Voice of Preaching the Gospel

vopg

أيلول (سبتمبر) 2005

هي دعوة للغفران.. الغفران في أكمل وأجمل معانيه.

نحن كبشر لا نعرف معنى الغفران لأننا لا نغفر بعضنا لبعض. إننا حين يسيء إنسان ما إلينا، فإننا بعد تردّد طويل قد نقول بأننا صفحنا، لكننا لا يمكن أن ننسى. فنحن لا نعرف كيف نغفر. لذلك عندما يقول الله على لسان إشعياء: "ليترك الشرير طريقه ورجل الإثم أفكاره وليتب إلى الرب فيرحمه وإلى إلهنا لأنه يكثر الغفران"، يقول حالاً بعد ذلك: ”لأن أفكاري ليست أفكاركم ولا طرقكم طرقي يقول الرب.." ما معنى هذا؟ إن الله يعرف أننا لا  نعرف معنى الغفران، ونحن نقيس الله بمقاييسنا البشرية. لأننا لا نغفر وإن سامحنا لا ننسى. نتصوّر أن الله لا يغفر، وإن هو غفر فهو لا ينسى. يقول الله: أنا لست مثلكم. أفكاري ليست أفكاركم. أنتم لا تغفرون، ولكني أنا أغفر، وأنسى، وأمحو ذنوبكم "لا أعود أذكر خطاياكم وتعدياتكم فيما بعد".

 

أيها الإخوة: كيف ينسى الله وهو كامل القدرة؟ إن النسيان صفة سلبية للإنسان، فهو ينسى لأن ذاكرته تخونه. والوقت ينقسم عنده إلى ماض وحاضر ومستقبل. والشيء حين يمضي بعيداً قد تنساه ذاكرة الإنسان. لكن كيف ينسى الله وكل شيء حاضر أمام الله؟ لا ماض عند الله. خطايانا التي اقترفناها منذ سنوات عديدة يراها الله أننا نقترفها الآن. والأعمال التي سنعملها في المستقبل يرانا نعملها الآن لأن الله أعظم وأكبر من الوقت.

فكيف ينسى الله؟

الله ينسى خطايانا لأن دم يسوع المسيح يلاشي خطايانا ويمحوها. لذلك يقول إشعياء: "طرحت وراء ظهرك كل خطاياي". أين هذا المكان الذي يمكن أن يوصَف بأنه خلف ظهر الله؟ إنه مكان لا وجود له - يلاشي خطايانا - الخطية التي اغتسلت بدم المسيح لا وجود لها. قد يذكرها الإنسان بعد توبته ولكن الله لا يعود يذكرها.

أرأيتم أيها الإخوة مدى عظمة هذا الغفران؟ إنها دعوة مجانية يقدمها الله للإنسان الذي تحت الدينونة. يقول: تعالوا، "التفتوا إليّ واخلصوا يا جميع أقاصي الأرض"، انظروا إلى المسيح على الصليب وقد صار خطية لأجلكم ولأجلي لنصير نحن ”برّ الله فيه“. إن ألقينا خطايانا على المسيح فإنها تذوب وتتلاشى تماماً.

لقد أرسل الله ناثان النبي إلى داود ليبّكته على خطيته، وقصّ عليه قصة جميلة، "فحمي غضب داود على الرجل جداً وقال لناثان حي هو الرب إنه يُقتل الرجل الفاعل ذلك ويرد النعجة أربعة أضعاف". فقال ناثان لداود: "أنت هو الرجل". إن الإنسان يعمى عن أن يرى خطيته لكنه يجسِّم خطية غيره. داود رأى خطية هذا الرجل شنيعة مع أنه كان واقعاً فيما هو أشنع. داود لم يأخذ نعجة لكنه أخذ زوجة. لم يقتل نعجة بل قتل رجلاً. ولما تبكت داود قال: "قد أخطأت إلى الرب". ففي الحال قال ناثان لداود: "الرب أيضاً قد نقل عنك  خطيتك. لا تموت".

إننا في اللحظة التي نعترف فيها أننا أخطأنا من أعماق قلوبنا ونلتجئ إلى كفارة المسيح. فنحن نسمع هذا القول: "الرب نقل عنك خطيتك". إلى أين؟ نقلها من رأس داود إلى رأس ابن داود على الصليب، "كلنا كغنم ضللنا. مِلنا كل واحد إلى طريقه والرب وضع عليه إثم جميعنا".

إن غفران الله كامل هو وحده الذي يستطيع أن يغفر لأن الخطية في أساسها ضد الله. "إليك وحدك أخطأت والشر قدّام عينيك صنعت". وحين يغفر الله الخطية فما من أحد يستطيع أن يدين.

حين نلتجئ إلى المسيح بخطايانا ونلقي بها عليه فوق الصليب، في الحال نتأكد أن خطايانا قد غُفرت وأنه ما من شخص يستطيع أن يديننا بعد ذلك. هذا ما يقوله الرسول: "من سيشتكي على مختاري الله؟ الله هو الذي يبرر. من هو الذي يدين". الوحيد الذي له حق الدينونة هو المسيح لأنه الكامل. فهل يديننا المسيح؟ يقول بولس: "المسيح هو الذي مات بل بالحري قام أيضاً الذي هو أيضاً عن يمين الله الذي أيضاً يشفع فينا". فالوحيد الذي له حق الدينونة هو شفيعنا الذي يحامي عنا.

