Voice of Preaching the Gospel

vopg

تشرين الأول (أكتوبر) 2007

هل العلاج بالأدوية والعمليات الجراحية يتعارض مع الإيمان؟

هل للإيمان علاقة أو صلة بالشفاء بواسطة الفحص الطبي والأدوية؟

يقول آخر، هل الإيمان يؤيد الوسائل البشرية من اخترعات علمية، ومستحضرات طبية، وتركيبات دوائية، واكتشافات متقدمة في مجال الأمراض التي كانت مستعصية في وقت ما، وقد ساهم العلم الآن في شفاء مثل هذه الأمراض؟

هل يدعم الإيمان العلاج بالأعشاب الطبية، سواء تلك التي تدخل في تصنيع الأدوية، أو التي توصف لاستخدامها بطرق مختلفة؟ هل معجزات الشفاء التي يختبرها البعض تتعارض مع العلاجات المختلفة؟

 

ما هو دور الإيمان من الأمراض التي لا يُشفى منها أصحابها؟ لا أدّعي أن عندي إجابات مرضية تماماً عن كل هذه الأسئلة، ولكنني أحاول توضيح بعض الجوانب في هذا الموضوع الذي يشغل بال الكثيرين.

أولاً: معجزات الشفاء

نقرأ في الكتاب المقدس عن العديد من معجزات الشفاء التي يلعب الإيمان دوراً مباشراً فيها. نقرأ عن قائد المئة الذي جاء إلى المسيح يطلب إليه أن يشفي غلامه، وكيف أن السيد المسيح قال للذين يتبعونه: ”الحق أقول لكم، لم أجد ولا في إسرائيل إيماناً بمقدار هذا... ثم قال يسوع لقائد المئة: اذهب، وكما آمنت ليكن لك. فبرأ غلامه في تلك الساعة“ (متى 10:8 و13).

وقال المسيح لنازفة الدم: ”ثقي يا ابنة. إيمانكِ قد شفاكِ. فشُفيت المرأة من تلك الساعة“ (متى 22:9).

وقال أيضاً المسيح لأعميين: ”بحسب إيمانكما ليكن لكما. فانفتحت أعينهما“ (متى 29:9).

من هذه الأقوال الواضحة للمسيح، وغيرها كثير جداً، يتضح أن إيمان هؤلاء كان له دور فعال وعظيم في شفائهم وتحقيق المعجزات في حياتهم.

ثانياً: الوسائل العلاجية

نقرأ أيضاً في الكتاب المقدس عن معجزات شفاء تمت باستخدام وسائط علاجية مختلفة: على سبيل المثال، مريم أخت هارون وموسى، التي أُصيبت بالبرص نتيجة تطاولها بالكلام هي وهارون على أخيهما موسى. ويذكر الكتاب: ”فصرخ موسى إلى الرب قائلاً: اللهم اشفها. فقال الرب لموسى ولو بصق أبوها بصقاً في وجهها، أما كانت تخجل سبعة أيام؟ تُحجز سبعة أيام خارج المحلة، وبعد ذلك ترجع. فحُجزت مريم خارج المحلة سبعة أيام، ولم يرحل الشعب حتى أُرجعت مريم“ (العدد 13:12-16). ويتضح لنا أن شفاء مريم تم بالحجز وبلغة العصر الحجر الصحي لفترة زمنية.

وحزقيا الملك، تم شفاؤه بوضع قرص تين على الدبل (الدمل) فنقرأ عنه: ”في تلك الأيام مرض حزقيا الملك... فوجّه وجهه إلى الحائط وصلى إلى الرب... قال الرب... قد سمعت صلاتك، قد رأيت دموعك، هاأنذا أشفيك... فقال إشعياء خذوا قرص تين. فأخذوها ووضعوها على الدبل فبرئ“ (2ملوك 1:20-7). ويتّضح لنا هنا أن شفاء حزقيا الملك تم بواسطة الدواء، قرص التين الذي امتصّ الصديد القاتل.

أما القائد نعمان السرياني فقد طهُر من برصه بواسطة الماء، فنقرأ عنه: ”فنزل وغطس في نهر الأردن سبع مرات حسب قول رجل الله. فرجع لحمه كلحم صبي صغير وطهر“ (2ملوك 14:5).

والسيد المسيح الذي كان يشفي بكلمة أو بلمسة، استخدم الطين المصنوع من تراب الأرض والبصاق، والاغتسال في بركة سلوام في تفتيح عينيّ المولود أعمى.

ويذكر الرسول بولس ناصحاً تلميذه تيموثاوس بالقول: ”لا تكن في ما بعد شراب ماء، بل استعمل خمراً قليلاً من أجل معدتك وأسقامك الكثيرة“ (1تيموثاوس 23:5).

من هذه الأمثلة يتضح لنا عدم معارضة الكتاب المقدس لاستخدام الوسائل العلاجية لأجل الشفاء، بل يؤيدها أيضاً.

ثالثاً: بقاء المرض

مما سبق اتضح لنا أن الله قد يشفي بمعجزة وقد يشفي بوسيلة دوائية، ونضيف هنا أنه قد يستبقي المرض مدى الحياة. وخير مثال لنا هو الرسول بولس فيقول: ”أُعطيت شوكة في الجسد... من جهة هذا تضرعت إلى الرب ثلاث مرات أن يفارقني. فقال لي: تكفيك نعمتي، لأن قوتي في الضُّعف تُكمل“ (2كورنثوس 7:12-9)، بالرغم من إيمان بولس وتضرعه إلى الرب، إلا أن الرب لم يرفع الشوكة من جسده.

