Voice of Preaching the Gospel

vopg

كانون الأول (ديسمبر) 2005

يحتفل العالم في هذه الأيام بعيد الميلاد المجيد... ففي كل بقعة من الأرض يشاهد المرء أشكالاً من الزينات والاحتفالات، وكلٌّ يحتفل بالميلاد على طريقته الخاصة وحسب مفهومه له. لقد عرف الكثيرون العيد وتمسكوا به ولكن الأجدر بنا أن نتعرف بحق إلى صاحب العيد.

 

طرح يسوع أثناء خدمته على الأرض سؤالاً مزدوجاً على تلاميذه! ”من يقول الناس إنني أنا ابن الإنسان... وأنتم من تقولون إني أنا“؟ وذلك السؤال نفسه ما زال يتكرر على الناس ولا سيما في موسم الميلاد: ألعلّ الكثيرين يعرفون صاحب العيد؟

مكتوب أن يسوع نطق بذلك السؤال حينما جاء إلى نواحي قيصرية فيلبس، وقيصرية هذه كما نعلم من جغرافية الكتاب المقدس تقع شمال بحر الجليل. وكانت ضمن تخوم سبط نفتالي في الجليل، وإلى جوارها في الغرب كانت تقع تخوم سبط زبولون. وتلك المناطق جاء إليها مخلصنا في أيام تجسده، وتجوّل في مدنها وقراها، في سهولها ووديانها، في هضابها وجبالها، وعلى ضفاف بحيرتها الشهيرة. علّم في مجامعها، وعمل قواتٍ وعجائب في أنحائها، فأشرق بنور خلاصه على الكثيرين فيها، واختار معظم تلاميذه منها.

كانت قد مضت حوالي 700 سنة على نبوة إشعياء النبي التي وصفت هذه المنطقة بأنها ترسف في ظلام وضيق ومهانة. ”ولكن لا يكون ظلام للتي عليها ضيق. كما أهان الزمان الأول أرض زبولون وأرض نفتالي، يكرم الأخير طريق البحر عبر الأردن جليل الأمم. الشعب السالك  في الظلمة أبصر نوراً عظيماً. والجالسون في أرض ظلال الموت أشرق عليهم نور“ (إشعياء 1:9و2).

يحدثنا الكتاب المقدس عن سبطَي نفتالي وزبولون، أنه كان لهما بضع عشرات من الألوف خرجوا من مصر مع موسى وهرون، وأنهم حاربوا مع يشوع بن نون وكالب بن يفنّة؟ ورغم أنهم اشتركوا في حروب الرب مع دبورة وباراق في حرب سيسرا وبابين ملك حاصور، ومع جدعون في حرب العمالقة والمديانيين، واشتركوا مع غيرهم من الأسباط في إعادة الملك داود إلى عرشه بعد أن قام ضده ابنه ابشالوم وفشل ثم قتل. ورغم أنهم تمتعوا ببعض الانتصارات الحربية، لكنهم لم ينجحوا في طرد الكنعانيين من تخومهم، ولم يؤثروا عليهم بل تأثروا بهم. فخالطوهم، وصاهروهم، وعبدوا آلهتهم الوثنية، وفي أيام النهضة الروحية على زمان حزقيّا الملك رفضوا الانضمام إليها وشتموا رسل حزقيا الذين أرسلوا إلى كل الأسباط ليعيدوا الناس إلى عبادة الإله الحي بدلاً من الأصنام حسب كلام السفر الذي وُجد.

