Voice of Preaching the Gospel

vopg

حزيران (يونيو) 2005

أحداث، عناصرها أقوياء وعنفاء: مرض، وموت، وقبر وبكاء. سلسلة أحداث تتسارع بشكل مثير ومفاجئ. مسرحها هذه العائلة البسيطة: مرثا ومريم ولعازر؛ العائلة التي أحبّها يسوع وأحبّته. غريبة ومحيّرة أحياناً معاملات الرب مع شعبه!

 

هذه العائلة، التي كانت تنعم بالاستقرار والراحة، والتي كان يسوع يزورها من حين إلى آخر، لكي يعوّض عن أي نقص نفساني أو روحي فيها، ولكي ينمّيها في حياة الإيمان، فيؤهلها لتمجيد الله، عندما اكتمل ملء زمانها وأصبحت في وضع يمكّن اليد الإلهية أن يقلبها من جنب إلى جنب، مدّ النسر العظيم يده وحرّك العش، فمرض لعازر.

إلهنا الحنون الحكيم، والعظيم المبارك، "لا يدعنا نُجرَّب فوق ما نستطيع" (1كورنثوس 13:10). هذا يعني أنه لا يسمح للبسمة أن تفارق محيّانا. لا يسمح لأحد أن ينزع فرحنا منّا. فهو لا يرضى بأن يكون فرحنا ناقصاً: "ليكون لهم فرحي كاملاً فيهم" (يوحنا 13:7). لذلك يرتب الرب لنا منفذاً لنستطيع أن نحتمل. تتغير الظروف، وتنقلب الأيام ولكنها تبقى بيد الرب.

تحرّك العش، فأرسلت الأختان إلى يسوع إلى عبر الأردن رسالة بسيطة تُفصح عن مشاعرهما، تقول: "هوذا الذي تحبه مريض" (يوحنا 3:11). ويبدو أنه كان مرضاً خطيراً وكان يسري في جسمه بسرعة، مما جعل الخوف يحل مكان الاستقرار والهدوء والطمأنينة.

هل يمرض لعازر المؤمن الذي يحب يسوع، والذي كان يتكئ مع يسوع، والذي تتلمذ عند قدمي يسوع، والذي فتح بيته للرب؟! أيمكن أن يصيبه مكروه؟ أليس للرب يسوع، كما يزعم بعض المؤمنين، شركة تأمين ضد الأمراض والحوادث والموت؟!

المؤمن إنسان يمرض كبقية الناس الذين يمرضون، لكن للرب قصد في هذا المرض الذي "ليس للموت بل لأجل مجد الله" (يوحنا 4:11). المهم أن يتمجد المسيح في أجسادنا "سواء كان بحياة أم بموت" (فيلبي 20:1). فالمرض يبقينا متواضعين، كما يدفعنا بعيداً عن العالم وشروره، ويعطينا فرصة للجلوس أمام الرب، نقرأ كلمته، نعبده ونسمع صوته. المرض يُبرز فينا الفضائل الروحية فيعلّمنا الصبر والاحتمال، وينمّي فينا الفرح وروح الاتكال عليه والتسليم له. يذكّرنا بقصر العمر وتفاهة الحياة وضعف الجسد؛ هذا الإناء الخزفيّ الذي نعْتَني به، ونجمّله ونعتبره كثيراً كأنه شيء عظيم.

لماذا تعرّضت صحة تيموثاوس للاعتلال والأسقام الكثيرة، مع أنه خادم للرب؟ فأينما ذهب تلازمه آلام معدته وهو في حاجة إلى طعام خاص. ألا يُعيق هذا خدمته ويؤثر في شركته مع الله؟ نحن نظن أن المرض يلهينا بنفوسنا، لكن مرض تيموثاوس كان بركة له، وقد وضع الرب فيه دوافع جديدة: أنا شاب ولديّ أسقام كثيرة قد تقصّر عمري، لذا يجب أن أخدم الرب في ما تبقّى لي من عمر.

لماذا أبفرودتس مرض مرضاً قريباً من الموت؟ عندنا شهادة كتابية جميلة عن أبفرودتس: أمين، يحبّ الرب، مُصلّ، مؤمن ناضج واع، والرب رحمه. هل يمكن أن ينسى مراحم الأطباء والأدوية؟ ولكن عندما يكون "قريباً من الموت" يحتاج إلى رحمة إلهية. هذا النوع من المرض يجعلنا نختبر، من جديد، مراحم الرب التي هي كل يوم.

