Voice of Preaching the Gospel

vopg

أيار (مايو) 2006

قال صديقي العزيز، الذي أعتز بصداقته، وإخلاصه، وحميته في محبة الرب، وخدمته: نريد أن نصنع نهضة حقيقية في الكنيسة.

قلت: وما المانع، لنحدد ليالي للنهضات، ونتصل بخدام الكلمة المباركين وهم والحمد لله كثيرون، ونطبع الدعوات، ونصلي ونتمم الأمور.

 

قاطعني قائلاً: أخطأتَ في فهمي، أنا قلت لنصنع نهضة لا لنرتب لنهضة!

قلت باندهاش: هل لك أن توضّح أكثر؟!

قال: كنيستنا ميتة منذ زمن بعيد. وقد تركها الرب - ولا تتضايق من صراحتي معك - إن الكنيسة مقيدة وعليها لعنة ولا نشعر بحضور الرب فيها مطلقاً.

قلت: هل هذا رأيك الشخصي لأحاورك فيه؟

قال: بل هو رأي الكثيرين وأنت الذي لا تعلم.

قلت: نعود لموضوعنا... تريد أن نصنع نهضة حقيقية في الكنيسة.

قال: نعم وبكل تأكيد. هل تختلف معنا أنت في هذا التوجه؟!

أجبته: بكل تأكيد لا. لكن أخبرني كيف نصنع النهضة؟

قال: بأن نُفعِّل حضور الرب في الكنيسة.

قلت: كيف؟

قال: بأن نحرك المياه.

قلت: ماذا تقصد؟ أرجوك أن توضح كلامك أكثر.

قال: نُغيّر في طرق العبادة.

قلت: رائع! كيف ولماذا؟

قال: لنعمل ما يجذب الشباب وما يستهويهم في الاجتماعات والكنائس الأخرى.

أجبته: لقد اختلطت عليّ الأمور. أنا بالطبع أوافقك على ضرورة بل وأهمية ربط الشباب بالكنيسة، مع تحفظي على أن نُقلّد الكنائس والاجتماعات الأخرى! لكن سؤالي لك الآن هو: هل تريد أن تجذب الشباب أم تريد حضور الرب؟

قال: أريد الاثنين معاً.

قلت: الفرق بينهما شاسع، ولا أظن أنهما يسيران في نفس الطريق دائماً.

قال: والآن جاء دوري، أرجوك أن توضح كلامك.

قلت: أن تجذب الشباب، أنت تتحدث غالباً عن شكل وقالب العبادة وليس الجوهر أو المضمون.

قال: لكنك لا تستطيع أن تُنكر أن الشكل له تأثير كبير على الشعور بحضور الرب.

قلت: بالصواب تكلمت. دعني أردد كلامك ثانية: له تأثير مباشر على الشعور بحضور الرب. أليس هذا ما قلته؟

قال: بالضبط. ماذا تقصد؟

قلت: إن تأثيره المباشر، إنما هو على الشعور بحضور الرب، وليس على حضور الرب نفسه!

تضايق وقال غاضباً: إنما أنت تلاعبني بالألفاظ، وما الفرق بين حضور الرب والشعور بحضوره؟

قلت مهدئاً إياه: إنما الفرق كبير جداً وسأوضحه لك حالاً. أخبرني، كيف يمكنني أن أتأكد من حضور الله؟

أجاب: حينما أشعر به!

قلت: لقد جانبك الصواب هذه المرة يا صديقي.. وهذا هو بيت القصيد.

قال باهتمام وكان متضايقاً وقد بدأ صبره ينفذ من جهتي: هل لك أن توضح كلامك أكثر؟

قلت: كل التعليم الكتابي كما تعلّمناه، إنما يحثنا ألا نعتمد على عواطفنا أو مشاعرنا. إن حضور الله إنما يلمسه كل جائع له. راجع معي هذه الآيات الكتابية: [طوبى للمساكين بالروح لأن لهم ملكوت السماوات] (متى 5 :3)، [طوبى للجياع والعطاش إلى البر لأنهم يشبعون] (متى 6:5)، [أما البار فبالإيمان يحيا] (رومية 17:1)، [لأننا بالإيمان نسلك لا بالعيان] (2كورنثوس 5 :7)، [بدون إيمان لا يُمكن إرضاؤه لأنه يجب أن الذي يأتي إلى الله يؤمن بأنه موجود وأنه يجازي الذين يطلبونه] (عبرانيين 11: 6).

 قال: لكننا نحتاج أن نعطي الله المجال كي يلمسنا بحضوره.

قلت: أوافق ولكن كيف؟

قال: بتطوير شكل العبادة وصياغتها في قوالب جديدة تناسب العصر.