لقد عمتهم ظلمة العقل، وظلمة السلوك، وظلمة القلب، واستمرت مخيمة على تلك المنطقة حتى جاء الرب يسوع إليها، ومع ذلك فقد بقي كثيرون لم يتعرفوا إليه ولم يؤمنوا به. يتكلم عن ذلك البشير مرقس: ”وجاء إلى وطنه وتبعه تلاميذه... فكانوا يعثرون به... ولم يقدر أن يصنع هناك ولا قوة واحدة... وتعجب من عدم إيمانهم“ (مرقس 1:6-6). ويحدثنا الإنجيل عن نيقوديموس أحد رؤساء الفريسيين الذي كان قد جاء إلى يسوع ليلاً لسبب خوفه من أن يراه اليهود، فحين كان يدافع دفاعه الخجول عن يسوع في المجمع أجابه رؤساء الكهنة ”ألعلك أنت أيضاً من الجليل؟ فتّش وانظر! إنه لم يقم نبي من الجليل“ (يوحنا 52:7). فلقد كانت الظلمة الروحية مخيمة على أهل تلك المنطقة، واستمرت مسيطرة على البعض رغم وجود الرب يسوع بينهم بالجسد لأنهم رفضوا أن يتعرفوا إليه رغم كل ما سمعوا عنه من الآيات وما رأوه من العجائب. والعجيب في الأمر أن الإنسان يكره الظلمة في بيته، في حيّه، أو في مدينته، أو في العالم الذي حوله ولكنه يستسيغ الظلمة في قلبه. يقول البشير يوحنا: ”كان النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان آتياً إلى العالم. كان في العالم وكُوّن العالم به ولم يعرفه العالم. إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله“ (يوحنا 9:1-11). أما الذين فتحوا قلوبهم لاستقبال نور المسيح فقد شعّ في دواخلهم وأنار كل جوانب حياتهم فتغيرت، كما يقول الكتاب: ”وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه“ (يوحنا 12:1). وحين سأل يسوع تلاميذه: من يقول الناس إني أنا؟ فقالوا: قوم يوحنا المعمدان وآخرون إيليا وآخرون إرميا أو واحد من الأنبياء. فالبعض شبّهه بالمعمدان استناداً إلى النظرة الخارجية من حيث تواضعه ومأكله وملبسه، وآخرون رأوا فيه إيليا بإيمانه واستقامته وجرأته في إعلان الحق الإلهي. وغيرهم رأوا فيه إرميا برقّته، وربما كانوا قد رأوه وقد بكى عند قبر لعازر. وغيرهم ممن كانوا يسمعون عن الأمور الدينية ولا يريدون الخوض فيها فلم يهتموا بأن يعرفوا من هو ولا ما هو يفعل، فقالوا: أحد الأنبياء.

وكثيرون في العالم اليوم ليسوا أحسن حالاً من هؤلاء الجليليين إذ أنهم في خضم الحديث، وعند حراجة السؤال، يوافقون على أن الأنبياء والقديسين والمصلحين جميعهم يدعون للخير، وأن يسوع هو واحد من هؤلاء!

وقلما تجد الشخص الصريح الجريء والذي يعرف يسوع حق المعرفة. ورداً على الشق الآخر من سؤال يسوع: ”وأنتم من تقولون؟“ فيجيب بطرس: ”أنت هو المسيح ابن الله الحي“.

فالمسيح هو الشخص الفريد الذي لا يشابهه أحد في محبته وقدرته وكمال صفاته. هو ابن الله الوحيد الذي نزل من السماء وتجسد آخذاً صورة عبد صائراً في شبه الناس وإذ وُجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه أطاع حتى الموت موت الصليب.

هو العجيب في ولادته، وحياته، وعجائبه، وموته، وقيامته.

هو الوسيط الوحيد بين الله والناس لأنه الإله المتجسد.

هو الشفيع الوحيد لكل من يؤمن به وبخلاصه الذي أتمه على الصليب ”من أجل أنه سكب للموت نفسه وأُحصي مع أثمة، وهو حمل خطية كثيرين وشفع في المذنبين“ (إشعياء 12:53).

هو صاحب السلطان العظيم والديان للأحياء والأموات في يوم الدين.

ونحن لا يمكننا أن نعرف يسوع عن طريق السمع عنه، ولا عن طريق الممارسات، والتقاليد، والأعياد، والمظاهر التكريمية. وكذلك لا نستطيع التعرف إليه عن طريق الاقتناع العقلي، لأن معرفة يسوع بكل كمالات لاهوته وناسوته وبقوة قيامته وفاعلية فدائه، لا تأتي إلا بالروح القدس الذي يفتح القلب للإيمان بالمسيح رباً وفادياً ولقبول خلاصه الذي يغير الحياة ويطهر القلب والعقل والسلوك.

نعرف يسوع كالمخلص الشخصي فتمتلئ قلوبنا بفرح وجوده دائماً معنا، ويصبح عن ذلك لميلاده المجيد معنى كاملاً وجديدا.

المجموعة: كانون الأول December 2005

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

177 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10574121