لماذا ترك بولس تروفيمس مريضاً في ميليتس؟ لماذا لم يشفه؟ لماذا لم يرحمه الرب؟ لا نعرف، لكننا نعرف أنه كان لخيره أن يبقى مريضاً طيلة المدة المعيّنة من الله.

لماذا رافقت الشوكةُ الرسول بولس طيلة عمره؟ تضرّع إلى الرب ثلاث مرات أن تفارقه شوكة الداء، والرب لم يوافق، لكنه عوّض عليه بالنعمة لكي يختبر نعمة الله، وقوة الله، ولكي يبقى متواضعاً.

المرض ليس مشكلة؛ وليس بالضرورة قصاصاً؛ ولا هو دليل قلّة إيمان أو عدم إيمان، لكن لكي يتمجد الله في أجسادنا.

ثمة أشياء كثيرة نستعيرها من العالم: المخاوف، والمشاكل، والهموم والبلايا. "هوذا الذي تحبه مريض" (يوحنا 3:11). وما المشكلة في ذلك؟ يمكن أن يموت لعازر، وأين المشكلة؟ بالنسبة إلى الناس، المرض يؤدي إلى الموت، والموت يؤدي إلى المجهول. أما بالنسبة إلى المؤمن الذي يحبه يسوع، فالموت يعني أن ننطلق إلى المسيح. "لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح. ذاك أفضل جداً" (فيلبي 23:1).

إن أفضل المؤمنين عندما يصلون إلى حالات مربكة، يتصرّفون خارج الإيمان. أرسلت الأختان رسالة إليه على الرغم من بعد المسافة، وجاء الجواب المطمئن: "هذا المرض ليس للموت" (يوحنا 4:11). وبحسب تعليم المسيح، فإن المؤمن لا يموت. المرض بالنسبة إلى أهل العالم، إن اشتدّ مخيف، وإن لم يُداوَ مميت. لكن بالنسبة إلى المؤمن لا يوجد موت بل نوم ورقاد. "نحن الذين لنا باكورة الروح.. نئن في أنفسنا، متوقعين التبنّي فداء أجسادنا" (رومية 23:8). وعلى حدّ تعبير المسيح: لعازر نام (يوحنا 11:11).

وصل الخبر إلى المسيح ولكن بأسلوب لبق: "هوذا الذي تحبه مريض"، ونحن في قلق وخوف. إنّ الذين يتربّون عند قدميّ المسيح يصبحون لطفاء في كلامهم ومعاملاتهم، ولا يزعجون شعور الآخرين. أرسلوا صلاة قصيرة تتضمن عرضاً لحالهم، وضمناً، طلباً بالشفاء. لا نريد أن نصرخ، أو نبكي، أن نحنّن قلبك الحنون، لكن اسمح لنا، نحن أختيه، أن نذكِّرك بأن "الذي تحبه مريض". هذه الصلاة هي صلاة الأقربين التي تعبّر عن الثقة الكاملة في الرب. صلاة تشبه صلاة موسى عندما مرضت أخته مريم، "اللهمّ اشفها" (عدد 13:12).

الجميل في هذا التصرّف أن الأختين لم تعرضا الأمر على الأقرباء والجيران لكنهما توجهتا إلى الرب. عرض أمورنا على الآخرين لا ينفع. لكن عرض أمورنا على الرب يعلمنا الدرس المُجْدي ويزوّدنا بالاختبارات والمشوارت، ويغيّر الأوضاع، ويزيد النعمة، لكي نصبح مستأهلين بأن يتمجَّد الرب في أوضاعنا.

أرسلت الأختان إلى من بيده أمرنا، ومن عنده سِجِلّنا: نحن حزانى وحيارى، فالاستقرار في بيتنا قد ضُرب، ولا نعرف ماذا يجب أن نفعل، ولا نعرف ماذا يمكنك أنت أن تفعل، لكن نعرف أنك صالح وإلى الأبد رحمتك. نحن ننتظر منك كلمة أو تصرّفاً؛ لنا ثقة في محبتك ومراحمك وقدرتك وصلاحك، لكن من واجبنا أن نقول لك يا صديق العائلة: "الذي تحبه مريض"؟

المجموعة: حزيران June 2005

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

208 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
11576900