كانون الأول (ديسمبر) 2005
صدق من قال إن المسيحية هي المسيح، فالذي يختبر الحياة المسيحية الحقيقية، هو الذي يقول: ”لي الحياة هي المسيح“ (فيلبي 21:1). لأنه ”إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة. الأشياء العتيقة قد مضت. هوذا الكل قد صار جديداً“ (2كورنثوس 17:5). وشعار المسيحي الحقيقي هو: ”فأحيا لا أنا، بل المسيح يحيا فيَّ“ (غلاطية 20:2). وعندنا الأمر الرسولي: ”ليحلَّ المسيح بالإيمان في قلوبكم“ (أفسس 17:3).
وفي هذا نرى تفرُّد المسيح، لأنه حيّ في السماء، صاحب السلطان الذي بدونه لا نقدر أن نفعل شيئاً (يوحنا 5:15).
فماذا يقول الإنجيل عنه؟
1- المسيح الفريد في ميلاده
كان وجوده سابقاً لميلاده: فهو المولود من العذراء القديسة مريم، لكنه غير مخلوق.
”في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله... والكلمة صار جسداً وحلَّ بيننا، ورأينا مجده، مجداً كما لوحيد من الآب، مملوءاً نعمة وحقاً“ (يوحنا 1:1، 14).
وُلد من عذراء بغير أبٍ بشريّ، تحقيقاً للنبوة القديمة: ان نسل المرأة يسحق رأس الحية (تكوين 15:3). ولا يوجد نسل امرأة، بدون أب بشري، إلا هو. ولم يسحق رأس الحية أحد إلا المسيح؛ فالكل خطَّاؤون، وبعضهم توَّابون. المسيح وحده هو الكامل الذي لم يخطئ أبداً، وفيه تحققت أول نبوة توراتية.
كان لا بد لخِلْق آدم من معجزة، لأنه أول البشر. وقد عصى آدم ربه وأكل من الشجرة المنهى عنها، وسقط فسقطتْ ذرّيته، وخرجوا من الجنة بعضهم عدو لبعض، فقتل قايين أخاه هابيل واستمر الجنس البشري في ضلاله وغيّه.
ولم يكن هناك داعٍ لإجراء معجزة مماثلة ليولد المسيح من عذراء، فقد كان الآباء والأمهات متوافرين ـ فلا بد أن يكون هناك سبب آخر يدعو لمعجزة الميلاد العذراوي - نعتقد أنه تحقيق النبوة التوراتية الأولى، كما ذكرنا، ولتتحقق نبوات أخرى كثيرة، منها: ”ها العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعو اسمه عمانوئيل (الذي معناه: الله معنا)“ (إشعياء 14:7).
2- المسيح الفريد في كماله
كل البشر أخطأوا وأعوزهم مجد الله. ”الجميع زاغوا وفسدوا معاً. ليس من يعمل صلاحاً، ليس ولا واحد“ (رومية 12:3). والبشر الذين تقبلهم السماء هم الذين يطلبون غفران الله ورحمته، ويجدون القبول أمامه لأنه يُنعم على غير المستحقين التائبين.
أما المسيح فهو وحده الذي لم يخطئ أبداً. واجه أعداءه بالسؤال: ”من منكم يبكتني على خطية؟“ (يوحنا 46:8). وفي محاكمته أمام بيلاطس الوالي الروماني، أعلن الوالي ثلاث مرات أنه لم يجد في المسيح علة ولا ذنباً. بل حتى الشياطين صرخت قائلة: ”أنت قدوس الله“ (مرقس 24:1).
وقال المسيح مشيراً إلى عصمته وكماله: ”في كل حين أفعل ما يرضيه (الآب)“
(يوحنا 29:8). وقال عنه الرسول بطرس: ”لم يفعل خطية“ (1بطرس 22:2)، وقال الرسول بولس عنه: ”لم يعرف خطية“ (2كورنثوس 21:5) - وما أجمل صلاته لأجل صالبيه، بعد أن شفى مرضاهم وأطعم جياعهم: ”يا أبتاه، اغفر لهم، لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون“.
ولم يكن المسيح كآدم، فآدم أخطأ، والمسيح لم يخطئ مطلقاً. ولذلك يقول الرسول بولس انه كما في آدم يموت الجميع، فإنه في المسيح يحيا كل من يؤمن به (1كورنثوس 22:15).
أما أمه العذراء المباركة فقد قال لها الملاك جبرائيل: ”سلام لكِ أيتها المنعم عليها! الرب معكِ. مباركة أنتِ في النساء... قد وجدتِ نعمة عند الله... الروح القدس يحلّ عليك وقوة العلي تظللك“ (لوقا 26:1-38). وعندما ذهبت لتزور أليصابات زوجة الكاهن زكريا، قالت لها أليصابات، وهي حبلى بالمعمدان: ”مباركة أنتِ في النساء، ومباركة هي ثمرة بطنك! فمن أين لي هذا أن تأتي أمُّ ربي إليَّ؟ فهوذا حين صار صوت سلامك في أذنيّ، ارتكض الجنين بابتهاج في بطني. فطوبى للتي آمنت أن يتمَّ ما قيل لها من عند الرب“ (لوقا 39:1-45). وقد رنَّمت العذراء بعد ذلك قائلة: ”تعظّم نفسي الربَّ، وتبتهج روحي بالله مخلّصي... فهوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوّبني“
(لوقا 46:1-56).
هذا العجيب في مولده العذراوي، العجيب في عظمة الأم التي ولدته، يمكن أن نعزوه لأمه، فنقول: ”المسيح ابن مريم“ فإذا أردنا أن نعزوه إلى أب، كقولنا موسى بن عمرام وإشعياء بن آموص، فماذا نقول؟ نقول ما قاله الملاك جبرائيل: ”هذا يكون عظيماً، وابن العليّ يُدعى... ولا يكون لمُلكه نهاية... الروح القدس يحلّ عليكِ، وقوة العليّ تظللكِ، فلذلك أيضاً القدوس المولود منك يُدعى ابن الله“ (لوقا 23:135).
والآن...
ما هو موقفك من المسيح الفريد؟
هل تؤمن به كما أعلنه الإنجيل المقدس، كالرب والفادي والمخلّص؟
إنه يقدم لك الوعد بمغفرة خطاياك، ويضمن لك الحياة الأبدية، ويمنحك التغيير الكامل في الحياة ـ فليعطك الرب أن تختبره كما حدث مع الكثيرين، فتنضم لجماعة الذين تمتعوا بخلاص المسيح، الذين يصفهم الإنجيل بالقول: ”وأما كل الذين قبلوه (المسيح) فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله، أي المؤمنون باسمه، الذين وُلدوا ليس من دم... بل من الله“ (يوحنا 12:1-13).