تموز (يوليو) 2006
يتساءل المتشككون: هل قام المسيح فعلاً من الأموات؟ وهل لهذه القيامة أية أهمية؟
وللإجابة عن هذه التساؤلات نقول إن القيامة في المسيحية أمر جوهري، والمسيحية تقوم أو لا تقوم بالنسبة لموضوع القيامة. ويكتب الرسول بولس: ”إن لم يكن المسيح قد قام فباطلة كرازتنا، وباطل أيضاً إيمانكم، ونوجد نحن شهود زور لله لأننا شهدنا من جهة الله أنه أقام المسيح وهو لم يقمه“ (1كورنثوس 14:15-15). وواضح من هذه الأقوال أنه إن لم يكن المسيح قد قام من الأموات فإن الإيمان المسيحي ينهار من أساسه.
ومن بين الأحداث الهامة المشهود بصحتها في العهد القديم تأتي أحداث قيامة الرب يسوع من الأموات في المقدمة. وحينما طلب الكتبة والفريسيون من الرب يسوع أن يعطيهم آية يثبت بها أنه هو المسيا المنتظر، قال لهم: جيل شرير وفاسق يطلب آية ولا تُعطى له إلا آية يونان النبي، لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال، هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال.
(متى 39:12-40)
إن معجزة القيامة قد جعلت من الرب يسوع المسيح شخصاً فريداً يتميّز عن أي شخص آخر عاش على الأرض، بل كانت البرهان والدليل القاطع على لاهوته، ويكتب الرسول بولس: ”وتعيّن ابن الله بقوة من جهة روح القداسة بالقيامة من الأموات“ (رومية 4:1).
ولقد شاهد ظهورات المسيح بعد القيامة شهود العيان الذين ظهر لهم المسيح حياً في فترة أربعين يوماً بعد صلبه الذي تم تحت بصر وسمع العالم كله. ويسجل الوحي المقدس عنه: ”الذين أراهم أيضاً نفسه حياً ببراهين كثيرة، بعدما تألم، وهو يظهر لهم أربعين يوماً ويتكلم عن الأمور المختصة بملكوت الله“.
(أعمال 3:1)
وفي سنة 56 بعد الميلاد كتب بولس عن المسيح أنه ”ظهر دفعة واحدة لأكثر من خمسمائة أخ، أكثرهم باق إلى الآن، ولكن بعضهم فد رقدوا“ (1كورنثوس 6:15). وهذه العبارة ”أكثرهم باق إلى الآن“ تعد تحدياً لأولئك الذين لم يكونوا يؤمنون، طالما أن الرسول يعلن أن كثيرين لا زالوا أحياء ويمكن استجوابهم لمعرفة إن كان المسيح قد قام فعلاً أم لا.
أما الدليل التاريخي لقيامة المسيح فهو أكثر من كاف لإقناع كل مخلص يبحث عن الحقيقة، وهذا يمكن الوصول إليه ليس فقط بالأدلة الإيجابية التي يمكن أن تقدم لتأكيد قضية القيامة، ولكن أيضاً بواسطة عجز الدليل البديل المعارض للقضية، ذلك لأن النظريات التي تحاول تقديم الأدلة المنافية للقيامة تحتاج إلى إيمان أكبر لتصديقها أكثر من تلك التي تؤيد القيامة.
إن فرانك موريسون الذي كان يعمل بالصحافة ويعتنق مذهب اللاأدريين (الذين يؤمنون بأن وجود الله وطبيعته وأصل الكون أمور لا سبيل إلى معرفتها)، حاول أن يكتب كتاباً يدحض فيه قيامة المسيح. ولكنه بعد كثير من البحث والاستقصاء غيّر رأيه وآمن بالرب يسوع المسيح وقيامته.
لقد اكتشف موريسون أن جسد المسيح بعد أن وُضع في القبر بصورة علنية في يوم الجمعة، لم يكن هذا الجسد موجوداً في القبر صباح الأحد. وتساءل: إن لم يكن المسيح قد قام من الأموات، فلا بد أن شخصاً ما قد أخذ الجسد. وهناك ثلاث مجموعات يهمها الأمر، ويمكن لإحداها أن تكون قد أخذت الجسد: الرومان، واليهود، والتلاميذ.
بالنسبة للرومان قرر موريسون بأنه لم يكن هناك ما يدعوهم لأخذ الجسد، لأن الذي كان يهمهم بالدرجة الأولى هو حفظ السلام في فلسطين. كانوا يريدون أن يسود الهدوء في كل المقاطعات بقدر الإمكان، وسرقة جسد المسيح لم تكن تحقق لهم هذا الهدف.
ولا يمكن لليهود أن يأخذوا الجسد لأن آخر ما كانوا يريدون إعلانه هو قيامته، وهم الذين طالبوا بإقامة الحراس لحراسة القبر كما جاء في متى 27.
أما التلاميذ فلم يكن هناك أي سبب يدعوهم لسرقة الجسد، وإن كانوا قد فعلوا ذلك لأيقنوا فيما بعد بأنهم يموتون لأجل أمر يعرفون تماماً أنه غير حقيقي. وعلاوة على ذلك فإن الديانة التي أعلنوها تؤكد على الصدق وليس الكذب، وعملهم هذا كان منافياً لما كانوا يعرفون أنه الحق، وطلبوا من الآخرين أن يتبعوه.
إن التفسير المقبول هو أن المسيح قد قام، وشهود العيان يؤكدون هذه الحقيقة. ومع أن تلاميذ المسيح لم تكن لهم بالقطع دراية إنسان القرن العشرين في مجال المعرفة العلمية، إلا أنهم بكل تأكيد كانوا يعرفون الفرق بين من كان ميتاً وبين من لم يمت. أو كما كتب سمعان بطرس مؤكداً:
”لأننا لم نتبع خرافات مصنّعة إذ عرّفناكم بقوة ربنا يسوع المسيح ومجيئه، بل كنا معاينين عظمته“.
(2بطرس 16:1)