمه"
(يوحنا 12:1). "لأنك إن اعترفت بفمك بالرب يسوع، وآمنت بقلبك أن الله أقامه من الأموات، خلصت" (رومية 9:10).