قلنا إن الله رفع دعوى وقضية ضد الإنسان. الله الحاكم القاضي الديان كان هو رجل النيابة موجِّه التهمة. فحين يحكم، ما من إنسان يستطيع أن ينقض الحكم. لكن المشهد قد تغير في شخص المسيح، وأصبح الله - الوحيد الذي يستطيع أن يدين - صديقنا الذي مات عنا والمحامي الذي يدافع عنا. وإن كان المسيح يدافع عنا فمن ذا الذي يمكنه أن يديننا؟ القاضي هو المحامي بالنسبة لنا. لذلك "لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع"، لأنه رفع عنا الدين والدينونة.

دعونا نتأكد إذا أن خطايانا قد غُفرت لا لأننا نستحق، أو لأننا نعمل أعمالاً حسنة، ولكن لأن المسيح مات عنا. إن ما يتحدث عنه إشعياء في هذا الأصحاح هو حديث الناموس الموجّه إلى الشعب الأرضي الذي بركاته أرضية. أمّا  الحديث عن الكنيسة فهو عن البركات الروحية. فحين يقول إشعياء: "اغتسلوا تنقّوا اعزلوا شر أفعالكم تعلموا فعل الخير اطلبوا الحق.."، هذا حديث الناموس الذي يقول: افعل هذا فأغفر. لكن حديث النعمة غير مشروط. فهو لا يقول: افعل هذا أو كفّ عن ذلك فتخلص. بل يقول لك: تعال إليّ فتخلص بغير شروط. النعمة مجانية. وبعد أن ننال الخلاص سوف نعمل ونجاهد، سوف نعزل الخطية. "إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم". لماذا اختار الأمانة والعدل، الصفتين اللتين يوصَف الله بهما؟ هنا، أمانة الله تجعله لا يمكن أن ينكر أن المسيح مات عنا. وعدالة الله تجعله لا يمكن أن يأخذ الدينونة مرتين فقد أخذها من المسيح مرة واحدة.

دعوة للتطهير والتقديس

إن كانت خطاياكم كالقرمز.. فهي ليست فقط تزول بل تبيضّ كالثلج وتصبح نقية. أي إن الله ليس فقط يغفر خطايانا بل هو يطهرنا من كل إثم. إنه يقدسنا. ولذلك فنحن فعلاً بعد ذلك نغتسل ونتنقّى ونعزل شر أفعالنا.

إن المسيح ليس فقط يغفر الخطية لكنه أيضاً يقدِّس الحياة. الخلاص ليس فقط التبرير.. فهذا يتم في لحظة، "آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص". تتبرر، أي إنك بالرغم من خطاياك لا يرى الله فيك خطية. لكن التبرير ينبغي أن يتقدم بنا إلى التقديس، العملية المستمرة التي فيها نتنقّى من الخطية، ونمتلئ بروح الله "تمموا خلاصكم بخوف ورعدة".

ثم هذا ينقلنا في النهاية إلى التمجيد، حين يظهر هو ويغيِّر شكل جسد تواضعنا إلى صورة جسد مجده. إن كفارة المسيح تخلصنا نفساً وروحاً وجسداً. الروح تخلص في لحظة الإيمان إذ نتبرر. النفس تخلص بالتقديس طول الحياة. وهذا الجسد الفاني سوف يخلص حين نلبس أجساداً ممجدة.

إنها دعوة للتطهير. ما أحوجنا إلى حياة النقاوة والقداسة في هذه الأيام. إن قداستنا هي التي تجذب النفوس إلى سيدنا. وهي ليست بمجهودنا، ولكن بأن نفسح السبيل لروح الله أن يسكن فينا وأن يقدسنا. وهذا سيأتي بالآخرين إلى المسيح.

إن معرفتنا للمسيح ينبغي أن تنمو. ونحن نلمح هذا في مناسبات كثيرة. فالمرأة السامرية، والمولود أعمى تدرّجا في معرفتهما للمسيح من إنسان، إلى نبي، إلى ابن الله. حين نؤمن بالمسيح نكون أطفالاً في الإيمان.. لكن لا يمكن أن نبقى أطفالاً. ينبغي أن ننمو في النعمة وفي معرفة ربنا يسوع المسيح.

يقول المسيح في حديثه إلى ملاك كنيسة اللاودكيين: "هأنذا واقف على الباب وأقرع. إن سمع أحد صوتي وفتح الباب أدخل إليه وأتعشى معه وهو معي". ففي بادئ الأمر يتعشّى هو معنا، أي يقول هات ما عندك من عشاء. فماذا نقدِّم؟ نقدِّم البؤس والشقاء. ثم يقول: الآن تعشّوا أنتم معي. فيقدم مائدة مليئة بالسلام، والفرح، والبر، والتقديس، ورجاء مجيء الرب... فهو حين يدخل القلب، في بادئ الأمر يدخله ضيفاً ونكون نحن أصحاب البيت وهو يتعشى معنا. لكن هذه الحال لا يمكن أن تدوم. ينبغي أن يصبح هو رب البيت ونتعشّى نحن معه.

إنها دعوة للتطهير. دعوة لأن نكرِّس أنفسنا له ونخضع ذواتنا له. إنه ليس فقط يخلصنا من الخطية بل يخلصنا من الذات. ويجعل مركز الحياة ليست ”نفسي“ ولكن ”نفسه هو“.

دعونا نجعله هو رب البيت وصاحب الإرادة في حياتنا.

المجموعة: أيلول September 2005

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

107 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10559891