قلت: أرجو ألا يُساء فهمي ويُظنّ أنني جامد ومُتحجر أو ضد التغيير ــ إن حضور الله في حد ذاته جذّاب وفعّال. إنه يحضر في الاجتماعات الصغيرة والكبيرة. قد يحضر في اجتماع بسيط، ويلمس حضوره كل الحاضرين بقوة أكثر من اجتماع جذاب في شكل العبادة وطريقتها. إن حضور الله يعتمد على القلوب العطشى له وليس على طريقة العبادة مهما كانت جذابة أو براقة.

قال: لكنك لا تنكر أن الاجتماعات المبهرة إنما تساعد الناس ليلمسوا حضور الله بطريقة أقوى.

قلت: أختلف معك، وأكرر لأؤكد لك ثانية إن موضوع شكل العبادة إنما يعمل الفرق عندنا نحن أما عند الله فلا.

قال بغضب: أنت متزمت روتيني وترفض تطور العبادة لتناسب العصر.

قلت: إنما أنا أرفض أن نقرن حضور الله بما يناسب العصر.

قال: إذاً كيف نلمس حضور الله؟

قلت: أكرّر وأقول، كل قلب جائع يطلب الله يجده. [وتطلبونني فتجدونني إذ تطلبونني بكل قلبكم. فأوجد لكم] (إرميا 13:29-14). [أنا أحب الذين يحبونني، والذين يبكرون إليّ يجدونني]
(أمثال 17:8). والتبكير هنا، يعني الحضور مبكراً ويعني أيضاً أن يكون لله الاختيار الأول والأوحد.

قال: هل تنكر أن حضور الله في الاجتماعات القوية المكتظة بالعابدين لهو أقوى من غيرها التي فيها نفر قليل من العابدين؟

قلت: هذا ليس دائماً، ولا تنسى ما نعرفه عن الإيحاء والعواطف وتأثير الجماعات والرأي العام وسيكولوجية الأكثرية!

قال: فهِّمني، ماذا تقصد بكلامك بكل صراحة ووضوح؟

قلت: أقصد بمنتهى الصراحة - ولا تغضب مني - أن هذا فخ كبير يمكن أن نقع فيه، فالإيحاء والعواطف والصخب والانفعالات إنما يمكن أن تؤثر سلباً لا إيجاباً على حضور الرب الحقيقي في وسط جماعة الله وشعبه.

قال باهتمام: كيف؟

أجبته: لأن الجو الممتلئ بالعواطف كثيراً ما يؤثر على الناس باختبارات عاطفية تزول بزوال المؤثر، إنما حضور الله الحقيقي يعمل تغييراً لحياة الناس... تغييراً حقيقيّاً لا انفعالياً فقط، تغييراً يستمر ويدوم. والفرق مؤكد وواضح بين الأرض المثمرة والأرض المحجرة في مثل الزارع.

قال: لكن الاختبارات تشجع.

قلت: لا أنكر أن الاختبارات تشجع وترفع أحياناً كثيرة، إنما لا يجب أن تكون الاختبارات هي أساس تعليمنا، مع أنه يجب علينا أن نتشارك بها لنمجّد الله، ولا أن نطلب أن تحدث معنا بنفس طريقة حدوثها مع غيرنا، وإلا سنكون كمن يملي على الله الأسلوب والطريقة التي يتعامل بها معنا، وهنا تكون المشكلة ويكمن الخطر.

قال: لكننا بالاختبارات نساعد الله كي يعلن حضوره للناس.

قلت: لا يحتاج الله لمساعدتنا، لأنه غير عاجز أن يعلن نفسه للجميع، إنما يفعل ذلك بشروطه هو، وبتوقيته وأسلوبه هو، وفي الوقت والمكان والحالة والكيفية التي يريدها هو، وهذا كما قلت يتوقّف غالباً ولحدٍّ بعيد على حالة قلب العابد إن كان مُشتاقاً أن يلتقي بالله أم لا. 

قال لي: أنت لا تفهم الأمور بطريقة صحيحة. أنا سأصلي لأجلك حتى يعلن لك الرب حضوره بطريقة متميزة.

قلت له: وأنا حقاً أحتاج صلاتك لأجلي، وسأصلي أنا الآخر لأجلك حتى ينير الحق الكتابي بصيرتي وبصيرتك لما فيه مجد الله وخير الكنيسة.

ثم تركني صديقي ومضى!

بدون تعليق

"وعندنا الكلمة النبوية، وهي أثبت، التي تفعلون حسناً إن انتبهتم إليها كما إلى سراج منير في موضع مظلم، إلى أن ينفجر النهار ويطلع كوكب الصبح في قلوبكم" (2بطرس 19:1).

 

"لكي لا نكون في ما بعد أطفالاً مُضطربين ومحمولين بكل ريح تعليم" (أفسس 14:4).

 

"وأما الطعام القويّ فللبالغين، الذين بسبب التمرن قد صارت لهم الحواس مُدرّبة على التمييز بين الخير والشر" (عبرانيين 14:5).

المجموعة: 200605

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

196 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10476631