*  من كل هذا نخلص بمبدأ هام هو: قد يتم الشفاء للمؤمن بمعجزة إلهية وقد يتم باستخدام الأدوية أو العمليات الجراحية، وقد لا يتم نهائياً ويستمر المرض لنهاية الحياة. ففي جميع الأحوال فإن الله هو الشافي والفاعل الأول في جميع عمليات الشفاء لأننا به نحيا ونتحرك ونوجد. فإن شاء يقدر.

رابعاً: الإيمان والشفاء

في رسالة يعقوب يذكر الوحي المقدس هذه الكلمات: ”أمريض أحد بينكم؟ فليدعُ شيوخ الكنيسة فيصلوا عليه ويدهنوه بزيت باسم الرب، وصلاة الإيمان تشفي المريض والرب يقيمه، وإن كان قد فعل خطية تُغفر له. اعترفوا بعضكم لبعض بالزلات، وصلوا بعضكم لأجل بعض لكي تُشفوا. طلبة البار تقتدر كثيراً في فعلها“ (يعقوب 14:5-16).

من هذه الكلمات المباركة نرى:

¨  صلاة الإيمان تشفي المرض الجسدي وكذلك المرض الروحي، مرض الخطية، فإن كان قد فعل خطية تُغفر له.

¨  وجوب الاعتراف بالزلات بعضنا لبعض، والاعتذار وتسامح الإخوة لبعضهم لأجل الشفاء.

¨  وجوب صلاة المؤمنين وشيوخ الكنيسة لأجل المرضى لشفائهم.

¨  استخدام الزيت باسم الرب علامة طاعة وإشارة للروح القدس.

والسؤال هنا، ما نوع الإيمان الفاعل والمقتدر في الشفاء بحسب يعقوب الأصحاح الخامس؟

1- الإيمان الذي يخضع لإرادة الله

أي يكون في دائرة خطة الله. قال الأبرص للمسيح: ”إن أردت تقدر أن تطهرني. فمد يسوع يده ولمسه قائلاً: أريد فاطهر. وللوقت طهر برصه“ (متى 2:8-3). الإيمان الذي يقول للرب لتكن مشيئتك يا رب سواء في شفائي أو بقاء شوكة المرض مغروزة في جسدي لأنني أعلم أن إرادتك صالحة ومرضية وكاملة.

2- الإيمان الذي يثق في قدرة الله اللامحدودة

قالت نازفة الدم: ”إن مسست ثوبه فقط شُفيت“ (متى 21:9). وقال الأبرص: ”إن أردت تقدر“. وقد ربط الأبرص خضوعه لإرادة المسيح بقوة المسيح. وقال قائد المئة للمسيح: ”قل كلمة فقط فيبرأ غلامي“ (متى 8:8).

قدرة الله غير محدودة أو محصورة في شفاء أنواع معينة من الأمراض دون الأخرى، بل إن الله قادر على شفاء جميع الأمراض الجسدية والروحية والنفسية والمستعصية. فقط ليكن لنا إيمان في قدرة الرب.

3- الإيمان الذي يتمسك بمواعيد الله

تعجبني المرأة الكنعانية في متى 15، فقد امتحن المسيح إيمانها بأسلوب صعب لكنها تمسكت بالرب وازدادت صراخاً له ولـم تتركـه حتـى نالت مطلبها من المسيح، لذلك مدحها السيد بقوله: ”عظيم إيمانك يا امرأة. ليكن لكِ ما تريدين. فشُفيت ابنتها من تلك الساعة“ (متى 28:15).

في 2كورنثوس 20:1 يقول بولس الرسول: ”لأن مهما كانت مواعيد الله فهو فيه النعم وفيه الآمين، لمجد الله، بواسطتنا“. من كلمة الله الحق، ومن اختبار المؤمنين على مر العصور نتأكد أن الله أمين وصادق وثابت في مواعيده وأقواله، فلا يمكن أن يغيّر نفسه لأنه ليس عنده تغيير ولا ظل دوران، ولا يمكن أن ينسخ ما قاله أو يتراجع عنه. فلنتمسك بمواعيد الرب لشفائنا.

4- الإيمان الذي يجاهد في الصلاة

إن وعود الرب لنا بالشفاء كثيرة: ”الذي يشفي جميع أمراضك“، ”أنا الرب شافيك“، ”قدامه ذهب الوبأ وعند رجليه خرجت الحمى“ (حبقوق 5:3)، ”وبحبره شفينا“، فلنصرخ إلى الرب في أمراضنا وأوجاعنا بلجاجة ودموع، في انسحاق وانكسار أمامه، وبحسب وعده ننال الشفاء لأن الذي وعد أمين، وصلاة الإيمان تشفي المريض.

ختاماً أقول: إن الشفاء أو عدمه يدخل في دائرة مشيئة الله وخطته للإنسان، وسواء تم الشفاء بمعجزة أو بواسطة دوائية أو جراحية، ففي جميع الأحوال هو شفاء إلهي بكل المقاييس، لأننا لا نقدر أن نفعل شيئاً بدونه، وفي نفس الوقت ليس الله محدوداً في وسيلة ما للشفاء، بل له طريقة وألف طريقة. فقط لنقم نحن بدورنا وليكن لنا الإيمان الخاضع لإرادته، الواثق في قدرته، المتمسك بمواعيده، والمجاهد في الصلاة. ولتكن مشيئة الله في حياتنا... ”لا تخف. آمن فقط“. آمين.

المجموعة: 200710

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

191 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10476182